لم يكن خلفاء المسلمين، من بني أمية، خلفاء راشدين، ساروا في حكمهم، على منهاج النبوة والرسالة الخاتمة، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، إلا أن الدولة الأموية مع ذلك، ومع كل سلبياتها ومثالبها، ليست شرا مطلقا، بالضرورة، كما يحاول إقناعنا بذلك خصومها وأعداؤها وغيرهم من المبطلين والحاقدين في إطار خطتهم المبيتة للنيل من الإسلام وأهله.
وإذا كانت الظروف السياسية التي تولى فيها الأمويون الخلافة، قد أدت إلى تحول أسلوب الحكم، من خلافة تقوم على الشورى، كمبدأ أساسي، إلى حكم ملكي عضود، يقوم على "التوريث" تم دعمه، وتثبيت أركانه بمختلف الأساليب، كما قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، في وثبة من وثبات الاستشفاف الروحي العميق.. فلبني أمية، والحق يُقال، الكثير من الأعمال الجليلة، في خدمة الإسلام والأمة. ولا ينكر ذلك إلا جاحد معاند لحقائق الدين وشواهد التاريخ.
حول شرعية الخلافة الأموية
وعلى الرغم من الأحداث الجسام التي تعرضت لها الأمة في المرحلة المبكرة من تاريخ الإسلام ( مقاتل ثلاثة من الخلفاء الراشدين الأوائل، والفتنة الكبرى، والحروب الأهلية التي لفحت دولة الخلافة بنيرانها) إلا أن هذه كلها " لم يكن لها أي تأثير على هذه اللحظة. كانت ( الأمة ) في عقيدتها أقوى من أن تهتز... ولم تهتز بعد ذلك في أزمة الحكم الأموي بعد يزيد بن معاوية. بقيت ثابتة [1]. لأن الأمة لم تختلف في دينها، ولا في نبيها ولا في كتابها، وإنما اختلفت في اجتهاداتها، وفي شئون دنياها..ولذلك عادت الأمة واتحدت من جديد تحت قيادة بني أمية، وتحديدا تحت قيادة الخليفة العتيد عبد الملك بن مروان، الذي استعاد حينئذ وحدة الخلافة.
وما يقال عن الدولة الأموية من أنها لم تولد ولادة شرعية، وأنها قامت على أشلاء أهل البيت وبني هاشم وأهل الحجاز والأنصار، وما تحفل به معظم كتب المؤرخين القدماء والمحدثين حول العصر الأموي
من أنه كان عصر مؤامرات سياسية، ورِدَّةٍ خُلُقية، واضطراب اجتماعي، وخلل اقتصادي، واستهانة بمقدسات المسلمين.. فكل هذا وذاك فيه نظر. فأما بالنسبة لشرعية السلطان أو متى يكون الإمام شرعيا، ومتى يكون متغلبا غير شرعي فهي مسألة مختلف حولها بين فقهاء السياسة والكلام المسلمين: فقد تمسك بعض بمبدأ الشورى باعتباره الطريق الأوحد للوصول إلى الإجماع حول رجل من قريش يتولى السلطة، بينما نظر آخرون لشكل التجربة، فقالوا: إن البيعة العامة – بقطع النظر عن كيفية حدوثها- هي التي تفترق بين الشرعي وغير الشرعي. وذهب فريق ثالث إلى أن الحكم على شرعية أي سلطان ينبغي أن يستند إلى مدى تحقيقه للأهداف العليا للأمة ، بغض النظر عن طريقة وصوله إلى السلطة ، والأهداف هي: الجهاد والدعوة وحماية دار الإسلام ، والعدالة في قسمة الفيء ، والحفاظ على الوحدة الداخلية ، والحيلولة دون الفتنة . ولا تنتفي شرعيته عند فريق الأكثرية هذا حتى إن لم يحقق بعض هذه الأهداف، ما دام يحقق هدفين منهما: حماية الدار، ومنع الفتنة [2]. ولو نظرنا إلى شرعية الخلافة الأموية في ضوء ذلك بإنصاف وتجرد لو جدنا أن الخلافة الأموية قد استوفت شرعيتها من أكثر من وجه من تلك الوجوه.
فقد استطاع بني أمية، في جزء كبير من عهدهم، المتفق على أنه " يقع في دائرة خير القرون المشهود لها بذلك من المعصوم صلى الله عليه وسلم في قوله: " خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" متفق عليه، استطاعوا أن يعيدوا تحقيق وحدة في السلطان، ووحدة في الأرض، ووحدة في الجماعة، كما كان عليه الحال أيام الخلفاء الراشدين. وهذه الوحدات الثلاث كانت هي المثل الأعلى المطلوب لتحقق مصطلح الأمة الواحدة المذكور في القرآن وسيرة السلف الصالح، كما فهم ذلك المفكرون المسلمون [3]. وبدأت الحضارة العربية الإسلامية تبرعم على الفور. وتتفتح بشكل مذهل. وكانت لحظة الصعود لا تزال قائمة في مركز الدولة دمشق، وعطاؤها الحضاري قد أخذ يثمر وخطها التاريخي يسير في القمة مستوياً. وقد ارتفع قليلاً بالتوسع الكبير الذي أصابته الدولة في الشرق والغرب. وإن كانت بعض العوامل الداخلية تحفزه [4]. كما أن بني أمية حافظوا بقدر استطاعتهم، على بعضٍ من قيم الإسلام، وتقاليده ومثله العليا، التي كانت سائدة في عهد الخلفاء الراشدين. وما كان عهدهم إلا امتدادًا طبيعيًّا لعهد الخلفاء الراشدين.. فيه عاش بقية رجاله، ومن تبعهم بإحسان.. وصاغوا تاريخه وأمجاده.. مع التسليم بوجود فارق لابد منه بين العصرين [5].. وهاكم هذه الرواية حول سياسة الخلفاء الأمويين في قبض الخراج من ولايات الدولة، تقول مصادر المؤرخين: أن العادة كانت قد جرت بأن الخلفاء، كانوا إذا جاءتهم جبايات الأموال من الأمصار والولايات التابعة للدولة الإسلامية، تأتيهم ومع كل جباية، وفدٌ مكونٌ من عشرة رجال من وجوه الناس وأجنادها في الولاية، فلا يدخل بيت مال المسلمين من الجباية، شيٌ إلا بعد أن يحلف هؤلاء العشرة، بأن هذا المال ما فيه دينار ولا درهم، إلا أُخذ بحقه، وأنه المستصفى الحلال لبيت المال بعد دفع أعطيات أهل البلد من المقاتلة والذرية، وبعد خصم النفقات على مصالح الولاية وشئونها، وبعد أن أخذ كل ذي حق حقه. وعلى هذا الأساس يتم قبول خراج الولايات وجباياتها، في بيت المال. فلا يدخل في بيت المال دينارُ ولا درهم، مما يُرسل به الولاة من خراج ولاياتهم، إلا إذا شهد هؤلاء العدول العشرة [6].
الفتوحات: أبناء الخلفاء في المقدمة
لقد كان الأمويين أصحاب أحلام كبيرة وكانوا رجال دولة من الطراز الأول وقد: كان العرب في ظل الأمويين يعتبرون كل حد وصلوه بداية لانطلاقة جديدة حتى وصلوا أعماق فرنسا وسويسرا من جهة وأطراف تركستان واحتضنوا حوض السند من جهة أخرى. وتطابقت ثلاثة مفاهيم بعضها فوق بعض. فالدولة الإسلامية هي نفسها الخلافة الإسلامية. وهي ذاتها دار الإسلام. وهذه الدولة الأموية هي الدولة الكبرى والأولى والوحيدة في العالم [7]. آنذاك. وشهدت الدولة الأموية أحداث جليلة عملاقة وفتوحات كثيرة: منها فتح قتيبة بن مسلم لبخارى وسمرقند ومد السيادة الإسلامية على آسيا الوسطى ( 705م ) وإتمام الفتح الإسلامي لشمالي أفريقيا وأول نزول للمسلمين بأسبانيا في حملة طريف (710م ) ثم فتح الأندلس وبداية أذكى وأثرى حضارة في البحر الأبيض المتوسط على يد طارق بن زياد ( 711م ) .. [8] بتوجيه وإشراف القائد الكبير موسى بن نصير والي أفريقية للوليد بن عبد الملك. ولم يقتصر موسى على هذه الفتوحات البرية، بل عمل على تقوية أسطوله لضرب القواعد البحرية البيزنطية، في حوض البحر المتوسط [9].... وقد: استطاع موسى أن يبني أسطولا قويا وأن يضرب قواعد البيزنطيين في جزر البحر المتوسط مثل صقلية وسردانيا وقورسيقا وجزر البليار، فشلّ بذلك حركة الأسطول البيزنطي [10].
وفي عهد الدولة الأموية، وصلت سفن المسلمين إلى الصين، (و) أقام المسلمون علاقات تجارية مع الصينيين، وكان للمسلمين في (كانتون ) جالية عربية مسلمة قوامها مائة ألف شخص أو تزيد، كانوا يلقون أفضل معاملة، بأمر من إمبراطور الصين [11]. وقد أرسلت الدولة الأموية سبع عشرة سفارة إلى عاصمة الصين، وأجرى القائد العسكري قتيبة بن مسلم الباهلي مفاوضات مع إمبراطور الصين للدخول إلى بلاده سلما [12].
وعلاوة على ذلك هناك أيضا ، حروب الشواتي والصوائف التي سنها معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، بعد أن استقرت خلافته، وسار عليها من جاء بعده من الخلفاء الأمويين. بل وقاموا بتفعيلها بما يتجاوز العهد السابق. وحرب الشواتي والصوائف هي تلك الغزوات الجهادية المتواصلة التي شنها المسلمون ضد الإمبراطورية البيزنطية دفاعًا عن حدود العالم الإسلامي، وتصديا للمحاولات البيزنطية الهادفة إلى استعادة الشام، وتعزيزا لمكانة الإسلام، ومحاولة لتقويض أركان هذه الإمبراطورية المعادية للإسلام وأهله، والتي تحصنت بالموقع الفريد لعاصمتها القسطنطينية، وببعض الثغور) التي بقيت لها خطّاً دفاعيًا في آسيا الصغرى، حيث كانت مواجهة طويلة وصعبة مع الأمويين الذين كان فتح العاصمة البيزنطية، أحد أبرز الأهداف العسكرية لمعظم خلفائهم. أملا في أن تتحقق البشارة النبوية بفتح هذه المدينة على أيديهم. وقد بلغت الغزوات في عهد معاوية اثنتا عشرة شاتية، وثلاث صوائف، عدا غزوات لم تندرج في هذه أو تلك منها غزوة يزيد بن معاوية إلى القسطنطينية سنة 49هـ، على سبيل المثال وهي من أكبر وأجرأ الحملات التي قام بها المسلمون ضد القسطنطينية، وشارك فيها الصحابي الشهير أبو أيوب الأنصاري، وأبناء الصحابة: عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير.
يتبع...
وإذا كانت الظروف السياسية التي تولى فيها الأمويون الخلافة، قد أدت إلى تحول أسلوب الحكم، من خلافة تقوم على الشورى، كمبدأ أساسي، إلى حكم ملكي عضود، يقوم على "التوريث" تم دعمه، وتثبيت أركانه بمختلف الأساليب، كما قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، في وثبة من وثبات الاستشفاف الروحي العميق.. فلبني أمية، والحق يُقال، الكثير من الأعمال الجليلة، في خدمة الإسلام والأمة. ولا ينكر ذلك إلا جاحد معاند لحقائق الدين وشواهد التاريخ.
حول شرعية الخلافة الأموية
وعلى الرغم من الأحداث الجسام التي تعرضت لها الأمة في المرحلة المبكرة من تاريخ الإسلام ( مقاتل ثلاثة من الخلفاء الراشدين الأوائل، والفتنة الكبرى، والحروب الأهلية التي لفحت دولة الخلافة بنيرانها) إلا أن هذه كلها " لم يكن لها أي تأثير على هذه اللحظة. كانت ( الأمة ) في عقيدتها أقوى من أن تهتز... ولم تهتز بعد ذلك في أزمة الحكم الأموي بعد يزيد بن معاوية. بقيت ثابتة [1]. لأن الأمة لم تختلف في دينها، ولا في نبيها ولا في كتابها، وإنما اختلفت في اجتهاداتها، وفي شئون دنياها..ولذلك عادت الأمة واتحدت من جديد تحت قيادة بني أمية، وتحديدا تحت قيادة الخليفة العتيد عبد الملك بن مروان، الذي استعاد حينئذ وحدة الخلافة.
وما يقال عن الدولة الأموية من أنها لم تولد ولادة شرعية، وأنها قامت على أشلاء أهل البيت وبني هاشم وأهل الحجاز والأنصار، وما تحفل به معظم كتب المؤرخين القدماء والمحدثين حول العصر الأموي
من أنه كان عصر مؤامرات سياسية، ورِدَّةٍ خُلُقية، واضطراب اجتماعي، وخلل اقتصادي، واستهانة بمقدسات المسلمين.. فكل هذا وذاك فيه نظر. فأما بالنسبة لشرعية السلطان أو متى يكون الإمام شرعيا، ومتى يكون متغلبا غير شرعي فهي مسألة مختلف حولها بين فقهاء السياسة والكلام المسلمين: فقد تمسك بعض بمبدأ الشورى باعتباره الطريق الأوحد للوصول إلى الإجماع حول رجل من قريش يتولى السلطة، بينما نظر آخرون لشكل التجربة، فقالوا: إن البيعة العامة – بقطع النظر عن كيفية حدوثها- هي التي تفترق بين الشرعي وغير الشرعي. وذهب فريق ثالث إلى أن الحكم على شرعية أي سلطان ينبغي أن يستند إلى مدى تحقيقه للأهداف العليا للأمة ، بغض النظر عن طريقة وصوله إلى السلطة ، والأهداف هي: الجهاد والدعوة وحماية دار الإسلام ، والعدالة في قسمة الفيء ، والحفاظ على الوحدة الداخلية ، والحيلولة دون الفتنة . ولا تنتفي شرعيته عند فريق الأكثرية هذا حتى إن لم يحقق بعض هذه الأهداف، ما دام يحقق هدفين منهما: حماية الدار، ومنع الفتنة [2]. ولو نظرنا إلى شرعية الخلافة الأموية في ضوء ذلك بإنصاف وتجرد لو جدنا أن الخلافة الأموية قد استوفت شرعيتها من أكثر من وجه من تلك الوجوه.
فقد استطاع بني أمية، في جزء كبير من عهدهم، المتفق على أنه " يقع في دائرة خير القرون المشهود لها بذلك من المعصوم صلى الله عليه وسلم في قوله: " خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" متفق عليه، استطاعوا أن يعيدوا تحقيق وحدة في السلطان، ووحدة في الأرض، ووحدة في الجماعة، كما كان عليه الحال أيام الخلفاء الراشدين. وهذه الوحدات الثلاث كانت هي المثل الأعلى المطلوب لتحقق مصطلح الأمة الواحدة المذكور في القرآن وسيرة السلف الصالح، كما فهم ذلك المفكرون المسلمون [3]. وبدأت الحضارة العربية الإسلامية تبرعم على الفور. وتتفتح بشكل مذهل. وكانت لحظة الصعود لا تزال قائمة في مركز الدولة دمشق، وعطاؤها الحضاري قد أخذ يثمر وخطها التاريخي يسير في القمة مستوياً. وقد ارتفع قليلاً بالتوسع الكبير الذي أصابته الدولة في الشرق والغرب. وإن كانت بعض العوامل الداخلية تحفزه [4]. كما أن بني أمية حافظوا بقدر استطاعتهم، على بعضٍ من قيم الإسلام، وتقاليده ومثله العليا، التي كانت سائدة في عهد الخلفاء الراشدين. وما كان عهدهم إلا امتدادًا طبيعيًّا لعهد الخلفاء الراشدين.. فيه عاش بقية رجاله، ومن تبعهم بإحسان.. وصاغوا تاريخه وأمجاده.. مع التسليم بوجود فارق لابد منه بين العصرين [5].. وهاكم هذه الرواية حول سياسة الخلفاء الأمويين في قبض الخراج من ولايات الدولة، تقول مصادر المؤرخين: أن العادة كانت قد جرت بأن الخلفاء، كانوا إذا جاءتهم جبايات الأموال من الأمصار والولايات التابعة للدولة الإسلامية، تأتيهم ومع كل جباية، وفدٌ مكونٌ من عشرة رجال من وجوه الناس وأجنادها في الولاية، فلا يدخل بيت مال المسلمين من الجباية، شيٌ إلا بعد أن يحلف هؤلاء العشرة، بأن هذا المال ما فيه دينار ولا درهم، إلا أُخذ بحقه، وأنه المستصفى الحلال لبيت المال بعد دفع أعطيات أهل البلد من المقاتلة والذرية، وبعد خصم النفقات على مصالح الولاية وشئونها، وبعد أن أخذ كل ذي حق حقه. وعلى هذا الأساس يتم قبول خراج الولايات وجباياتها، في بيت المال. فلا يدخل في بيت المال دينارُ ولا درهم، مما يُرسل به الولاة من خراج ولاياتهم، إلا إذا شهد هؤلاء العدول العشرة [6].
الفتوحات: أبناء الخلفاء في المقدمة
لقد كان الأمويين أصحاب أحلام كبيرة وكانوا رجال دولة من الطراز الأول وقد: كان العرب في ظل الأمويين يعتبرون كل حد وصلوه بداية لانطلاقة جديدة حتى وصلوا أعماق فرنسا وسويسرا من جهة وأطراف تركستان واحتضنوا حوض السند من جهة أخرى. وتطابقت ثلاثة مفاهيم بعضها فوق بعض. فالدولة الإسلامية هي نفسها الخلافة الإسلامية. وهي ذاتها دار الإسلام. وهذه الدولة الأموية هي الدولة الكبرى والأولى والوحيدة في العالم [7]. آنذاك. وشهدت الدولة الأموية أحداث جليلة عملاقة وفتوحات كثيرة: منها فتح قتيبة بن مسلم لبخارى وسمرقند ومد السيادة الإسلامية على آسيا الوسطى ( 705م ) وإتمام الفتح الإسلامي لشمالي أفريقيا وأول نزول للمسلمين بأسبانيا في حملة طريف (710م ) ثم فتح الأندلس وبداية أذكى وأثرى حضارة في البحر الأبيض المتوسط على يد طارق بن زياد ( 711م ) .. [8] بتوجيه وإشراف القائد الكبير موسى بن نصير والي أفريقية للوليد بن عبد الملك. ولم يقتصر موسى على هذه الفتوحات البرية، بل عمل على تقوية أسطوله لضرب القواعد البحرية البيزنطية، في حوض البحر المتوسط [9].... وقد: استطاع موسى أن يبني أسطولا قويا وأن يضرب قواعد البيزنطيين في جزر البحر المتوسط مثل صقلية وسردانيا وقورسيقا وجزر البليار، فشلّ بذلك حركة الأسطول البيزنطي [10].
وفي عهد الدولة الأموية، وصلت سفن المسلمين إلى الصين، (و) أقام المسلمون علاقات تجارية مع الصينيين، وكان للمسلمين في (كانتون ) جالية عربية مسلمة قوامها مائة ألف شخص أو تزيد، كانوا يلقون أفضل معاملة، بأمر من إمبراطور الصين [11]. وقد أرسلت الدولة الأموية سبع عشرة سفارة إلى عاصمة الصين، وأجرى القائد العسكري قتيبة بن مسلم الباهلي مفاوضات مع إمبراطور الصين للدخول إلى بلاده سلما [12].
وعلاوة على ذلك هناك أيضا ، حروب الشواتي والصوائف التي سنها معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، بعد أن استقرت خلافته، وسار عليها من جاء بعده من الخلفاء الأمويين. بل وقاموا بتفعيلها بما يتجاوز العهد السابق. وحرب الشواتي والصوائف هي تلك الغزوات الجهادية المتواصلة التي شنها المسلمون ضد الإمبراطورية البيزنطية دفاعًا عن حدود العالم الإسلامي، وتصديا للمحاولات البيزنطية الهادفة إلى استعادة الشام، وتعزيزا لمكانة الإسلام، ومحاولة لتقويض أركان هذه الإمبراطورية المعادية للإسلام وأهله، والتي تحصنت بالموقع الفريد لعاصمتها القسطنطينية، وببعض الثغور) التي بقيت لها خطّاً دفاعيًا في آسيا الصغرى، حيث كانت مواجهة طويلة وصعبة مع الأمويين الذين كان فتح العاصمة البيزنطية، أحد أبرز الأهداف العسكرية لمعظم خلفائهم. أملا في أن تتحقق البشارة النبوية بفتح هذه المدينة على أيديهم. وقد بلغت الغزوات في عهد معاوية اثنتا عشرة شاتية، وثلاث صوائف، عدا غزوات لم تندرج في هذه أو تلك منها غزوة يزيد بن معاوية إلى القسطنطينية سنة 49هـ، على سبيل المثال وهي من أكبر وأجرأ الحملات التي قام بها المسلمون ضد القسطنطينية، وشارك فيها الصحابي الشهير أبو أيوب الأنصاري، وأبناء الصحابة: عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير.
يتبع...
تعليق