رد: أجزاء من ((شخصية غيرت مجرى التاريخ))...................... متجدده بإذن الله
الجزء التاسع عشر من ((شخصية غيرت مجرى التاريخ ))
بسم الله الرحمن الرحيم..
" الله ولي الذين آمنوا " هذه هي القاعدة التي لابد أن تكون شعار للداعية والتي يجب أن يصير تحت ضلالها , وليعلم تماما أن الذين كفروا لا مولى لهم .. فحزبهم ووليهم هو الشيطان الذي لا ينالهم منه سوى الضلال والخسران المبين , فهم الذين انقادوا خلفه فقد منحهم الله العقول و هداهم النجدين , ومع ذلك استمروا في ضلالهم وعنادهم ..
فبعد أن تآمر المشركين على قتل المصطفى , وبعد أن أوحى الله لرسوله بذلك المخطط الغاشم , وأذن له بالهجرة إلى يثرب , وذهب الرسول لأبي بكر الصديق يخبره بأمر الهجرة , بعدها ذهب الرسول إلى بيته ينتظر مجيء الليل , أما أكابر مجرمي قريش فقضوا نهارهم في الإعداد لتنفيذ الخطة المرسومة التي أبرمها برلمان مكة ( دار الندوة ) صباحا , و اختير لذلك أحد عشر رئيسا من هؤلاء الأكابر , وهم :
· أبو جهل بن هشام . · الحكم بن أبي العاص . · عقبة بن أبي معيط .. · النضر بن الحارث .. · أمية بن خلف .. · زمعة بن الأسود .. · طعيمة بن عدي .. · أبو لهب .. · أبي بن خلف .. · نبيه بن الحجاج .. · أخوه منبه بن الحجاج .. فلما كانت عتمة الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى نام , فيبثون عليه . وكانوا على ثقة ويقين جازم من نجاح هذه المؤامرة الدنية , حتى وقف أبو جهل وقفه الزهو والخيلاء , وقال مخاطبا لأصحابه في سخرية واستهزاء : إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم , ثم بعثتم من بعد موتكم , فجعلت لكم جنان كجنان الأردن , وإن لم تفعلوا ذلك كان له فيكم ذبح , ثم بعثتم من بعد موتكم , ثم جعلت لكم نارا تحرقون فيها . وقد كان ميعاد تنفيذ تلك المؤامرة بعد منتصف الليل , فباتوا متيقظين ينتظرون ساعة الصفر , ولكن الله غالب على أمره , بيده ملكوت السموات والأرض , يفعل ما يشاء , وهو يجير ولا يجار عليه , ومع غاية استعداد قريش لتنفيذ خطتهم فقد فشلوا فشلا فاحشا . ففي هذه الساعة الحرجة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب" نم على فراشي , وتسج ببردي هذا الحضرمي الأخضر , فنم فيه , فإنه لن يخلص إليكشيء تكرهه منهم " وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام . ثم خرج رسول الله واخترق صفوفهم , وأخذ حفنه من البطحاء فجعل يذره على رؤوسهم , وقد أخذ الله أبصارهم عنه فلا يرونه , وهو يتلو :" وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون "
فلم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابا , ومضى إلى بيت أبي بكر , فخرجا من خوخة في دار أبي بكر ليلا حتى لحقا بغار ثور في اتجاه اليمن . وبقي المحاصرون ينتظرون حلول ساعة الصفر , وقبيل حلولها تجلت لهم الخيبة والفشل , فقد جاء رجل ممن لم يكن معهم , ورآهم ببابه , فقال : ما تنتظرون ؟ فقالوا : محمدا. قال : خبتم وخسرتم , قد والله مر بكم , وذر على رؤوسكم التراب , وانطلق لحاجته , فقالوا : والله ما أبصرناه , وقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم . ولكنهم من صير البال فرأوا عليا , فقالوا : والله إن هذا محمدا نائما , عليه برده , فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا . وقام علي عن الفراش , فسقط في أيديهم , وسألوه عن رسول الله , فقال : لا علم لي به . غادر رسول الله بيته في ليلة 27 من شهر صفر سنة 14 من النبوة , وأتى إلى دار صاحبه أبي بكر رضي الله عنه , ثم غادر منزل الأخير من باب خلفي , ليخرجا من مكة على عجل , وقبل أن يطلع الفجر . ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن قريش ستجد في الطلب ,وأن الطريق الذي ستتجه له الأنظار لأول وهلة هو طريق المدينة الرئيسي المتجه شمالا , فقد سلك الطريق الذي يضاده تماما . وهو الطريق الواقع جنوب مكة , والمتجه نحو اليمن . سلك هذا الطريق نحو خمسة أميال , حتى بلغ إلى جبل يعرف بجبل ثور , وهذا جبل شامخ , وعر الطريق , صعب المرتقى , ذا أحجار كثيرة , فخفيت قدما رسول الله صلى الله عليه وسلم , وقيل : بل كان يمشي في الطريق على أطراف قدميه كي يخفي أثره فحفيت قدماه , وأيا ما كان , فقد حمله أبو بكر حين بلغ إلى الجبل , وطفق يشتد به حتى انتهى به إلى غار في قمة الجبل , عرف في التاريخ بغار ثور . ولما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر : والله لا تدخله حتى أدخله قبلك , فإن كان فيه شيء أصابني دونك , فدخل فكسحه, ووجدا في جانبه ثقبا فشق إزاره وسدها به , وبقي منها اثنان فألقمهما رجليه , ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ادخل . فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم , ووضع رأسه في حجره ونام , فلدغ أبو بكر في رجله من الحجر , ولم يتحرك مخافة أن ينتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم , فسقطت دموعه على وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال " ما لك يا أبا بكر ؟" قال : لدغت , فداك أبي و أمي , فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم , فذهب ما يجده . وكمنا في الغار ثلاث ليال , ليلة الجمعة وليلة السبت وليلة الأحد .
وكان عبد الله ابن أبي بكر يبيت عندهما . قالت عائشة : وهو غلام شاب ثقف لقن , فيدلج من عندهما بسحر , فيصبح مع قريش بمكة كبائت , فلا يسمع أمرا يكتادون به إلا وعاه , حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام . وكان يرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم , فيريحها عليهما حين تذهب ساعة العشاء , وكان عامر بن فهيرة يتبع بغنمه أثر عبد الله بن أبي بكر بعد ذهابه إلى مكة ليعفي عليه . أما قريش فقد جن جنونها حينما تأكد لديها إفلات رسول الله صلى الله عليه وسلم صباح ليلة تنفيذ المؤامرة . فأول ما فعلوا بهذا الصدد أنهم ضربوا عليا , وسحبوه إلى الكعبة , وحبسوه ساعة , علهم يظفرون بخبرهما . ولما لم يحصلوا من علي على جدوى جاؤوا إلى بيت أبي بكر , وقرعوا بابه , فخرجت إليهم أسماء بنت أبي بكر , فقالوا لها : أين أبوك ؟؟ قالت : لا أدري والله أين أبي , فرفع أبو جهل يده – وكان فاحشا خبيثا – فلطم خدها لطمة طرح منها قرطها . وقررت قريش في جلسة طارئة مستعجلة استخدام جميع الوسائل التي يمكن بها القبض على الرجلين , فوجعت جميع الطرق النافذة من مكة ( في جميع الجهات ) تحت المراقبة المسلحة الشديدة , كما قررت إعطاء مكافأة ضخمة قدرها مائة ناقة بدل كل واحد منهما لمن يعيدهما إلى قريش حيين أو ميتين , كائنا من كان . وحينئذ جدت الفرسان والمشاة وقصاص الأثر في الطلب , وانتشروا في الجبال والوديان , والوهاد والهضاب , لكن من دون جدوى وبغير عائدة . وقد وصل المطاردون إلى باب الغار , ولكن الله غالب على أمره , روى البخاري عنأنس عن أبي بكر قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار فرفعت رأسي , فإذا أنا بأقدام القوم , فقلت يا نبي الله لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا . قال " اسكت يا أبا بكر , اثنان الله ثالثهما " وفي لفظ " ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما " وقد كانت معجزة أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم , فقد رجع المطاردون حين لم بينه وبينهم إلا خطوات معدودة .
رد: أجزاء من ((شخصية غيرت مجرى التاريخ))...................... متجدده بإذن الله
انما أشكوا بثى وحزنى الى الله الهى كفانى فخرا ان تكون لى ربا-- وكفانى عزا ان اكون لك عبدا انت كما اريد فاجعلنى كما تريد-- اللهم اجعلنا اغنى خلقك بك-- وافقر عبادك اليك-- اللهم اننا نشهدك اننا نشتاق اليك- فلا تحرمنا من لذة القرب منك فى الدنيا ولا لذة النظر الى وجهك الكريم فى الاخرة
رد: أجزاء من ((شخصية غيرت مجرى التاريخ))...................... متجدده بإذن الله
الجزء العشرون من ((شخصية غيرت مجرى التاريخ ))
بسم الله الرحمن الرحيم
من ينصر الله ويسعى كي يعلي كلمة الله في الدنيا , ويجعلها ظاهرة , عالية , شامخة إلى يوم الدين , فليعلم بأن الله معه أينما ذهب , وأينما حل , في موجود في هذا الوجود .. فهذا رسولنا الأمين قائد الغر المحجلين هجر أهله ووطنه ,وقرابته , وعشيرته , من أجل إعلاء كلمة الله . فبعد أن خمدت نار الطلب , وتوقفت أعمال دوريات التفتيش , وهدأت وثائرات قريش بعد استمرار المطاردة الحثيثة ثلاثة أيام بدون جدوى , تهيأ رسول الله صلى الله عليه وسلم , وصاحبه للخروج إلى المدينة المنورة . وكانا قد استأجرا عبد الله بن أريقط الليثي , وكان هاديا خريتا – ماهر بالطريق – وكان على دين كفار قريش , وأمناه على ذلك , وسلما إليه راحلتيهما , وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما , فلما كانت ليلة الاثنين جاءهما عبد الله بن أريقط بالراحلتين وحينئذ قال أبو بكر للنبي : بأبي أنت وأمي يا رسول الله , خذ إحدى راحلتي هاتين , وقرب إليه أفضلهما . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بالثمن ) وأتتهما أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها بسفرتهما , ونسيت أن تجعل لها عصاما , فلما ارتحلا ذهبت لتعلق السفرة فإذا ليس لها عصام , فشقت نطاقها باثنين , فعلقت السفرة بواحد , وانتطقت بالآخر , فسميت ذات النطاقين . ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه , وارتحل معهما عامر بن فهيرة , وأخذ بهم الدليل – عبد الله –على طريق السواحل . وأول من سلك بهم بعد الخروج من الغار أنه أمعن في اتجاه الجنوب نحو اليمن , ثم اتجه غربا نحو الساحل , حتى إذا وصل إلى طريق لم يألفه الناس اتجه شمالا على مقربة من شاطئ البحر الأحمر ,وسلك طريقا لم يسلكه أحد إلا نادرا . روى البخاري عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال – أسرينا ليلتنا ومن الغد حتى قام قائم الظهيرة , وخلا الطريق , لا يمر فيه أحد , فرفعت لنا صخرة طويلة لها ظل لم تأت عليها الشمس , فنزلنا عنده وسويت للنبي صلى الله عليه وسلم مكانا بيدي , ينام عليه , وبسطت عليه فروة , وقلت : نم يا رسول الله , وأنا أنفض لك ما حولك , فنام , وخرجت أنفض ما حوله , فإذا أنا براع مقبل بغنمه إلى الصخرة , يريد منها مثل الذي أردنا , فقلت له: لمن أنت يا غلام ؟قال : لرجل من أهل المدينة أو مكة . قلت : أفي غنمك لبن ؟ قال: نعم . قلت : أفتحلب ؟ قال : نعم . فأخذ شاة , فقلت : انفض الضرع من التراب والشعر والقذى . فحلب في قعب كثبة من لبن , ومعي إداوة حملتها للنبي صلى الله عليه وسلم , يرتوي منها , ما يشرب و يتوضأ ,فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم , فكرهت أن أوقظه , فوافقته حين استيقظ , فصببت من الماء على لبن حتى برد أسفله , فقلت : اشرب يا رسول الله , فشرب حتى رضيت , ثم قال : ( ألم يأن الرحيل ؟؟) قلت : بلى , قال : فارتحلنا . كان من دأب أبي بكر رضي الله عنه أنه كان ردفا للنبي صلى الله عليه وسلم , وكان شيخا يعرف , ونبي الله شاب لا يعرف , فيلقى الرجل أبا بكر فيقول : من هذا الرجل الذي بين يديك ؟ فيقول : هذا الرجل يهديني الطريق , فيحسب الحاسب أنه يعني به الطريق , وإنما يعني سبيل الخير . وتبعهما في الطريق سراقة بن مالك . قال سراقة : أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج , أقبل رجل منهم حتى قام علينا , ونحن جلوس , فقال : يا سراقة , إني رأيت آنفا أسودة بالساحل , أراها محمدا وأصحابه . قال سراقة : فعرفت أنهم هم . فقلت له : إنهم ليسوا بهم , ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بأعيننا , ثم لبثت في المجلس ساعة , ثم قمت فدخلت , فأمرت جاريتي أن تخرج فرسي , وهي من وراء أكمة , فتحسبها علي , وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت , فخططت بزجه الأرض , وخفضت عاليه , حتى أتيت فرسي , فركبتها , فعرفتها تقرب حتى دنوت منهم , فعثرت بي فرسي فخررت عنها , فقمت , فأهويت يدي إلى كنانتي , فاستخرجت منها الأزلام , فاستقسمت بها , أضرهم أم لا ؟ فخرج الذي أكره , فركبت فرسي وعصيت الأزلام , تقرب بي , حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وهو لا يلتفت , و أبو بكر يكثر الالتفات – ساخت يدا فرسي في الأرض , حتى بلغتا الركبتين , فخررت عنها , ثم زجرتها فنهضت , فلم تكد تخرج يديها , فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء مثل الدخان , فاستقسمت بالأزلام , فخرج الذي أكره , فناديتهم بالأمان , فوقفوا , فركبت فرسي حتى جئتهم , ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقلت له : إن قومك قد جعلوا فيك الدية , وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم , وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني , ولم يسألاني إلا أن قال " أخف عنا " فسألته أن يكتب لي كتاب أمان , فأمر عامر بن فهيرة , فكتب لي رقعة من أدم , ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم . وفي رواية عن أبي بكر قال : ارتحلنا , والقوم يطلبوننا , فلم يدركنا منهم أحد غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له , فقلت : هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله , فقال ( لا تحزن إن الله معنا ) ورجع سراقة , فوجد الناس في الطلب , فجعل يقول قد استبرأت لكم الخبر , قد كفيتم ما ههنا . زكان أول النهار جاهدا عليهما , وآخره حارسا لهما . ومر في مسيره ذلك حتى مر بخيمتي أم معبد الخزاعية , وكانت امرأة برزة جلدة تحتبي بفناء الخيمة , ثم تطعم وتسقي من مر بها , فسألاها : هل عندك شيء ؟؟ فقالت : والله لو عندنا شيء ما أعوزكم القرى والشاء عازب , وكانت سنة شهباء . فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر الخيمة , فقال : ( ما هذه الشاة يا أم معبد ؟) قالت : شاة خلفها الجهد عن الغنم , فقال : ( هل بها من لبن ؟ قالت : هي أجهد من ذلك . فقال : أتأذنين لي أن أحلبها ؟ " قالت : نعم بأبي أنت وأمي , إن رأيت بها حلبا فحلبها . فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم , وسمى الله ودعا , فتفاجت عليه وردت , فدعا بإناء لها يربض الرهط , فحلب فيه حتى علته الرغوة , فسقاها , فشربت حتى رويت , وسقى أصحابه حتى رووا , ثم شرب , وحلب فيه ثانيا , حتى ملأ الإناء , ثم غادره عندها فارتحلوا . فما لبث أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا عجافا يتساوكن هزلا , فلما رأى اللبن عجب , فقال : من أين لك هذا ؟ والشاة عازب , ولا حلوبة في البيت ؟ فقالت : لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت , ومن حاله كذا وكذا , قال : إني والله أراه صاحب قريش الذي تطلبه , صفيه لي يا أم معبد , فوصفته بصفاته الرائعة بكلام رائع كأن السامع ينظر إليه وهو أمامه , فقال أبو معبد : والله هذا صاحب قريش الذي ذكروا من أمره ما ذكروا , لقد هممت أن أصحبه , ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا , وأصبح صوت بمكة عاليا يسمعونه ولا يرون القائل : جزى رب العرش خير جزائه رفيقين حلا خيمتي أم معبد هما نزلا بالبر وارتحلا به وأفلح من أمسى رفيق محمد فيا لقصي ما روى الله عنكم به من فعال لا يجازى وسؤدد ليهن بني كعب مكان فتاتهم ومقعدها للمؤمنين بمرصد سلوا أختكم عن شاتها ,وإنائها فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد قالت أسماء : ما درينا أين توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل رجل من الجن من أسفل مكة فأنشد هذه الأبيات , والناس يتبعونه ويسمعون صوته ولا يرونه , حتى حتى خرج من أعلاها . قالت : فلما سمعنا قوله عرفنا حيث توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأن وجهه إلى المدينة .. هذه هي المعجزات التي أسرها الله على يدي رسوله , لتبهر العقول البشرية , وصدق من قال ( وفوق كل ذي علم عليم )
رد: أجزاء من ((شخصية غيرت مجرى التاريخ))...................... متجدده بإذن الله
الجزء الحادي والعشر ون من((شخصية غيرت مجرى التاريخ ))
يسخر الله الأسباب والدوافع لعباده حتى يتم أمره الذي قضاه سبحانه وتعالى . وفي يوم الاثنين 8 ربيع الأول سنة 14 من النبوة وهي السنة الأولى من الهجرة , نزل رسول الله بقباء . قال عروة بن الزبير : سمع المسلمون بالمدينة بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة , فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة , فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة , فانقلبوا يوما بعدما أطالوا انتظارهم , فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من اليهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه , فبصر برسول الله و أصحابه مبيضين يزول بهم السراب , فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته : يا معاشر العرب , هذا جدكم الذي تنتظرون , فثار المسلمون إلى السلاح . وسمعت الرجة والتكبير في بني عمرو بن عوف , وكبر المسلمون فرحا بقدومه , وخرجوا للقائه , فتلقوه وحيوه بتحية النبوة , فأحدقوا به مطيفين حوله والسكينة تغشاه , والوحي ينزل عليه ( فإن الله هو موله وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير ) قال عروة بن الزبير : فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم , فعدل بهم ذات اليمين , حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف , وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول . فقام أبو بكر للناس , وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتا , فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله يحيي , وفي رواية يجيء أبا بكر , حتى أصابت الشمس رسول الله , فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه , فعرف الناس رسول الله عند ذلك . وكانت المدينة كلها قد زحفت للاستقبال , وكان يوما مشهودا لم تشهد المدينة مثله في تاريخها , وقد رأى اليهود صدق بشارة حبقوق النبي : إن الله جاء من التيمان , والقدوس من جبال فاران . ونزل رسول الله بقباء على كلثوم بن الهدم , وقيل : بل على سعد بن خيثمة , والأول أثبت , ومكث علي بن أبي طالب بمكة ثلاثا , حتى أدى عن رسول الله الودائع التي كانت عنده للناس , ثم هاجر ماشيا على قدميه , حتى لحقهما بقباء , ونزل على كلثوم بن الهدم . وأقام رسول الله بقباء أربعة أيام من الاثنين حتى الخميس , وأسس مسجد قباء وصلى فيه , وهو أول مسجد أسس على التقوى بعد النبوة , وفي اليوم الخامس – يوم الجمعة – ركب بأمر الله له , وأبو بكر ردفه , وأرسل إلى بني النجار , أخواله , فجاؤوا متقلدين سيوفهم , فسار نحو المدينة , فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف , فجمع بهم في المسجد الذي في بطن الوادي , وكانوا مائة رجل . وبعد الجمعة دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ـ ومن ذلك اليوم سميت بلدة يثرب بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم , ويعبر عنها بالمدينة مختصرا ـ وكان يوما تاريخيا أغر , فقد كانت البيوت والسكك ترتج بأصوات التحميد والتقديس , وكانت بنات الأنصار تتغنى بهذه الأبيات فرحا وسرورا : أشــــرق البــــدر علــــيـــنــــا من ثـــنــيــات الـــــوداع وجــــب الــشـكر علـــيـــنـــــا مــــــا دعــــــــــا لله داع أيـــهـــا الـمـبــعــوث فــيــنـــا جــئت بـالأمـر الـمطـاع والأنصار إن لم يكونوا أصحاب ثروات طائلة ؛ إلا أن كل واحد منهم كان يتمنى أن ينزل الرسول صلى الله عليه وسلم عليه . فكان لايمر بدار من دور الأنصار إلا أخذوا خطام راحلته : هلم إلى العدد والعدة والسلاح والمنعة , فكان يقول لهم : ( خلوا سبيلها فإنها مأموره ) , فلم تزل سائره حتى وصلت إلى موضع المسجد النبوي اليوم فبركت , ولم ينزل عنها حتى نهضت وسارت قليلا , ثم إلتفتت ورجعت فبركت في موضعها الأول , فنزل عنها , وذلك في بني النجار ـ أخواله ـ صلى الله عليه وسلم . وكان من توفيق الله لها , فإنه أحب أن ينزل على أخواله يكرمهم بذلك , فجعل الناس يكلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم في النزول عليهم , وبادر أبو أيوب الأنصاري إلى رحله , فأدخله بيته , فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( المرء مع رحله ) وجاء أسعد بن زرارة فأخذ بزمام راحلته , وكانت عنده وفي رواية أنس عند البخاري قال نبي الله صلى الله عليه وسلم :( أي بيوت أهلنا أقرب ؟ ) فقال أبو أيوب : أنا يا رسول الله , هذه داري , وهذا بابي . قال : ( فانطلق فهيئ لنا مقيلا ) , قال : قوما على بركة الله .. وبعد أيام وصلت إليه زوجته سوده , وبنتاه فاطمة وأم كلثوم , وأسامة بن زيد , وأم أيمن ,وخرج معهم عبدالله بن أبي بكر بعيال أبي بكر ومنهم عائشة , وبقيت زينب عند أبي العاص , ولم يمكنها من الخروج حتى هاجرت بعد بدر . قالت عائشه : لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينه وعك أبوبكر وبلال , فدخلت عليهما فقلت : يا أبت كيف تجدك ؟ ويا بلال كيف تجدك ؟ قالت : فكان أبوبكر إذا أخذته الحمى يقول :
كل إمرئ مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نعله وكان بلال إذا أقلع عنه يرفع عقيرته ويقول : ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بواد وحولي إذخر , وجليل وهل أردن يوما مياه مجنة وهل يبدون لي شامة وطفيل قالت عائشة : فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأخبرته ,فقال : ( اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد حبا , وصححها , وبارك في صاعها ومدها , وانقل حماها فاجعلها بالجحفة ) . إلى هنا انتهى قسم من حياته صلى الله عليه وسلم , وتم دور من الدعوة الإسلامية , وهو الدور المكي .......
رد: أجزاء من ((شخصية غيرت مجرى التاريخ))...................... متجدده بإذن الله
الجزء الثاني و العشرون من((شخصية غيرت مجرى التاريخ )) عند بداية طريق الدعوة من مكان جديد , أو بقعة جديدة فلا بد أن تمر على العديد من المراحل , يظهر منها صدق الداعي و صبره , ومدى إصراره على تحقيق هدفه الذي خلق من أجله , والمهمة والرسالة التي وجد من أجلها , ويتضح للجميع مدى رجاحة عقله وقدرته على الحكم والفصل , ومدى وقع وتقبل الآخرين لدعوته . ومن هنا يمكن تقسيم العهد المدني إلى ثلاث مراحل : مرحلة أثيرت فيها القلاقل والفتن , وأقيمت فيها العراقيل من الداخل , وزحف فيها الأعداء إلى المدينة لاستئصال خضرائها من الخارج , وهذه المرحلة تنتهي إلى صلح الحديبية في ذي القعدة سنة 6 من الهجرة . مرحلة الهدنة مع الزعامة الوثنية , وتنتهي بفتح مكة , في رمضان سنة ثمان من الهجرة , وهي مرحلة دعوة الملوك إلى الإسلام . مرحلة دخول الناس في دين الله أفواجا , وهي مرحلة توافد القبائل و ا لأقوام إلى المدينة , وهذه المرحلة تمتد إلى انتهاء حياة الرسول في ربيع الأول سنة 11 من الهجرة . ولم يكن معنى الهجرة هو التخلص من الفتنة والاستهزاء فحسب , بل كانت الهجرة مع هذا تعاونا على إقامة مجتمع جديد في بلد آمن , ولذلك أصبح فرضا على كل مسلم قادر أن يسهم في بناء هذا الوطن الجديد , وأن يبذل جهده في تحصينه ورفعة شأنه . ولا شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الإمام والقائد والهادي في بناء هذا المجتمع , وكانت إليه أزمة الأمور بلا نزاع . والأقوام التي كان يواجهها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة كانت على ثلاثة أصناف , يختلف أحوال كل واحد منها بالنسبة إلى الآخر اختلافا واضحا , وكان يواجه بالنسبة إلى كل صنف منها مسائل عديدة غير المسائل التي كان يواجهها بالنسبة إلى الأخرى . وهذه الأصناف الثلاثة هي : أصحاب الصفوة الكرام البررة رضي الله عنهم . المشركين الذين لم يؤمنوا بعد , وهو من صميم قبائل المدينة . اليهود . والمسائل التي كان يواجهها بالنسبة إلى أصحابه هي أن ظروف المدينة بالنسبة إليهم كانت تختلف تماما عن الظروف التي مروا بها في مكة , فهم و إن كانت تجمعهم كلمة جامعة , وكانوا يستهدفون إلى أهداف متفقة , إلا أنهم كانوا متفرقين في بيوت شتى , مقهورين أذلاء مطرودين , لم يكن لهم من الأمر شيء , و إنما كان الأمر بيد أعدائهم في الدين , فلم يكن هؤلاء المسلمون يستطيعون أن يقيموا مجتمعا إسلاميا جديدا بمواده التي لا يستغني عنها أي مجتمع إنساني في العالم , ولذلك نرى السور المكية تقتصر على تفصيل المبادئ الإسلامية , وعلى التشريعات التي يمكن العمل بها لكل فرد وحده , وعلى الحث على البر والخير , ومكارم الأخلاق , والاجتناب عن الرذائل والدنايا . أما في المدينة فكان أمر المسلمين بأيديهم منذ أول يوم , ولم يكن عليهم سيطرة أحد من الناس , فقد آن لهم أن يواجهوا بمسائل الحضارة و العمران , وبمسائل المعيشة والاقتصاد , وبمسائل السياسة وخلاق الحكومة , وبمسائل السلم والحرب , وبالتنقيح الكامل في مسائل الحلال والحرام والعبادة والأخلاق وما إلى ذلك من مسائل الحياة . كان قد آن لهم أن يكونوا مجتمعا جديدا , مجتمعا إسلاميا , يختلف في جميع مراحل الحياة عن المجتمع الجاهلي , ويمتاز عن أي مجتمع يوجد في العالم ا؟لإنساني , ويكون مثلا للدعوة الإسلامية التي عاني لها المسلمون ألوانا من النكال والعذاب طيلة عشر سنوات . ولا يخفى أن تكوين أي مجتمع على هذا النمط لا يمكن أن يستتب في يوم واحد , أو شهر واحد , أو سنة واحدة , بل لا بد له من زمن طويل , يتكامل فيه التشريع والتقنين مع التثقيف والتدريب والتربية تدريجيا , وكان الله كفيلا بهذا التشريع , وكان رسول صلى الله عليه وسلم قائما بتنفيذه , والإرشاد إليه , وتربية المسلمين . وكان الصحابة رضي الله عنهم مقبلين عليه بقلوبهم , يتحلون بأحكامه ويستبشرون بها ( وإذا تليت عليهم ءاياته زادتهم إيمانا ) . كان هذا أعظم ما يواجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنسبة إلى المسلمين , وهذا هو الذي كان المقصود على نطاق واسع – من الدعوة الإسلامية , والرسالة المحمدية . كانت جماعة المسلمين مشتملة على قسمين : قسم هم في أرضهم وديارهم و أموالهم , لا يهمهم من ذلك إلا ما يهم الرجل وهو آمن في سربه , وهم الأنصار , وكان بينهم تنافر مستحكم وعداء مزمن منذ أمد بعيد . وكان بجانب هؤلاء قسم آخر – وهم المهاجرون – فاتهم كل ذلك, ونجوا بأنفسهم إلى المدينة , ليس لهم ملجأ يأوون إليه , ولا عمل يعملون لمعيشتهم , ولا مال يبلغون به قواما من العيش , وكان عدد هؤلاء اللاجئين غير قليل , وكانوا يزيدون يوما فيوما , فقد كان أذن بالهجرة لكل من آمن بالله ورسوله . ومعلوم أن المدينة لم تكن على ثروة طائلة , فتزعزع ميزانها الاقتصادي , وفي هذه الساعة الحرجة قامت القوات المعادية للإسلام بشبه مقاطعة اقتصادية , قلت لأجلها المستوردات , وتفاقمت الظروف .
أما القوم الثاني – وهم المشركون من صميم قبائل المدينة – فلم تكن لهم سيطرة على المسلمين , وكان منهم من تخالفه الشكوك , ويتردد في ترك دين الآباء , ولكن لم يكن يبطن العداوة والكيد ضد الإسلام و المسلمين , ولم تمض عليهم مدة طويلة حتى أسلموا وأخلصوا دينهم لله . وكان فيهم من يبطن شديد العداوة ضد الرسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين , ولكن لم يكن يستطيع أن يناوئهم , بل كان مضطرا إلى إظهار الود والصفاء نظرا إلى الظروف , وعلى رأس هؤلاء عبد الله بن أبي , الذي أظهر الإسلام بعد بدر , ولكن بقي مستبطنا الكفر , وكان لا يجد مكانا للمكيدة برسول الله والمسلمين إلا أتى بها .
أما القوم الثالث – وهم اليهود- كانوا يفتخرون بجنسيتهم اليهودية , ويحتقرون العرب احتقارا بالغا حتى كانوا يسمونهم أميين بمعنى أنهم وحوش سذج , وأرذال متأخرين , وكانوا يرون أن أموال العرب مباحة لهم , يأكلونها كيف شاؤوا ( قالوا ليس علينا في الأمين سبيل ) , وكانوا أصحاب دسائس و مؤامرات وعتو وفساد , يلقون العداوة والشحناء بين القبائل العربية المجاورة , ويغرون بعضها على بعض بكيد خفي لم تكن تشعره تلك القبائل , فلا تزال في حروب دامية متواصلة , ولا تزال أنامل اليهود تؤجج نيرانها كلما رأتها تقارب الخمود والانطفاء , وبعد هذا التحريض والإغراء كانوا يقعدون على جانب يرون ساكتين ما يحل بهؤلاء العرب , نعم كانوا يزودونهم بقروض ثقيلة ربوية حتى لا يحجموا على الحرب لعسر النفقة , وبهذا العمل كانوا يحصلون على منفعتين , كانوا يتحفظون على كيانهم اليهودي , وينفقون سوق الربا , ليأكلوه أضعافا مضاعفة , ويكسبوا ثروات طائلة . وكان في يثرب منهم ثلاث قبائل مشهورة : بنو قينقاع , كانوا حلفاء الخزرج , وكانت ديارهم داخل المدينة . بنو النضير . بنو قريظة , وهاتان القبيلتان كانتا حلفاء الأوس , وكانت ديارهم بضواحي المدينة .
هذا كله من حيث الداخلية , وأما من حيث الخارجية , فإن ألد قوة ضد الإسلام هي قريش , فعندما كان المسلمون تحت يدها جربت كل أنواع الإرهاب والتهديد والمضايقة وسياسة التوجيع والمقاطعة , وأذاقتهم التنكيلات والويلات , وشنت عليهم حرب نفسية , ولما هاجر المسلمون إلى المدينة بأمر من الله , قامت قريش بمصادرة أموالهم وممتلكاتهم , وأزواجهم , وأولادهم , وحرمتهم من جميع حقوقهم , بل أصبحوا غرباء وهم محرومين من دخول أرضهم والحصول على حقوقهم . فكان لا بد على المصطفى من إعادة الحق لأصحابه , وإعلاء كلمة الحق في هذا الوجود . هذه هي المشاكل والقضايا التي كان يواجهها رسول الله صلى الله عليه وسلم , حين ورد إلى المدينة بصفته رسولا وهاديا وإماما وقائدا .. بناء المسجد النبي : كانت أول خطوة خطاها الرسول بعد ذلك وهو إقامة المسجد النبوي , ففي المكان الذي بركت فيه ناقته , أمر ببناء المسجد , واشتراه من غلامين يتيمين كانا يملكانه , وساهم في بنائه بنفسه , فكان ينقل اللبن والحجارة ويقول : اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة . وكان يقول : هذا الحمال لا حمال خيبر هذا أبر ربنا و أطهر . وكان المسجد لا يستخدم في العبادة فقط , بل منه كانت تصرف شؤون الدولة , فقد كان مقر الحكم الأساسي , و كان يعتبر مجلس القضاء , ودار الإفتاء , ووزارة العدل , ودار الحرب .
يتبع بإذن الله تعالى
رد: أجزاء من ((شخصية غيرت مجرى التاريخ))...................... متجدده بإذن الله
جزاكى الله كل خيرا
لا اله الا الله محمد رسول الله
سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده
لا حول ولا قوة إلا بالله
يا مقلب القلوب ثبت قلبى على دينك
انما أشكوا بثى وحزنى الى الله الهى كفانى فخرا ان تكون لى ربا-- وكفانى عزا ان اكون لك عبدا انت كما اريد فاجعلنى كما تريد-- اللهم اجعلنا اغنى خلقك بك-- وافقر عبادك اليك-- اللهم اننا نشهدك اننا نشتاق اليك- فلا تحرمنا من لذة القرب منك فى الدنيا ولا لذة النظر الى وجهك الكريم فى الاخرة
رد: أجزاء من ((شخصية غيرت مجرى التاريخ))...................... متجدده بإذن الله
الجزء الثالث والعشرون من ((شخصية غيرت مجرى التاريخ ))
كما قام الرسول صلى الله عليه وسلم ببناء المسجد مركز التجمع و التآلف , قام بعمل آخر من أروع ما يؤثره التاريخ , وهو عمل المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار. قال ابن القيم : ثم آخى رسول الله بين المهاجرين والأنصار في دار أنس بن مالك , وكانوا تسعين رجلا نصفهم من المهاجرين ونصفهم من الأنصار ,آخى بينهم على المواساة , ويتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام , إلى حين وقعة بدر , فلما أنزل الله عزوجل (و ألوا الأرحام بعضهم أولى ببعض ) "الأنفال :75" رد التوارث , دون عقد الأخوة .
ومعنى هذا الإخاء كما قال محمد الغزالي : أن تذوب عصبيات الجاهلية , فلا حمية إلا للإسلام , وأن تسقط فوارق النسب واللون والوطن , فلا يتقدم أحد أو يتأخر إلا بمروءته وتقواه . وقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الأخوة عقدا نافذا , لا لفظا فارغا , وعملا يرتبط بالدماء والأموال , لا تحية تثرثر بها الألسنة ولا يقوم لها أثر . و كانت عواطف الإيثار والمواساة و المؤانسة تمتزج في هذه الأخوة وتملأ المجتمع الجديد بأروع الأمثال . فقد روى البخاري أنهم لما قدموا المدينة آخى رسول الله بين عبد الرحمن وسعد بن الربيع , فقال لعبد الرحمن : إني أكثر الأنصار مالا , فأقسم مالي نصفين , ولي امرأتان , فأنظر أعجبها إليك فسمها لي ,أطلقها , فإذا انقضت عدتها فتزوجها , قال : بارك الله لك في أهلك و مالك , وأين سوقكم ؟؟ فدلوه على سوق بني قينقاع , فما انقلب إلا ومعه فضل من أقط و سمن , ثم تابع الغدو , ثم جاء يوما و به أثر صفره , فقال النبي صلى الله عليه وسلم "مهيم "؟؟ قال تزوجت . قال:" كم سقت إليها "؟ قال : نواة من ذهب .
وروى عن أبي هريرة قال : قالت الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم : اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل . قال :"لا" . فقالوا : فتكفونا المؤنة , ونشرككم في الثمرة . قالوا : سمعنا و أطعنا . وهذا يدلنا على ما كان عليه الأنصار من الحفاوة البالغة بإخوانهم المهاجرين , ومن التضحية والإيثار والود و الصفاء , وما كان عليه المهاجرون من تقدير هذا الكرم حق تقديره فلم يستغلوه ولم ينالوا منه إلا بقدر ما يقيم وأدهم . وحقا فقد كانت هذه المؤاخاة حكمة فذة , وسياسة صائبة وحكيمة , وحلا رائعا لكثير من المشاكل التي كان يواجهها المسلمون , والتي أشرنا إليها .
ميثاق التحالف الإسلامي
وكما قام الرسول صلى الله عليه وسلم بالمؤاخاة بين المهاجرين و الأنصار , قام بعقد معاهدة أزاح بها كل ما كان من حزازات الجاهلية والنزعات القبلية , ولم يترك مجالا لتقليد الجاهلية , وهذه بنودها : "هذا كتاب من محمد النبي –صلى الله عليه وسلم – بين المؤمنين و المسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم , وجاهد معهم : 1.أنهم أمة واحدة من دون الناس . 2.المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم , وهم يفدون عانيهم بالمعروف و القسط بين المؤمنين , وكل قبيلة من الأنصار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى , وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين . 3.وأن المؤمنين لا يتركون مفرحا بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل . 4.وأن المؤمنين المتقين على من بغي عليهم , أو ابتغى دفع الظلم . 5.وأن أيديهم عليه جميعا , ولو كان ولد أحدهم . 6.ولا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر . 7.ولا ينصر كافر على مؤمن . 8.وأن ذمة الله واحدة يجير على أدناهم . 9.وأن من تبعنا من يهود فإن له النصر و الأسوة , غير مظلومين ولا متناصرين عليهم . 10.وأن سلم المؤمنين واحد , ولا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على سواء وعدل بينهم . 11.وأنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده إلى الله عزوجل و إلى محمد صلى الله عليه وسلم . وغيرها من هذه البنود التي ثبتت قيام الحقوق .
أثر المعنويات في المجتمع
بهذه الحكمة وبهذه الحذاقة أرسى رسول الله صلى الله عليه وسلم قواعد مجتمع جديد , فقد كان النبي تعهدهم بالتعليم والتربية و تزكية النفوس و الحث على مكارم الأخلاق , ويؤدبهم بآداب الإسلام بالود و الإخاء والمجد والشرف و العبادة والطاعة . سأله رجل : أي الإسلام خير ؟ قال : " تطعم الطعام , وتقرئ السلام على من عرفت ومن لم تعرف . قال عبد الله بن سلام " لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة جئت , فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب , فكان أول ما قال : " يا أيها الناس أفشوا السلام , وأطعموا الطعام , وصلوا الأرحام , وصلوا بالليل والناس نيام , تدخلوا الجنة بسلام " وكان يقول " لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه " ويقول " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " ويقول " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " ويقول " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا "
معاهدة مع اليهود
بعد أن هاجر الرسول إلى المدينة , ووثق من رسوخ قواعد المجتمع الإسلامي , وتوفير الأمن والسلام و السعادة والخير للبشرية جمعاء , جاء الدور إلى معاهدة اليهود , ولا سيما أنهم كانوا يبطنون العداوة للمسلمين , لكن لم يظهروا أي مقاومة أو خصومة , فقام الرسول بمعاهدة معهم من بنودها : 1.إن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين , لليهود دينهم و للمسلمين دينهم مواليهم و أنفسهم , كذلك لغير بني عوف من اليهود . 2.وإن على اليهود نفقتهم , وعلى المسلمين نفقتهم . 3.و إن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة . 4.و إن بينهم النصح والنصيحة , والبر دون الإثم . 5.و إنه لم يأثم امرؤ بخليفه . 6.و إن النصر للمظلوم . 7.و إن اليهود يتفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين . 8.و إن يثرب حرام جوفها لأجل هذه الصحيفة . 9.و إنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله عزوجل , وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . 10.و إنه لا تجار قريش ولا من ناصرها . 11.و أن بينهم النصر على من دهم يثرب ... 12.و إنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم . وبإبرام هذه المعاهدة صارت المدينة و ضواحيها دولة وفاقية عاصمتها المدينة ورئيسها – إن صح التعبير – رسول الله صلى الله عليه وسلم و الكلمة النافذة و السلطان الغالب فيها للمسلمين , وبذلك أصبحت المدينة عاصمة حقيقية للإسلام .
رد: أجزاء من ((شخصية غيرت مجرى التاريخ))...................... متجدده بإذن الله
بارك الله فيكى وجزاكى كل خيرا
انما أشكوا بثى وحزنى الى الله الهى كفانى فخرا ان تكون لى ربا-- وكفانى عزا ان اكون لك عبدا انت كما اريد فاجعلنى كما تريد-- اللهم اجعلنا اغنى خلقك بك-- وافقر عبادك اليك-- اللهم اننا نشهدك اننا نشتاق اليك- فلا تحرمنا من لذة القرب منك فى الدنيا ولا لذة النظر الى وجهك الكريم فى الاخرة
تعليق