معركة القادسـيــة
سار سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فنزل القادسية وبث سرياه وأقام بها شهرا لم يرى أحدا من الفرس فكتب إلى عمر بذلك والسرايا تأتي بلميره من كل مكان فعجت رعايا الفرس من أطراف بلادهم إلى يزد جرد من الذين يلقون من المسلمين من النهب والسبي . وقالوا : إن لم تنجدونا وإلا أعطينا ما بأيدينا وسلمنا إليهم الحصون .
واجتمع رأى الفرس على إرسال رستم إليهم فبعث إليه يزد جرد فآمره على الجيش فاستعفى رستم من ذلك . فتجهز رستم للخروج ثم بعث سعد كاشفا إلى أتحيره وإلى صلبا فأتاه الخبر بأن الملك قد أمر على الحرب رستم بن الفرخزاد الأرمني وأمده بالعساكر فكتب سعد إلى عمر : لا يكربنك ما يأتيك عنه ولا ما يأتونك به واستعن بالله وتوكل عليه وابعث إليه رجالا من أهل النظر والرأي والجلد يدعونه فأن الله جاعل دعاءهم توهينا لهم وفلجا عليهم واكتب إلى في كل يوم .
لقاء قبل المعركة:
كان رستم في مائة ألف وعشرين ألفا يتبعه ثمانون ألفا وكان معه ثلاثة وثلاثون فيلا ثم بعث سعد جماعة يدعون رستم إلى الله عز وجل فقال لهم رستم : ما أقدمكم ؟ فقالوا : جئنا لموعود الله إيانا أخذ بلادكم وسبى نسائم وأبنائكم وأخذ أموالكم فنحن على يقين من ذلك وقد رأى رستم في منامه كان ملكا نزل من السماء فختم على سلاح الفرس كله ودفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمر .
تلاقى الجيشان
ولما تواجه الجيشان بعث رستم إلى سعد أن يبعث غليه برجل عاقل عالم بما أسأله عنه . فبعث إليه سعد رسولا آخر بطلبه وهو ربعى بن عامر فدخل عليه وقد زينوا مجلسه بالنمارق المذهبة والزرابي الحرير واظهر اليواقيت واللالئ الثمينة والزينة العظيمة وعليه تاجه وغير ذلك من الأمتعة الثمينة .
ودخل ربعى بثياب صفيقة وسيف وترس وفرس قصيرة ولم ينزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد وأقبل وعليه سلاحه ودرعه وبيضته لي رأسه فقالوا له : ضع سلاحك . فقال : إني لم آتكم وإنما جئتكم حين دعوتموني فان تركتموني هكذا وإلا رجعت . فقال رستم : إئذنوا له فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق فحرق عامتها فقالوا له : ما جاء بكم ؟ فقال الله أبتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه ومن أبى قاتلناه أبدا حتى نفضي إلى موعود الله . قالوا وما موعود الله ؟ قال : الجنة لمن مات على قتال من أبى والظفر لمن بقي .
رستم يطلب مهلة زمنية
فقال رستم : قد سمعت مقالتكم فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه وتنظروا ؟ قال : نعم كم أحب أليكم ؟ يوم أو يومين ؟ قال : لا بل حتى نكاتب أهل رأينا ورؤساء قومنا . فقال : ما سن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نؤخر الأعداء عند اللقاء أكثر من ثلاث فانظر في أمرك وأمرهم وأختر واحدة من ثلاث بعد الآجل ، فقال : أسيدهم أنت ؟ قال : لا ولكن المسلمون كالجسد الواحد يجير أدناهم أعلاهم .
خطبة سعد:
وذكر سيف أن سعدا كان به عرق النسا يومئذ وأنه خطب الناس وتلى قوله تعالى ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) وصلى بالناس الظهر ثم كبر أربعا وحملوا بعد أن أمرهم أن يقولوا : لاحول ولا قوة إلا بالله في طردهم إياهم وقتلهم لهم وقعودهم لهم كان مرصد وحصرهم لبعضهم في بعض الأماكن حتى أكلوا الكلاب والسنانير ومارد شاردهم حتى وصل إلى نهاوند ولجاء أكثرهم إلى المدائن ولحقهم المسلمون إلى أبوابها .
وقد كانت وقعه القادسية وقعة عظيمة لم يكن بالعراق أعجب منها وذلك انه لما تواجه الصفان كان سعد رضي الله عنه قد أصابه عرق النساء ودمامل في جسده فهو لا يستطيع الركوب وإنما هو في قصر متكئ على صدره فوق وسادة وهو ينظر إلى الجيش ويدبر أمره . وزعم أبن إسحاق أن المسلمين كانوا ما بين السبعة آلاف وأن إلى الثمانية آلاف وأن رستما كان في ستين ألفا فصلى سعد بالناس الظهر ثم خطب الناس فوعظهم وحثهم وتلا قوله تعالى ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) وقرا القراء آيات الجهاد وسوره ثم في كبر سعد اربعا ثم حملوا بعد الرابعة فاقتتلوا حتى كان الليل فتحاجزوا وقد قتل من الفريقين بشر كثير ثم أصبحوا إلى مواقفهم يومهم فاقتتلوا يومهم ذلك وأمست هذه الليلة تسمى ليلة الهرير فلما اصبح اليوم الرابع اقتتلوا قتالا شديدا وقد قاسوا من الفيلة بالنسبة إلى الخيول العربية بسبب نفرتها منها أمرا بليغا وقد أباد الصحابة الفيلة ومن عليها وقلعوا عيونها وأبلي جماعة من الشجعان في هذه الأيام مثل طليحة الأسدي وعمر بن معدى كرب والقعقاع بن عمرو وأشكالهم واضرابهم
يوم القادسية:
فلما كان وقت الزوال من هذا اليوم ويسمى يوم القادسية وكان يوم الاثنين من المحرم سنة أربع عشرة كما قاله سيف بن عمر التميمي هبت ريح شديدة فرفعت خيام الفرس عن أماكنها وألقت سرير رستم الذي هو منصوب له فبادر فركب بغلته وهرب فادركه المسلمون فقتلوه وقتلوا الجالينوس مقدم الطلائع القادسية وانهزمت الفرس ولله الحمد والمنة عن بكرة أبيهم ولحقهم المسلمون في أقفائهم فقتل يومئذ المسلمون بكمالهم وكانوا ثلاثين ألفا وقتل في المعركة عشرة آلاف وقتلوا قبل ذلك قريبا من ذلك وقتل من المسلمين في هذا ليوم وما قبله من الأيام ألفان وخمسامئة رحمهم الله وساق الملمون خلف المنهزمين حتى دخلوا وراءهم مدينة الملك وهي المدائن التي فيها الايوان الكسروى . وقد غنم المسلمون من وقعة القادسية هذه من الأموال والسلاح مالا يحد ولا يوصف كثرة فحصلت الغنائم بعد صرف الأسلاب وخمست وبعث بالخمس والبشارة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه . وكان عمر رضي الله عنه يستخبر عن أمر القادسية كل من لقيه من الركبان ويخرج من المدينة إلى ناحية العراق يستنشق الخبر فبينما هو ذات يوم من الأيام إذا هو براكب يلوح من بعد فاستقبله عمر فاستخبره فقال له : فتح الله على المسلمين بالقادسية وغنموا غنائم كثيرة . جعل يحدثه وهو لا يعرف عمر وعمر ماش تحت راحلته فلما اقتربا من المدينة جعل الناس يحيون عمر بالإماره فعرف الرجل عمر فقال : يرحمك الله يأمير المؤمنين هلا أعلمتني أنك الخليفة ؟ فقل لاحرج عليك يا أخي .
سار سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فنزل القادسية وبث سرياه وأقام بها شهرا لم يرى أحدا من الفرس فكتب إلى عمر بذلك والسرايا تأتي بلميره من كل مكان فعجت رعايا الفرس من أطراف بلادهم إلى يزد جرد من الذين يلقون من المسلمين من النهب والسبي . وقالوا : إن لم تنجدونا وإلا أعطينا ما بأيدينا وسلمنا إليهم الحصون .
واجتمع رأى الفرس على إرسال رستم إليهم فبعث إليه يزد جرد فآمره على الجيش فاستعفى رستم من ذلك . فتجهز رستم للخروج ثم بعث سعد كاشفا إلى أتحيره وإلى صلبا فأتاه الخبر بأن الملك قد أمر على الحرب رستم بن الفرخزاد الأرمني وأمده بالعساكر فكتب سعد إلى عمر : لا يكربنك ما يأتيك عنه ولا ما يأتونك به واستعن بالله وتوكل عليه وابعث إليه رجالا من أهل النظر والرأي والجلد يدعونه فأن الله جاعل دعاءهم توهينا لهم وفلجا عليهم واكتب إلى في كل يوم .
لقاء قبل المعركة:
كان رستم في مائة ألف وعشرين ألفا يتبعه ثمانون ألفا وكان معه ثلاثة وثلاثون فيلا ثم بعث سعد جماعة يدعون رستم إلى الله عز وجل فقال لهم رستم : ما أقدمكم ؟ فقالوا : جئنا لموعود الله إيانا أخذ بلادكم وسبى نسائم وأبنائكم وأخذ أموالكم فنحن على يقين من ذلك وقد رأى رستم في منامه كان ملكا نزل من السماء فختم على سلاح الفرس كله ودفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمر .
تلاقى الجيشان
ولما تواجه الجيشان بعث رستم إلى سعد أن يبعث غليه برجل عاقل عالم بما أسأله عنه . فبعث إليه سعد رسولا آخر بطلبه وهو ربعى بن عامر فدخل عليه وقد زينوا مجلسه بالنمارق المذهبة والزرابي الحرير واظهر اليواقيت واللالئ الثمينة والزينة العظيمة وعليه تاجه وغير ذلك من الأمتعة الثمينة .
ودخل ربعى بثياب صفيقة وسيف وترس وفرس قصيرة ولم ينزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد وأقبل وعليه سلاحه ودرعه وبيضته لي رأسه فقالوا له : ضع سلاحك . فقال : إني لم آتكم وإنما جئتكم حين دعوتموني فان تركتموني هكذا وإلا رجعت . فقال رستم : إئذنوا له فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق فحرق عامتها فقالوا له : ما جاء بكم ؟ فقال الله أبتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه ومن أبى قاتلناه أبدا حتى نفضي إلى موعود الله . قالوا وما موعود الله ؟ قال : الجنة لمن مات على قتال من أبى والظفر لمن بقي .
رستم يطلب مهلة زمنية
فقال رستم : قد سمعت مقالتكم فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه وتنظروا ؟ قال : نعم كم أحب أليكم ؟ يوم أو يومين ؟ قال : لا بل حتى نكاتب أهل رأينا ورؤساء قومنا . فقال : ما سن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نؤخر الأعداء عند اللقاء أكثر من ثلاث فانظر في أمرك وأمرهم وأختر واحدة من ثلاث بعد الآجل ، فقال : أسيدهم أنت ؟ قال : لا ولكن المسلمون كالجسد الواحد يجير أدناهم أعلاهم .
خطبة سعد:
وذكر سيف أن سعدا كان به عرق النسا يومئذ وأنه خطب الناس وتلى قوله تعالى ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) وصلى بالناس الظهر ثم كبر أربعا وحملوا بعد أن أمرهم أن يقولوا : لاحول ولا قوة إلا بالله في طردهم إياهم وقتلهم لهم وقعودهم لهم كان مرصد وحصرهم لبعضهم في بعض الأماكن حتى أكلوا الكلاب والسنانير ومارد شاردهم حتى وصل إلى نهاوند ولجاء أكثرهم إلى المدائن ولحقهم المسلمون إلى أبوابها .
وقد كانت وقعه القادسية وقعة عظيمة لم يكن بالعراق أعجب منها وذلك انه لما تواجه الصفان كان سعد رضي الله عنه قد أصابه عرق النساء ودمامل في جسده فهو لا يستطيع الركوب وإنما هو في قصر متكئ على صدره فوق وسادة وهو ينظر إلى الجيش ويدبر أمره . وزعم أبن إسحاق أن المسلمين كانوا ما بين السبعة آلاف وأن إلى الثمانية آلاف وأن رستما كان في ستين ألفا فصلى سعد بالناس الظهر ثم خطب الناس فوعظهم وحثهم وتلا قوله تعالى ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) وقرا القراء آيات الجهاد وسوره ثم في كبر سعد اربعا ثم حملوا بعد الرابعة فاقتتلوا حتى كان الليل فتحاجزوا وقد قتل من الفريقين بشر كثير ثم أصبحوا إلى مواقفهم يومهم فاقتتلوا يومهم ذلك وأمست هذه الليلة تسمى ليلة الهرير فلما اصبح اليوم الرابع اقتتلوا قتالا شديدا وقد قاسوا من الفيلة بالنسبة إلى الخيول العربية بسبب نفرتها منها أمرا بليغا وقد أباد الصحابة الفيلة ومن عليها وقلعوا عيونها وأبلي جماعة من الشجعان في هذه الأيام مثل طليحة الأسدي وعمر بن معدى كرب والقعقاع بن عمرو وأشكالهم واضرابهم
يوم القادسية:
فلما كان وقت الزوال من هذا اليوم ويسمى يوم القادسية وكان يوم الاثنين من المحرم سنة أربع عشرة كما قاله سيف بن عمر التميمي هبت ريح شديدة فرفعت خيام الفرس عن أماكنها وألقت سرير رستم الذي هو منصوب له فبادر فركب بغلته وهرب فادركه المسلمون فقتلوه وقتلوا الجالينوس مقدم الطلائع القادسية وانهزمت الفرس ولله الحمد والمنة عن بكرة أبيهم ولحقهم المسلمون في أقفائهم فقتل يومئذ المسلمون بكمالهم وكانوا ثلاثين ألفا وقتل في المعركة عشرة آلاف وقتلوا قبل ذلك قريبا من ذلك وقتل من المسلمين في هذا ليوم وما قبله من الأيام ألفان وخمسامئة رحمهم الله وساق الملمون خلف المنهزمين حتى دخلوا وراءهم مدينة الملك وهي المدائن التي فيها الايوان الكسروى . وقد غنم المسلمون من وقعة القادسية هذه من الأموال والسلاح مالا يحد ولا يوصف كثرة فحصلت الغنائم بعد صرف الأسلاب وخمست وبعث بالخمس والبشارة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه . وكان عمر رضي الله عنه يستخبر عن أمر القادسية كل من لقيه من الركبان ويخرج من المدينة إلى ناحية العراق يستنشق الخبر فبينما هو ذات يوم من الأيام إذا هو براكب يلوح من بعد فاستقبله عمر فاستخبره فقال له : فتح الله على المسلمين بالقادسية وغنموا غنائم كثيرة . جعل يحدثه وهو لا يعرف عمر وعمر ماش تحت راحلته فلما اقتربا من المدينة جعل الناس يحيون عمر بالإماره فعرف الرجل عمر فقال : يرحمك الله يأمير المؤمنين هلا أعلمتني أنك الخليفة ؟ فقل لاحرج عليك يا أخي .
تعليق