المسألة الأولي : ما يقول المسلم قبل أكله ؟
قال ابن القيم - رحمه الله تعالي – مبينًا هدي الرسول صلي الله عليه و سلم في ذلك :
( كان إذا وضع يده في الطعام قال " بسم الله " ، و يأمر الآكل بالتسمية ، و يقول : " إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالي ، فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله فليقل : بسم الله في أولِه و أخرِه " حديث صحيح ) ( زاد المعاد : 2- 43\44 ) .
المسألة الثانية : صفة التسمية :
قال الشيخ الألباني - رحمه الله تعالي – عقب إيراده حديث عائشة – رضي الله عنها – مرفوعًا " إذا أكل أحدكم طعامًا فليقل باسم الله ، فإن نسي في أوله فليقل : بسم الله في أوله و آخره " :
( و حديث عائشة صححه ابن القيم في " الزاد " ، فقواه الحافظ في الفتح ( 9 \ 455) و قال : " هو أصرح ما ورد في صفة التسمية " .
قال – أي ابن حجر رحمه الله - : } و أما قول النووي في آداب الأكل من " الأذكار " : " صفة التسمية من أهم ما ينبغي معرفته ، و أفضل أن يقول بسم الله الرحمن الرحيم ، فإن قال بسم الله كفاه و حصلت السنة " فلم أر لما ادعاه من الأفضلية دليلًا خاصًّا { .
و أقول – أي الألباني رحمه الله - : لا أفضل من سنته صلي الله عليه و سلم ، " و خير الهدي هدي محمد صلي الله عليه و سلم " ، فإذا لم يثبت في التسمية علي الطعام إلا " بسم الله " فلا يجوز الزيادة عليها فضلًا عن أن تكون الزيادة أفضل منها ! لأن القول بذلك خلاف ما أشرنا إليه من الحديث " و خير الهدي هدي محمد صلي الله عليه و سلم " ) ( الصحيحة : 1- 678).
المسألة الثالثة : حكم التسمية :
لا أعلم في مشروعيتها قبل الأكل خلافًا ، لكن اختلف العلماء في حكمها بين قائلٍ بوجوب و قائلٍ باستحباب .
قال ابن قدامة - رحمه الله - : ( و تستحب التسمية عند الطعام ) ( المغني : 13-355).
لكن قال ابن القيم - رحمه الله - مرجحًا القول بالوجوب :
( و الصحيح وجوب التسمية عند الأكل و هو أحد الوجهين لأصحاب أحمد ، و أحاديث الأمر بها صحيحة صريحة و لا معارض لها ، و لا إجماع يسوغ مخالفتها و يخرجها عن ظاهرها ، و تاركها شريكه الشيطان في طعامه و شرابه ) ( زاد المعاد : 2- 44).
لكن قد يُرد علي ابن القيم رحمه الله بحديث : ( كان رسول الله صلي الله عليه و سلم جالسًا و رجل يأكل حتي لم يبق من طعامه إلا لقمة فلما رفعها إلي فيه قال : بسم الله أوله و آخره ، فضحك النبي صلي الله عليه و سلم ، ثم قال : ما زال الشيطان يأكل معه ، فلما ذكر اسم الله عز و جل استقاء ما في بطنه ) ، فهنا تركه النبي صلي الله عليه و سلم ، و لو كان آثمًا بترك التسمية لما تركه النبي صلي الله عليه و سلم فتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، فكيف بعدم البيان ؟
لكن يرد علي ذلك بأن في إسناده المثني بن عبد الرحمن الخزاعي ، قال فيه الذهبي ( لا يعرف ) و قال فيه الحافظ ( مستور ) ( للتفصيل انظر إرواء الغليل : 7 – 26 ، فقد أورده الألباني – رحمه الله – كشاهد و لم يصححه ).
فإن قيل فقد أورد ابن القيم رحمه الله هذا الحديث نفسه في ( الوابل الصيب : 128) ، أُجيب بأنه أورده و لم يصححه و لا يلزم من إيراده التصحيح إلا إن التزم المؤلف ذلك ، و ابن القيم رحمه الله لم يلتزم ذلك.
فائدة : هل مشاركة الشيطان للجماعة في أكلهم تنتفي بتسمية أحدهم أم لابد من تسمية الجميع ؟
اختلف العلماء في ذلك ، و رجح ابن القيم – رحمه الله - الثاني قائلًا :
( قد روي الترمذي و صححه من حديث عائشة قالت : كان رسول الله صلي الله عليه و سلم يأكل طعامه في ستة من أصحابه فجاء أعرابي ، فأكله بلقمتين فقال رسول الله صلي الله عليه و سلم " أما إنه لو سمي لكفاكم " ، و من المعلوم أن رسول الله صلي الله عليه و سلم و أولئك الستة سَمُّوا ، فلما جاء هذا الأعرابي فأكل و لم يسمِّ شاركه الشيطان في أكله فأكل الطعام بلقمتين ، و لو سمي لكفي الجميع) ( زاد المعاد : 2 – 44\45).
فائدة أخري :
قال ابن القيم رحمه الله :
( الشيطان يستحل الطعام إذا لم يذكر عليه اسم الله ، و يشارك آكله ، و الميتة لا يذكر عليها اسم الله تعالي ، فهي و كل طعام إذا لم يذكر عليه اسم الله عز و جل من طعامه – أي من طعام الشيطان ، و لهذا لما سأل الجن الذين آمنوا برسول الله صلي الله عليه و سلم الزاد ، قال " لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه " فلم يُبِح لهم طعام الشياطين ، و هو متروك التسمية ) ( إغاثة اللهفان : 289-290 ).
المسألة الرابعة : ماذا يقول من نسي التسمية في أول الطعام ؟
قال رسول الله صلي الله عليه و سلم (إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله فليقل : بسم الله أوله وآخره ) } إرواء الغليل : 1965 {.
قال رسول الله صلي الله عليه و سلم ( من نسي أن يذكر الله في أول طعامه ، فليقل حين يذكر : بسم الله في أوله و آخره ، فإنه يستقبل طعامًا جديدًا ، و يمنع الخبيث ما كان يصيب منه ) } إرواء الغليل : 7- 26\ 27 { ، و الخبيث هو الشيطان.
فهنا ثبت قَوْلان : " بسم الله أوله و آخره " أو " بسم الله في أوله و آخره "
أي بحرف " في " و بدونه ، فيحمل علي خلاف التنوع ، فيقول هكذا أو هكذا ، و لا يجمع بينهما لأن الجمع لم يرد فيكون بدعة .
فائدة :
حديث ( من نسي أن يسمي علي طعامه فليقرأ " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " إذا فرغ ) حديث ضعيف جدًّا .
المسألة الخامسة : العبادات القلبية المتعلقة بالتسمية :
يتبع بإذن الله ..............
تعليق