السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1 - الإيمان بالله
القائد الناجح هو الذي تنبع قوته من إيمانه بالله العزيز الحكيم، وإيمانه بالله هو الذي يرسم لـه منهجه في العمل وتعاملـه مع الآخرين، فهو صاحب رسالة نابعة من منهج الله عز وجل، يعمل على تحقيقها على أسس وضعها الله عز وجل لصالح البشرية وعمارة الأرض، فذو القرنين عبد من عباد الله الصالحين، مكنه الله في الأرض وآتاه من كل شيء سببًا فأتبع سببًا، رسالته وتنقلاته في أنحاء المعمورة كانت للدعوة في سبيل الله عز وجل والعمل الصالح، وقيادة الأمم لما فيه صالحها، وهذا ما وضح من رحلته إلى "مغرب الشمس"، كذا إلى "مطلع الشمس"، وإلى بقعـة من الأرض يسميها القرآن الكريم "بين السدين".
ولقد اتسم حديثه دائمًا بذكر الله عز وجل والثناء عليه سبحانه، فلقد بدأ حديثه إلى شعب "دون السدين" بقوله: {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ} [الكهف: 95]، وقال عندما انتهى من إقامة الردم بضخامتـه وإعجـازه: {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} [الكهف: 98]. وفي هذا ما يشير إلى قوة إيمانه بالله سبحانه وإرجاع كل أمره إلى الله العليم الحكيم.
2- أمانة القائد
الأمانة سمة أساسية يجب أن تتوافر في القائد أو المدير الناجح. فلقد وُكِل إلى ذي القرنين، أمانة التعامل والتصرف مع القوم عند مغرب الشمس من قِبَل الله عز وجل، ولا يكون ذلك إلا لقدرته على تحمل المسؤولية وأمانة ما وكل إليه، قال الله تعالى: {قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا} [الكهف: 86].
كذلك عندما شرع في بناء الردم كان أمينًـا على ما في أيدي القوم من ثروات، فعندما عرضوا عليه جَعْلَ خَرْجٍ له نظيرَ إقامته سدًّا لهم، لم يطمع فيما بأيديهم، ولكن قال معقبًا: {مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ} [الكهف: 95].
وكان أمينًا على ما في أراضيهـم من ثروات ومعـادن، فرغم أن معـه الجند الكثير إلا أنه أرادهم أن يكتشفوا بأنفسهم ما في أرضهم من ثروات معدنية وخامات، فقال لهم: {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} [الكهف: 96]، و {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} [الكهف: 96].
وكأني أراه يحثهم بقوله: اذهبوا إلى أرضكم.. ثيروا الأرض.. اكتشفوا ما في باطن أرضكـم من ثروات ومعـادن.. ولا يطَّلع عليهـا أحدٌ غيركم...
وكان أمينًا على أرواحهم، فشرع على الفور يقيم لهم ردمًا يحميهم من قوم يأجوج ومأجوج، وذلك بمعاونتهم له بقوة، تلك هي الأمانة التي هي روح القيادة والإدارة وأساسها، والتي يرضاهـا الله عز وجل فيمن يلي أمر الجماعة.
3- التطبيق الفعلي لقوانين الجزاء والعقاب
{قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا} [الكهف: 87، 88].
إن دستور عمل ذي القرنين، والذي أوضحه في هاتين الآيتين الكريمتين يتلخص في وضع نظام للعقوبات والحوافز...
• ويتمثل في معاقبة الظالم، بأن يوقع عليه عقابًا دنيويًّا يظهر للجميع، حتى يكون رادعًا لكل من تسوِّل له نفسه فعل المحرمات أو التقصير والإفساد في الأرض والظلم.
• مكافأة الأفراد المتميزين في أخلاقياتهم وأعمالهم والحوافز عند ذي القرنين تنقسم إلى حوافز مادية وتمثلت في قوله: {فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى}. وحوافز معنوية وجاءت في قوله: ﴿وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾، أي سنثني عليه بالقول، ونكرمه ونعلي من شأنه. وهذه الحوافز لازمة للأفراد، فهي تقوي وتزيد الدعامات النفسية لديهم وتحفزهم لمزيد من الجهد والعطاء.
4- المهارات في التعامل مع مختلف الجنسيات
لقد ورد في قصة ذي القرنين، أنه ذهب إلى عدة بقاع من الأرض؛ وهي مغرب الشمس، ومطلع الشمس، وبين السدين، الأمر الذي يلفت انتباهنا إلى أن ذا القرنين قد تعامـل مع جنسيات مختلفة، في بقاع متباعدة على كوكب الأرض. وفي هذا إشارة إلى أن المدير أو القائد الناجح، لابد أن تكون له القدرة على التعامل والتكيف مع أنماط عدة من البشر، وفي بيئات مختلفة، ويتكيف بسرعة مع الظروف غير العادية، والتعايش مع كافة الظروف والبيئات.
كذا ضرورة أن يجيد التخاطب والتفاهم بلغات مختلفة. فعندما ذهب ذو القرنين إلى مغرب الشمس، تحدث مع القوم بلغتهم، كذلك عند مطلع الشمس، وعندما التقى بالقوم عند "بين السدين" -وهم لا يكادون يفقهون قـولاً- استطاع أن يقودهم بمهارة فائقة، وتعامل معهم بوسيلة للتخاطب، فهموا كل خططه وتوجيهاته حتى أتم بناء الردم الضخم لهم.
وفي هذا إشارة إلى أن القائـد الذي تتطلب ظروف عملـه التنقل بين أقطـار مختلفة (القائد العالمي)، يجب عليه أن يجيد التخاطب بأكثر من لغـة.
وتوفر وسائل الاتصال بين القادة والمرؤوسين ضرورة حتمية لقيادتهم وتحقيق الأهداف المرجوة، ومن أهم هذه الوسائل تواجد القائد أو وليّ الأمر بينهم، والتحدث إليهم بلغة يفهمونها.
يتبع بإذن الله
1 - الإيمان بالله
القائد الناجح هو الذي تنبع قوته من إيمانه بالله العزيز الحكيم، وإيمانه بالله هو الذي يرسم لـه منهجه في العمل وتعاملـه مع الآخرين، فهو صاحب رسالة نابعة من منهج الله عز وجل، يعمل على تحقيقها على أسس وضعها الله عز وجل لصالح البشرية وعمارة الأرض، فذو القرنين عبد من عباد الله الصالحين، مكنه الله في الأرض وآتاه من كل شيء سببًا فأتبع سببًا، رسالته وتنقلاته في أنحاء المعمورة كانت للدعوة في سبيل الله عز وجل والعمل الصالح، وقيادة الأمم لما فيه صالحها، وهذا ما وضح من رحلته إلى "مغرب الشمس"، كذا إلى "مطلع الشمس"، وإلى بقعـة من الأرض يسميها القرآن الكريم "بين السدين".
ولقد اتسم حديثه دائمًا بذكر الله عز وجل والثناء عليه سبحانه، فلقد بدأ حديثه إلى شعب "دون السدين" بقوله: {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ} [الكهف: 95]، وقال عندما انتهى من إقامة الردم بضخامتـه وإعجـازه: {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} [الكهف: 98]. وفي هذا ما يشير إلى قوة إيمانه بالله سبحانه وإرجاع كل أمره إلى الله العليم الحكيم.
2- أمانة القائد
الأمانة سمة أساسية يجب أن تتوافر في القائد أو المدير الناجح. فلقد وُكِل إلى ذي القرنين، أمانة التعامل والتصرف مع القوم عند مغرب الشمس من قِبَل الله عز وجل، ولا يكون ذلك إلا لقدرته على تحمل المسؤولية وأمانة ما وكل إليه، قال الله تعالى: {قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا} [الكهف: 86].
كذلك عندما شرع في بناء الردم كان أمينًـا على ما في أيدي القوم من ثروات، فعندما عرضوا عليه جَعْلَ خَرْجٍ له نظيرَ إقامته سدًّا لهم، لم يطمع فيما بأيديهم، ولكن قال معقبًا: {مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ} [الكهف: 95].
وكان أمينًا على ما في أراضيهـم من ثروات ومعـادن، فرغم أن معـه الجند الكثير إلا أنه أرادهم أن يكتشفوا بأنفسهم ما في أرضهم من ثروات معدنية وخامات، فقال لهم: {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} [الكهف: 96]، و {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} [الكهف: 96].
وكأني أراه يحثهم بقوله: اذهبوا إلى أرضكم.. ثيروا الأرض.. اكتشفوا ما في باطن أرضكـم من ثروات ومعـادن.. ولا يطَّلع عليهـا أحدٌ غيركم...
وكان أمينًا على أرواحهم، فشرع على الفور يقيم لهم ردمًا يحميهم من قوم يأجوج ومأجوج، وذلك بمعاونتهم له بقوة، تلك هي الأمانة التي هي روح القيادة والإدارة وأساسها، والتي يرضاهـا الله عز وجل فيمن يلي أمر الجماعة.
3- التطبيق الفعلي لقوانين الجزاء والعقاب
{قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا} [الكهف: 87، 88].
إن دستور عمل ذي القرنين، والذي أوضحه في هاتين الآيتين الكريمتين يتلخص في وضع نظام للعقوبات والحوافز...
• ويتمثل في معاقبة الظالم، بأن يوقع عليه عقابًا دنيويًّا يظهر للجميع، حتى يكون رادعًا لكل من تسوِّل له نفسه فعل المحرمات أو التقصير والإفساد في الأرض والظلم.
• مكافأة الأفراد المتميزين في أخلاقياتهم وأعمالهم والحوافز عند ذي القرنين تنقسم إلى حوافز مادية وتمثلت في قوله: {فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى}. وحوافز معنوية وجاءت في قوله: ﴿وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾، أي سنثني عليه بالقول، ونكرمه ونعلي من شأنه. وهذه الحوافز لازمة للأفراد، فهي تقوي وتزيد الدعامات النفسية لديهم وتحفزهم لمزيد من الجهد والعطاء.
4- المهارات في التعامل مع مختلف الجنسيات
لقد ورد في قصة ذي القرنين، أنه ذهب إلى عدة بقاع من الأرض؛ وهي مغرب الشمس، ومطلع الشمس، وبين السدين، الأمر الذي يلفت انتباهنا إلى أن ذا القرنين قد تعامـل مع جنسيات مختلفة، في بقاع متباعدة على كوكب الأرض. وفي هذا إشارة إلى أن المدير أو القائد الناجح، لابد أن تكون له القدرة على التعامل والتكيف مع أنماط عدة من البشر، وفي بيئات مختلفة، ويتكيف بسرعة مع الظروف غير العادية، والتعايش مع كافة الظروف والبيئات.
كذا ضرورة أن يجيد التخاطب والتفاهم بلغات مختلفة. فعندما ذهب ذو القرنين إلى مغرب الشمس، تحدث مع القوم بلغتهم، كذلك عند مطلع الشمس، وعندما التقى بالقوم عند "بين السدين" -وهم لا يكادون يفقهون قـولاً- استطاع أن يقودهم بمهارة فائقة، وتعامل معهم بوسيلة للتخاطب، فهموا كل خططه وتوجيهاته حتى أتم بناء الردم الضخم لهم.
وفي هذا إشارة إلى أن القائـد الذي تتطلب ظروف عملـه التنقل بين أقطـار مختلفة (القائد العالمي)، يجب عليه أن يجيد التخاطب بأكثر من لغـة.
وتوفر وسائل الاتصال بين القادة والمرؤوسين ضرورة حتمية لقيادتهم وتحقيق الأهداف المرجوة، ومن أهم هذه الوسائل تواجد القائد أو وليّ الأمر بينهم، والتحدث إليهم بلغة يفهمونها.
يتبع بإذن الله
تعليق