إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

" احفظ الله يحفظك "

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • " احفظ الله يحفظك "

    عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وفي رواية غير الترمذي احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك # وما أصابك لم يكن ليخطئك واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا
    الشرح
    قوله كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم أي راكبا معه قوله فقال لي يا غلام احفظ الله يحفظك قال له يا غلام لأن ابن عباس رضي الله عنهما كان صغيرا فإن النبي صلى الله عليه وسلم توفى وقد ناهز الاحتلام يعني من الخامسة عشرة إلى السادسة عشرة أو أقل فكان راكبا خلف الرسول صلى الله عليه وسلم فوجه إليه هذا النداء يا غلام احفظ الله يحفظك كلمة جليلة عظيمة احفظ الله وذلك بحفظ شرعه ودينه بأن تمتثل لأوامره وتجتنب نواهيه وكذلك بأن تتعلم من دينه ما تقوم به عبادتك ومعاملاتك وتدعو به إلى الله عز وجل لأن كل هذا من حفظ الله الله سبحانه وتعالى نفسه ليس بحاجة إلى أحد حتى يحفظه ولكن المراد حفظ دينه وشريعته كما قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم وليس المعنى تنصرون ذات الله لأن الله سبحانه وتعالى غني عن كل أحد ولهذا قال في آية أخرى ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولا يعجزونه وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إذا احفظ الله يحفظك جملة تدل على أن الإنسان كلما حفظ دين الله حفظه الله ولكن حفظه في ماذا ؟ جـ : حفظه في بدنه وحفظه في ماله وأهله وفي دينه وهذا أهم الأشياء وهو أن يسلمك من الزيغ والضلال لأن الإنسان كلما اهتدى زاده الله هدى والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم وكلما ضل والعياذ بالله فإنه يزداد ضلالا كما جاء في الحديث إن الإنسان إذا أذنب صار في قلبه نكتة سوداء فإن تاب محيت وإن أذنب ثانية انضم إليها نكتة ثانية وثالثة ورابعة حتى يطبع على قلبه نسأل الله العافية إذا يحفظك في دينك وفي بدنك ومالك وأهلك وقوله احفظ الله تجده تجاهك وفي لفظ آخر تجده أمامك احفظ الله أيضا بحفظ شريعته بالقيام بأمره واجتناب نهيه تجده تجاهك وأمامك ومعناهما واحد يعين تجد الله أمامك يدلك على كل خير ويذود عنك كل شر ولاسيما إذا حفظت الله بالاستعانة به فإن الإنسان إذا استعان بالله وتوكل على الله كان الله حسبه وكافيه ومن كان الله حسبه فإنه لا يحتاج إلى أحد بعد الله قال الله يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين أي وحسب من اتبعك من المؤمنين وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله فإذا كان الله حسب الإنسان أي كافيه فإنه لن يناله سوء ولهذا قال احفظ الله تجده تجاهك أو تجده أمامك ثم قال له إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله أي لا تعتمد على أحد مخلوق مثلا إنسان فقير ليس عنده مال يسأل الله يقول اللهم ارزقني اللهم هيء لي رزقا فيأتيه الرزق من حيث لا يحتسب لكن لو سأل الناس فربما يعطونه أو يمنعونه ولهذا جاء في الحديث لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب ثم يبيعه لكان خيرا له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه فكذلك أنت إذا سألت فاسأل الله قل اللهم ارزقني اللهم أغنني بفضل عمن سواك وما أشبهه من الكلمات التي تتجه بها إلى الله عز وجل وكذلك أيضا إذا استعنت فاستعن بالله الاستعانة طلب العون فلا تطلب العون من أي إنسان إلا للضرورة القصوى ومع ذلك إذا اضطررت إلى الاستعانة بالمخلوق فاجعل ذلك وسيلة وسببا لا ركنا تعتمد عليه اجعل الركن الأصيل هو الله عز وجل وفي هاتين الجملتين دليل على أنه من نقص التوحيد أن الإنسان يسأل غير الله ولهذا تكره المسألة لغير الله عز وجل في قليل أو كثير والله سبحانه إذا أراد عونك يسر لك العون سواء كان أسباب معلومة أو غير معلومة قد يعينك الله بسبب غير معلوم لك فيدفع عنك من الشر ما لا طاقة لأحد به وقد يعينك الله على يد أحد من الخلق يسخره لك ويذلله لك حتى يعينك ولكن مع ذلك لا يجوز لك إذا أعانك الله على يد أحد أن تنسى المسبب وهو الله عز وجل كما يفعله بعض الجهلة الآن لما استعانت الدولة بالكفار وما علموا أنهم أعداء لهم سواء أعانوهم أم لا هم أعداء لكم إلى يوم القيامة ولا يجوز لأحد أن يواليهم أو يناصرهم أو يدعو لهم كما سمعنا من بعض العامة الجهال يقول سوف نضحي لفلان وفلان من الكفرة والعياذ بالله ونسمي أبناءنا بأسمائهم نسأل الله العافية وندعو لهم هم لولا أن الله سخرهم وذللهم لكم ما نفعوكم بشيء النافع الضار هو الله وهو الذي يسرهم وسخرهم ليعينوكم ويدافعوا عنكم وهو من تسخير الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين أن يسخر لهم كفارا يذودون عنهم كما جاء في الحديث إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر فيجب علينا أن لا ننسى فضل الله الذي سخرهم لنا ويجب علينا أن ننبه العامة إذا سمعنا أحدا يركن إليهم ويقول هم الذين نصرونا مائة بالمائة وهم الأول والآخر فيجب علينا أن نبين لهم أن هذا خلل في التوحيد والله أعلم وقوله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك فبين النبي عليه الصلاة والسلام في هذه الجملة أن الأمة لو اجتمعت كلها على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك فإذا وقع منهم نفع لك فاعلم أنه من الله لأنه هو الذي كتبه فلم يقل النبي صلى الله عليه وسلم لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك بل قال لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك فالناس بلا شك ينفع بعضهم بعضا ويساعد بعضهم بعضا لكن كل هذا مما كتبه الله للإنسان فالفضل لله فيه أولا عز وجل هو الذي سخر لك من ينفعك ويحسن إليك ويزيل كربتك وكذلك بالعكس لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك والإيمان بهذا يستلزم أن يكون الإنسان متعلقا بربه ومتكلا عليه لا يهتم بأحد لأنه يعلم أنه لو اجتمع كل الخلق على أن يضروه بشيء لم يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه وحينئذ يعلق رجاءه بالله ويعتصم به ولا يهمه الخلق ولو اجتمعوا عليه ولهذا نجد الناس في سلف هذه الأمة لما اعتمدوا على الله وتوكلوا عليه لم يضرهم كيد الكائدين ولا حسد الحاسدين وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط ثم قال عليه الصلاة والسلام رفعت الأقلام وجفت الصحف يعني أن ما كتبه الله فقد انتهى ورفع والصحف جفت من المداد ولم يبق مراجعة فما أصابك لم يكن ليخطئك كما في اللفظ الثاني وما أخطأك لم يكن ليصيبك وفي اللفظ الثاني قال واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا يعني اعلم علم يقين أن النصر مع الصبر فإذا صبرت وفعلت ما أمرك الله به من وسائل النصر فإن الله تعالى ينصرك والصبر هنا يشمل الصبر على طاعة الله وعن معصيته وعلى أقداره المؤلمة لأن العدو يصيب الإنسان من كل جهة فقد يشعر الإنسان أنه لن يطيق عدوه فيستحسر ويدع الجهاد وقد يشرع في الجهاد ولكن إذا أصابه الأذى استحسر وتوقف وقد يستمر ولكنه يصيبه الألم من عدوه فهذا أيضا يجب أن يصبر عليه قال الله إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وقال تعالى ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما فإذا صبر الإنسان وصابر ورابط فإن الله سبحانه ينصره وقوله واعلم أن الفرج مع الكرب كلما اكتربت الأمور وضاقت فإن الفرج قريب لأن الله عز وجل يقول في كتابه أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون فكلما اشتدت الأمور فانتظر الفرج من الله سبحانه وتعالى وقوله وإن مع العسر يسرا فكل عسر فبعده يسر بل أن العسر محفوف بيسرين يسر سابق ويسر لاحق قال الله تعالى ورفعنا لك ذكرك فإن مع العسر يسرا وقال ابن عباس رضي الله عنهما لن يغلب عسر يسرين فهذا الحديث الذي أوصى به عبد الله بن عباس ينبغي للإنسان أن يكون على ذكر له دائما وأن يعتمد على هذه الوصايا النافعة التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما والله الموفق
    التعديل الأخير تم بواسطة لؤلؤة باسلامي; الساعة 09-08-2013, 12:57 PM.
    نسألكم الدعاء
    اذكر الله ^_^



  • #2
    رد: " احفظ الله يحفظك "

    نفع الله بك اخي الحبيب على هذا الموضوع الطيب المبارك وجعله الله في ميزان حسناتك
    "إذا وجدت الأيام تمر عليك ، و ليس لكتاب الله حظ من أيامك و ساعات ليلك و نهارك ، فابك على نفسك ، و اسأل الله العافية، و انطرح بين يدي الله منيبا مستغفرا ، فما ذلك إلا لذنب بينك و بين الله ، فوالله ما حرم عبد الطاعة إلا دل ذلك على بعده من الله عز وجل"

    تعليق


    • #3
      رد: " احفظ الله يحفظك "

      اللهم آمين
      جزاكم الله خيرا
      نسألكم الدعاء
      اذكر الله ^_^


      تعليق


      • #4
        شرح حديث(احفظ الله يحفظك)

        أترككم مع شرح هذا الحديث العظيم

        احفظ الله يحفظك
        عن أبي العباس عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ:" يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الأمة لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلاَمُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ" رواه الترمذي ، وأحمد ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (7957) .

        فهذا الحديث يتضمن وصايا عظيمة وقواعد كلية من أهم أمور الدين ، حتى قال بعض العلماء : تدبرت هذا الحديث فأدهشني وكدت أطيش . وقال بعض السلف : إذا أردت أن توصي صاحبك أو أخاك أو أبنك فقل له : أحفظ الله يحفظك . وقال سليمان بن داود عليهما السلام : تعلمنا مما تعلم الناس ومما لم يتعلم الناس فما وجدنا كحفظ الله في السر والعلن .فوا أسفا من الجهل بهذا الحديث وقلة التفهم لمعناه .
        * قوله صلي الله عليه وسلم "أحفظ الله يحفظك" أي : أحفظ حدوده وحقوقه وأوامره ونواهيه ، وحفظ ذلك هو الوقوف عند أوامره بالامتثال وعند نواهيه بالاجتناب وعند حدوده فلا يتجاوز ما أمر به وأذن فيه إلي ما نهي عنه وحّذر منه ؛ فمن فعل ذلك فهو من الحافظين لحدود الله الذين مدحهم الله في كتابه ، وقال تعالي :" هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ؛ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ" ففسر الحفيظ في الآية بالحافظ لأوامر الله ، ومن أعظم ما يجب حفظه من أوامر الله الصلاة ، وقد أمر الله بالمحافظة عليها فقال :"حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى" ومدح المحافظين عليها بقوله :" وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ" . وكذلك الطهارة فإنها مفتاح الصلاة ، قال النبي صلي الله عليه وسلم :"وَلاَ يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلاَّ مُؤْمِن ٌ"صحيح رقم (952) في صحيح الجامع. ومما يُؤمّر بحفظه الأيّمان ، قال الله عز وجل :" وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ " والأيّمان : هو ما سبق اللسان من غير قصد كقول الإنسان : لا والله ، وبلي والله . فإن الأيّمان يقع الناس فيها كثيراً ويُهمل كثيرٌ منهم ما يجب حفظه فلا يحفظه ولا يلتزمه . ومن الأشياء المأمورين بحفظها الرأس والبطن كما في الحديث الذي حسنه شيخنا الألباني برقم (935) في السلسلة الصحيحة أنه صلي الله عليه وسلم قال : "فليحفظ الرأس وما وعي وليحفظ البطن وما حوى" وحفظ الرأس وما وعي يدخل فيه حفظ السمع والبصر واللسان من المحرمات قال تعالي :"إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً " وحفظ البطن وما حوى يتضمن حفظ القلب عن الإصرار علي ما حرم الله ، ويتضمن أيضا حفظ البطن من إدخال الحرام إليها من المآكل والمشارب . ومن أعظم ما يجب حفظه من نواهي الله عز وجل اللسان والفرج ؛ فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنه صلي الله عليه وسلم قال :" من حفظ ما بين لحييه (اللسان) ورجليه (الفرج) دخل الجنة" صحيح أنظر صحيح الجامع برقم (140) . والأمثلة علي ذلك كثيرة .
        * وقوله صلي الله عليه وسلم "يحفظك" أي من حفظ حدوده وراعي حقوقه حفظه الله فإن الجزاء من جنس العمل ، وحفظ الله لعبده يدخل فيه نوعان : أحدهما حفظه له في مصالح دنياه كحفظه في بدنه وولده وأهله وماله ؛ قال عمر بن عبد العزيز :" ما من مؤمن يموت إلا حفظه الله في عقبه وعقب عقبه"، وقال ابن المنكدر :" إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده وولد ولده والدّويّرات التي حوله فما يزالون في حفظ من الله وستر". ومتي كان العبد مشتغلا بطاعة الله فإن الله يحفظه في تلك الحال ؛ قال بعض السلف : من أتقي الله فقد حفظ نفسه ، ومن ضيّع تقواه فقد ضيّع نفسه والله غني عنه . قال بعض السلف :" إني لأعصى الله فأعرف ذلك في خلق خادمي ودآبتي .
        النوع الثاني من الحفظ وهو أشرف النوعين : حفظ الله للعبد في دينه وإيمانه ؛ فيحفظه في حياته من الشبهات المضّلة ومن الشهوات المحّرمة ، ويحفظه عند موته فيتوفاه علي الأيمان .
        * وقوله صلي الله عليه وسلم "أحفظ الله تجده تجاهك" معناه أن من حفظ حدود الله وراعي حقوقه وجد الله معه في كل أحواله حيث يتوجه يحوطه وينصره ويّوفقه ويُسدّده "إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ" قال قتاده :" من يتقي الله يكن معه ، ومن يكن الله معه فمعه الفئة التي لا تُغلب ، والحارس الذي لا ينام ، والهادي الذي لا يضل". بل كتب بعض السلف إلي أخ له فقال :" أما بعد ، فإن كان الله معك فمن تخاف ؟؟ وإن كان عليك فمن ترجو ؟؟؟
        * قوله صلي الله عليه وسلم "إذا سألت فأسأل الله ، وإذا استعنت فأستعن بالله" هذا مُقتبسٌ من قوله تعالي "إياك نعبد وإياك نستعين" فإن السؤال هو دعاؤه والرغبة إليه ، والدعاء هو العبادة كما في الحديث الصحيح عن النعمان بن بشير رضي الله عنه برقم (3407) في صحيح الجامع.فتضمن هذا الكلام أن يُسأل الله عز وجل وحده ولا يُسأل غيره ، وأن يُستعان بالله دون غيره .
        وقال صلي الله عليه وسلم :" من لم يسأل الله يغضب عليه" صحيح ، أنظر صحيح الجامع (2418) ، وفي النهي عن مسألة المخلوقين أحاديث كثيرة صحيحة ، وقد بايع النبي صلي الله عليه وسلم جماعة من أصحابه علي أن لا يسألوا الناس شيئاً ومنهم : أبو بكر وأبو ذر وثوبان رضي الله عنهم أجمعين ، وكان أحدهم يسقط السوط منه وهو علي نآقته فلا يسأل أحد أن يناوله إياه .
        وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلي الله عليه وسلم :"فَإِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفُ اللَّيْلِ نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا جَلَّ وَعَزَّ فَقَالَ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأُجِيبَهُ "
        وأعلم أن سؤال الله عز وجل دون خلقه هو المُتعيّن ، لأن السؤال فيه إظهار الذل من السائل والمسكنة والحاجة والافتقار ، وفيه الاعتراف بقدرة المسئول علي رفع هذا الضر ونيل المطلوب وجلب المنافع ودرء المضآر ، ولا يصلح الذل والافتقار إلا لله وحده العزيز الغفار لأنه حقيقة العبادة ، وكان الإمام أحمد بن حنبل يدعو ويقول :" اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك فصنه عن المسألة لغيرك ؛ ولا يقدر علي كشف الضر وجلب النفع سواك ".
        فأعلم أن الله سبحانه يُحب أن يُسأل ، والمخلوق يكره أن يُسأل ، ولهذا قال وهب بن مُنبه لرجل كان يأتي الملوك :" ويحك تأتي من يُغلق عنك بابه ويُظهر لك فقره ويُواري عنك غناه ، وتدع من يفتح لك بابه نصف الليل ونصف النهار،ويُظهر لك غناه،ويقول ادعني أستجب لك ؟؟
        وقال طاووس لعطاء : إياك أن تطلب حوائجك إلي من أغلق دونك بابه ويجعل دونها حجابه ، وعليك بمن بابه مفتوح إلي يوم القيامة أمرك أن تسأله ، ووعدك أن يُجيبك .
        وأما الاستعانة بالله عز وجل دون غيره من الخلق ، فلأن العبد عاجز عن جلب مصالحه ودفع مضآره ، ولا مُعين له علي مصالح دينه ودنياه إلا الله عز وجل ، فمن أعانه فهو المُعان ومن خذله فهو المخذول ، وهذا تحيق قول لا حول ولا قوة إلا بالله ، فإن المعني لا تحوّل للعبد من حال إلي حال ولا قوة له علي ذلك إلا بالله ، وهذه الكلمة هي كنز من كنوز الجنة ، فالعبد مُحتاج إلي الاستعانة بالله في فعل المأمورات وترك المحظورات والصبر علي المقدورات كلها في الدنيا وعند الموت وبعده من أهوال البرزخ ويوم القيامة ، ولا يقدر علي الإعانة علي ذلك إلا الله عز وجل ، فمن حقق الاستعانة عليه في ذلك كله أعانه .قال بعض السلف :" يارب عجبت لمن يعرفك كيف يرجو غيرك ، وعجبت لمن يعرفك كيف يستعين بغيرك .
        * قوله صلي الله عليه وسلم "رُفعت الأقلام وجفت الصحف" هو كناية عن تقدم كتابة المقادير كلها والفراغ منها من أمد بعيد ، فإن مقادير الخلائق قد كُتبت قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ، كما في صحيح مسلم .
        * قوله صلي الله عليه وسلم "وأعلم أن الأمة لو اجتمعت علي أن ينفعوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا علي أن يضروك بشيء ؛ لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك " المراد : إنما يُصيب العبد في دنياه مما يضره أو ينفعه فكله مُقدّر عليه ، ولا يُصيب العبد إلا ما كُتب له من مقادير ذلك في الكتاب السابق ، ولو أجتهد علي ذلك الخلق كلهم جميعا. وقد قال تعالي :" قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا" وقال :" مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا" وقوله :" قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ "
        وأعلم أن مدار جميع هذه الوصية علي هذا الأصل وما ذُكر قبله وبعده فهو مُتفرع عليه وراجع إليه ، فإن العبد إذا علم أنه لن يُصيبه إلا ما كتب الله له من خير وشر ونفع وضر وأن اجتهاد الخلق كلهم علي خلاف المقدور غير مُفيد البتة علم حينئذٍ أن الله وحده هو الضآر النافع المعطي المانع ، فأوجب ذلك للعبد توحيد ربه عز وجل وإفراده بالطاعة وحفظ حدوده ، فإن المعبود إنما يُقصد بعبادته جلب المنافع ودفع المضآر ، ولهذا ذم الله من يعبد من لا ينفع ولا يضر ولا يُغني عن عابده شيئاً فمن يعلم أنه لا ينفع ولا يضر ولا يُعطي ولا يمنع غير الله أوجب له ذلك إفراده بالخوف والرجاء والمحبة والسؤال والتضرع والدعاء وتقديم طاعته علي طاعة الخلق جميعاً ، وأن يتقي سخطه ولو كان فيه سخط الخلق جميعاً ، وأن يُفرده وحده بالاستعانة به والسؤال له وإخلاص الدعاء له في حال الشدة وحال الرخاء ، وليكن لسان حاله في كل وقت من أوقاته قائلاً : اللهم إني أبرأ من الثقة إلا بك ، وأبرأ من الأمل إلا فيك ، وأبرأ من التسليم إلا لك ، وأبرأ من التفويض إلا إليك ، وأبرأ من التوكل إلا عليك ، وأبرأ من الصبر إلا علي بابك ، وأبرأ من الذل إلا في طاعتك ، وأبرأ من الرهبة إلا لجلالك العظيم ، اللهم تتابع برك ، وأتصل خيرك ، وكمل عطائك ، وعمت فواضلك ، وتمت نوافلك ، وبر قسمك ، وصدق وعدك ، وحق علي أعدائك وعيدك ووعدك . وصلي الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم الهم تسليماً كثيرا.


        التعديل الأخير تم بواسطة الأمير قطز; الساعة 21-04-2011, 10:37 PM. سبب آخر: تعديل أخطاء بسيطه وتعديل العنوان


        تعليق


        • #5
          رد: شرح الحديث

          نفع الله بكم وأحسن اليكم
          "إذا وجدت الأيام تمر عليك ، و ليس لكتاب الله حظ من أيامك و ساعات ليلك و نهارك ، فابك على نفسك ، و اسأل الله العافية، و انطرح بين يدي الله منيبا مستغفرا ، فما ذلك إلا لذنب بينك و بين الله ، فوالله ما حرم عبد الطاعة إلا دل ذلك على بعده من الله عز وجل"

          تعليق


          • #6
            رد: شرح الحديث

            سبحان الخالق العظيم الذى بعث رسول رب العالمين

            ماشاء الله كم هو رائع ذاك الحديث بل وكل الأحاديث
            كأنه يخاطب الأمة الآن
            أختيار موفق
            مشكورةأختنا الكريمة

            جزاكم الله خيرا ونفع بكم

            اللهم قدر لنا الخير حيثما كان
            اللهم احفظ ابنتى واعنا على تربيتها تربية صالحة مصلحة حاملة لكتابك ومطبقة لشرعك
            اللهم احفظ زوجى من كل سوء والف بين قلوبنا واجعله قره عين لى واجعلنى قرة عينا له
            وبارك اللهم في أهلى ورفيقاتى واحفظهم من كل سوء

            تعليق


            • #7
              رد: شرح الحديث

              وخيرا جزاكم وبارك الله فيكم


              تعليق


              • #8
                رد: شرح حديث(احفظ الله يحفظك)

                جزاكم الله خيرا

                تعليق

                يعمل...
                X