تعريف بالفتوحات الاسلامية
كلمة فتح البلد في المعجم الوسيط إلى "التغلب عليه وتملكه"، أما المفهوم السياسي للفتوحات فهي "ضم البلاد المفتوحة إلى الدولة الفاتحة، واعتبارها ولاية من ولاياتها، وتطبيق النظام الحاكم في البلد الأم على الولاية الجديدة"، "ولقد عرفت الفتوحات العربية مع ظهور الإسلام وبعده مبادئ أكثر وضوحا وعدالة، مستمدة جذورها من القرآن والسنة وتعليمات الخلفاء. ويعود حسن معاملة العرب لأهالي البلاد المفتوحة، إلى أن الفتوحات العربية لم تكن تستهدف استعمار الأراضي والسكان، وإنما كانت تستهدف نشر الدعوة والجهاد في سبيل الله"
الهدف من الفتوحات الإسلامية
لقد عرفت الفتوحات العربية مع ظهور الإسلام وبعده بمبادئ أكثر وضوحا وعدالة ، مستمدة جذورها من القرآن والسنة وتعليمات الخلفاء . ويعود حسن معاملة العرب لأهالي البلاد المفتوحة ، إلى أن الفتوحات العربية لم تكن تستهدف استعمار الأراضي والسكان ، وإنما كانت تستهدف نشر الدعوة والجهاد في سبيل الله ، وهو ما سيتضح بجلاء عند الحديث عن الفتوحات الإسلامية والتي امتدت من حدود الصين شرقاً إلى شاطئ الأطلسي غرباً في أقلمن مائة عام .
إن العقيدة الإسلامية هي سلاح الفاتحين الأمضى " تمنع إكراه الناس على اعتناقها{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} فسيف الإسلام لم يشهر في وجه المستضعفين ، وإنما فيوجه القياصرة والأكاسرة الذين يملكون الجيوش ويتسلطون على العباد . إن العنف في حالات التوسع والعدوان يشكل شرط الوجود إلى الغاية التي ترمي إليها ، وسرعان ما يصبح تطوير العنف وتعزيزه غاية في حد ذاتها .
ومن خلال استقراء التاريخ الإسلامي يتجلى الهدف المرجو من الفتوحات إذ يختلف اختلافاً جوهرياً عن أهداف الاحتلال والاستعمار ، فالفاتح الأول الرسول صلى الله عليه وسلم والفاتحون من بعده لم يهدفوا إلى بناء إمبراطوريات تخضع الأقوام الخارجية (الشعوب الأخرى) ،وتحقق عليها السيادة الطاغوتية (استعباد، نهب، قهر، استغلال طاقات، النفوذ )، ولكنها انطلقت وهي تحمل عقيدتها ولا تحمل مشروع عداء تجاه الخارج ؛ لتقنعه على حملها ، فتتوحد معها ويصبح الجميع (الداخل والخارج) في ظل الإسلام أمة واحدة . فقد هدفت الفتوحات إلى " تحقيق الوحدة مع الخارج ومساواته بنفسه من خلال العقيدة الإسلامية التي تقضي بذلك والتي تغرس في عقل ذلك العربي وقلبه الآيات الكريمة{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} ، {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد غرس في نفوس القادة والمجاهدين أن لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى" .
لذلك كله ، فإنه " من الظلم الفادح ، والخطأ الواضح ، أن توضع الفتوحات العربية الإسلامية في مصاف حروب التوسع والعدوان ، أو أن يوضع تشكيل الأمة الإسلامية العالمية في السلة نفسها مع تشكيل الإمبراطوريات العالمية . ذلك أن تلك الفتوحات الإسلامية لم تكن عملية توسعية عدوانية بقصد إخضاع العالم تحت سيف العرب ، ومن أجل مصلحة العرب، وفي ظل امتياز العرب (كقوم) على الآخرين واستبدادهم بهم ، بل هي عملية ،تهدف إلى مساواة الشعوب جميعا في ظل العقيدة الإسلامية. ومن ثم تكوين أمة واحدة هي الأمة الإسلامية "
ولقد كان القادة الفاتحين يخيرون أهل البلدان المفتوحة قبل المعركة بين الإسلام أو الجزية أو المعركة ، وعدم إكراههم على الدين أو القتال أو الجزية ، وهذا من الأمور الدستورية الثابتة في النظام الإسلامي ؛ لأن هدف الفتوحات الإسلامية ليس التوسع الجغرافي والسياسي ، أو الكسب المادي ، إنما هو تبليغ دين الله ، وإزالة ما يعترض وصوله إلى الناس .
فلقد كان القواد الإسلاميون يهدفون في حروبهم وفتوحاتهم إلى تحرير الأمم وإخراج الشعوب من عبادة الخلق إلى عبادة الخالق ، ومن ذل الكفر إلى عز الإيمان ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام . كان هذا هو شعار الفاتحين المسلمين في جميع أقطار العالم. قال ذلك ربعي بن عامر أمام كسرى في المدائن ، وأروا العالم ذلك عمليا في عدلهم مع الشعوب المغلوبة على أمرهم ، ورفقهم بالأسرى في الحروب والفتوحات .
وقد تجاهل المستشرقون ومعهم الرافضة (الشيعة) الأخبار الثابتة من عمل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأقواله ، وصوروا الفتوحات الإسلامية على أنها حركة ارتجالية ، هدفها القوي رغبة أبي بكر الصديق في إشغال العرب عن أنفسهم ، وخصوماتهم ، وإغرائهم بالغنائم ، والمنافع المادية . وأقوالهم تلك تدحضها الحقائق الثابتة ، كما وقعوا في التناقض كعادتهم عند تناولهم أحداث التاريخ الإسلامي ، والحضارة الإسلامية .
وعلى هذا كان الفاتحون الأوائل أمثال : خالد بن الوليد ، وأبو عبيدة ، وسعد بن أبي وقاص ، والمثنى بن حارثة الشيباني ، وأبو عبيد الثقفي ، وعبادة بن الصامت ، ومعاذ بن جبل ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، وعقبة بن نافع رضي الله عنهم وغيرهم ، يسيرون على خطى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوامر الخلفاء الراشدين .
شُبه أُثِيرت عن الفتوحات الإسلامية
أولا: إثارة شبهة أن الإسلام انتشر بالسيف فيصيبوا بها هدفين :
-التشكيك في قوة العقيدة الإسلامية من الناحية البرهانية وملاءمتها للفطرة السليمة .
-ودفع مفكري المسلمين إلى التخلي عن مبدأ الجهاد تحت تأثير تلك الشبهة أو في سبيل دحضها ، أو على الأقل التراجع إلى فكرة أن الجهاد للدفاع عـن النفـس فقط ..
ثانيا: تشويه تاريخ وحقيقة الفتوحات الإسلامية بالادعاء بأن الدوافع لها كانت اقتصادية أو توسيعية استعمارية..
ثالثا: العناية كثيرا بإظهار جانب التسامح الذي يدعو إليه دين الإسلام ، على أن يصوروا هذا التسامح بصورة تؤدي إلى فتح أجوائنا على مصاريعها أمام النصارى واليهود ومفاسدهم ودسائسهم فيجولون في مجتمعاتنا كما يشاءون ، ويعبثون بحياتنا كما يريدون فإن أوصدنا أبوابنا في وجوههم ومنعنا قاذوراتهم من التسرب إلينا رمونا بالتعصب والجمود والوحشية والتخلف … الخ .
وأخيراً : لقد كان عدد المسلمين حين بدأ الفتوحات الإسلامية لا يتجاوز عدد سكان بلد صغير من بلداننا الحاضرة ( ففتحوا البلدان وأقاموا العدل والأمان فكانت دولتهم من حدود الصين إلى الأندلس ) ، واليوم عددهم يتجاوز المليار والنصف ولا يستطيعون محاربة شرذمة من أحفاد القردة والخنازير في بيت المقدس أو عباد الصليب في العراق وأفغانستان والصومال وغيرها من البلدان المحتلة .
ممــا يزهــدني فـي أرض أندلسِ…….أســماء معتمــد فيهــا ومعتضـدِ
ألقـاب مملكـة فـي غـير موضعهـا….. كـالهر يحـكي انتفاخـا صولـة الأسدِ
توضيح هل كانت الفتوحات الاسلامية حملات دعوية ام حملات استعمارية
أردت أن اقتبس لموضوعي جملة من كلام الصحابي ربعي بن عامر رضي الله عنه عندما ذهب لقائد الفرس فسأله ما أتى بكم إلى أرضنا فقال: الله ابتعثنا والله جاء بنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام؛ فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه؛ فمن قبل منّا ذلك قبلنا ذلك منه ورجعنا عنه وتركناه وأرضه يليها دوننا، ومن أبى قاتلناه أبدا حتى نقضي إلى موعود الله. قال له رستم: وما موعود الله؟ قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي، فقال رستم: قد سمعت مقالتكم، فهل لكم أن تؤخّروا هذا الأمر حتى ننظر فيه وتنظروا؟ قال: نعم، كم أحبّ إليكم؛ أيوماً أو يومين؟ قال: لا بل حتى نكاتب أهل رأينا ورؤساء قومنا.
يا لروعه هذه الكلمات ويا لدلالاتها التي تبين حقيقه هذه الفتوحات الدعوية ...
نشير هنا الفرق بين الفتوحات وحروب الاستعمار والاحتلال:
هناك فرق كبير بين الفتح من جهة، وبين الاحتلال والاستعمار من جهة أخرى،
وهذا الفرق يمكن في ثلاث محاور: الدوافع، الأهداف ، والنتائج.
فالعنف في الإسلام لا يشكل الأولوية وإنما يقع في مرتبة أدنى؛ لأن الأولوية في الفتوحات الإسلامية هي للعقيدة ونشرها، وتوحيد الشعوب والقبائل بالإسلام تحت حكم الإسلام، وهذا يشكل اختلافاً جوهرياً في الحالات الأخرى (الاستعمار والاحتلال) التي يشكل العنف والاستبداد الأولوية والمرتبة المهمة والمكانة العلية.
إن العقيدة الإسلامية وهي سلاح الفاتحين الأمضى "تمنع إكراه الناس على اعتناقها{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}فسيف الإسلام لم يشهر في وجه المستضعفين، وإنما في وجه القياصرة والأكاسرة الذين يملكون الجيوش ويتسلطون على العباد. إن العنف في حالات التوسع والعدوان يشكل شرط الوجود إلى الغاية التي ترمي إليها، وسرعان ما يصبح تطوير العنف وتعزيزه غاية في حد ذاتها".
ومن خلال استقراء التاريخ الإسلامي يتجلى الهدف المرجو من الفتوحات إذ يختلف اختلافاً جوهرياً عن أهداف الاحتلال والاستعمار، فالفاتح الأول الرسول صلى الله عليه وسلم والفاتحون من بعده لم يهدفوا إلى بناء امبراطوريات تخضع الأقوام الخارجية (الشعوب الأخرى)، وتحقق عليها السيادة الطاغوتية(استعباد، نهب، قهر، استغلال طاقات، النفوذ..) "ولكنها انطلقت وهي تحمل عقيدتها ولا تحمل مشروع عداء تجاه الخارج؛ لتقنعه على حملها، فتتوحد معها ويصبح الجميع (الداخل والخارج) في ظل الإسلام أمة واحدة. فقد هدفت الفتوحات إلى "تحقيق الوحدة مع الخارج ومساواته بنفسه من خلال العقيدة الإسلامية التي تقضي بذلك والتي تغرس في عقل ذلك العربي وقلبه الآيات الكريمة{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (سورة الحجرات 10)، {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (سورة الحجرات 13)، وكان الرسول r قد غرس في نفوس القادة والمجاهدين أن لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى" .
الى هنا نصل الى ختام الموضوع
وجزاكم الله خيرا
تعليق