إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كم نحتاج إلي هذه الأداب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [جديد] كم نحتاج إلي هذه الأداب


    الأدب مع رسول الله صلي الله عليه وسلم

    من أعلى مراتب الأدب وأولاها حقا على المسلم بعد الأدب مع الله تعالى والأدب مع كلامه ، فرسول الله أعظم المخلوقين حقًّا على المسلمين .
    والأدب مع الرسول هو أدب مع الله تعالى أولا ،
    إذ الأدب مع الرسول أدب مع مرسله ، كما أن طاعة الرسول من طاعة الله تعالى ، قال الله تعالى : "مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا" (النساء: 80) .
    وليس الأدب مع النبي
    صلى الله عليه وسلم مجرد كلمات مدائح خالية من الاتباع والعمل ، بل الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون إلا بمحبة صادقة تستوجب اتباعه في كل ما أمر ، واجتناب كل ما عنه زجر ، واتخاذه صلى الله عليه وسلم قدوة في الظاهر والباطن ، في السمت والعمل ، في الخلق والمعاملة .



    أنواع الأدب مع رسول الله صلي الله عليه وسلم
    لما كان الأدب سلوكًا يتعلق بأعمال الإنسان ، والأعمال إما قلبية أو قولية أو فعلية ؛ كان الأدب مع النبي لابد وأن يكون أنواعًا ثلاثة :
    1 – أدب قلبي : وهو يتعلق بتصديقه والإيمان به وحبه وتعظيمه وتوقيره .
    2 – أدب قولي : وهو يتعلق بالصلاة عليه ، والذب عن سنته ، ورعاية الأدب معه بالقول .
    3 – أدب فعلي : وهو يتعلق بحسن اتباعه فيما أمر ونهى ، مع اتخاذه قدوة وأسوة .


    أولا: الأدب القلبي

    وهو رأس جميع الآداب معه ، وأصله الإيمان به وتصديقه في كل ما جاء به عن الله تعالى ، ومطابقة ذلك باللسان بأن يشهد أن محمدًا رسول الله ، قال ابن تيمية - : فلا يكون الرجل مؤمنًا حتى يقر بما جاء به النبي ، وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فمن شهد أنه رسول الله شهد أنه صادق فيما يخبر به عن الله تعالى ، فإن هذا حقيقة الشهادة بالرسالة .ا.هـ ([1]) .

    وقال ابن القيم - : والإيمان حقيقة مركبة من معرفة ما جاء به الرسول علمًا ، والتصديق به عقدًا ( أي ينعقد عليه القلب ) ، والإقرار به نطقًا ، والانقياد له محبة وخضوعا ، والعمل به باطنًا وظاهرًا ، وتنفيذه والدعوة إليه بحسب الإمكان ؛ وكماله في الحب في الله والبغض في الله ، والعطاء لله والمنع لله ، وأن يكون الله وحده إلهه ومعبوده ؛ والطريق إليه تجريد متابعة رسوله ظاهرًا وباطنًا ، وتغميض عين القلب عن الالتفات إلى سوى الله ورسوله ، وبالله التوفيق ([2]).

    مع اعتقاد تفضيله على كل أحد من الخلق ، فهو كما وصف نفسه
    صلى الله عليه وسلم متحدثًا بنعمة ربه قال : " أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ"([3]) .
    ومما ينتج عن اعتقاد تفضيله استشعار هيبته وجلالة قدره وعظيم شأنه ، واستحضار محاسنه ومكانته ومنزلته والمعاني الجالبة لحبه وإجلاله ، وكل ما من شأنه أن يجعل القلب ذاكرًا لحقه من التوقير والتعزيز ، ومعترفًا به ومذعنًا له ؛ فالقلب ملك الأعضاء وهي جند له وتبع ، فمتى ما كان تعظيم النبي مستقرًا في القلب مسطورًا فيه على تعاقب الأحوال ، فإن آثار ذلك ستظهر على الجوارح حتمًا لا محالة ، وحينئذ سترى اللسان يجري بمدحه والثناء عليه وذكر محاسنه ؛ وترى الجوارح ممتثلة لما جاء به ومتبعة لشرعه وأوامره ومؤدية لما له من الحق والتكريم ([4]) .


    [1] - انظر القاعدة المراكشية ص 24، 25.
    [2] - انظر الفوائد ص 107.
    [3]- مسلم (2278) عن أبي هريرة .
    [4]- انظر محبة النبي
    صلى الله عليه وسلم وتعظيمه لعبد اللطيف بن محمد الحسن، ضمن كتاب المنتدى (حقوق النبي بين الإجلال والإخلال ص 73 ، 74 .





    ومن الأدب القلبي : محبته
    صلي الله عليه وسلم


    المحبة أمر قلبي ، وإنما يظهر آثارها بالطاعة والاتباع ، فهذه هي العلامات التي تدل على ما في قلب العبد من محبة . ومحبة النبي من الإيمان ، بل لا يتم الإيمان حقيقة إلا إذا كان النبي أحب إلى المرء من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين ، فقد روى أحمد والبخاري عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلا مِنْ نَفْسِي ، فَقَالَ النَّبِيُّ : " لا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ " ؛ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي ، فَقَالَ النَّبِيُّ : " الآنَ يَا عُمَرُ " ( [1] ) .
    وفي الصحيحين عَنْ أَنَسِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ " ( [2] ) .
    قال السيوطي – : قال ابن بطال : معنى الحديث أن من استكمل الإيمان علم أن حقه عليه آكد من حق أبيه وابنه والناس أجمعين ؛ لأنه استنقذنا من النار وهدانا من الضلال ([3]) .
    وقال ابن حجر - : وفي هذا الحديث إيماء إلى فضيلة التفكر ؛ فإن الأحبية المذكورة تعرف به ، وذلك أن محبوب الإنسان إما نفسه وإما غيرها ، أما نفسه فهو أن يريد دوام بقائها سالمة من الآفات ، وهذا هو حقيقة المطلوب . وأما غيرها فإذا حقق الأمر فيه فإنما هو بسبب تحصيل نفع ما على وجوهه المختلفة حالا ومآلا ، فإذا تأمل النفع الحاصل له من جهة الرسول الذي أخرجه من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان - إما بالمباشرة وإما بالسبب - علم أنه سبب بقاء نفسه البقاء الأبدي في النعيم السرمدي ، وعلم أن نفعه بذلك أعظم من جميع وجوه الانتفاعات ، فاستحق لذلك أن يكون حظه من محبته أوفر من غيره ؛ لأن النفع الذي يثير المحبة حاصل منه أكثر من غيره ، ولكن الناس يتفاوتون في ذلك بحسب استحضار ذلك والغفلة عنه ، ولا شك أن حظ الصحابة رضي الله عنهم من هذا المعنى أتم ، لأن هذا ثمرة المعرفة وهم بها أعلم، والله الموفق ([4]) .
    قال ابن رجب - : فلا يكون المؤمن مؤمنًا حتى يقدم محبة الرسول على محبة جميع الخلق ، ومحبة الرسول تابعة لمحبة مرسله ، والمحبة الصحيحة تقتضي المتابعة والموافقة في حب المحبوبات وبغض المكروهات ، قال تعالى : " قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ " [ التوبة : 24 ] ، وقال تعالى: " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " [ آل عمران : 31 ].قال الحسن - : قال أصحاب النبي : يا رسول الله إنا نحب ربنا حبًّا شديدًا ، فأحب الله أن يجعل لحبه عَلَمًا فأنزل الله هذه الآية .

    وفي الصحيحين عَنِ النَّبِيِّ قَالَ : " ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ " ( [5] ) .
    فمن أحب الله ورسوله محبة صادقة من قلبه أوجب له ذلك أن يحب بقلبه ما يحبه الله ورسوله ، ويكره ما يكرهه الله ورسوله ، ويرضي ما يرضي الله ورسوله ، ويسخط ما يسخط الله ورسوله ، وأن يعمل بجوارحه بمقتضى هذا الحب والبغض .
    والمعاصي إنما تقع من تقديم الهوى على محبة الله ورسوله ومحبة ما يحبه ، وكذلك حب الأشخاص الواجب فيه أن يكون تبعًا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، فيجب على المؤمن محبة الله ومحبة من يحبه الله من الملائكة والرسل والأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين عمومًا ، ولهذا كان من علامات وجوده حلاوة الإيمان أن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وتحريم موالاة أعداء الله ومن يكرهه الله عمومًا ، وبهذا يكون الدين كله لله ، ومن أحب لله ، وأبغض لله ، وأعطي لله ، ومنع لله ، فقد استكمل الإيمان ؛ ومن كان حبه وبغضه وعطاؤه ومنعه لهوى نفسه كان ذلك نقصًا في إيمانه الواجب ، فيجب عليه التوبة من ذلك والرجوع إلى اتباع ما جاء به الرسول
    صلى الله عليه وسلم من تقديم محبة الله ورسوله وما فيه رضا الله ورسوله على هوي النفس ومراداتها كلها ( [6] ) .
    فهذا محك الاختبار ، وبرهان الإسلام والإيمان ،
    يا مسلمًا تدعي الإسلام مجانا ... هلا أقمت على دعواك برهانا

    [1]- أحمد / 5 / 293، والبخاري (6632).
    [2] - البخاري (15)، ومسلم (44).
    [3] - الديباج: 1 / 60، وانظر شرح صحيح مسلم للنووي: 2 / 15.
    [4]- فتح الباري: 1 / 59، 60 .

    [5] - البخاري (16)، ومسلم (43) عن أنس .
    [6] - انظر جامع العلوم والحكم ص 389، 390 باختصار.




    في سلسلة الأداب

    لشيخي وأخي الأكبر (سعيد بخيبخ) حفظه الله

    المصدر/ منقول


    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 21-08-2014, 12:30 AM. سبب آخر: تعديلات بسيطة
    يا الله
    علّمني خبيئة الصَّدر حتّى أستقيم بِكَ لك، أستغفر الله مِن كُلِّ مَيلٍ لا يَليق، ومِن كُلّ مسارٍ لا يُوافق رضاك، يا رب ثبِّتني اليومَ وغدًا، إنَّ الخُطى دونَك مائلة


  • #2
    رد: كم نحتاج إلي هذه الأداب

    عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    جزاكم الله خيرًا أختنا الفاضلة، موضوع طيب جدًا
    يُنقل إلى القسم المناسب
    ______
    اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

    تعليق


    • #3
      رد: كم نحتاج إلي هذه الأداب

      ثانيا: الأدب القولي

      الأدب القولي هو ما يتعلق باللسان ، واللسان دليل القلب ، قال الشاعر :

      إنا لكلام لفي الفؤاد وإنما ... جعل اللسان على الفؤاد دليلا

      وقديما قيل : غش القلوب يظهر في فلتات اللسان . فالمؤمن يتأدب مع رسول الله قولا وفعلا لأن هذا أمر الله تعالى للمؤمنين أولا ، ولأنه علامة محبته للنبي كما تقدم .
      قال ابن القيم - ]: من الأدب مع الرسول أن لا يتقدم بين يديه بأمر ولا نهي ولا إذن ولا تصرف ، حتى يأمر هو وينهى ويأذن ؛ كما قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ] [ الحجرات : 1 ] ،وهذا باق إلى يوم القيامة ولم ينسخ ، فالتقدم بين يدي سنته بعد وفاته كالتقدم بين يديه في حياته ، ولا فرق بينهما عند ذي عقل سليم ؛ قال مجاهد]: لا تفتاتوا على رسول الله ( [1] ) .
      وقال أبو عبيدة -]: تقول العرب : لا تقدم بين يدي الإمام وبين يدي الأب ، أي : لا تعجلوا بالأمر والنهي دونه ؛ وقال غيره : لا تأمروا حتى يأمر ، ولا تنهوا حتى ينهى .
      ومن الأدب معه أن لا ترفع الأصوات فوق صوته ، فإنه سبب لحبوط الأعمال ، فما الظن برفع الآراء ونتائج الأفكار على سنته وما جاء به ، أترى ذلك موجبًا لقبول الأعمال ورفع الصوت فوق صوته موجبا لحبوطها ؟!
      ومن الأدب معه أن لا يجعل دعاءه كدعاء غيره ، قال تعالى : [لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا] [ النور: 63 ] ، وفيه قولان للمفسرين :
      أحدهما : أنكم لا تدعونه باسمه كما يدعو بعضكم بعضا ، بل قولوا : يا رسول الله ، يا نبي الله ؛ فعلى هذا المصدر مضاف إلى المفعول ، أي : دعاءكم الرسول .
      الثاني : أن المعنى لا تجعلوا دعاءه لكم بمنزلة دعاء بعضكم بعضًا : إن شاء أجابو إن شاء ترك ، بل إذا دعاكم لم يكن لكم بد من أجابته ، ولم يسعكم التخلف عنها البتة ؛ فعلى هذا المصدر مضاف إلى الفاعل ، أي دعاؤه إياكم .
      ومن الأدب معه أنهم إذا كانوا معه على أمر جامع من خطبة أو جهاد أو رباط ، لم يذهب أحد منهم مذهبًا في حاجته حتى يستأذنه ،
      كما قال تعالى :
      [إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ] [ النور : 62 ]

      ،فإذا كان هذا مذهبًا مقيدًا بحاجة عارضة لم يوسع لهم فيه إلا بإذنه ، فكيف بمذهب مطلق في تفاصيل الدين : أصوله وفروعه دقيقه وجليله ، هل يشرع الذهاب إليه بدون استئذانه ؟! ]
      [فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ] [ النحل : 43 ، الأنبياء : 7 ] .

      ومن الأدب معه أن لا يستشكل قوله ، بل تستشكل الآراء لقوله ، ولا يعارض نصه بقياس ، بلتهدر الأقيسة وتلقى لنصوصه ، ولا يحرف كلامه عن حقيقته لخيال يسميه أصحابه معقولا ؛ نعم ، هو مجهول وعن الصواب معزول ، ولا يوقف قبول ما جاء به على موافقة أحد ، فكل هذا من قلة الأدب معه ، وهو عين الجرأة ( [2] ) . وقد روى أحمد وأهل السنن إلا النسائي عن أَبِي رَافِعٍ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ : " لا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ : لا نَدْرِي ! مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ " ( [3] ) .
      وروى أحمد والترمذي وابن ماجة عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: " أَلا هَلْ عَسَى رَجُلٌ يَبْلُغُهُ الْحَدِيثُ عَنِّي وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ ، فَيَقُولُ : بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَلالا اسْتَحْلَلْنَاهُ ، وَمَاوَجَدْنَا فِيهِ حَرَامًا حَرَّمْنَاهُ ؛ وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ " ( [4] ) .
      قال السيوطي ]- في ( مفتاح الجنة ) :

      فاعلموا - رحمكم الله - أن من أنكر كون حديث النبي قولا كان أو فعلا - بشرطه المعروف في الأصول - حجة ، كفر وخرج عن دائرة الإسلام ، وحشر مع اليهود والنصارى أو مع من شاء الله من فرق الكفرة ، روى الإمام الشافعي يومًا حديثًا وقال إنه صحيح ، فقال له قائل : أتقول به يا أبا عبد الله ؟ فاضطرب وقال : يا هذا أرأيتني نصرانيًا ؟! أرأيتني خارجا من كنيسة ؟! أرأيت في وسطي زنارًا ؟! أروي حديثًا عن رسول الله ولا أقول به ( [5] ) .ا.هـ .
      ألا فلينظر من يزعم أنه مسلم أمره على الجلية ، وليحسن الأدب مع النبي محمد، وليكن طوَّاعًا لأمره ، مجتنبًا لنهيه ، مقتديًّا به .. ليدلل على صحة إسلامه .

      يا مسلمًا تدعي الإسلام مجانا ... هلا اقمت على دعواك برهانا






      ومن الأدب القولي مع النبي الصلاة عليه

      قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمً} ( الأحزاب : 56 ) ، قال ابن كثير - ]: المقصود من هذه الآية أن الله]أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى ، بأنه يثني عليه عندالملائكة المقربين ، وأن الملائكة تصلي عليه ، ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه ، ليجمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي ( [6] ) .
      وقال ابن القيم -]: والمعنى أنه إذا كان الله وملائكته يصلون على رسوله ، فصلوا أنتم عليه ،فأنتم أحق بأن تصلوا عليه وتسلموا تسليمًا ، لما نالكم ببركة رسالته ويمن سفارته من شرف الدنيا والآخرة ( [7] ) .
      وفي معنى الصلاة المراد في هذه الآية ، قال أبو العالية -]: صلاة الله تعالى ثناؤه عليه عند الملائكة ، وصلاة الملائكة الدعاء . وقال ابن عباس : ]يُصَلُّونَ[يبرِّكون ( [8] ) .
      فمعنى الصلاة على النبي إذًا : التبريك والثناء وإظهار الفضل والشرف ، قال ابن القيم - ]: والمعروف عند العرب من معناها إنما هو الدعاء والتبريك والثناء ، فالواجب حمل اللفظة على معناها المتعارف في اللغة ( [9] ) .




      كيفية الصلاة على النبي


      جاءت الأحاديث المتواترة عن رسول الله بالأمر بالصلاة عليه ، وكيفية الصلاة عليه ، منها : ما رواه الشيخان عنعبد الرحمن بْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ : لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ : أَلا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً ؟ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ فَقُلْنَا : قَدْ عَرَفْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ قَالَ : " قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ " ([10]) .
      وعند البخاري وغيره من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذَا التَّسْلِيمُ ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ قَالَ : " قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ ،وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ" ( [11] ) .
      وفي الباب أحاديث أخر ، ولو اقتصر على قول : اللهم صل على محمد وآله وسلم .. ونحوه جاز ، ولكن الأفضل ما جاء عن النبي .



      الحاشية :


      [1] - ذكره البخاري في ترجمة باب تفسير سورة الحجرات تعليقا، وقال الحافظ في الفتح: 8 / 589 وصله عبد بن حميد .

      [2] - انظر مدارج السالكين: 2 / 389، 390.

      [3]- أحمد: 6 / 8، وأبو داود (4605)، والترمذي (2663) وصححه، وابن ماجة (13)، والحاكم (368) وصححه على شرط الشيخين.

      [4] - أحمد: 4 / 130، 132، والترمذي (2664) وحسنه، وابن ماجة (12)، وصححه ابن حبان (12)، والحاكم (371).

      [5]- مفتاح الجنة ص5 .


      [6] - انظر تفسير ابن كثير: 3 / 508.

      [7] - انظر جلاء الأفهام ص 161، 162.

      [8] - انظر البخاري: 8 / 392 مع الفتح، وأثر ابن عباس وصله ابن جرير في تفسيره: 22 / 31.

      [9] - باختصار من جلاء الأفهام ص 165، 166.

      [10] - البخاري (3370، 6357)، ومسلم (406).

      [11] - البخاري (4798).



      المصدر/ منقول
      لشيخي وأخي الأكبر (سعيد بخيبخ) حفظه الله



      التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 03-09-2014, 06:08 PM.
      يا الله
      علّمني خبيئة الصَّدر حتّى أستقيم بِكَ لك، أستغفر الله مِن كُلِّ مَيلٍ لا يَليق، ومِن كُلّ مسارٍ لا يُوافق رضاك، يا رب ثبِّتني اليومَ وغدًا، إنَّ الخُطى دونَك مائلة

      تعليق


      • #4
        رد: كم نحتاج إلي هذه الأداب

        وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته
        جزاكِ الله خيراً أختنا الفاضله وبارك فيكِ
        اللهمَ صلِ وسلم وزد وبارك على نبينا محمد


        هونيها تهون .. واجعلي الهم هم الآخرة
        _ يا جَبار إجبرني

        تعليق


        • #5
          رد: كم نحتاج إلي هذه الأداب

          جزاكم الله كل خير معلمتي ونفع بكم
          ومما زادني شرفا وتيها وكدت بأخمصي أطأ الثريا
          دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيا



          تعليق


          • #6
            رد: كم نحتاج إلي هذه الأداب

            عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

            اللهم صلِّ على محمد في الأولين وصلِّ على محمد في الآخرين وصلِّ على محمد في الملأ الأعلى إلى يوم الدين
            جزاكم الله خيرًا، وبارك الله فيكم


            تعليق

            يعمل...
            X