السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله وبارك فيكم
إجابة المشاركة رقم () من صندوق فتاوى علوم الحديث بقسم حبيبي يا رسول الله
الحمد لله:
تأصيل...
1- لعل الفائدة تكتمل بمشيئة الله لو اطلعت أخي السائل على الموضوع التالي:
مختلف الحديث وطرق الترجيح بينها (دفاعا عن السنة)
2- يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
الكتاب والسنة والإجماع، فمدلول الثلاثة واحد،
فإن كل ما في الكتاب فالرسول صلى الله عليه وسلم موافق له، والأمة مجمعة عليه من حيث الجملة، فليس في المؤمنين إلاَّ من يوجب اتباع الكتاب، وكذلك كل ما في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، كالقرآن يأمر باتباعه فيه، والمؤمنون مجمعون على ذلك.
وكذلك كل ما أجمع عليه المسلمون فإنه لا يكون إلا حقًا موافقًا لما في الكتاب والسنة، لكن المسلمون يتلقون دينهم كله عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأما الرسول صلى الله عليه وسلم فينزل عليه وحي القرآن ووحي آخر هو الحكمة، كما قال صلى الله عليه وسلم : "ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه". ولا يوجد مسألة ينعقد الإجماع عليها إلا وفيها نص. (مجموع الفتاوى: 19-195)
فأدلة الشرع حق والحق لا يتناقض، بل يصدق بعضه بعضًا .. وكذا لا يوجد تعارض بين الأدلة الشرعية والعقل، بل إن العقل الصريح موافق للنقل الصحيح، إذ أن خالق هذا العقل هو الذي أنزل الشرع: " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير " {الملك - 14} (مجموع الفتاوى- ابن تيمية)
فإذا كان الشرع مبرأً من التناقض (التعارض الكلي)، فمن أين إذًا ينشأ التعارض؟
يوجد التعارض لأحد هذه الأمور الثلاثة:
الأول: القصور في العلم.
الثاني: القصور في الفهم.
الثالث: التقصير في التدبر.
(شرح الأصول: لابن عثيمين)
3- لنفهم الحديثين أولا ثم نسأل أنفسنا هل هناك تعارض ولو في ظاهر الألفاظ أم أن لكل حديث مخرج ومفهوم ولكل متعارضين ظاهريا ترجيح عند أهل العلم
ولا تعارض حقيقي بين القرآن والقرآن أو القرآن والسنة أو القرآن والعقل أو السنة والسنة أو السنة والعقل ونتحدى بفضل الله من يأت بذلك إذ كيف يتعارض وحيان صحيحان
الحديث الأول:
والذي ذكرته بلفظ ( إن العبد ليتكلم بالكلمة ، ما يتبين فيها ، يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق ) هو عند البخاري ومسلم بلفظ أحدهما
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ) البخاري (5996) ومسلم (5304).
يدلنا على أن للكلمة شأن عظيم في دين الله عز وجل ؛ إذ بكلمة يقولها العبد يرفعه الله بها درجات ، وبكلمة أيضا يهوي بها في جهنم .
قال الله تعالى : ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ق/18.
وقد روى الترمذي في سننه (2241) وصححه ، عن بِلَال بْن الْحَارِثِ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ . وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ ، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ ) .
وهذا وغيره يدل على ضرورة حفظ اللسان بقصد أو بغير قصد ولو على سبيل المداعبة وبخاصة في الكلمات التي قد تدل على الكفر عياذا بالله فقد روى النسائي (3712) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ الْإِسْلَامِ فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا لَمْ يَعُدْ إِلَى الْإِسْلَامِ سَالِمًا ) .
انظر إلى دقة العبارة
(... فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا لَمْ يَعُدْ إِلَى الْإِسْلَامِ سَالِمًا )
ولنقرب المسألة قليلا بما جاء في فتاوى الإسلام سؤال وجواب عن التلفظ بالكفر على سبيل المثال وما دون ذلك يفهم بالقياس:
قال الشيخ المنجد حفظه الله:
والعلماءُ يقولون :
عندَ ظهورِ لفظِ الكفرِ يُحكَمُ بالردةِ (إن كان يعلم معنى الكلمة) ، ولا يُسأل عن نيته ، كما قالَ تعالى :
( وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ) التوبة/65 .
فأخبرَ سبحانَه أنهم كفروا بعدَ إيمانهم ، مع قولِهم : إنا تكلمنا من غيرِ اعتقاد ، بل كنَّا نخوض ونلعب .
قال ابنُ نُجَيم :
" إنَّ من تكلَّمَ بكلمةِ الكفرِ هازلا أو لاعبًا كفرَ عند الكلِّ ، ولا اعتبارَ باعتقادِه " انتهى .
"البحر الرائق" (5/134) ، وانظر : "نواقض الإيمان القولية والعملية" (ص95) .
وقال الشيخُ ابنُ عثيمين :
" وإن أتى بقولٍ يُخرجُه عن الإسلامِ ، مثلَ أن يقول : هو يهوديٌّ أو نصرانيٌّ أو مجوسيٌّ أو بريءٌ من الإسلام ، أو من القرآنِ أو النبيِّ عليه الصلاةُ والسلامُ فهو كافرٌ مرتدٌ ، نأخذه بقولِه هذا " انتهى .
طيب وماذا يفعل من وقع في مثل هذا وهل تقبل توبته إن تاب نقول وبالله التوفيق هذا ما نترك إجابته لأرباب العلم
فقد سئلَ الشيخُ الفوزانُ السؤالَ التالي :
ما الحكمُ فيمن ارتدَّ عن الإسلامِ ثم عاد إليه ، هل يعيدُ ما فاتُه من أعمالٍ من أركانِ الإسلامِ ، كالحجِّ والصومِ والصلاةِ ، أم تكفي توبتُه وعودتُه إلى الإسلامِ ؟
فأجابَ :
" الصحيحُ من قولي العلماء : أن المرتدَّ إذا عادَ إلى الإسلامِ ، ودخلَ في الإسلامِ مرةً أخرى تائبًا منيبًا للهِ تعالى ، فإنه لا يعيدُ الأعمالَ التي أدَّاها قبلَ الردةِ ؛ لأنَّ اللهَ سبحانَه وتعالى اشترطَ لحبوطِ الأعمالِ بالردَّةِ أن يموتَ الإنسانُ عليها .
قالَ تعالى : ( وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة/217 .
فَشَرَطَ لحبوطِ الأعمالِ استمرارَ الإنسانِ على الردةِ حتى يموتَ الإنسانُ عليها ، فدلت الآيةُ بمفهومِها على أنَّ الإنسانَ لو تابَ فإنَّ أعمالَه التي أدَّاها قبلَ الردةِ تكونُ صحيحةً ومُجزيةً إن شاءَ الله تعالى " انتهى .
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (5/429) .
إذن الحديث المذكور إنما ينطبق على من لم يتب إلى الله توبة نصوحا مقبولة عند الله
وأما الحديث أو الأثر الثاني:
(عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) فإن ضعفه بعض أهل العلم فإن فريقا منهم قد حسنوه بمجموع طرقه لكن معناه صحيح وهو ما يجعلنا نبحث المسألة فإن كان لا تعارض بين الحديثين فلا تعارض أيضا بين الحديث الصحيح والعقل الصريح ولعل الموضوع الذي رفعته لك في مسألة التعارض فيه الكفاية بفضل الله وما أنا إلا ناقل علم.
إزالة التعارض من وجهة نظر السائل علمنا الله وإياه
ولا تعارض بفضل الله فهذا الحديث يتكلم عن الخطأ وعن النسيان والاستكراه ولا علاقة لها جميعا بالحديث الأول فالحديث الأول يشير إلى شخص تعمد الفعل المحرم وأصر عليه فكان جزاؤه ما ذكر وإن تاب شملته الأحاديث والآيات التي تتحدث عن غفران الذنوب جميعا وبخاصة في زمن الإمكان ما لم يغرغر العبد أو تطلع الشمس من مغربها
ولم يرد فيه ذكر الخطأ أو النسيان أو الاستكراه فجميعها متجاوز عنها شرعا بالأدلة الثابتة الصحيحة،
ولعل ما أشكل عليك أخي الحبيب هو لفظة الخطأ وما ذكرناه من كلام أهل العلم وضح بما لا يدع مجالا للشك الفارق الواضح بين الخطأ أو بمعنى أصح المعصية أو الكلمة المحرمة في الحديث الأول والخطأ غير المقصود في الحديث الثاني
والله أعلم
الخلاصة:
لا تعارض بين الحديثين لاختلاف مخرجهما ودلا لتهما
فإن صح الحديث الثاني فلا تعارض بين الحديثين
وإن صح معناه فقط فلا تعارض بين الحديث الأول والعقل
حياكم الله وبارك فيكم
إجابة المشاركة رقم () من صندوق فتاوى علوم الحديث بقسم حبيبي يا رسول الله
2 - كيف نفهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم : إن العبد ليتكلم بالكلمة ، ما يتبين فيها ، يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6477
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
فى ظل حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم : عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه
الراوي: - المحدث: ابن حزم - المصدر: المحلى - الصفحة أو الرقم: 8/35
خلاصة حكم المحدث: صحيح
خلاصة حكم المحدث: صحيح
أريد أن أفهم ألا يدل الحديث الأول على أن المسلم أخطأ ؟؟؟ ... فكيف نستطيع التوفيق بين الحديثين بارك الله فيك ... وللأمانة أن الأخير ضعفه وأنكره الكثير من المحدثين كالإمام أحمد وقال فيه [منكر جدا] ليس يروى هذا إلا عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذا الدارقنطى والرازى وابن عدي ، لكن صححه ابن حزم فى أكثر من موضع والنووي كذلك فى المجموع - الصفحة أو الرقم: 8/450 وابن تيمية ومحمد بن عبد الهادى وغيرهم - على اختلاف بعض الروايات وبعض الرجال أيضاً - ومنهم من سكت عنه وأرسله ... فنرجوا الإفادة نفعنا الله بك .. وإن ثبت أن الحديث ضعيف فيكفينى التضعيف فقط نفعنا الله بك ...
الحمد لله:
1- لعل الفائدة تكتمل بمشيئة الله لو اطلعت أخي السائل على الموضوع التالي:
مختلف الحديث وطرق الترجيح بينها (دفاعا عن السنة)
2- يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
الكتاب والسنة والإجماع، فمدلول الثلاثة واحد،
فإن كل ما في الكتاب فالرسول صلى الله عليه وسلم موافق له، والأمة مجمعة عليه من حيث الجملة، فليس في المؤمنين إلاَّ من يوجب اتباع الكتاب، وكذلك كل ما في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، كالقرآن يأمر باتباعه فيه، والمؤمنون مجمعون على ذلك.
وكذلك كل ما أجمع عليه المسلمون فإنه لا يكون إلا حقًا موافقًا لما في الكتاب والسنة، لكن المسلمون يتلقون دينهم كله عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأما الرسول صلى الله عليه وسلم فينزل عليه وحي القرآن ووحي آخر هو الحكمة، كما قال صلى الله عليه وسلم : "ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه". ولا يوجد مسألة ينعقد الإجماع عليها إلا وفيها نص. (مجموع الفتاوى: 19-195)
فأدلة الشرع حق والحق لا يتناقض، بل يصدق بعضه بعضًا .. وكذا لا يوجد تعارض بين الأدلة الشرعية والعقل، بل إن العقل الصريح موافق للنقل الصحيح، إذ أن خالق هذا العقل هو الذي أنزل الشرع: " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير " {الملك - 14} (مجموع الفتاوى- ابن تيمية)
فإذا كان الشرع مبرأً من التناقض (التعارض الكلي)، فمن أين إذًا ينشأ التعارض؟
يوجد التعارض لأحد هذه الأمور الثلاثة:
الأول: القصور في العلم.
الثاني: القصور في الفهم.
الثالث: التقصير في التدبر.
(شرح الأصول: لابن عثيمين)
3- لنفهم الحديثين أولا ثم نسأل أنفسنا هل هناك تعارض ولو في ظاهر الألفاظ أم أن لكل حديث مخرج ومفهوم ولكل متعارضين ظاهريا ترجيح عند أهل العلم
ولا تعارض حقيقي بين القرآن والقرآن أو القرآن والسنة أو القرآن والعقل أو السنة والسنة أو السنة والعقل ونتحدى بفضل الله من يأت بذلك إذ كيف يتعارض وحيان صحيحان
الحديث الأول:
والذي ذكرته بلفظ ( إن العبد ليتكلم بالكلمة ، ما يتبين فيها ، يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق ) هو عند البخاري ومسلم بلفظ أحدهما
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ) البخاري (5996) ومسلم (5304).
يدلنا على أن للكلمة شأن عظيم في دين الله عز وجل ؛ إذ بكلمة يقولها العبد يرفعه الله بها درجات ، وبكلمة أيضا يهوي بها في جهنم .
قال الله تعالى : ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ق/18.
وقد روى الترمذي في سننه (2241) وصححه ، عن بِلَال بْن الْحَارِثِ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ . وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ ، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ ) .
وهذا وغيره يدل على ضرورة حفظ اللسان بقصد أو بغير قصد ولو على سبيل المداعبة وبخاصة في الكلمات التي قد تدل على الكفر عياذا بالله فقد روى النسائي (3712) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ الْإِسْلَامِ فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا لَمْ يَعُدْ إِلَى الْإِسْلَامِ سَالِمًا ) .
انظر إلى دقة العبارة
(... فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا لَمْ يَعُدْ إِلَى الْإِسْلَامِ سَالِمًا )
ولنقرب المسألة قليلا بما جاء في فتاوى الإسلام سؤال وجواب عن التلفظ بالكفر على سبيل المثال وما دون ذلك يفهم بالقياس:
قال الشيخ المنجد حفظه الله:
والعلماءُ يقولون :
عندَ ظهورِ لفظِ الكفرِ يُحكَمُ بالردةِ (إن كان يعلم معنى الكلمة) ، ولا يُسأل عن نيته ، كما قالَ تعالى :
( وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ) التوبة/65 .
فأخبرَ سبحانَه أنهم كفروا بعدَ إيمانهم ، مع قولِهم : إنا تكلمنا من غيرِ اعتقاد ، بل كنَّا نخوض ونلعب .
قال ابنُ نُجَيم :
" إنَّ من تكلَّمَ بكلمةِ الكفرِ هازلا أو لاعبًا كفرَ عند الكلِّ ، ولا اعتبارَ باعتقادِه " انتهى .
"البحر الرائق" (5/134) ، وانظر : "نواقض الإيمان القولية والعملية" (ص95) .
وقال الشيخُ ابنُ عثيمين :
" وإن أتى بقولٍ يُخرجُه عن الإسلامِ ، مثلَ أن يقول : هو يهوديٌّ أو نصرانيٌّ أو مجوسيٌّ أو بريءٌ من الإسلام ، أو من القرآنِ أو النبيِّ عليه الصلاةُ والسلامُ فهو كافرٌ مرتدٌ ، نأخذه بقولِه هذا " انتهى .
طيب وماذا يفعل من وقع في مثل هذا وهل تقبل توبته إن تاب نقول وبالله التوفيق هذا ما نترك إجابته لأرباب العلم
فقد سئلَ الشيخُ الفوزانُ السؤالَ التالي :
ما الحكمُ فيمن ارتدَّ عن الإسلامِ ثم عاد إليه ، هل يعيدُ ما فاتُه من أعمالٍ من أركانِ الإسلامِ ، كالحجِّ والصومِ والصلاةِ ، أم تكفي توبتُه وعودتُه إلى الإسلامِ ؟
فأجابَ :
" الصحيحُ من قولي العلماء : أن المرتدَّ إذا عادَ إلى الإسلامِ ، ودخلَ في الإسلامِ مرةً أخرى تائبًا منيبًا للهِ تعالى ، فإنه لا يعيدُ الأعمالَ التي أدَّاها قبلَ الردةِ ؛ لأنَّ اللهَ سبحانَه وتعالى اشترطَ لحبوطِ الأعمالِ بالردَّةِ أن يموتَ الإنسانُ عليها .
قالَ تعالى : ( وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة/217 .
فَشَرَطَ لحبوطِ الأعمالِ استمرارَ الإنسانِ على الردةِ حتى يموتَ الإنسانُ عليها ، فدلت الآيةُ بمفهومِها على أنَّ الإنسانَ لو تابَ فإنَّ أعمالَه التي أدَّاها قبلَ الردةِ تكونُ صحيحةً ومُجزيةً إن شاءَ الله تعالى " انتهى .
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (5/429) .
إذن الحديث المذكور إنما ينطبق على من لم يتب إلى الله توبة نصوحا مقبولة عند الله
وأما الحديث أو الأثر الثاني:
(عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) فإن ضعفه بعض أهل العلم فإن فريقا منهم قد حسنوه بمجموع طرقه لكن معناه صحيح وهو ما يجعلنا نبحث المسألة فإن كان لا تعارض بين الحديثين فلا تعارض أيضا بين الحديث الصحيح والعقل الصريح ولعل الموضوع الذي رفعته لك في مسألة التعارض فيه الكفاية بفضل الله وما أنا إلا ناقل علم.
إزالة التعارض من وجهة نظر السائل علمنا الله وإياه
ولا تعارض بفضل الله فهذا الحديث يتكلم عن الخطأ وعن النسيان والاستكراه ولا علاقة لها جميعا بالحديث الأول فالحديث الأول يشير إلى شخص تعمد الفعل المحرم وأصر عليه فكان جزاؤه ما ذكر وإن تاب شملته الأحاديث والآيات التي تتحدث عن غفران الذنوب جميعا وبخاصة في زمن الإمكان ما لم يغرغر العبد أو تطلع الشمس من مغربها
ولم يرد فيه ذكر الخطأ أو النسيان أو الاستكراه فجميعها متجاوز عنها شرعا بالأدلة الثابتة الصحيحة،
ولعل ما أشكل عليك أخي الحبيب هو لفظة الخطأ وما ذكرناه من كلام أهل العلم وضح بما لا يدع مجالا للشك الفارق الواضح بين الخطأ أو بمعنى أصح المعصية أو الكلمة المحرمة في الحديث الأول والخطأ غير المقصود في الحديث الثاني
والله أعلم
الخلاصة:
لا تعارض بين الحديثين لاختلاف مخرجهما ودلا لتهما
فإن صح الحديث الثاني فلا تعارض بين الحديثين
وإن صح معناه فقط فلا تعارض بين الحديث الأول والعقل
تعليق