الحمد لله كما أمر والصلاة والسلام على خير البشر عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ،
أما وبعد...
فإن من تعظيم النبي - صلى الله عليه وسلم - الثناء عليه بما هو أهله مما أثنى به على نفسه ، أو أثنى به عليه ربه سبحانه وتعالى من غير غلو ولا تقصير ، ومن أعظم الثناء عليه : الصلاة والسلام عليه في مواطنها ، وعند ورود ذكره الشريف على المسامع واللسان وعند الخط بالبنان .
وكيف لا وقد قال الله جل في عُلاه:
فقال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }
الأحزاب ، آية(56).
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية :
والمقصود من هذه الآية : أن الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين ، وأن الملائكة تصلي عليه ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والسلام عليه ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعا "
وانظر تفسير ابن كثير ، 3 / 507 .
قلت(أبو أنس):
وقد أورد البخاري تعليقا عن أبي العالية قال : " صلاة الله : ثناؤه عليه عند الملائكة ، وصلاة الملائكة الدعاء " .
قلت(أبو أنس):
"وكذا صلاة المؤمنين عليه صلى الله عليه وسلم فهي من باب الدعاء له"
والله أعلم
وقد رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة والسلام عليه في أحاديث عدة :
منها ما أخرجه مسلم بسنده عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من صلى علي واحدة ، صلى الله عليه عشرا »
وانظر صحيح مسلم . كتاب الصلاة . باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد ، 1 / 306 .
وأخرج أبو داود بسنده عن أوس بن أوس رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة ، فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي
قالوا يا رسول الله : وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت ؟ ! يقولون : بليت .
قال : إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء »
سنن أبي داود . كتاب الصلاة . باب فضل الجمعة وليلة الجمعة ، 1 / 635 ، ورواه أحمد في المسمد 8 / 4 ، والنسائي في كتاب الصلاة . باب إكثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة 3 / 91 - 92 . وإسناده صحيح صححه الحاكم 1 / 278 . ووافقه الذهبي . وصححه النووي في الأذكار ، ط4 ، مصطفى الحلبي ، مصر ص106 .
وأخرج الترمذي بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي » الحديث
سنن الترمذي كتاب الدعوات . باب ما جاء في فضل التوبة والاستغفار وما ذكر من رحمة الله لعباده 5 / 210 ، تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان ، نشر محمد عبد المحسن الكتبي ، المدينة المنورة . وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي ، 1 / 549 .
وأخرج الترمذي أيضا بسنده عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي ».
المصدر السابق، وقد رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي 1 / 549 .
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل والمغفرة بإذنه
وبعد هذه التقدمة أهديكم أحبتي في الله هذه الهدية
من كتاب
صيغة الصلاة الإبراهيمية من صحيح السنة النبوية
للإمام الألباني - رحمه الله تعالى -
قال رحمه الله :
وكان صلى الله عليه وسلم يصلي على نفسه في التشهد الأول وغيره
وشرع ذلك لأمته, حيث أمرهم بالصلاة عليه بعد السلام عليه(1), وعلمهم أنواعا من صيغ الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم:
1- «اللهم صل على محمد(2), وعلى أهل بيته, وعلى أزواجه وذريته, كما صليت على آل إبراهيم, إنك حميد مجيد, وبارك(3) على محمد, وعلى آل بيته, وعلى أزواجه وذريته, كما باركت على آل إبراهيم, إنك حميد مجيد«
وهذا كان يدعو به هو نفسه صلى الله عليه وسلم
2- «اللهم صل على محمد, وعلى آل محمد, كما صليت على [إبراهيم, وعلى(4)] آل إبراهيم, إنك حميد مجيد, اللهم بارك على محمد, وعلى آل محمد, كما باركت على [ إبراهيم, وعلى(5)] آل إبراهيم, إنك حميد مجيد«
3- «اللهم صل على محمد, وعلى آل محمد, كما صليت على إبراهيم [وآل إبراهيم], إنك حميد مجيد, وبارك على محمد, وعلى آل محمد, كما باركت على [إبراهيم و] آل إبراهيم, إنك حميد مجيد«
4- «اللهم صل على محمد [النبي الأمي], وعلى آل محمد, كما صليت على [آل] إبراهيم, وبارك على محمد [النبي الأمي] وعلى آل محمد, كما باركت على [آل] إبراهيم في العالمين, إنك حميد مجيد«
5- «اللهم صل على محمد عبدك ورسولك, كما صليت على [آل] إبراهيم, وبارك على محمد [عبدك ورسولك], [وعلى آل محمد], كما باركت على إبراهيم [وعلى آل إبراهيم]«
6- «اللهم صل على محمد و [على] أزواجه وذريته, كما صليت على [آل] إبراهيم, وبارك على محمد و [على] أزواجه وذريته, كما باركت على [آل] إبراهيم, إنك حميد مجيد«
7- «اللهم صل على محمد, وعلى آل محمد, وبارك على محمد, وعلى آل محمد, كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد«
هامش
(1):فقد قالوا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك(أي في التشهد) فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد... الحديث فلم يخص تشهدا دون تشهد, ففيه دليل على مشروعية الصلاة عليه في التشهد الأول أيضا
وهو مذهب الإمام الشافعي كما نص عليه في كتابه «الأم«, وهو الصحيح عند أصحابه كما صرح به النووي في «المجموع«(3/ 460) واستظهره في «الروضة«(1/ 263), طبع المكتب الإسلامي), وهو اختيار الوزير ابن هبيرة الحنبلي في «الإفصاح« كما نقله ابن رجب في «ذيل الطبقات«(1/ 280) وأقره
وقد جاءت أحاديث كثيرة في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في «التشهد وليس فيها أيضا التخصيص المشار إليه, بل هي عامة تشمل كل تشهد وقد أوردتها في الأصل تعليقا,ولم أورد شيئا منها في المتن, لأنها ليست على شرطنا, وإن كانت من حيث المعنى يقوي بعضها بعضا, وليس للمانعين المخالفين أي دليل يصح أن يحتج به كما فصلته في «الأصل«
كما أن القول بكراهة الزيادة في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول على«اللهم صل على محمد«, مما لا أصل له في السنة ولا برهان عليه, بل نرى أن من فعل ذلك لم ينفذ أمر النبي صل الله عليه وسلم المتقدم: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد... «الخ وللبحث تتمة أوردناها في «الأصل»
(2): أولى ما قيل في معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قول أبي العالية: صلاة الله على نبيه: ثناؤه عليه وتعظيمه وصلاة الملائكة وغيرهم عليه: طلب ذلك له من الله تعالى, والمراد طلب الزيادة لا طلب أصل الصلاة« ذكره الحافظ في «الفتح», ورد القول المشهور أن صلاة الرب الرحمة وفصل ذلك ابن القيم في «جلاء الأفهام« بما لا مزيد عليه فراجعه
(3): من البركة وهي النماء والزيادة والتبريك, الدعاء بذلك, فهذا الدعاء يتضمن إعطاءه صلى الله عليه وسلم من الخير ما أعطاه لآل إبراهيم وإدامته وثبوته له ومضاعفته له وزيادته
(4- 5): هاتان الزيادتان ثابتتان في رواية البخاري والطحاوي والبيهقي وأحمد, وكذا النسائي وجاءت أيضا من طرق أخرى في بعض الصيغ الآتية(7,3)
فلا تغتر بقول ابن القيم في «جلاء الأفهام«(ص 198) تبعا لشيخه ابن تيمية في «الفتاوى«(1/16): «ولم يجيء حديث صحيح فيه لفظ: «إبراهيم وآل إبراهيم مع« فها قد جئناك به صحيحا وهذا في الحقيقة من فوائد هذا الكتاب ودقة تتبعه للروايات والألفاظ والجمع بينها, وهو - أعني التتبع المذكور - شيء لم نسبق إليه والفضل لله تعالى, وله الشكر والمنة0 ومما يؤكد خطأ ابن القيم أن النوع السابع الآتي قد صححه هو نفسه وفيه ما أنكره!. أهـ
تم بحمد الله وفضله
وتقبلوا تحيات محبكم في الله
(أبو أنس)
عفا الله عنه وعنكم
آمين
تعليق