إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فتوحات إسلامية رمضانية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فتوحات إسلامية رمضانية


    1-معركة بدر الكبرى .. 17 رمضان

    خرج النبي
    وسلم في 12 من رمضان سنة 2هـ، وانتدب الناس للخروج، ولم يُكرِه أحدًا على الخروج، فخرج المسلمون إلى بدر من أجل اعتراض القافلة التي بها ألف بعير وثروة تقدَّر بـ 50 ألف دينار ذهبي، وليس معها سوى 40 حارسًا، ومن ثَم كانت صيدًا ثمينًا للمسلمين لتعويض بعض ما أخذه المشركون منهم في مكة. غير أن العير التي تحمل هذه الثروة الضخمة غيّرت طريقها بعدما ترامت الأنباء إلى "أبي سفيان" بما يدبره المسلمون.
    ولما علمت قريش بالأمر تجهزت للقتال وخرجت في جيش قوامه 1300 مقاتل، ومعهم 600 درع، و100 فرس، وأعداد ضخمة من الإبل. أما عدد المسلمين فكان حوالي 314 مقاتلاً، وقيل: 319، منهم 83 من المهاجرين.
    وقف النبي يناجي ربه أن يُنزِل النصر على المسلمين، وأخذ يهتف بربه قائلاً: "اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تُعبد في الأرض". وفي رواية كان يقول: "اللهم هذه قريش قد أقبلت بخُيلائها وفخرها، تحادّك وتكذِّب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني، اللهم أحنهم الغداة"[1]. حتى سقط الرداء عن كتفيه وهو مادٌّ يديه إلى السماء، فأشفق عليه أبو بكر الصديق ، وأعاد الرداء إلى كتفيه والتزمه (احتضنه) وهو يقول: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك! فخرج النبي وهو يقول: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: 45].
    بدأ القتال بمبارزة كان النصر فيها حليف المسلمين، فحمي القتال، وقتل 70 من المشركين، وأسر مثلهم، وكان من بين القتلى أئمة الكفر: "أبو جهل" و"عتبة وشيبة ابنا ربيعة" و"أمية بن خلف"، و"العاص بن هشام بن المغيرة". أما المسلمون فاستشهد منهم 14 رجلاً، 6 من المهاجرين، و8 من الأنصار. وكانت هذه الموقعة العظيمة في السابع عشر من شهر رمضان من العام الثاني للهجرة.
    وكان هذا النصر قوة كبيرة وهبها الله لعباده المؤمنين الصابرين، فهابت العرب قوة المسلمين في دولة المدينة، كما أيقنت قريش أن المسلمين لن يكونوا مثل ذي قبلُ من الضعف والتحمل احتسابًا، بل أصبحوا قوة لا يُستهان بها، ومن ثَم حرصت قريش على استجماع قواها، في محاولة سريعة منها لرد اعتبارها، وهو ما يحدث في "أُحد" فيما بعد.



    2-فتح مكة .. 20 رمضان

    في العشرين من رمضان من السنة الثامنة للهجرة غادر الجيش الإسلامي المدينة إلى مكة، في عشرة آلاف من الصحابة بقيادة رسول الله
    ، بعد أن استخلف على المدينة أبا ذر الغفاري ، ولما كان بالجحفة لقيه عمُّه العباس بن عبد المطلب، وكان قد خرج بأهله وعياله مسلمًا مهاجرًا.
    وركب العباس بغلة رسول الله البيضاء، يبحث عن أحدٍ يبلِّغ قريشًا لكي تطلب الأمان من رسول الله قبل أن يدخل مكة، وكان أبو سفيان ممن يخرج يتجسّس الأخبار، فوجده العباس، فنصحه بأن يأتي معه ليطلب له الأمان من رسول الله ، فجاء به راكبًا معه، حتى أدخله على رسول الله، فقال له الرسول: "ويحك يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟... ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟". فقال العباس: ويحك أسلم! فأسلم وشهد شهادة الحق، ثم أكرمه الرسول فقال: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن".
    ولما تحرك الجيش لدخول مكة أمر رسول الله العباس أن يحبس أبا سفيان بمضيق الوادي؛ حتى تمر به جنود الله فيراها، فمرّت القبائل على أبي سفيان، والعباس يخبره بها، حتى مر رسول الله في كتيبته الخضراء، فيها المهاجرون والأنصار، فقال أبو سفيان: سبحان الله! ما لأحدٍ بهؤلاء قبل ولا طاقة. ثم أسرع إلى قومه، وصرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش، هذا محمد، قد جاءكم فيما لا قِبل لكم به. فتفرق الناس إلى دورهم، وإلى المسجد. ودخل رسول الله مكة متواضعًا لله الذي أكرمه بالفتح، وكان قد وزَّع جيشه إلى مجموعات أو كتائب؛ احتياطًا لأي مواجهة.
    دخول المسلمين مكة وسماحة الرسول


    ودخل الجيش الإسلامي كلٌّ حسب موضعه ومهامه، وانهزم من أراد المقاومة من قريش، ولم يستطع الصمود أمام القوى المؤمنة، ثم دخل رسول الله
    المسجد الحرام والصحابة معه، فأقبل إلى الحجر الأسود فاستلمه، وكان حول البيت ثلاثمائة وستون صنمًا، فجعل يطعنها بقوس في يده ويكسرها، ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81]، {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49]، والأصنام تتساقط على وجوهها، ثم طاف بالبيت.
    ثم دعا عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة، فأمر بها ففُتحت، فدخلها فرأى فيها الصور فمحاها، وصلى بها، ثم خرج وقريش صفوفًا ينتظرون ما يصنع، فقال: "يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟" قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم. قال: "فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوانه: {لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ}، اذهبوا فأنتم الطلقاء".
    وأعاد المفتاح لعثمان بن طلحة، ثم أمر بلالاً أن يصعد الكعبة فيؤذن، وأهدر رسول الله يومئذٍ دماء تسعة نفر من أكابر المجرمين، وأمر بقتلهم وإن وُجدوا تحت أستار الكعبة.


    3-انتصار عين جالوت .. 15 رمضان

    في (رمضان 658هـ) خرج سلطان مصر سيف الدين قطز من مصر على رأس الجيوش المصرية، ومن انضم إليه من الجنود الشاميين وغيرهم، وأمر الأمير بيبرس البندقداري أن يتقدم بطليعة من الجنود ليكشف أخبار المغول، فسار حتى لقي طلائع لهم في غزة، فاشتبك معهم، وألحق بهم هزيمة كان لها أثر في نفوس جنوده، وأزالت الهيبة من نفوسهم. ثم تقدم السلطان قطز بجيوشه إلى غزة، فأقام بها يومًا واحدًا، ثم رحل عن طريق الساحل إلى عكا، وكانت لا تزال تحت سيطرة الصليبيين، فعرضوا عليه مساعدتهم، لكنه رفض واكتفى منهم بالوقوف على الحياد، وإلاَّ قاتلهم قبل أن يقابل المغول، ثم وافى قطز الأمير بيبرس عند عين جالوت بين بيسان ونابلس.وكان الجيش المغولي يقوده كيتوبوقا (كتبغا) بعد أن غادر هولاكو الشام إلى بلاده للاشتراك في اختيار خاقان جديد للمغول، وجمع القائد الجديد قواته التي كانت قد تفرقت ببلاد الشام في جيش موحَّد، وعسكر بهم في عين جالوت.

    خطة قطز وثبات المسلمين


    اقتضت خطة السلطان قطز أن يخفي قواته الرئيسية في التلال والأحراش القريبة من عين جالوت، وألاَّ يظهر للعدو المتربص سوى المقدمة التي كان يقودها الأمير بيبرس. وما كاد يشرق صباح يوم الجمعة (15 من رمضان 658هـ) حتى اشتبك الفريقان، وانقضت قوات المغول كالموج الهائل على طلائع الجيوش المصرية؛ حتى تحقِّق نصرًا خاطفًا. وتمكنت بالفعل من تشتيت ميسرة الجيش، غير أن السلطان قطز ثبت كالجبال، وصرخ بأعلى صوته: "واإسلاماه!"، فعمت صرخته أرجاء المكان، وتوافدت حوله قواته، وانقضوا على الجيش المغولي الذي فوجئ بهذا الثبات والصبر في القتال وهو الذي اعتاد على النصر الخاطف، فانهارت عزائمه وارتد مذعورًا لا يكاد يصدق ما يجري في ميدان القتال، وفروا هاربين إلى التلال المجاورة بعد أن رأوا قائدهم كيتوبوقا يسقط صريعًا في أرض المعركة.

    ولم يكتفِ المسلمون بهذا النصر، بل تتبعوا الفلول الهاربة من جيش المغول التي تجمعت في بيسان القريبة من عين جالوت، واشتبكوا معها في لقاء حاسم، واشتدت وطأة القتال، وتأرجح النصر، وعاد السلطان قطز يصيح صيحة عظيمة سمعها معظم جيشه وهو يقول: "واإسلاماه!" ثلاث مرات، ويضرع إلى الله قائلاً: "يا الله!! انصر عبدك قطز". وما هي إلا ساعة حتى مالت كِفَّة النصر إلى المسلمين، وانتهى الأمر بهزيمة مدوِّية للمغول لأول مرة منذ جنكيز خان.. ثم نزل السلطان عن جواده، ومرغ وجهه على أرض المعركة وقبّلها، وصلى ركعتين شكرًا لله.



    4-فتح أنطاكية .. 4- رمضان

    كانت الفترة التي تلت رحيل لويس التاسع عقب أسره في مصر إلى أن تولى بيبرس سلطنة مصر والشام، فترةَ هدوءٍ ومسالمة بين الصليبيين والمسلمين

    وبدأت عمليات بيبرس العسكرية ضد الصليبيين في سنة 663هـ/ 1265م، فتوجه في 4 من ربيع الآخر 663هـ/ 1265م إلى الشام، فهاجم "قيسارية" وفتحها عنوة في (8 من جمادى الأولى)، ثم عرج إلى أرسوف، ففتحها في شهر رجب من السنة نفسها، وفي السنة التالية استكمل بيبرس ما بدأ، ففتح قلعة "صفد"، وكانت معقلاً من معاقل الصليبيين، وكان بيبرس يقود جيشه بنفسه، ويقوم ببعض الأعمال مع الجنود إثارة لحميتهم، فيجر معهم الأخشاب مع البقر لبناء المجانيق اللازمة للحصار. وأصاب سقوط صفد الصليبيين بخيبة أمل، وحطّم معنوياتهم؛ فسارعت بعض الإمارات الصليبية إلى طلب الصلح وعقد الهدنة.
    ثم تطلع بيبرس إلى الاستيلاء على أنطاكية التي تحتل مكانة خاصة لدى الصليبيين لمناعة حصونها، وتحكمها في الطرق الواقعة في المناطق الشمالية للشام، وكان بيبرس قد استعد لهذه الموقعة الحاسمة خير استعداد، ومهد لسقوط الإمارة الصليبية بحملاته السابقة، حتى جعل من أنطاكية مدينة معزولة، مغلولة اليد، محرومة من كل مساعدة ممكنة، فخرج من مصر في 3 من جمادى الآخرة 666هـ/ 1268م ووصل إلى غزة، ومنها إلى "يافا" فاستسلمت له، ثم نجح في الاستيلاء على "شقيف أرنون" بعد حصار بدأه في 19 من رجب 666هـ/ 1268م، وبفتح يافا وشقيف لم يبق للصليبيين جنوبي عكا التي كانت بأيديهم سوى قلعة عتليت.
    ثم رحل بيبرس إلى طرابلس، فوصلها في 15 من شعبان 666هـ، فأغار عليها وقتل كثيرًا من حاميتها، وقطع أشجارها وغور مياهها، ففزعت الإمارات الصليبية، وتوافد على بيبرس أمراء أنطرسوس وحصن الأكراد طلبًا للأمن والسلام، وبهذا مهّد الطريق للتقدم نحو أنطاكية.
    وقد رحل بيبرس من طرابلس في 24 من شعبان 666هـ/ 1268م دون أن يطّلع أحدًا من قادته على وجهته، واتجه إلى حمص، ومنها إلى حماة، وهناك قسّم جيشه ثلاثة أقسام؛ حتى لا يتمكن الصليبيون من معرفة اتجاهه وهدفه، فاتجهت إحدى الفرق الثلاث إلى ميناء السويدية لتقطع الصلة بين أنطاكية والبحر، وتوجهت الفرقة الثانية إلى الشمال لسد الممرات بين قلقلية والشام لمنع وصول إمدادات من أرمينية الصغرى.
    أما القوة الرئيسية وكانت بقيادة بيبرس فاتجهت إلى أنطاكية مباشرة، وضرب حولها حصارًا محكمًا في (أول رمضان سنة 666هـ)، وحاول بيبرس أن يفتح المدينة سلمًا، لكن محاولاته تكسرت أمام رفض الصليبيين التسليم، فشن بيبرس هجومه الضاري على المدينة، وتمكن المسلمون من تسلق الأسوار في (الرابع من رمضان)، وتدفقت قوات بيبرس إلى المدينة دون مقاومة، وفرت حاميتها إلى القلعة، وطلبوا من السلطان الأمان، فأجابهم إلى ذلك، وتسلم المسلمون القلعة وأسروا من فيها.
    وقد غنم المسلمون غنائم كثيرة، بلغ من كثرتها أن قسمت النقود بالطاسات، وبلغ من كثرة الأسرى "أنه لم يبق غلام إلا وله غلام، وبيع الصغير من الصليبيين باثني عشر درهمًا، والجارية بخمسة دراهم"


    5-فتح صقلية .. 9 رمضان

    كان أسد بن الفرات بن سنان أحد صدور الشجعان
    ، ولاّه زيادة الله القضاء بإفريقية، وقدمه على غزو صقلية؛ فخرج في عشرة آلاف رجل، منهم ألف فارس، فلما خرج إلى سوسة ليتوجه منها إلى صقلية، خرج معه وجوه أهل العلم يشيعونه، وقد صهلت الخيل، وضربت الطبول، وخفقت البنود، قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يا معشر الناس، ما بلغت ما ترون إلا بالأقلام، فاجهدوا أنفسكم فيها، وثابروا على تدوين العلم، تنالوا به الدنيا والآخرة". ثم ركب أسد بن الفرات البحر سنة 212هـ، ونزل في مدينة فأزر من بلاد صقلية، والتقى الجمعان، فحمل المسلمون على أعدائهم حملة شعواء، وهو على رأس النفيضة، يحرِّض المؤمنين على القتال قولاً وفعلاً، فدارت الدائرة على جيش الروم، ودك حصونـًا واستولى عليها، وحاصر سرقوسة، وفي أثناء الحصار أصيب بجروح بالغة سال منها الدم على اللواء الذي يحمله حتى فاضت روحه إلى ربها راضية مرضية.
    وحين رأى الجنود استشهاد قائدهم استبسلوا مجاهدين الروم، حتى أرغموهم على الهروب لا يلوون على شيء، وكتب زيادة الله والي إفريقيا إلى الخليفة المأمون بأن الله تعالى أتم فتح صقلية على يد القاضي أسد بن الفرات، وكان ذلك في التاسع من رمضان عام 212هـ.



    6-فتح جزيرة قبرص في عهد المماليك

    وكانت جزيرة قبرص من المناطق التي فتحها المسلمون منذ عصر مبكر، حيث وصلها
    معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- سنة 28هـ، لتكون بعد ذلك خاضعة للمسلمين تدفع لهم الجزية كل عام، وظلت كذلك مدة من الزمن، حتى إذا ضعف المسلمون بعد ذلك طمع فيهم الأعداء من نصارى أوربا، فغزوهم بجيوش جرَّارة متتابعة، وسقطت بعض المناطق الإسلامية في أيديهم ومنها جزيرة قبرص.
    والحقيقة أن جزيرة قبرص بموقعها الإستراتيجي شرق البحر الأبيض المتوسط ظلت طيلة الحروب الصليبية قاعدة ينطلق منها الصليبيون لمهاجمة العالم الإسلامي، وأصبح حكامها أكثر النصارى تعصبًا للحروب الصليبية ورغبة في استمرارها؛ ولذا ظلوا يسعون لدى ملوك أوربا ويطلبون منهم إرسال الحملات العسكرية لتحطيم العالم الإسلامي.
    وفي سنة 769هـ قاد ملك قبرص حملة صليبية اتجهت نحو الإسكندرية، وهاجمها في غفلة من حكامها واستطاع دخولها، فأعمل السيف في رقاب المسلمين وقتل وأسر ونهب، وكانت مقتلة عظيمة لم يصب هذا الثغر بمثلها قبل ذلك، وعاد هذا الملك الصليبي الحاقد على الإسلام محمَّلاً بما نهب من المسلمين.
    وظل حكام المماليك في مصر يتحينون الفرصة للأخذ بالثأر، والقضاء على خطر هذه الجزيرة ومعاقبة حكامها.
    وفي عهد السلطان المملوكي الأشرف برسباي (825-841هـ)، عقد هذا السلطان العزم على فتح جزيرة قبرص، وأخذ يستعد لذلك بتجهيز المراكب وتجميع العساكر، وأرسل لها ثلاث حملات متتالية في ثلاث سنوات، ابتداء من سنة 827هـ وكلها في شهر رمضان.
    كانت الحملتان الأوليان لغرض الاستكشاف، استطاع المسلمون من خلالهما التعرف على الجزيرة ومدى قوة حكامها، كما حققوا انتصارات عليهم وعادوا محملين بالغنائم والأسرى.
    أما الحملة الثالثة: فكانت في شهر رمضان سنة 829هـ، وقادها أربعة من أمراء المماليك انطلقت في عدد كبير من المراكب نحو الجزيرة تحمل أعدادًا عظيمة من المجاهدين، وقد تخلف عدد أكبر لم يجدوا ما يحملهم، فحزنوا لذلك حزنًا شديدًا.
    وكان ليوم خروج المجاهدين نهارٌ يجلّ عن الوصف، اجتمع الناس لوداعهم وابتهلوا إلى الله تعالى أن ينصرهم، ووصلت السفن الإسلامية جزيرة قبرص، ونزل المجاهدون يفتحون المدن والقرى، كل ذلك في شهر رمضان المبارك، وحلت الهزائم بالنصارى واستنجدوا بملوك أوربا، فوصلت إليهم الإمدادات وتجمعت جيوشهم، والتقى بها المسلمون في معركة حاسمة، وكانت أعداد النصارى أضعاف عدد المسلمين، والمسلمون مع قلتهم ويسير عددهم في ثباتٍ إلى أن نصر الله الإسلام وأُسر ملك قبرص المدعو جانوس، وركب المسلمون أقفية النصارى يقتلون ويأسرون، حتى إن قتلى النصارى يجلون عن الحصر.
    وتم فتح العاصمة وتوالت الانتصارات وكمل فتح الجزيرة، ثم أقام المجاهدون وأراحوا أبدانهم سبعة أيام وهم يقيمون شعائر الإسلام من الأذان والصلاة والتسبيح وحمد الله على هذا الفتح العظيم، الذي لم يقع مثله في الإسلام من يوم غزاهم معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.
    وعاد المسلمون إلى مصر يحملون الأسرى وعلى رأسهم ملك قبرص، وفرح المسلمون بذلك فرحًا عظيمًا، وحينما علم بذلك السلطان المملوكي بكى من شدة الفرح وبكى الناس لبكائه، وصار يكثر من الحمد والشكر لله سبحانه وتعالى،


    7- فتح الأندلس

    في عهد الدولة الأموية استطاع القائد المسلم موسى بن نصير فتح بلاد المغرب العربي، وبذلك دخل البربر في دين الله وعمل موسى بن نصير على تعليم الناس أمور دينهم وتفقيههم فيه، وعمل على تدعيم الوجود الإسلامي ببلاد المغرب العربي، فكان له ذلك بخبرته وحنكته والتزامه بشرع الله، فصار البربر من جند الله المجاهدين.
    لكن بقيت إحدى مدن المغرب عصية على الفتح الإسلامي وتسمى سبتة، وحاكمها يسمى يوليان وكان من حلفاء ملك الأندلس غيطشة، وكان يأتيه المدد عبر البحر من الأندلس، ثم مات غيطشة وخلفه في ملك الأندلس لذريق، وحدث أن اغتصب لذريق هذا ابنة يوليان حيث كان قد أرسلها إلى القصر لتتعلم وتتأدب بأدب الملوك، فأقسم يوليان على أن يزيل ملك لذريق، وحاول محاولات عدة لكنه لم يجد غير التحالف مع المسلمين سبيلاً، ورأى موسى بن نصير أن الفرصة سانحة لفتح الأندلس ونشر الإسلام فيها وهي في هذه الحالة من الضعف والفوضى.
    وبعث موسى بن نصير إلى الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك يستأذنه في فتح هذه البلاد وواصفًا له مكانتها من المسلمين، مبينًا سهولة دخولها بناء على ما أوضحه له يوليان، فأمره الوليد بن عبد الملك بإرسال سرية صغيرة تختبر تلك البلاد؛ كي لا يقع المسلمون في مأزق في تلك البلاد، فأرسل موسى بن نصير أحد قادة جنده ويسمى طريف بن ملوك، فعبر إلى الأندلس في خمسمائة جندي وكان ذلك في رمضان سنة إحدى وتسعين للهجرة، ونزلوا في بلدة سميت باسم القائد طريف، وشن المسلمون غارات على الساحل غنموا فيها مغانم كثيرة، ثم رجعوا إلى موسى بن نصير بما حصلوا عليه في تلك المعارك.
    بعدما رأى موسى بن نصير نتيجة السرية التي قام بها طريف بن ملوك، أخذ يجهز جيشًا كبيرًا وندب على رأسه رجلاً بربريًّا شجاعًا يسمى طارق بن زياد، وأرسله إلى الأندلس على رأس سبعة آلاف مقاتل مسلم، جُلّهم من البربر الذين حسن إسلامهم والبربر كانوا يتصفون بالقوة والشجاعة والإقدام، وبدأ عبور المسلمين إلى الأندلس ولم يكن لديهم سوى أربع سفن، فتم العبور على دفعات واختبأ الذين عبروا أولاً حتى عبر الجيش كله، وتجمعوا عند جبل سمِّي بجبل طارق تيمنًا باسم القائد الفاتح طارق بن زياد، واستولى المسلمون على الجزيرة الخضراء قبالة جبل طارق، فصارت مواصلات الجيش مع إفريقيا حيث المسلمون كلها آمنة.
    لما علم ملك القوط لذريق بخبر المسلمين، أرسل فرقة من جيشه لتهاجم المسلمين لكنها هُزمت وقتل كل جنودها إلا رجل واحد عاد فأخبر لذريق بما رآه من المسلمين في قتالهم، فسار لذريق جنوبًا واستولى على قرطبة وعسكر في سهل البرباط، وكان تعداد جيشه مائة ألف مقاتل تقريبًا، وسار طارق بن زياد بجيشه متوجها إلى قرطبة وتوقف عند نهر البرباط، وتحسس أخبار لذريق فعرف مكانه وعدد جيشه، فأرسل إلى موسى بن نصير طالبًا المدد، فأرسل له موسى مددًا تعداده خمسة آلاف مقاتل جُلّهم من العرب، فسار تحت قيادة طارق بن زياد حوالي اثني عشر ألفًا من المسلمين.
    أما لذريق فلم يكن من بيت الملك في بلاد الأندلس، لكنه لما هلك غيطشة ملك الأندلس ترك أولادًا لم يرضهم أهل الأندلس واضطرب الأمر هناك، فتراضوا على لذريق هذا وكان من قوادهم وفرسانهم فولوه ملكهم، لكنه خالف تقاليد الملك وفعل أشياء شنيعة؛ لذا لما تلاقى الجيشان كان أبناء ملك الأندلس قد اتفقوا على أن ينهزموا بجنودهم، وقد ظنوا أن المسلمين إنما جاءوا طلبًا للغنائم فقط، ونشبت المعركة وأبلى المسلمون بلاء حسنًا، على الرغم من أن غالب المسلمين كانوا رجَّالة بلا خيول بينما جنود القوط من الفرسان، واستمرت المعركة ثمانية أيام، وانضم عدد من جيش لذريق إلى المسلمين بغضًا له وتشفيًا فيه، وحدث اضطراب في جيشه، ففرَّ لذريق وفرَّ بقية جيشه وسيوف المسلمين تحصدهم..
    ولم يعثر على أي أثر للذريق بعد هذه المعركة حيًّا أو ميتًا، وقد استشهد في هذه المعركة ثلاثة آلاف مسلم، وكانت هذه المعركة العظيمة التي انتصر فيها المسلمون انتصارًا عظيمًا في شهر رمضان في العام الثاني والتسعين للهجرة النبوية المباركة.
    بعد هذه المعركة توجه طارق بن زياد بجيشه إلى مدينة شذونة فحاصرها حتى فتحها (ويقال إن الذي فتح شذونة هو موسى بن نصير)، ثم توجه طارق إلى مدينة استجة وفيها فلول جيش لذريق فقاتلهم قتالاً شديدًا حتى فتح الله على المسلمين بالنصر وأسر طارق حاكمها وصالحهم على الجزية. بعد ذلك رأى طارق أن جيشه قد كثر عدده؛ بسبب عبور كثير من أهل المغرب وانضمامهم للجيش، فعمل على تقسيم الجيش إلى فرق عدة، وكلف كل فرقة بفتح مدينة من المدن الأندلسية، فبعث مغيثًا الرومي مولى الوليد بن عبد الملك إلى قرطبة في سبعمائة فارس ليس معهم راجلٌ واحد، حيث لم يبق من المسلمين راجلٌ إلا ركب من كثرة غنائم المسلمين، وبعث فرقًا أخرى إلى مدن رية ومالقة وغرناطة، أما هو فقد توجه بالجزء الأكبر من الجيش إلى مدينة طليطلة.
    أما مغيث فقد فتح الله عليه قرطبة وملكها وفر منها مقاتلو القوط، وكذلك الجيش الذي توجه إلى رية فتح الله عليه وانتصر على أهلها من القوط، ثم فتحت غرناطة وكذلك فتحوا أوريولة بصلح بين المسلمين وقائد القوط فيها وكان اسمه تدمير فسميت المدينة باسمه. وهكذا توالت الفتوحات في بلاد الأندلس، ثم عبر موسى بن نصير ففتح مدنًا كثيرة أيضًا، كان من أشهرها مدينة إشبيلية وهي آخر المدن الأندلسية التي خرج منها الإسلام.


    8-فتح عمورية
    في خلافة "المعتصم" أعد ملك الروم جيشاً كثيفا من مئات الألوف بهدف غزو واحتلال بلاد المسلمين, وصمد له المرابطون على الحدود بين المسلمين والروم, ولكن جيش الروم كان أكثر عدداً وعدة, فتغلب على المسلمين, واجتاح الروم تلك المدن والقرى والبقاع التي يقطنها المسلمون, واستمر ذلك الغزو الروماني أسابيع, وقتل فيه الآلاف من المسلمين, ونهبت فيه بيوتهم, ودمرت فيه ممتلكاتهم, والأصعب من هذا هو انتهاك أعراض المسلمات, حيث أخذ الجيش الروماني الآلاف من المسلمات أسيرات. ووصلت هذه الأخبار المؤلمة إلى الخليفة العباسي "المعتصم", فقام بواجبه في الدفاع عن بلاد المسلمين والانتقام من الروم, وجهز جيشاً كثيفاً من المجاهدين, بقيادة قائده "الأفشين", واستعد للثأر من الروم.
    سأل "المعتصم" رجاله: ما هي أهم المدن عند الروم؟ قالوا له: هي "عمورية", وهي ثاني المدن عندهم أهمية وقيمة, بعد العاصمة "القسطنطينية", وهي مدينة محصنة منيعة, لم يهاجمها أي جيش إسلامي فيما مضى لمناعتها وقوة تحصيناتها, وإن محاولة احتلالها تعد ضربة كبيرة للروم.
    جعل "المعتصم" "عمورية" هدفاً جهادياً له, وتوجه نحو الحدود الإسلامية الرومية, ولما علم به ملك الروم تراجع وانسحب بجيشه إلى الداخل, وأعاد جيش المسلمين تحرير المناطق الإسلامية المحتلة, ومواساة أهلها المسلمين, وطمأنهم "المعتصم", وأخبرهم أنه سيثأر لهم. وقسم الجيش قسمين: قسم توجه لحرب ملك الروم وجيشه, وقسم قاده "المعتصم" بنفسه وتوجه لفتح "عموريّة" المدينة الرومية المنيعة الحصينة.
    حاصر "المعتصم" عموريّة أسابيع, وتمكن "لأفشين" في هذه الفترة من هزيمة ملك الروم الذي عاد إلى عاصمته يجر أذيال الهزيمة بعد أن تلقى درساً إسلامياً جهادياً كبيراً.
    وبعد أسابيع من الحصار الشديد تمكن الجيش الإسلامي المجاهد من دخول المدينة الرومانية عموريّة مهللين مكبّرين حامدين شاكرين لله, الذي منّ عليهم بالنصر, ووضع "المعتصم" في "عموريّة" حامية من الجنود المجاهدين, وأقام فيها المسلمون, وأصبحت مدينة إسلامية, وكان فتحها في بداية شهر رمضان شهر الجهاد عام 223 هـ.
    ويطيب لي ذكر ما قاله الشاعر "عمر أبو ريشة" مقارناً بين ثأر "المعتصم" من الروم والقعود اليوم عن ذلك:
    رب "وامعتصماه" انطلقت ملء أفواه الصبايا اليتّـــم
    لامست أسماعهم لكنهــــــــا لم تلامس نخوة المعتصم



    التعديل الأخير تم بواسطة رسولى أندى العالمين; الساعة 28-06-2013, 04:22 PM.


    ربِّ خذ من حياتي حتى ترضى، واجعل كل سكنة وكل حركة وكل لحظة طَرْفٍ فيك ولك!

  • #2
    رد: فتوحات إسلامية رمضانية

    عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    جزااااكم الله خيرا وبارك الله فيكم
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

    تعليق


    • #3
      رد: فتوحات إسلامية رمضانية

      جزااااكم الله مثله وأكثر وبارك الله فيكم


      ربِّ خذ من حياتي حتى ترضى، واجعل كل سكنة وكل حركة وكل لحظة طَرْفٍ فيك ولك!

      تعليق


      • #4
        رد: فتوحات إسلامية رمضانية

        موضوع طيب
        شهر الفتوحات
        بارك الله فيكم ونفع بكم

        شاء من شاء وأبى من أبى لن نعيش إلا أحرار ولن نركع لغير الله ، وسنكسر الظالمين
        وسننتصر بإذن الله .. فهذا وعد الله

        أنَا هِنا حَيّ ( مبكية )

        تعليق


        • #5
          رد: فتوحات إسلامية رمضانية

          المشاركة الأصلية بواسطة سنحيا كرامًا مشاهدة المشاركة
          موضوع طيب
          شهر الفتوحات
          بارك الله فيكم ونفع بكم

          جزااكم الله خيرا


          ربِّ خذ من حياتي حتى ترضى، واجعل كل سكنة وكل حركة وكل لحظة طَرْفٍ فيك ولك!

          تعليق


          • #6
            رد: فتوحات إسلامية رمضانية

            وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
            جزاكم الله خيرًا ورفع قدركم
            موضوع قييم جعله الله فى موازين حسناتكم

            وبلغنا وايَّاكم شهر رمضان
            سبحان الله ....الحمدلله ....الله أكبر ....لا اله الا الله
            غــرفة العنــاية الإيمــانية المركـزة ’’ بادرى بالـدخــول ’’



            تعليق


            • #7
              رد: فتوحات إسلامية رمضانية

              المشاركة الأصلية بواسطة لؤلؤة باسلامى 2 مشاهدة المشاركة
              وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
              جزاكم الله خيرًا ورفع قدركم
              موضوع قييم جعله الله فى موازين حسناتكم

              وبلغنا وايَّاكم شهر رمضان
              جزااااكم الله مثله وأكثر وبارك الله فيكم


              ربِّ خذ من حياتي حتى ترضى، واجعل كل سكنة وكل حركة وكل لحظة طَرْفٍ فيك ولك!

              تعليق

              يعمل...
              X