إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سرية عمرو بن العاص إلى السلاسل وغزوة الفتح الأعظم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سرية عمرو بن العاص إلى السلاسل وغزوة الفتح الأعظم

    سرية عمرو بن العاص إلى السلاسل وغزوة الفتح الأعظم

    وفي جمادى الآخرة بلغه عليه الصلاة والسلام أن جمعاً من قضاعة يتجمعون في ديارهم وراء وادي القُرى ليُغيروا على المدينة، فأرسل لهم عمرو بن العاص في ثلاثمائة رجل من سَراة المهاجرين والأنصار، ثم أمدّه بأبي عبيدة بن الجراح في مائتين من المهاجرين والأنصار فيهم أبو بكر وعمر، فلحقوا عَمْراً قبل أن يصل إلى القوم، وقد أراد رجال من الجيش إيقاد نار فمنعهم عمرو، فأنكر عليه عمربن الخطاب، فقال أبو بكر: إنما بعثه رسول الله علينا رئيساً لمعرفته بالحرب أكثر منّا فلا تعصه، فامتثل. ولما حلُّوا بساحة القوم حملوا عليهم فلم يكن أكثر من ساعة حتى تفرق الأعداء منهزمين، فجمعوا غنائمهم وأرادوا اتباع أثرهم فمنعهم قائدهم، ثم رجعوا إلى المدينة ظافرين، وبينما هم في الطريق أدركت عمرو بن العاص جنابة في ليلة باردة، فلما أصبح قال: إن أنا اغتسلت هلكت والله يقول: (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)[1] ثم تيمم وصلى، ثم أمر بالسير
    سرية عامر بن الجراح إلى جهينة أو سرية سيف البحر أو الخبط
    وفي رجب أرسل عليه الصلاة والسلام أبا عبيدة عامر بن الجراح في ثلاثمائة فارس لغزو قبيلة جُهَينة التي تسكن ساحل البحر، وزوّد عليه الصلاة والسلام هذا الجيش جراباً من التمر، فساروا حتى إذا وصلوا الساحل أقاموا فيه نحو نصف شهر ينتظرون العدو، وقد فني زادهم حتى أكلوا الخَبَط، وهو ورق السَّمُر، يبلُّونه بالماء ويأكلونه إلى أن تقرّحت أشداقهم، وكان في القوم الكريم ابن الكريم قيس بن سعد بن عبادة فنحر لهم ثلاث جزر في كل يوم جزور. وفي اليوم الرابع أراد أن ينحر فنهاه رئيسه أبو عبيدة، لأن قيساً كان أخذ تلك الجزر بدين على أبيه، فخاف أبو عبيدة ألاّ يفي له أبوه بما استدان، فقال قيس: أترى سعداً يقضي ديون الناس، ويطعم في المجاعة، ولا يقضي ديناً استدنته لقوم مجاهدين في سبيل الله؟ ولما يئسوا من لقاء عدوهم رجعوا إلى المدينة، فقال قيس بن سعد لأبيه: كنت في الجيش فجاعوا، فقال: انحر، قال: نحرت، قال: ثم جاعوا قال: انحر، قال: نحرت، قال: ثم جاعوا، قال: انحر، قال: نحرت، قال: ثم جاعوا، قال: انحر، قال: نُهيت.
    غزوة الفتح الأعظم
    إذا أراد الله أمراً هيّأ أسبابه وأزال موانعه، فقد كان عليه الصلاة والسلام يعلم أنه لا تذلّ العرب حتى تذل قريش، ولا تَنقاد البلاد حتى تنقاد مكة، فكان يتشوف لفتحها، ولكن كان يمنعه من ذلك العهود التي أعطاها قريشاً في الحديبية وهو سيد من وَفَّى. ولكن إذا أراد الله أمراً هيأ أسبابه، فقد علمتَ أن قبيلة خُزاعة دخلت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقبيلة بني بكر دخلت في عهد قريش، وكان بين خزاعة وبني بكر دماء في الجاهلية كمنت نارها بظهور الإسلام، فلما حصلت الهدنة وقف رجل من بني بكر يتغنى بهجاء الرسول صلى الله عليه وسلم على مسمع من رجل خزاعي فقام هذا وضربه فحرّك ذلك كامن الأحقاد وتذكر بنو بكر ثأرهم فشدّوا العزيمة لحرب خصومهم واستعانوا بأوليائهم من قريش، فأعانوهم سرّاً بالعدّة والرجال، ثم توجهوا إلى خزاعة وهم آمنون فقتلوا منهم ما يربو على العشرين، ولما رأى ذلك حلفاء السيد الأمين صلى الله عليه وسلم أرسلوا منهم وفداً برياسة عمرو بن سالم الخزاعي ليخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فعل بهم بنو بكر وقريش، فلما حَلُّوا بين يديه، وأخبروه، قال: والله لأمنعنكم مما أمنع نفسي منه.
    أما قريش فإنهم لما رأوا أن ما عملوه نقض للعهود التي أخذت عليهم ندموا على ما فعلوا، وأرادوا مداواة هذا الجرح، فأرسلوا قائدهم أبا سفيان بن حرب إلى المدينة ليشدّ العقد، ويزيد في المدة، فركب راحلته، وهو يظن أنه لم يسبقه أحد، حتى إذا جاء المدينة نزل على أم المؤمنين أم حبيبة بنته وقد أراد أن يجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم فطوته عنه فقال: يا بنيّة أرغبتِ به عني أم رغبت بي عنه فقالت ما كان لك أن تجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت مشرك نجس فقال لقد أصابك بعدي شر ثم خرج من عندها وأتى النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد وعرض عليه ما جاء له فقال له عليه الصلاة والسلام هل كان من حَدَث قال لا فقال عليه الصلاة والسلام فنحن على مدتنا وصلحنا ولم يزد عن ذلك فقام أبو سفيان ومشى إلى أكابر المهاجرين من قريش لعلّهم يساعدونه على مقصده فلم يجد منهم مُعيناً وكلهم قالوا جِوارنا في جِوار رسول الله صلى الله عليه وسلمفرجع إلى قومه ولم يصنع شيئاً فاتهموه بأنه خانهم واتَّبع الإسلام فتنسّك عند الأوثان لينفي عن نفسه هذه التهمة أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فتجهز للسفر وأمر أصحابه بذلك وأخبر الصدّيق بالوجهة فقال له يا رسول الله أوَ ليس بينك وبين قريش عهد قال نعم ولكن غدروا ونقضوا ثم استنفر عليه الصلاة والسلام الأعراب الذين حول المدينة وقال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحضر رمضان بالمدينة فقدم جمع من قبائل أسلم وغِفار ومُزَينة وأشجع وجُهينة وطوى عليه الصلاة والسلام الأخبار عن الجيش كيلا يشيع الأمر فتعلم قريش فتستعد للحرب والرسول عليه الصلاة والسلام لا يريد أن يُقيم حرباً بمكة بل يريد انقياد أهلها مع عدم المساس بحُرمتها فدعا مولاه جلّ ذكره وقال اللهمّ خُذِ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها فقام حاطب بن أبي بلتعة أحد الذين شهدوا بدراً وكتب كتاباً لقريش يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرسله مع جارية لتوصله إلى قريش على جُعْلٍ فأعلم الله رسوله صلى الله عليه وسلم ذلك فأرسل في أثرها عليّاً والزبير والمقداد وقال انطلقوا حتى تأتوا رَوْضَةَ خاخ فإن بها ظَعِينة معها كتاب فخذوه منها فانطلَقوا حتى أتوا الروضة، فوجدوا بها المرأة فقالوا لها أخرجي الكتاب قالت ما معي كتاب فقالوا لتخرِجنّ الكتاب أو لنُلقينّ الثياب فأخرجته من عِقَاصِها فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام يا حاطب ما هذا قال: يا رسول الله لا تعجل عليّ إني كنت حليفاً لقريش ولم أكن من أَنْفُسِها وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم وأموالهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب أن أتخذ عندهم يداً يحمون بها قرابتي ولم أفعله ارتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام فقال عليه الصلاة والسلام أما إنه قد صدقكم فقال عمر دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق فقال إنه قد شهد بدراً وما يدريك لعلّ الله اطَّلع على من شهد بدراً فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وفي ذلك أنزل الله: (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآء تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءكُمْ مّنَ الْحَقّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ رَبّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِى سَبِيلِى وَابْتِغَآء مَرْضَاتِى تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآء السَّبِيلِ)[2]
    ثم سار عليه الصلاة والسلام بهذا الجيش العظيم في منتصف رمضان بعد أن ولّى على المدينة ابنَ أُم مكتوم، وكانت عدّة الجيش عشرة آلاف مجاهد، ولما وصل الأبواء لقيه اثنان كانا من أشدّ أعدائه وهما: ابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب شقيق عبيدة بن الحارث شهيد بدر، وصهره عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة شقيق زوجه أُم سلمة، وكانا يريدان الإسلام، فقبلهما عليه الصلاة والسلام، وفرح بهما شديد الفرح، وقال: (لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرحِمِينَ).[3] ولما وصل عليه الصلاة والسلام الكَدِيد رأى أن الصوم شق على المسلمين، فأمرهم بالفطر، وأفطر هو أيضاً، وقد قابل عليه الصلاة والسلام في الطريق عمه العباس بن عبد المطلب مهاجراً بأهله وعياله، فأمره أن يعود معه إلى مكة ويرسل عياله إلى المدينة.
    ولما وصل عليه الصلاة والسلام مرّ الظهران أمر بإيقاد عشرة آلاف نار وكانت قريش قد بلغهم أن محمداً صلى الله عليه وسلم زاحف بجيش عظيم لا تدرى وجهته فأرسلوا أبا سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبُدَيل بن ورقاء يلتمسون الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبلوا يسيرون حتى أتوا مَرَّ الظهران فإذا هم بنيران كأنها نيران عَرَفة، فقال أبو سفيان: ما هذه؟ لكأنها نيران عَرَفة فقال بديلبن ورقاء: نيران بني عمرو، فقال أبو سفيان: عمرو أقل من ذلك، فرآهم ناس من حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدركوهم فأخذوهم فأتوا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأسلم أبو سفيان، فلما سار قال للعباس: «احبس أبا سفيان عند خَطْم الجبل حتى ينظر إلى المسلمين»، فحبسه العباس فجعلت القبائل تمرّ كتيبةً كتيبة على أبي سفيان وهو يسأل عنها ويقول: ما لي ولها، حتى إذا مرّت به قبيلة الأنصار وحامِل رايتها سعد بن عبادة فقال سعد: يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة، اليومَ تُستَحلُّ الكعبة. فقال أبو سفيان: يا عباس حبذا يومُ الذِّمار. ثم جاءت كتيبة وهي أقل الكتائب فيها رسول الله وأصحابه، وحامل الراية الزبيربن العوام، فأخبر أبو سفيان رسول الله بمقالة سعد. فقال عليه الصلاة والسلام: «كذبَ سعد، ولكن هذا يوم يُعظِّم الله فيه الكعبة ويوم تُكسى فيه الكعبة». ثم أمر عليه الصلاة والسلام أن تركز رايته بالحَجُون، وأمر خالد بن الوليد أن يدخل من أسفل مكة من كُدًى، ودخل هو من أعلاها من كَدَاء ونادى مناديه: مَن دخل داره وأغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. وهذه أعظم منّة له صلى الله عليه وسلم ، واستثنى من ذلك جماعة عظمت ذنوبهم، وآذوا الإسلام وأهله عظيم الأذى، فأهدر دمهم وإن تعلقوا بأستار الكعبة منهم: عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح الذي أسلم، وكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي، ثم ارتدّ، وافترى الكذب على الأمين المأمون، فكان يقول: إن محمداً كان يأمرني أن أكتب عليم حكيم فأكتب غفور رحيم، فيقول كل جيد ومنهم عِكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية، وهبَّار بن الأسود، والحارث بن هشام، وزهير بن أبي أمية، وكعب بن زهير، ووحشي قاتل حمزة، وهند بنت عتبة زوج أبي سفيان، وقليل غيرهم، ونهى عن قتل أحد سوى هؤلاء إلا من قاتل، فأما جيش خالد بن الوليد فقابله الذُّعرُ من قريش يريدون صدّه، فقاتلهم وقتل منهم أربعة وعشرين، وقُتل من جيشه اثنان، ودخلها عَنْوة من هذه الجهة، وأما جيش رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصادف مانعاً وهو عليه الصلاة والسلام راكب راحلته منحنٍ على الرحل تواضعاً لله وشكراً له على هذه النعمة حتى تكاد جبهته تَمَسُّ الرَّحْل، وأسامة بن زيد رديفه، وكان ذلك صبح يوم الجمعة لعشرين خلت من رمضان حتى وصل الحَجُون موضع رايته، وقد نصبتْ له هناك قبة فيها أُمّ سلمة وميمونة، فاستراح قليلاً ثم سار وبجانبه أبو بكر يحادثه، وهو يقرأ سورة الفتح كاملة، حتى بلغ البيت، وطاف سبعاً على راحلته، واستلم الحجر بمحجنه، وكان حول الكعبة إذا ذاك ثلاثمائة وستون صنماً، فجعل عليه الصلاة والسلام يطعنها بعود في يده، ويقول: جاء الحقُّ وزَهَقَ الباطِلُ وما يُبْدِىءُ الباطِلُ وما يُعيدُ ثم أمر بالآلهة فأخرجت من البيت وفيها صورة إسماعيل وإبراهيم في أيديهما الأزلام فقال عليه الصلاة والسلام قاتلهم الله لقد علموا ما استقسما بها قطّ وهذا أول يوم طهّرت فيه الكعبة من هذه المعبودات الباطلة بطهارة الكعبة المقدسة عند جميع العرب باديها وحاضرها من هذه الأدناس سقطت عبادة الأوثان من جميع بلاد العرب إلا قليلاً ويوشك أن نذكر للقارىء اختفاء آثارها ومحو عبادتها بالكلية.

    [1] سورة البقرة 195

    [2] سورة الممتحنة 1

    [3] سورة يوسف 92



  • #2
    رد: سرية عمرو بن العاص إلى السلاسل وغزوة الفتح الأعظم

    جزاكم الله خيرا أختنا على ما تقدموه

    تعليق


    • #3
      رد: سرية عمرو بن العاص إلى السلاسل وغزوة الفتح الأعظم




      تعليق


      • #4
        رد: سرية عمرو بن العاص إلى السلاسل وغزوة الفتح الأعظم







        تعليق

        يعمل...
        X