استمرار دعوة النبي بعد تكوين دولة الإسلام في المدينة
واستمر نبي الرحمة محمد - صلى الله عليه وسلم - يَنشر دعوته للتوحيد ومكارم الأخلاق، التي تَهفو لها الفِطَر السليمة والعقول الصحيحة، فأخذ عدد المؤمنين يزداد يومًا بعد يوم، لدرجة أقلقت جيوش الكافرين المفسدين، الذين قرَّروا شنَّ حروب تَستهدِف استئصال المسلمين من جذورهم.
ودخل المسلمون جملة من المعارك والحروب تستهدف ردَّ اعتداءات الكافرين، وإسقاط سلطان الطواغيت المستبدِّين، الذين يعيثون في الأرض فسادًا، ويصدُّون الناس عن الإيمان بالله وتوحيده، ويستعبدون رعاياهم ويقهرونهم، وتستهدف تلك الحروب كذلك الدفاع عن المستضعفين من الأقليات المسلمة التي تضطهد ويُحال بينها وبين الهجرة إلى بلاد المسلمين، وتعريف الناس بالإسلام، وإعلاء كلمة الحق، وإزالة الفتن والشرك من الأرض؛ حتى يتبيَّن الرشد من الغي، والحق من الباطل.
وكان المسلمون في غالب معاركهم أقل عددًا وعُدة وتسليحًا من خصومهم، لكن ما كان يبثُّه النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - في قلوب المسلمين من رُوح الوحي، وقوة الإيمان بالحق، واليقين بنصر الله، والتعلق بالآخرة - هي الأسلحة الرئيسة التي كانت تُرجِّح كفة المسلمين، وتجعلهم مستحقين لنصر الله لهم.
لقد علَّم نبي الرحمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أتباعه كيف يبذلون أرواحهم رخيصة في سبيل إنقاذ الآخَرين من عبودية الأهواء والأموال والشهوات والسلطان، وكيف يرتقون فوق كل متاع دنيوي زائل؛ ليقصدوا الآخِرة ونعيمها الدائم، وكيف يُسخِّرون حياتهم من أجل نشر نور الهداية بين الناس، وعلَّمهم أن مصدر قوة دعوتهم هو الحق الذي يدْعون إليه، وأن العزة كلها لله، وأنه الذي يعزُّ عباده الصالحين، وأنه الذي ينصر الذين يَنصُرون دين الله ويقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا.
المصدر/ الألوكة
تعليق