إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

غزوة الخندق وغزوة بني قُرَيْظة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • غزوة الخندق وغزوة بني قُرَيْظة

    غزوة الخندق وغزوة بني قُرَيْظة
    لم يقرّ لعظماء بني النضير قرار بعد جلائهم عن ديارهم وإرث المسلمين لها، بل كان في نفوسهم دائماً أن يأخذوا ثأرهم ويستردّوا بلادهم فذهب جمع منهم إلى مكة، وقابلوا رؤساء قريش حرّضوهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنّوهم المساعدة، فوجدوا منهم قبولاً لما طلبوه ثم جاؤوا إلى قبيلة غطفان وحرّضوا رجالها كذلك، وأخبروهم بمبايعة قريش لهم على الحرب فوجدوا منهم ارتياحاً.
    فتجهزت قريش وأتباعها يرأسهم أبو سفيان ويحمل لواءهم عثمان بن طلحة بن أبي طلحة العبدري، وعددهم أربعة آلاف، معهم ثلاثمائة فرس، وألف وخمسمائة بعير. وتجهزت غطفان يرأسهم عُيَيْنَةُ بن حِصن الذي جازى إحسان رسول الله صلى الله عليه وسلم كفراً، فإنه كما قدّمنا أقطعه أرضاً يرعى فيها سوائمه، حتى إذا سمن خفُّه وحافره، قام يقود الجيوش لحرب من أنعم عليه، وكان معه ألف فارس. وتجهزت بنو مرّة يرأسهم الحارث بن عوف المري وهم أربعمائة وتجهزت بنو أشجع يرأسهم أبو مسعود بن رُخَيلَةَ وتجهزت بنو سليم يرأسهم سفيان بن عبد شمس وهم سبعمائة وتجهزت بنو أسد يرأسهم طليحة بن خويلد الأسدي وعدة الجميع عشرة آلاف محارب قائدهم العام أبو سفيان.
    ولما بلغه عليه الصلاة والسلام أخبار هاتِه التجهيزات، استشار أصحابه فيما يصنع أيمكث بالمدينة أم يخرج للقاء هذا الجيش الجرّار فأشار عليه سلمان الفارسي بعمل الخندق وهو عمل لم تكن العرب تعرفه، فأمر عليه الصلاة والسلام المسلمين بعمله، وشرعوا في حفره شمالي المدينة من الحرّه الشرقية إلى الحرّة الغربية وهذه هي الجهة التي كانت عورة تُؤتى المدينة من قبلها. أما بقية حدودها فمشتبكة بالبيوت والنخيل، لا يتمكن العدو من الحرب جهتها.
    وقد قاسى المسلمون صعوبات جسيمة في حفر الخندق، لأنهم لم يكونوا في سعة من العيش حتى يتيسر لهم العمل، وعمل معهم عليه الصلاة والسلام، فكان ينقل التراب متمثلاً بشعر ابن رواحة: اللهمَّ لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدَّقْنا ولا صلّينا فَأَنْزِلَنْ سكينةً علينا وثبِّتِ الأقدامَ إن لاقينا والمشركون قد بَغَوا علينا وإن أرادوا فتنةً أبينا وأقام الجيش في الجهة الشرقية مسنداً ظهره إلى سَلْع وهو جبل مطل على المدينة وعدّتهم ثلاثة آلاف، وكان لواء المهاجرين مع زيد بن حارثة، ولواء الأنصار مع سعد بن عبادة. أما قريش فنزلت بمَجْمع الأسيال، وأما غطفان فنزلت جهة أُحُد. وكان المشركون معجبين بمكيدة الخندق التي لم تكن العرب تعرفها، فصاروا يترامون مع المسلمين بالنبل. ولما طال المطال عليهم أكره جماعة منهم أفراسهم على اقتحام الخندق منهم عكرمة بن أبي جهل وعمرو بن عَبْدِ وَدَ وآخرون وقد برز علي بن أبي طالب رضي الله عنه لعمرو بن عبد ود فقتله وهرب إخوانه، وهوى في الخندق نوفل بن عبد الله، فاندقت عنقه، ورُمي سعد بن معاذ رضي الله عنه بسهم قطع أَكْحله، وهو شريان الذراع، واستمرت المناوشة والمراماة بالنبل يوماً كاملاً حتى فاتت المسلمين صلاة ذاك اليوم وقضوها بعد، وجعل عليه الصلاة والسلام على الخندق حُرَّاساً حتى لا يقتحمه المشركون بالليل، وكان يحرس بنفسه فيه مع شدة البرد، وكان عليه الصلاة والسلام يبشّر أصحابه بالنصر والظفر ويَعِدهم الخير.أما المنافقون فقد أظهروا في هذه الشدة ما تكنُّه ضمائرهم حتى قالوا: (مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً)[1] وانسحبوا قائلين: إن بيوتنا عورة نخاف أن يُغير عليها العدو (وَمَا هِىَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً)[2] واشتدت الحال بالمسلمين، فإن هذا الحصار صاحَبَه ضيق على فقراء المدينة، والذي زاد الشدة عليهم ما بلغهم من أن يهود بني قريظة الذين يُساكنونهم في المدينة قد انتهزوا هذه الفرصة لنقض العهود، وسبب ذلك أن حُيَيَّ بن أَخْطَب سيد بني النضير المجلين توجه إلى كعب بن أسد القرظي سيد بني قريظة، وكان له كالشيطان إذ قال للإنسان اكفر، فحسَّن له نقض العهد، ولم يزل به حتى أجابه لقتال المسلمين. ولما بلغت هذه الأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل مسلمة بن أسلم في مائتين، وزيد بن حارثة في ثلاثمائةٍ لحراسة المدينة، خوفاً على النساء والذراري، وأرسل الزبير بن العوّام يستجلي له الخبر فلما وصلهم وجدهم حانقين يظهر على وجوههم الشر ونالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين أمامه، فرجع وأخبر الرسول بذلك. وهناك اشتد وَجَلُ المسلمين وزلزلوا زلزالاً شديداً، لأن العدو جاءهم من فوقهم ومن أسفل منهم وزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وظنوا بالله الظنون، وتكلم المنافقون بما بَدا لهم، فأراد عليه الصلاة والسلام أن يرسل لعُيَيْنَة َبن حِصْنٍ، ويصالحه على ثلث ثمار المدينة لينسحب بغطفان، فأبى الأنصار ذلك قائلين: إنهم لم يكونوا ينالون منّا قليلاً من ثمارنا ونحن كفار أفبعد الإسلام يشاركوننا فيها؟ وإذا أراد الله العناية بقوم هيأ لهم أسباب الظفر من حيث لا يعلمون. فانظر إلى هذه العناية من الله للمتمسكين بدينه القويم جاء نُعيم بن مسعود الأشجعي وهو صديق قريش واليهود ومن غطفان، فقال: يا رسول الله إني قد أسلمت وقومي لا يعلمون بإسلامي فمُرني بأمرك حتى أُساعدك. فقال: «أنت رجل واحد وماذا عسى أن تفعل؟ ولكن خَذِّل عنّا ما استطعت فإن الحرب خدْعه».
    غزوة بني قُرَيْظة
    ولما رجع عليه الصلاة والسلام بأصحابه، وأراد أن يخلع لباس الحرب، أمره الله باللحوق ببني قريظة، حتى يطهِّر أرضه من قوم لم تعد تنفع معهم العهود، ولا تربطهم المواثيق، ولا يأمن المسلمون جانبهم في شدة، فقال لأصحابه: لا يُصَلِّيَنَّ أحد منكم العصر إلا في بني قريظة فساروا مسرعين، وتبعهم عليه الصلاة والسلام راكباً على حماره، ولواؤه بيد علي بن أبي طالب، وخليفته على المدينة عبد الله ابن أم مكتوم، وكان عدد المسلمين ثلاثة آلاف، وقد أدرك جماعة من الأصحاب صلاة العصر في الطريق فصلاّها بعضهم حاملين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم صلاتها على قصد السرعة، ولم يصلِّها الآخرون إلا في بني قريظة بعد مضي وقتها حاملين الأمر على حقيقته فلم يُعنِّف فريقاً منهم. ولما رأى بنو قريظة جيش المسلمين ألقى الله الرعب في قلوبهم، وأرادوا التنصّل من فعلتهم القبيحة وهي الغدر بمن عاهدوهم وقت الشغل بعدو آخر ولكن أنَّى لهم ذلك وقد ثبت للمسلمين غدرهم؟ فلما رأوا ذلك تحصنوا بحصونهم وحاصرهم المسلمون خمساً وعشرين ليلة، فلما رأوا أن لا مناص من الحرب، وأنهم إن استمروا على ذلك ماتوا جوعاً، طلبوا من المسلمين أن ينزلوا على ما نزل عليه بنو النضير من الجلاء بالأموال وترك السلاح، فلم يقبل الرسول صلى الله عليه وسلم ، فطلبوا أن يجلوا بأنفسهم من غير مال ولا سلاح فلم يرض أيضاً، بل قال: لا بدّ من النزول والرضا بما يحكم عليهم خيراً كان أو شراً، فقالوا له: أرسل لنا أبا لُبابة نستشيره، وكان أوسياً من حُلفاء بني قريظة، له بينهم أولاد وأموال، فلما توجه إليهم استشاروه في النزول على حكم الرسول صلى الله عليه وسلم. فقال لهم: انزلوا، وأومأ بيده إلى حلقه، يريد: أن الحكم الذبح، ويقول أبو لبابة: لم أبارح موقفي حتى علمتُ أني خنت الله ورسوله، فنزل من عندهم قاصداً المدينة خجلاً من مقابلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وربط نفسه في سارية من سواري المسجد حتى يقضي الله فيه أمره. ولما سأل عنه عليه الصلاة والسلام أخبر بما فعل، فقال: أما لو جاءني لاستغفرت له، أما وقد فعل ما فعل فنتركه حتى يقضي الله فيه.ثم إن بني قريظة لما لم يروا بدّاً من النزول على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلوا فأمر برجالهم فكُتِّفوا فجاءه رجال من الأوس وسألوه أن يعاملهم كما عامل بني قينقاع حلفاء إخوانهم الخزرج، فقال لهم: ألا يرضيكم أن يحكم فيهم رجل منكم؟ فقالوا: نعم. واختاروا سيدهم سعد بن معاذ الذي كان جريحاً من السهم الذي أُصيب به في الخندق، وكان مقيماً بخيمة في المسجد معدّة لمعالجة الجرحى، فأرسل عليه الصلاة والسلام مَنْ يأتي به، فحملوه على حماره، والتفّ عليه جماعة من الأوس يقولون له: أحسن في مواليك، ألا ترى ما فعل ابن أُبَيّ في مواليه فقال رضي الله عنه لقد آن لسعد ألاّ تأخذه في الله لومةُ لائم ولما أقبل على الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم جلوس، قال عليه الصلاة والسلام: «قوموا إلى سيّدكم فأنزلوه»، ففعلوا، وقالوا له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاّك أمر مواليك لتحكم فيهم. وقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: احكم فيهم يا سعد. فالتفت سعد للناحية التي ليس فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: عليكم عهدُ الله وميثاقه أن الحكم كما حكمت؟ فقالوا: نعم، فالتفت إلى الجهة التي فيها الرسول وقال: وعلى مَنْ هنا كذلك؟ وهو غاضٌّ طرفه إجلالاً، فقالوا: نعم، فقال: فإني أحكم أن تقتلوا الرجال، وتسبوا النساء والذرية فقال عليه الصلاة والسلام لقد حكمتَ فيهم بحكم الله يا سعد لأن هذا جزاء الخائن الغادر ثم أمر بتنفيذ الحكم فنفذ عليهم وجمعت غنائمهم فكانت ألفاً وخمسمائة سيف وثلاثمائة درع وألفي رمح وخمسمائة ترس وحَجَفَةٍ ووجد أثاثاً كثيراً وآنية وأَجمالاً نواضِحَ وشياهاً فخمَّس ذلك كله مع النخل والسبي للراجل ثلث الفارس وأعطى النساء اللاتي يُمرضن الجرحى ووجد في الغنيمة جِرار خمر فأُريقت
    [1] سورة الأحزاب 11

    [2] سورة الأحزاب 12



  • #2
    رد: غزوة الخندق وغزوة بني قُرَيْظة

    بارك الله فيكم ونفع بكم
    "إذا وجدت الأيام تمر عليك ، و ليس لكتاب الله حظ من أيامك و ساعات ليلك و نهارك ، فابك على نفسك ، و اسأل الله العافية، و انطرح بين يدي الله منيبا مستغفرا ، فما ذلك إلا لذنب بينك و بين الله ، فوالله ما حرم عبد الطاعة إلا دل ذلك على بعده من الله عز وجل"

    تعليق


    • #3
      رد: غزوة الخندق وغزوة بني قُرَيْظة

      المشاركة الأصلية بواسطة عبدالعزيز المالكي مشاهدة المشاركة
      بارك الله فيكم ونفع بكم
      جزاك الله خيراً وبارك فيك ورفع قدرك وغفر ذنبك أسأل الله أن يبارك لك في شعبان ويبلغك رمضان وليلة القدر ويعتق رقبتك من النار أنت وكل أحبابك اللهم آمين


      تعليق


      • #4
        رد: غزوة الخندق وغزوة بني قُرَيْظة







        تعليق

        يعمل...
        X