وأشرق النور
د. عمر عبدالكافي
كانت رحمة الله بالعالمين ، أن بعث فيهم الهادي الأمين ، الذي أخذ بأيدي الناس إلي صراط الله العزيز الحميد ، و لم يكن مولد الهادي صلي الله عليه و سلم ، مفاجأة للعرب و العالم ، بل كانت هناك الإرهاصات الواضحة و الكثيرة التي تبشر بمقدمه عليه الصلاة و السلام . و لهذا فلنتصفح و ننتقل إلي صفحات التاريخ لنقرأ سوياً .
عن ابن الكلبي قال: ...
لما ملك سيف بن ذي يزن أرض اليمن و قتل الحبش و أبادهم وفدت إليه أشراف العرب و رؤساؤهم ليهنئوه بما ساق الله من الظفر .
و وفد وفد قريش و كانوا خمسة من عظمائهم : عبد المطلب بن هاشم ، و أمية بن عبد شمس ، و عبد الله بن جدعان ، و خويلد بن أسيد ، و وهب بن عبد مناف بن زهرة .
فساروا حتي وافَوا مدينة صنعاء ، وسيف بن ذي يزن نازل بقصر يقال له غمدان ، و كان أحد القصور التي بنتها الجن لبلقيس بأمر سليمان ، فأناخ عبد المطلب و أصحابه و استأذنوا علي سيف فأذن لهم .
عن ابن الكلبي قال: ...
لما ملك سيف بن ذي يزن أرض اليمن و قتل الحبش و أبادهم وفدت إليه أشراف العرب و رؤساؤهم ليهنئوه بما ساق الله من الظفر .
و وفد وفد قريش و كانوا خمسة من عظمائهم : عبد المطلب بن هاشم ، و أمية بن عبد شمس ، و عبد الله بن جدعان ، و خويلد بن أسيد ، و وهب بن عبد مناف بن زهرة .
فساروا حتي وافَوا مدينة صنعاء ، وسيف بن ذي يزن نازل بقصر يقال له غمدان ، و كان أحد القصور التي بنتها الجن لبلقيس بأمر سليمان ، فأناخ عبد المطلب و أصحابه و استأذنوا علي سيف فأذن لهم .
فقال أيها الملك إن الله قد أحلك مَحلاً رفيعاً شامخاً منيعاً ، و أنبتك منبتاً طابت أرومته و عزت جرثومته ، و ثبت أصله و بسق فرعه ، في أطيب مغرس و أعذب منبت ، فأنت الملك ربيع العرب الذي إليه ملاذها ، و وردها الذي إليه معادها ، سلفك خير سلف ، و أنت لنا منهم خير خلف ، و لن يهلك الله من أنت خلفه ، و لن يخمل من أنت سلفه .
نحن أيها الملك أهل حرم الله و سدنة بيت الله ، أوفدنا إليك الذي أبهجنا من كشف الضر الذي فدحنا ، فنحن وفد التهنئة لا وفد الترزئة .
فقال سيف : أنتم قريش الأباطح ؟ قالوا نعم . قال مرحباً و أهلاً و ناقةً و رحلاً و مناخاً سهلاً ، و ملكاً سمحلاً يعطي عطاءً جزلاً ، قد سمع الملك مقالتكم و عرف فضلكم ، فأنتم أهل الشرف و الحمد و الثناء و المجد ، فلكم الكرامة ما أقمتم و الحباء الواسع إذا انصرفتم .
ثم قال لعبد المطلب : أيهم أنت ؟ قال : أنا عبد المطلب بن هاشم . قال : إياك أردت و لك حشدت ، فأنت ربيع الأنام وسيد الأقوام ، انطلقوا و أوسدوا حتي أدعو بكم ، ثم أمر بإنزالهم و إكرامهم .
فأقاموا شهراً لا يدعوهم ، حتي انتبه ذات يوم فأرسل إلي عبد المطلب : ايتني وحدك من بين أصحابك .
فأتاه فوجده مستخلياً لا أحد عنده ، فقربه حتي أجلسه معه علي سريره ، ثم قال : يا عبد المطلب إني أريد أن ألقي إليك من علمي سراً لو غيرك يكون لم أبح به إليه ، غير أني رأيتك معدنه ، فليكن عندك مصوناً حتي يأذن الله فيه بأمره ، فإن الله منجز وعده و بالغ أمره . قال عبد المطلب : أرشدك الله أيها الملك .
قال سيف : إني أجد في الكتب الصادقة و العلوم السابقة التي اخترناها لأنفسنا ، و سترناها عن غيرنا خبراً عظيماً و خطراً جسيماً فيه شرف الحياة و فخر الممات ، للعرب عامة ، و لرهطك كافة ، و لك خاصة .
فقال عبد المطلب لقد أبتُ بخير ما آب به وافد ، و لولا هيبة الملك و إعظامه لسألته أن يزيدني من سروره إياي سروراً .
فقال سيف : نبي يبعث من عقبك ، و رسول من قرنك ، اسمه أحمد و محمد و هذا زمانه الذي يولد فيه أو لعله قد ولد ، يموت أبوه و أمه ، و يكفله جده و عمه و الله باعثه جهاراً ، و جاعل له منا أنصاراً ، يعز بهم أولياؤه و يذل بهم أعداءه ، تخمد عند مولده النيران ، و يعبد الواحد المنان و يزجر الكفر و الطغيان ، و يكسر اللات و الأوثان، قوله فصل و حكمه عدل ، يأمر بالمعروف و يفعله ، و ينهي عن المنكر و يبطله .
و قال : و البيت ذي الحجب ، و الآيات و الكتب ، إنك يا عبد المطلب لجده غير كذب .
فخر عبد المطلب ساجداً . قال سيف : ارفع رأسك ، ثلج صدرك و طال عمرك ، و علا أمرك ، فهل أحسست بشىءٍ مما ذكرت لك ؟
قال عبد المطلب : نعم أيها الملك ، كان لي ابن كنت به معجباً ، فزوجته كريمة من كرائم قومي يقال لها آمنة بنت وهب ، فجاءت بغلام سميته محمداً و أحمد ، مات أبوه و أمه ، و كفلته أنا و عمه .
قال: هو هو لله أبوك ، فاحذر عليه أعداءه . و إن الله لم يجعل لهم عليه سبيلاً ، و لولا علمي أن الموت مجتاحي قبل ظهوره لسرت إليه بخيلي و رجلي حتي أجعل مدينة يثرب دار ملكي ، فإني أجد في كتب آبائي أن بيثرب استتباب أمره ، و هم أهل دعوته و نصرته ، و فيها موضع قبره ، و لولا ما أجد من بلوغه الغايات و أن أقيه الآفات و أن أدفع عنه العاهات ، لأظهرت اسمه و أوطأت العرب عقبه ، و إن أعش فسأصرف ذلك إليه .
قم فانصرف بمن معك من أصحابك . ثم أمر لكل رجل منهم بمائتي بعير و عشرة أعبد من الحبش و عشرة أرطال من الذهب و حلتين من البرود . و أمر لعبد المطلب بمثل جميع ما أمر لهم ، و قال له : يا عبد المطلب إذا شب محمد و ترعرع فاقدم علي بخبره . ثم ودعوه و انصرفوا إلي مكة .
فكان عبد المطلب يقول لا تغبطوني بكرامة الملك إياي دونكم و إن كان ذلك جزيلاً و فضل إحسانه إلي و إن كان كثيراً ، اغبطوني بأمر ألقاه إلي من شرفٍ لي و لعقيبي من بعدي . فكانوا يقولون له : ما هو ؟ فيقول : ستعرفونه بعد حين .
فمكث سيف باليمن ملكاً عدة أحوال ، و إنه ركب يوماً كنحو ما كان يركب للصيد و قد كان قد اتخذ من السودان نفراً يجهزون بين يديه بحرابهم ، فعطفوا عليه يوماً فقتلوه و بلغ كسري أنو شروان فرد إليهم هرمز و أمره أن لا يدع أسود إلا قتله .
و جاء النور بمولد سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم ) ليعم الخير ربوع العالم، و ليكون خاتماً للرسل ، فهنيئاً لنا نحن المسلمين بإسلامنا ، و هنيئاً لنا برسولنا ، و هنيئاً لمن اقتفي أثره منا ، و سار علي دربه حتي نلقاه علي حوض الكوثر بإذن الله .
تعليق