الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، نبينا المصطفى أشرف خلق الله أجمعين، سيد الأولين والآخرين؛
من اهتدى بهديه صار من الفائزين، وازداد شرفا في الدنيا وفي الآخرة كان من الناجين، بفضل الله وبرحمته سبحانه أرحم الراحمين،
صلى عليك الله ياعلم الهدي ويا إمام المتقين، وعلى آلك وأصحابك ومن تبعك بإحسان إلى يوم الدين.
أمـا بعــد..
فيا عباد الله.. يا من تحبون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم..
يا من تحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم، إمامنا ومعلمنا وسيدنا وسيد ولد آدم..
هل صليتم على النبي اليوم؟ وهل تصلون عليه كل يوم؟
هل تصلون عليه في كل أيامكم؟ في صباحكم ومسائكم؟
هل تصلون عليه في يقظاتكم وعند نومكم وفي منامكم؟
وبعيدا عن الملصقات والمنشورات، وكتاباتكم في مواقع التواصل والتعليقات؛
هل تُصلّون عليه بألسنتكم وأنتم موقنون فضل الصلاة عليه بقلوبكم ؟!
يا عباد الله .. يا أحباب رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ أين نحن من قوله تعالى:
{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } الأحزاب: 56
[ هذا فيه تنبيه على كمال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ورفعة درجته، وعلو منزلته عند اللّه وعند خلقه، ورفع ذكره.
و { إِنَّ اللَّهَ } تعالى { وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ } عليه، أي: يثني اللّه عليه بين الملائكة، وفي الملأ الأعلى، لمحبته تعالى له،
وتثني عليه الملائكة المقربون، ويدعون له ويتضرعون. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } اقتداء باللّه وملائكته،
وجزاء له على بعض حقوقه عليكم، وتكميلاً لإيمانكم، وتعظيمًا له صلى اللّه عليه وسلم، ومحبة وإكرامًا، وزيادة في حسناتكم، وتكفيرًا من سيئاتكم.
وأفضل هيئات الصلاة عليه، عليه الصلاة والسلام، ما علَّم به أصحابه:
" اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ،
وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ "
وهذا الأمر بالصلاة والسلام عليه مشروع في جميع الأوقات، وأوجبه كثير من العلماء في الصلاة ]. [1]
[ والآية الكريمة تدل على وجوب الصلاة والسلام على النبى صلى الله عليه وسلم والمؤمنون الصادقون هم الذين يكثرون من ذلك . قال صاحب الكشاف
ما ملخصه : فإن قلت : الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم واجبة أم مندوب إليها؟
قلت : بل واجبة ، وقد اختلفوا فى حال وجوبها ، فمنهم من أوجبها كلما جرى ذكره صلى الله عليه وسلم ومنهم من قال تجب فى كل مجلس مرة،
وإن تكرر ذكره. ومنهم من أوجبها فى العمرة مرة.. والذى يقتضيه الاحتياط: الصلاة عليه عند كل ذكر . . . لما ورد من الأخبار فى ذلك.
ومنها : " رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل على " ]. .. [2]
يا عباد الله .. يا أحباب رسول الله، صلى الله عليه وسلم
صَـلُّوا على البَدْرِ المُنيرِ الزَاهِرِ... صَـلُّوا عَلى المِسْكِ الفَتيقِ العَاطِرِ... صَـلُّوا على الغُصنِ البَهيِّ النَاضِرِ...
وتَنعْمُوا بصَلاتِكُم تَنْعِيمَا ... صَـلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسْلِيمَا
*****************
صَـلُّوا على البَدْرِ المُنيرِ اللائِحِ... صَـلُّوا على الهَادِي الحبيبِ النَّاصِحِ... صَـلُّوا على المِسْكِ الفَتيقِ الفَائِحِ...
للرُشدِ فَهَّمَ والهُدَى تَفْهِيمَا ... صَـلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسْلِيمَا
يا عباد الله .. يا أحباب رسول الله، صلى الله عليه وسلم
أين نحن من قوله صلى الله عليه وسلم؟
" من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى اللَّهُ عليهِ عشرًا وحُطَّت عنهُ عشرُ خطيئاتٍ ورُفِعت لَه عشرُ درجاتٍ "
الراوي: أنس بن مالك المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 1/415 - خلاصة حكم المحدث: [حسن كما قال في المقدمة]
وأين نحن من قوله صلى الله عليه وسلم؟
" من صلَّى عليَّ صلاةً كتبَ اللَّه لَه قيراطًا والقيراطُ مثلُ أُحُدٍ "
الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 8813 - خلاصة حكم المحدث: حسن
وأين نحن من قوله صلى الله عليه وسلم؟
" إذا سَمِعْتُمُ المؤذِّنَ فقولوا مثلَ ما يقولُ، وصلُّوا عليَّ فإنَّهُ من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى اللَّهُ عليهِ عشرًا،
ثمَّ سلوا اللَّهَ لي الوسيلةَ فإنَّها منزلةٌ في الجنَّةِ لا تنبَغي إلَّا لعبدٍ من عبادِ اللَّهِ أرجو أن أكونَ أنا هوَ فمن سألَ لي الوسيلةَ حلَّت لَه الشَّفاعةُ "
الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 677 - خلاصة حكم المحدث: صحيح
ثم أين نحن من هذا الحديث؟
عن حبان بن منقذ بن عمرو رضي الله عنه، أنَّ رجلًا قال:
يا رسولَ اللهِ أَجْعَلُ ثُلُثَ صَلاتِي عليكَ؟
قال: " نَعَمْ إنْ شِئْتَ ".
قال : الثُّلُثَيْنِ ؟
قال : " نَعَـمْ ".
قال : فَصَلاتِي كلَّها ؟
قال رسولُ اللهِ : " إذا يَكْفيـكَ اللهُ مَـا أَهَمَّكَ من أَمْرِ دُنْياكَ وآخِرَتِكَ ".
رواه الإمام الألباني في: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 1671 - خلاصة حكم المحدث: حسن لغيره
يا عباد الله .. يا أحباب رسول الله، صلى الله عليه وسلم
أبشروا واستبشروا خيرا؛ فالله سبحانه يريد بعباده خيرا،
أبشروا بالخير، واتخذوا مما يحدث في هذه الأيام ما يدفعكم للتمسك بدينكم والحفاظ على عقيدتكم، والعودة إلى الله تعالى؛
فكم قصَّرنا وكم بعدنا، وكم ألهتنا الحياة!
ولأن الله يريد بعباده الخير كله، فيأذن بأمره أن تحدث الفتن والابتلاءات لتمحيص عباده؛ فلنحذر أن ننجرف مع هذه الفتن -عياذا بالله-،
ولنهب صامدين أمامها غير آبهين بها، آملين أن يشملنا الله برحمته فيجعلنا مع عباده الذين صدقوه
هيا معاً نهرع إلى ربنا سبحانه فارِّين إليه، هيا معاً نهاجر إلى النبي المصطفى، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم:
" الْعِبَـادَةُ فِي الهَـرْجِ كَهِـجْــرَةٍ إليَّ "
حديث صحيح، رواه الأمام مسلم في صحيحه عن معقل بن يسار رضي الله عنه
[العبادة هنا لفظ يشمل جميع أنواع العبادات، والهرج هو الفتنة وأيام الفتن واختلاط أمور الناس، وفي حال القتل والحرب، وفي حال الخوف والذعر،
وفي حال اختلاط أمور الناس من الفوضى الاقتصادية والاجتماعية، أو الفوضى في الفتوى، بحيث لا تنتظم أمورهم ويكونون في أمرٍ مريج...
فالذي يجمع قلبه على ربه، في هذه الأحوال وفي هذه الفتن، تكون عبادتة في هذا الجو كهجرةٍ إلي النبي صلى الله عليه وسلم.
ومعلوم أجر الهجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فالمهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم وأهليهم، وتركوا البلاد والأهل والمال لله،
وخرجوا إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف كان أجرهم؟!] ... [3]
هيا معاً عباد الله نداوم على العبادات والطاعات، نداوم على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بقلوبنا وبألسنتنا،
فالعبادة ليست ملصقات على الجدران، أو منشورات وبوستات تنشر على المواقع!
وليست ايضا مشاركات بأكبر عدد من الناس كتابة في مواقع التواصل!
ليس الأمر مشاركات بالكتابة؛ لكنه فعل: قـول وعمـل
فكلمة التوحيد ينطقها اللسان موقنا بها القلب، تدفع العباد إلى العمل، العمل بما يرضي الله تعالى؛ وقوفاً على أوامره والإمثال لها، واجتناباً لنواهيه
والصلاة على النبي كلمة ينطق بها اللسان أيضا موقنا بها القلب، إمتثالا لأمر الله تعالى، وحُبَّـاً في النبي صلى الله عليه وسلم،
الصلاة على النبي توجب العمل بما أمرنا به صلى الله عليه وسلم واجتناب ما نهانا عنه، والاقتـدا بهديه
صلى الله عليه وسلم في الأولين والآخرين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين
وأُذكّر نفسي وإياكم عباد الله يا أهل الخيرات، فلنكثر من الصلاة والسلام علي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم،
ولنجعل لأنفسنا حظا مباركا من مداومة الصلاة عليه، صلى الله عليه وسلم، ولنُذكِّر الناس أيضا ونحثُّهم على ذلك،
ثم أُذكّر نفسي وإياكم بمراقبة أنفسنا يوما بعد يوم ومحاسبتها بالسؤال:
صلَّى عليك اللهُ يا سيدَ الأكوان، صلَّى وسلَّمَ ربِّي يا أحمَدَ العدنان... *
الحمـدُ للهِ منَّـاً بـَاعِثِ الرُسِــلِ .. هـَـدَىَ بأَحْمَـدَ مِنـَّا أحْمَـدَ السُبُـلِ
خَيرُ البَرِيـةِ مِنْ بَدوٍ ومِـنْ حَضرٍ .. وأكَــرَمُ الْخَلْـقِ مِـنْ حَافٍ ومُنتَعِلِ
دَعَوْتَ للخَلقِ عَامَ الحُزنِ مُبْتَهِلاً .. أَفْدِيكَ فِي الْخَلقِ مِنْ دَاعٍ ومُبْتَهَلِ
صَعَّدتَ كَفَّيـْكَ إذِ كَفَّ الغَمَـامُ فَمَا .. صَوَّبْتَ إلَّا بِصَـوْبِ الْوَابـِـلِ الهَطِلِ
أعْجَزتَ بالْوَحيِ أرْبَابَ الْبَلاغَةِ فِي .. عَصْـرِ الْبَيَانِ فَضَّـلَتْ أوجُهُ الْحِيَلٍ
أرَحْتَ بالسَّيْفِ ظَهَرَ الأرْضِ مِنْ نَفَرٍ .. أزَحْتَ بالصِّدْقِ مِنْهُـم كَاذِبَ الْعِلَلِ
ويَـوْمَ مَكَّــةَ إذْ أَشْرَفَتَ فِي أُمَمٍ .. يَضِيـِقُ مِنْهَا فِجَاجُ الْوَعْثِ والسَّهْـلِ
عَـادُوا بِظِلِّ كَرِيمِ الْعَفْوِ ذِي لَطَفٍ .. مُبَارَكِ الْوَجْـهِ بـالتَّوْفِيـقِ مُشْتَمِـلِ
فَجُدتَّ عَفْوَاً بَفَضْلِ الْعَفْوِ مِنْكَ ولَمْ .. تُلْمِـمْ ولَا بألِيــمِ اللَّـوْمِ والعَـذَلِ
وأَصْبَـحَ الدِّينُ قَـدْ حُفَّتْ جَوَانِبُهُ .. بِعِزَّةِ النَّصـرِ واسْتَوْلَىَ عَلَـىَ الْمِلَلِ
يَا صَفْوَةَ الْخَلْقِ قَدْ أُصْفِيِتُ فِيكَ صَفَا .. صَفْــوَ الِوِدَادِ بِلَا شَوْبٍ ولَا دَخَلِ
ألَسْتَ أكَرمَ مَنْ يَمْشِي عَلَىَ قَدَمٍ .. مِنَ الْبَرِيَّةِ فَوْقَ السَّهْـلِ والْجَبَلِ
وأَزْلَـفُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلةً .. إذْ قِيـلَ فِـي مَشْهَدِ الْأشْهَادِ والرُسِلِ
قُمْ يامُحَمَّدُ فَاشْفَعْ فِي الْعِبَادِ وقُلْ .. تُسْمَعْ وسَلْ تُعْطَ واشْفَعْ عَائِدَاً وسَلِ
[1] تفسير السعدي
[2] تفسير الوسيط،
ولفظ الحديث الذي ذكره الشيخ طنطاوي رحمه الله:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" رغِمَ أنفُ رجلٍ ذُكِرتُ عندَهُ فلم يصلِّ عليَّ،
ورغِمَ أنفُ امرئٍ دخلَ عليهِ رمضانُ ثمَّ انسلخَ قبلَ أن يُغفَرَ لَهُ،
ورغمَ أنفُ رجلٍ أدرَكَ عندَهُ أبواهُ الكبرَ فلم يُدخِلاهُ الجنَّةَ ".
صححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب
[3] بتصرف من خطبة الشيخ محمد صالح المنجّد حفظه الله:
العبادة في وقت الفتن
* كلمات : عبد الله بن يحيى
تعليق