إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هدي الرسول محمد صلى الله عليه و سلم في الدعاء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هدي الرسول محمد صلى الله عليه و سلم في الدعاء

    السلام عليكم ورحمة الله و بركاته , اخواني واخواتي في الله .. سانشر باذن الله موسوعة النابلسي في هدي الرسول من السنة من اجل ان تعم الفائدة وعسى ان تكون صدقة جارية لي , فعندي والله هم كبير ارجو الله ان يفرجه عني و يحقق لي رغبتي و اكون ممنونة لكل انسان يدعي لي بظهر الغيب ان يفرج عني الله , فكل دعوى لاخيك بلغيب ترد لك الملائكة بمثلها...

    بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
    الخلق كلهم بيد الله عز وجل :
    أيها الأخوة: يقول عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه:
    ((يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي, وأنا معه إذا دعاني))
    [أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة]
    لو وقفنا عند قول الله عز وجل في الحديث القدسي: "أنا معه إذا دعاني".
    ماذا تعني معية الله عز وجل؟ مثل من واقعنا: في كل بلد عشرات الأشخاص الذين بيدهم الأمور؛ أمور الاقتصاد بيد وزير الاقتصاد, أمور الداخلية, أمور الخارجية, أمور الصناعة, أمور الزراعة, وهؤلاء الأشخاص الذين بيدهم الأمور يأتمرون جميعاً برجل واحد, تعليماته نافذة, أمره يجب أن يُنفذ فوراً.
    فأنت إن كانت لك صلة مع هذا الذي بيده كل شيء فيما يبدو, فأي إنسان لك عنده حاجة يعطيه, أو ينفذ فوراً, هذا نظام الحياة, بكل مكان في العالم هناك مجموعة أشخاص, وهناك إنسان يتربع على أعلى مكان في هذا المجتمع, فأمره نافذ, تعليماته تنفذ فوراً من دون تردد, هذا المثل مهدت به أن الإنسان له حاجات كثيرة, لكن الخلق كلهم، من في الأرض, حسناً من في السموات والأرض؛ الكواكب, الأفلاك, الحيوان, النبات, الجماد, كله بيد الله, الله عز وجل يقول لك: أنا معك إذا دعوتني. من كان مع الله كان أقوى الأقوياء :
    مرة ثانية وثالثة أقول لكم: موضوع الدعاء مع الأسف الشديد لم يدخل في حسابات الإنسان اليومية؛ لك خصوم, لك قضايا معلقة بأمور, بيد أشخاص أقوياء من الصعب أن تصل إليهم, من الصعب أن تقنعهم، يقول الله لك عز وجل: ï´؟وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِï´¾
    [سورة البقرة الآية:186]
    الأمر كله بيد الله, الأمر كله يرجع إلى الله, الأمر كله بتقدير الله: "أنا عند ظن عبدي بي".
    إذا ظننت أن الله على كل شيء قدير, وأن الأمور بيده, وأن أمره نافذ, ألا تدعو الله عز وجل فتقول: (( اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ))
    [أخرجه أحمد وابن حبان والحاكم من حديث ابن مسعود]
    فأنت حينما تتعامل مع الله بالدعاء أنت أقوى الأقوياء في أي مجتمع؛ مهما كنت ضعيفاً, مهما كنت مستضعفاً, مهما كنت في الدرجة العاشرة, لا حول لك ولا قوة, لا تستطيع أن تحل أقل مشكلة, ولو بدا لك أنك مستضعف, وأنك ضعيف, وأنك لا حول لك ولا قوة, إذا كنت مع الله فأنت أقوى الأقوياء, و لا يوجد إنسان يدعو الله بإخلاص إلا ورأى النتائج ملموسة, رآها رأي العين, رآها واضحة كالشمس, لذلك: هذا الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: ((أنا عند ظن عبدي بي, وأنا معه إذا دعاني))
    [أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة]
    الإنسان بالدعاء أقوى من كل قوي في الأرض :
    أنت إذا كنت مع الله خلق الله لك من الضعف قوة, خلق الله لك من الجهل علماً, من الفقر غنى:
    إذا كنت في كل حال معي فعن حمل زادي أنا في غنى
    ***
    أخ كريم قال لي: أنا حضرت جنازة عالم في الشام, تأثرت تأثراً بالغاً, قلت له: ما الذي لفت نظرك فيها؟ قال: في مقدمة النعش لوحة كتب عليها: أتيناك بالفقر يا ذا الغنى.
    أنت إذا كنت مع الغني فأنت أغنى الأغنياء:
    ما لي سوى فقري إليك وسيلة فبالافتقار إليك فقري أدفع
    ما لي سوى قرعي لبابك حيلة فإذا رددت فأي باب أقرع؟

    ***
    من بعض الأدعية: "يا رب كيف نفتقر في غناك؟ وكيف نذل في عزك؟ وكيف نُضام في سلطانك؟".
    أي أنت بالدعاء قوي جداً, أنت بالدعاء أقوى من كل قوي في الأرض, أمرك بيد الله عز وجل.
    أحياناً الأمور تبدو أمام الإنسان مسدودة, أي عندك رغبة أن يصلح الله لك زوجتك فعليك بالدعاء, أن يصلح الله لك أولادك فعليك بالدعاء, أن ييسر لبناتك أزواجاً طاهرين فعليك بالدعاء, أن يكون رزقك وفيراً فعليك بالدعاء, أن يلهمك الصواب في الأقوال والأفعال فعليك بالدعاء, أن يلهمك الحكمة فعليك بالدعاء, أن يوفقك في عملك التجاري فعليك بالدعاء, ما من شيء يقع إلا بتوفيق الله، قال تعالى: ï´؟وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِï´¾
    [سورة هود الآية:88]
    الإكثار من الدعاء عند السجود :
    والأحاديث الصحيحة قوية لدرجة مذهلة, انظر كلام مختصر:
    ((أنا عند ظن عبدي بي, وأنا معه إذا دعاني))
    [أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة]
    لا ينطق عن الهوى, هذا من أصح الأحاديث في البخاري ومسلم, هناك إنسان لا يوجد أمامه عقبات, بالتجارة يوجد مليون عقبة, ومليون مطب, ومليون حركة, تنتهي بك إلى الإفلاس, في الزراعة مليون آفة, تنهي المحصول كله, سقيع واحد ينهي كل الثمار, يكون قد ضمن المزرعة بثلاثمئة ألف, لا يأخذ ولا ليرة منها: ï´؟فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَï´¾
    [سورة القلم الآية:19]
    وأحياناً يأتي الرزق وفيراً بالدعاء, بمعاملاتك, أنت تمشي معاملة, أحياناً يتفنن الموظف بإزعاجك, يضع لك عقبة, ينتهي الموضوع كله, وأحياناً تيسر الأمور بالدعاء, أحياناً تنشأ مشكلة بالبيت لا يحلها إلا الدعاء, المرأة متشبثة, وأنت متشبث بالدعاء, يلين قلبها بالدعاء, يلين قلب أولادك: ((أنا عند ظن عبدي بي, وأنا معه إذا دعاني))
    [أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة]
    ويقول عليه الصلاة والسلام, فيما رواه الإمام مسلم: ((أَقرَبُ ما يكونُ العبدُ من رَبِّهِ وَهُو سَاجِدٌ، فأكثِرُوا الدُّعَاءَ))
    [أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة]
    هناك صلاة, فيها وقوف, فيها ركوع, فيها سجود, أقرب حال إلى الله وأنت ساجد, ففي السجود أكثر من الدعاء.
    أحياناً الإنسان يبحث عن زوجة صالحة فعليه بكثرة الدعاء. أثناء الدعاء يكون الإنسان في أقرب حال مع الله :
    كان عليه الصلاة والسلام إذا حزبه أمر بادر إلى الدعاء, بادر إلى الصلاة, الصلاة دعاء, والدليل:
    ï´؟وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِيï´¾
    [سورة طه الآية:14]
    ï´؟فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْï´¾
    [سورة البقرة الآية:152]
    الحديث الثاني: ((أَقرَبُ ما يكونُ العبدُ من رَبِّهِ وَهُو سَاجِدٌ، فأكثِرُوا الدُّعَاءَ))
    [أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة]
    أحياناً الإنسان مع الأشخاص الأقوياء, يكون في زيارته, أو يكون معه في نزهة, أو بساعة سرور يطلب منه, يطلب منه بساعة القرب الشديد, أحياناً يكون بنزهة, بحفلة يجلس إلى جانبه, يطلب منه, فأنت أقرب حالة تكون فيها مع الله في الدعاء, في السجود, استغل السجود للدعاء.
    والحديث الثالث: ((يَنْزِلُ رَبُّنَا تبارك وتعالى كُلَّ ليلةٍ إلى سماءِ الدنيا، حين يبقَى ثُلثُ الليلِ الأِخيرُ، فيقول: من يَدعُوني فأَستجيبَ له؟ مَن يَسْألُني فأُعْطِيَهُ؟ مَن يَسْتَغْفِرُني فَأَغْفِرَ لَهُ ؟))
    [أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي ومالك في الموطأ عن أبي هريرة]
    الحديث الصحيح هذا رواه البخاري ومسلم, ما من أخ كريم يعرض عليّ مشكلة عويصة جداً, ليس لها حل, إلا و أقول له: والله ليس لك إلا أن تصلي قبل الفجر ركعتين, وأن تسأل الله هذه الحاجة في الصلاة, لأن هذا الحديث رائع, خالق الكون, الذي أمره كن فيكون, زل فيزول, إذا أعطى أدهش, وكل خصومك بيده, اسجد له ركعتين, واسأله في السجود أن يحميك من شر فلان, وفلان, أن يوفقك, أن يحفظك, أن يلهمك, أن يكثر رزقك. الدنيا دار ابتلاء و المصائب التي تنزل على المؤمن من أجل أن تزيده قرباً من الله :
    آخر حديث برواية مسلم:
    ((إِذَا مَضى شَطْرُ الليل، أو ثُلُثَاهُ، يَنْزِلُ اللهُ تَبارَكَ وتعالى إِلى السماءِ الدنيا، فيقولُ: هل من سائِلٍ فَيُعْطَى؟ هل من دَاعٍ فَيُستَجَابَ لَه؟ هل من مُستَغفِرٍ فَيُغْفَرَ لَهُ؟ حتى يَنفَجِرَ الصُّبْحُ))
    [أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي ومالك في الموطأ عن أبي هريرة]
    أنا متأكد لا يوجد واحد من الأخوة الحاضرين إلا يوجد عنده قائمة مشكلات, ليست مشكلة واحدة, لأن الحياة هكذا, الحياة أساسها المشكلات, لأنها دار ابتلاء, أساسها دار ابتلاء.
    الحديث الشريف: (( أشد الناس بلاء الأنبياء، وأنا أشدهم بلاء، ثم العلماء ثم الأمثل فالأمثل ))
    [أخرجه الحاكم عن سعد بن أبي وقاص ]
    فالدنيا دار ابتلاء, فأنت حينما توطن نفسك على أن الدنيا دار ابتلاء, وأن كل مشكلة و كل شدة هدفها أن تُشدَّ إلى الله, كل شِدَّة وراءها شَدة, وكل محنة وراءها منحة, والمؤمن بالذات كل المصائب التي تنزل على المؤمن من أجل أن تزيده قرباً من الله عز وجل, فلذلك المؤمن راض.
    سألوا عالماً يُجري عملية في بلد أجنبي: ما الحكمة من هذا المرض الذي ألمّ بك؟ قال: من أجل أن أزداد قرباً من الله عز وجل.
    الله عز وجل يعيننا على أنفسنا, تُساق المشكلات كي نزداد قرباً من الله, كي نقف على باب الله, كي نخضع لله عز وجل, كي نسأله بحرارة.
    أحياناً يكون الدعاء فاتراً, تأتي المشكلة, فيكون السؤال فيه حرارة. الله عز وجل مع من يدعوه بالحفظ و التأييد و المعونة :
    الحديث الصحيح:
    ((أنا عند ظن عبدي بي, وأنا معه إذا دعاني))
    [أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة]
    أي معه بالحفظ, وبالتوفيق, وبالنصر, وبالمعونة, والإنسان لا يبخل بالدعاء, إن أبخل إنسان من بخل بالدعاء, كلمة أحياناً تكلفك أن تدفع مئة ألف, أو أن تدفع مليوناً, أما أحياناً فتتكلف أن تقول كلمة الدعاء, كلمة لا تكلف إلا إيماناً, وثقة, واعتماداً على الله عز وجل, إلا أن الشيء المألوف أن الإنسان إذا كان متلبساً بالمعاصي يستحي أن يدعو الله في خجل, أما إذا كان مستقيماً على أمر الله فله على الله دالة إن صحّ التعبير.
    قال له: (( يَا مُعَاذُ، هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ، قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ : فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ، وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ))
    [ متفق عليه عَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]
    الله عز وجل أنشأ لك حقاً عليه, لك حق عليه, طالبه بهذا الحق؛ يا رب أنقذني, يا رب استرني, يا رب احفظني, يا رب سدد خطاي, يا رب ألهمني الصواب, يا رب ألهمني الحكمة, يا رب أعطني ولا تحرمني, أكرمني ولا تهني, أحياناً الدعاء مع الترداد الأجوف يفقد معناه , لذلك الدعاء الفردي أحياناً أقوى.
    كنا في الحج حوالي مئة شخص, دعونا عقب الجمرة الأولى دعاء لطيفاً, بالجمرة الثانية قلت: كل شخص يدعو لوحده, يوجد أنت لك قائمة مطاليب مع الله, الدعاء الجهر له فائدة, والدعاء الخاص له فائدة, إذا دخلت لمسجد وعقب الصلاة لم يكن هناك دعاء جماعي, بل دعاء فردي, لا يوجد مانع, الدعاء الفردي له طعم آخر.
    الآن مثلاً خمسة أشخاص يجلسون بجامع؛ أحدهم طالب جامعة, و الآخر تاجر موظف, و الثالث له عمل حر, الطالب أكبر همّ عنده الامتحان, والتاجر يوجد عنده صفقة لم تباع, والموظف هناك مشكلة بدائرته كبيرة جداً, هو لم يستطع حلها, هناك مشكلة مع رئيسه, و الأخير عنده مشكلة صحية, إذا أحبوا أن يدعو الله عز وجل؛ الطالب يطلب من الله التوفيق في الامتحان, والتاجر جبر هذه البضاعة, والموظف حلّ هذه المشكلة, و المريض يسأل الله الشفاء من هذه المشكلة الصحية, غير معقول الخمسة يكون لهم دعاء يناسبهم, كل واحد له عند الله مشكلة. الإنسان بالدعاء أغنى من كل غني و أعلم من كل عالم :
    الدعاء الخاص مفيد جداً؛ بينك وبين الله, ومع الصمت, مع الدعاء السري:
    ï´؟إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاًï´¾
    [سورة مريم الآية:3]
    يكون هناك إخلاص أشد, يكون هناك توجه إلى الله أشد, يكون هناك قرب إلى الله أشد, فإذا كنت بجامع, وبعد الجامع صار ورد جماعي لا يوجد مانع, وأحياناً أدخل لجامع لا يوجد فيه ورد جماعي, كل واحد لوحده.
    أنا مرة كنت بجدة أصلي الفجر بمسجد, سلم الإمام, لا يوجد ولا كلمة, حوالي عشر دقائق, ربع ساعة, كل واحد بصلاته يدعو الله عز وجل.
    هذه أيضاً طريقة رائعة جداً, وهذه من السنة أن تدعو الله فيما بينك وبينه, لك أنت قائمة مطاليب.
    إذاً: أنت بالدعاء أقوى إنسان, أنت بالدعاء أقوى من كل قوي, أنت بالدعاء أغنى من كل غني, أنت بالدعاء أعلم من كل عالم, السبب لأن الله يلهمك الصواب.
    يجوز شخص معه شهادات عليا, و لكنه بموقف معين أخطأ, أما المؤمن فمسدد, له من الله حافظ؛ فتريد سداداً بالقول, قراراً حكيماً, عملاً طيباً, سمعة طيبة, عليك بالدعاء, أنت بالدعاء تكون أقوى الناس. الدعاء يعني أن الإنسان آمن بوجود الله وبأنه يسمعه وبأنه يحبه :
    آخر شيء: الدعاء الحقيقي كما أراده الله عز وجل، أي أنك مؤمن بوجود الله, ومؤمن أن الله يسمعك, ومؤمن أن الله قادر على أن يجيبك, ومؤمن أن الله يحبك, أنت لا تدعو من لا تؤمن بوجوده.
    لا يوجد إنسان يدخل لغرفة يتكلم مع شخص وهمي, يكون مجنوناً, أما تكلم شخصاً أمامك, معنى هذا أنت عاقل, فالدعاء يعني أنك مؤمن بوجود الله.
    لا يوجد إنسان يكلم شخصاً يسكن في حلب, يكون مجنوناً, الشخص موجود لكن بحلب, أما أكلمه على الهاتف, معنى هذا أنك لا تدعو الله إلا إذا آمنت أنه يسمعك.
    لا يوجد إنسان يخاطب طفلاً, يقول له: يا غلام, يا صغير, حل لي هذه القضية, هذا جاهل ضعيف, مشكلتك كبيرة جداً.
    الإنسان يطلب من قوي, ولا يوجد إنسان يطلب من جهة موجودة تسمعه, قوية, ولكنها عدوة له, مستحيل أيضاً.
    إذاً: ما معنى الدعاء؟ يعني أنت آمنت بوجود الله, وبأنه يسمع, وبأنه قدير, وبأنه يحبك, لذلك يقول الله عز وجل:
    ï´؟قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْï´¾
    [سورة الفرقان الآية:77]
    لو أنكم لا تدعون الله لا يعبأ الله بكم إطلاقاً, دعاؤكم يعني أنكم آمنتم بالله, وآمنتم بوجوده, وكماله, ووحدانيته: ï´؟قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْï´¾
    [سورة الفرقان الآية:77]
    طبعاً من معاني هذه الآية: دعاؤكم أنكم تدعونه: ï´؟فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماًï´¾
    [سورة الفرقان الآية:77]
    دعاء أكبر سلاح بيد المؤمن : الإنسان إذا ضاقت به الحيل, وعسر عليه الأمر, وسدت أمامه الطرق, ووقع وأُسقط من يده, ورأى عجزه وضعفه, ليس له إلا باب الله عز وجل يطرقه.
    فكلما وضعني أخ كريم أمام مشكلة, ليس لها حل, وإمكاناته لا تمكنه من حلها, والذين من حوله ليس بإمكانهم أن يحلوا له هذه المشكلة, ليس أمامي إلا هذا الحديث:
    (( ينْزِلُ رَبّنَا كُلّ لَيْلَةٍ إِلى السّمَاءِ الدّنْيَا حَتّى يَبْقَى ثُلثُ اللّيْلِ الآخر، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْألُنِي فأُعْطِيَهُ؟ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فأَغْفِرَ لَه؟ حتى ينفجر الفجر ))
    [ مسلم عَنْ أبي هُرَيْرَةَ ]
    والدعاء أكبر سلاح بيد المؤمن, إلا أن الإنسان قد يخجل أن يسأل الله, خجله مبعثه عدم استقامته, عدم الاستقامة تكون حجاباً بينك وبين الله .
    فالإنسان غير المستقيم لا يدعو الله عز وجل, ولو دعاه بلسانه, دعاؤه أجوف, دعاؤه فارغ, أما حينما تصطلح معه, فتشعر أن لك حقاً عليه, هو أنشأ لك هذا الحق, قال لك: حق الله على عباده ألا يعذبهم. الشدائد تسوق الإنسان إلى باب الله عز وجل :
    الحديث الطويل المشهور في الصحاح, المتفق عليه يقول:
    ((يا عبادي, إني حرمت الظلم على نفسي, وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا, يا عبادي, كلكم ضال إلا من هديته, فاستهدوني أهدكم - اطلب من الله الهداية, الأرض كلها ضلالات, الأرض كلها فتن, الأرض كلها ظلمات- استهدوني أهدكم, -اطلبوا الهداية مني، إذا الإنسان قال: يا رب دلني بك عليك, دلني عليك, أو دلني على من يدلني عليك, خذ بناصيتي إليك, نور قلبي-، فاستهدوني أهدكم, يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته, فاستطعموني أطعمكم))
    إذا أتقن الإنسان حرفة, وله منها دخل, هذه نعمة كبيرة, لولا هذا الإتقان, ولولا هذه الحرفة, لمات من الجوع, فربنا عز وجل رزاق, يمنحك أسباب الرزق؛ هذا مهندس, هذا مدرس, هذا طبيب, هذا صانع, هذا مهني, هذا حرفي, هذا مزارع, لو الله عز وجل أصاب الدماغ بخلل, انتهى, صار عبئاً.
    لي صديق يعمل في وزارة الصناعة, وله مرتبة عالية هناك, لديه صديق درس بفرنسا, معه دكتوراه بالجيولوجيا, وزوجته فرنسية, ويبدو أنه على جانب من المال, له بيت في حي راق من أحياء دمشق, وصل إلى مرتبة قريب من معاون وزير؛ ذكاء, وعلم, وغنى, ومال, وهيمنة, فقد بصره, خلال عملتين جراحيتين فقد بصره كلياً, جلس في بيته, البريد يأتيه كل يوم مع موظف من موظفيه, الموظف يشرح له مضمون الاستدعاء, ويعطيه توجيهاً, وينفذه خلال شهرين, طبعاً الإنسان لا يحتمل, لا يقرأ, فقد بصره, ممكن أن يقول له الموظف أي شيء خلاف مضمون الرسالة, ويأخذ توجيهاً منه, فمستحيل أن يستمر, فسرح.
    صديقي زاره, قال له بالحرف الواحد: والله أتمنى أن أجلس على الرصيف أتسول, ولا أملك من الدنيا إلا هذا المعطف الذي على كتفي, ولا أملك لا هذا البيت, ولا هذه الشهادة, ولا هذه المرأة, وأن يرد الله إلي بصري.
    فالله عز وجل رزاق, مكنك من عمل, والناس اتجهوا نحوك, و ممكن أن ينصرفوا عنك. ((فكلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم, يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم, يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار, وأنا أغفر الذنوب جميعاً, فاستغفروني أغفر لكم, يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني, ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني, يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم, كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم, ما زاد في ملكي شيئا, يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم, كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم, ما نقص ذلك من ملكي شيئا, لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم, قاموا على صعيد واحد فسألوني, فأعطيت كل إنسان منكم مسألته, ما نقص ذلك مما عندي, إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر, يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم, ثم أوفيكم إياها, فمن وجد خيراً فليحمد الله عز وجل, ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه))
    [أخرجه مسلم في الصحيح والترمذي في سننه عن أبي ذر الغفاري]
    تقنين الله عز وجل تقنين تأديب وليس تقنين عجز :
    الفقرة الأخيرة رائعة:
    ((ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه))
    حدثني أخ مهندس, قال لي: لي ثماني أخوات, والدنا فقير جداً, ولم يدع لنا شيئاً, هو أكبرهم, وتوفي والده, قال لي: نويت إذا الله أكرمني أن أعلم كل أخواتي, و أن أوصلهم إلى أعلى مرتبة, ذهب إلى السعودية, اشتغل, حكى لي قصة طويلة, لم يزل يتقلب من منصب إلى منصب, إلى أن أصبح مدير مشروع توسعة الحرم, وأكرمه الله إكراماً شديداً, علم ثماني أخوات, وزوجهم.
    فأنا تأثرت من هذه القصة, نيته وحدها سبب التوفيق؛ نوى أن يكون أباً لأخواته, أن يمنحهم العلم, ويزوجهم, فأكرمه الله بمنصب رفيع جداً، إذاً: ((فمن وجد خيراً فليحمد الله عز وجل, ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه))
    لا تقل: قدر, لا تقل: دهر, لا تقل: ليس لي خط, لا تقل: الطرق مغلقة, لا تقل: الظروف صعبة, الله لا يوجد عنده ظرف صعب, هذه عندنا, وتقول: لا يوجد سوق, الله يوجد عنده سوق, يخلق الرواج من وسط الكساد, ويخلق البيع من وسط الجمود, الله عز وجل هو الحاكم, ولا يوجد شيء ناقص عند الله: ï´؟وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُï´¾
    [سورة الحجر الآية:21]
    فالله عز وجل يقنن تقنين تأديب وليس تقنين عجز. الدعاء مفتاح النجاة :
    الحديث الثاني:
    ((أقرب ما يكون العبد من ربه عز وجل وهو ساجد فأكثروا الدعاء))
    [أخرجه مسلم في الصحيح وأبو داود والنسائي في سننهما عن أبي هريرة]
    أي افتح الخط مع الله عز وجل, أحياناً الإنسان يكون له عمل تجاري, يفتح خطاً مع شركة, أرسلوا لي البضاعة, يبيعها, و يربح, يقول لك: أكرمنا الله بهذا الخط.
    فأنت افتح خطاً مع الله عز وجل بالدعاء, عندك مشكلة؛ مشكلة ولد, مشكلة بنت, مشكلة عمل, مشكلة صحية, مشكلة اجتماعية, هناك إنسان قوي يهددك, إنسان يتربص بك, يكيد لك, وأنت ضعيف, لا تقدر عليه, أقوى منك, عندك مشكلة داخل البيت, عندك زوجة غير جيدة, الله عز وجل بيده كل شيء, افتح خطاً ساخناً مع الله
    أعجبني أخ مرة قال لي على الهاتف: فتحت خطاً ساخناً مع الله، أناجيه كل يوم, و أسعد لحظات حياتي حينما آتي إلى البيت لأصلي, فأنا أصلي كل يوم قيام الليل, مع أني لخمسة وثلاثين عاماً لم أصلِّ ركعة, ولم أصم يوماً, ثم تاب إلى الله عز وجل. شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس :
    والحديثين الأخيرين:
    ((ينْزِلُ رَبّنَا كُلّ لَيْلَةٍ إِلى السّمَاءِ الدّنْيَا حَتّى يَبْقَى ثُلثُ اللّيْلِ الآخر، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْألُنِي فأُعْطِيَهُ؟ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فأَغْفِرَ لَه؟ حتى ينفجر الفجر ))
    [ مسلم عَنْ أبي هُرَيْرَةَ ]
    قال لي أخ مرة: هناك جهة تعطيني مبلغاً من المال شهرياً, ومع شروط قاسية, و فظاظة, و تكبر، نفسي أبت عليّ, فصليت ركعتين قبل الفجر, وسألت الله في السجود أن يرزقني رزقاً من جهة أخرى, ويكون أوسع, وفيه كرامة أكثر، خلال يومين تهيأ لي عمل, والله وفقني فيه, فالاستجابة خلال يومين, ورفضت هذا المبلغ الذي تقدمه لي هذه الجهة, بإباء, ورفعت رأسي.
    فالله عز وجل جعلك عزيزاً؛ لا تخضع لغير الله, لا تتضعضع أمام غني.: ((من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه))
    [ البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود]
    لا تتمسكن, لا تعرض همك دائماً للناس, لا تتشكى, لك رب لن ينساك, لا ينسى من فضله أحد, والأمر كله بيده, لذلك: شرف المؤمن قيامه بالليل, وعزه استغناؤه عن الناس.
    استغن عن الرجل تكن نظيره, احتج إليه تكن أسيره, أحسن إليه تكن أميره.
    قد يملك إنسان ألوف الملايين, استغن عنه, تصبح نظيره, لا تطمع بما عند الناس إطلاقاً, ما عند الناس يفنى, وما عند الله باق, لا تضع نفسك موضع الذل أمام إنسان, الله هو الغني, هو الرزاق ذو القوة المتين.
    الحديث الشريف ((إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ، ينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول : هل من سائل يعطى ؟ هل من داع يستجاب له ؟ هل من مستغفر يغفر له ؟ حتى ينفجر الفجر ))
    [ الدار قطني عن أبي هريرة]
    والحمد لله رب العالمين

    التعديل الأخير تم بواسطة أول شهيده فى الاسلام; الساعة 09-02-2015, 01:14 AM. سبب آخر: تنسيق

  • #2
    رد: هدي الرسول محمد صلِّ في الدعاء

    وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته

    جزاكم الله خيرا اختى



    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ


    تعليق

    يعمل...
    X