بركة ريقه صل الله عليه وسلم
فهذا شيء غريب ، لا يعلمه إلا الحقُّ سبحانه وتعالي ، وهو عنده سبع سنين أصيب برمد ،
فجده عبد المطلب جاء له بعلاج من مكَّة ، فلم ينفع معه هذا العلاج ، فكرر العلاج ولم ينفع كذلك،
وفي النهاية قالوا له :
{إن أردت أن يشفي ولدك فإنه يوجد راهب عند عرفات موجود في دير هناك ، وهو متخصص في علاج العيون ،
فـذهب به جدُّه عبد المطلب ، ونادي عليه من ثلاث إلي أربع مرات فلم يرد الراهب ، فحدث زلزال في الدير ،
فخرج الراهب يجري ، و أول ما رأي رسول الله صل الله عليه وسلم ، قال : هذا نبيُّ هذه الأمة ،
ولو لم أخرج إليك لا نهدم الدير وتهدَّم عليّ ، فقال له : أنظر إلي عينيه ففيهما رمد ،
قال له : علاجه معه ، قال له : كيف؟، قال : خذ من ريقه ، وضع في عينه يشفي ، فأخذ من ريقه ،
ووضع في عينه ، فشفي بإذن الله ، وأصبح هذا شأنه بعد ذلك}[1]
وعندما جاء ليفتح خيبر وقال لهم {غَداً سَأعْطِي الرَّايةَ لِرَجُلٍ يُحِبَّ اللهَ وَرَسُولَهَ ، وَيُحِبُّه اللهُ وَرَسُولُه -
ففي الصباح كان كل رجل منهم ، يطمع أن ينال هذا الشرف – فقال صل الله عليه وسلم : أيْنَ عَلِيٌ ؟
، قالوا : إنَّهُ أرْمَدٌ - أي عينيه فيهما رمد – فَقَالَ صل الله عليه وسلم : إئتُونِي بِِهِ , فلمَّا جاء ،
أعْطِاهُ الرَّايَةَ ، فَقَالَ : يا رَسُولَ الله إنِّي اشْتكِي عَيْني ، فقال صل الله عليه وسلم : لابَأسَ عَليْكَ .
ثُمَّ أخَذَ مِنْ رِيِقِهِ ، وَوَضَعَ عَلَيَ عَيْنَيْهِ فَشَفَيَ فِي الحَالِ}[2]
وليس بعد ساعة ، أو يوم ، أو يومين ، بل في الحال بل فورا ، شفيت بإذن الله
وببركة رسول الله صل الله عليه وسلم
{وكانُوا يَأتُونَ إليه وَيَقُولُونَ لَهُ : هَذِهِ البِئْرُ مَائُهَا مَالِحٌ - وقد حدثت هذه الواقعة عشرات المرات -
فَيَقُولُ لَهُمْ صل الله عليه وسلم : احْضِرُوا لِي بَعْضَ الْمَاءِ ، فَيَتَمَضْمَضُ بِبَعْضِهِ ، وَيَرُدُّهُ فِي الإنَاءِ بَعَدَ أنْ
اخْتَلَطَ بِرِيقِهِ صل الله عليه وسلم ، وَيَقُولُ لَهُمْ : ضَعُوا هَذَا الْمَاءَ فِي البِئْرِ ، فَيُصْبِحُ عَذْبَاً فُرَاتَاً}[3]
وتوجد الآن آبار باليمن ، وآبار بالحجاز ، وآبار بالشام ، كلها عذب ماؤها بريق المُصطفي
صل الله عليه وسلم ، فعندما يلقون هذا الجزء من الماء يجدون ماء البئر قد صارت عذبة
وحلوة من ريق المُصطفي صلوات الله وسلامه عليه
وهذه امرأة من الأنصار تحكي وتقول {ذَهَبْتُ إلي رَسُولَ الله صل الله عليه وسلم أنَا وَأخْوَتِي البَنَاتُ ،
وكُنَّ خَمْسُ بَنَاتٍ ، فَوَجَدْنَهُ يأكلُ لَحْمَاً ، فَأمْسَكَ قِطْعَةَ وَمَضَغَهَا بِأسْنَانَهِ الشَّرَيفَةِ ، وَأعْطَاهَا لِيَ ،
وَقَالَ صل الله عليه وسلم : اعْطِ لأخَوَاتِكِ كَلَّ وَاحِدَةٍ قِطْعَةً ، فَأعْطَتْهُنَّ ، وَلأنَّ فِيهَا رِيقُ رَسُولِ اللهِ
صل الله عليه وسلم ، فَقَدْ قَالَتْ : لَقَدْ مِتْنَ جَمِيعَاً وَلأفْوَاهِهِنَّ رَائِحَةٌ أطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسُك}[4]
فلم يحتاجوا للبان أو معجون أسنان ، حتى ولو أكلوا بصلا أو ثوما ، لأنهم أخذوا من
معجون الأسنان الرباني من ريق المُصطفي صل الله عليه وسلم
وهذا رجل آخر من الأنصار عتبة بن فرقد وكان متزوجا لأربع نسوة ، فقلن {كنَّ نأتي بأفضل الطيب ،
ونضعه علي عواتقنا ، وعلي ثيابنا حتى تضوع منا رائحة طيبة , ومع ذلك كان ينتشر منه رائحة أفضل
من عطرنا ، مع أنه لا يضع عطرا أبدا ، ومع ذلك فرائحته أفضل من غير شيء ، قلنَّ : فلما عجبنا
سألناه عن السبب في ذلك؟ فقال : وأنا طفل صغير ، أصبت ببثرات في ظهري كثيرة ، فـذهبوا بي
إلي رسول الله فكشف جسمي ما عدا عورتي ، وأخذ من ريقه الشريف علي يده الشريفة ،
وظل يدلك به ظهري ، وبطني ، فشفيت من هذه البثرات ، ومنذ ذلك اليوم وهذا العطر لا يفارقني}[5]
وأيضا من بركة ريقه صل الله عليه وسلم {أنه كان جالسا في يوم ما يأكل ، وكانت امرأة في المدينة
مشهورة بسلاطة وبذاءة اللسان ، وكانت معروفه في كل المدينة بذلك ، فدخلت عليه ، فأعطاها من الطعام
الذي أمامه ، فقالت : أريد من فمك ، فأخذ جزءاً من الذي في فمه ، وأعطاه لها ، فكأنما أُلْجِمَ لِسَانُهَا ،
وبعد هذا لم تنطق بكلمة خبيثة أبدا}[6]
وهذا بسبب ريق الرسول صل الله عليه وسلم
وفى غزوة بدر أصيب أحد أصحابة بضربة سيف قطعت ذراعه وصار معلقا علي قطعة جلد صغيرة بعد
قطع العظام واللحم ، ولم يبقَ إلا قطعة جلد صغيرة فوضع يده علي الأرض وحاول قطعها بقدميه ,
حتى لا تمنعه عن الحرب فلم يستطع فذهب إلي رسول الله صل الله عليه وسلم فوضع من ريقه ولحم
الذراع في الحال ، والعضلات عادت ، والعروق عادت ، والعظام عادت ، كما كانت في الحال ، ولم تجرَ له
عملية جراحية ، أو بنج ، أو تخدير ، فكل هذا أغني عنه ريق رسول الله صل الله عليه وسلم
وكلكم تعلمون أن الصديق لدغته الحيَّة ، فلم يخرج السمُّ إلا بريق المُصطفي صل الله عليه وسلم ،
فكان ريق المُصطفي صل الله عليه وسلم شفاءاً من كل داء
وهذا الريق أيضا غذاءٌ وشراب {فَعِنْدَما كانَ طِفْلٌ تَغِيبُ أمُّه ، أوْ تَمْرَضُ ، كانوا يذهبُونَ بِهِ إليَ
رَسُولِ اللهِ صل الله عليه وسلم فَيَضَعُ لِسَانَهُ فِي فَمِ الطِّفْل لِيَمُصَّهُ ، فَيَشْبَعُ الطَّفْلُ طِوَالَ يَوْمِهِ بِإذِنِ اللهِ}[7]
وقد عَطَشَ سَيِّدُنَا الحَسَنُ ذَاتَ مَرَّةٍ وَهُوَ طِفْلٌ صَغِيرٌ ، وَكَانَ فِي سَفَرٍ فَبَحَثُوا عَنْ مَاءٍ ؛ فَلَمْ يَجِدُوا ،
فَـذَهَبُوا بِهِ إلَي رَسُولِ اللهِ ، فَأعْطَاهُ لِسَانَهُ وَمَصَّ رِيقَهُ فَمَكَثَ ثَلاثَ أيْامٍ لا يَحْتَاجُ إلَيَ مَاءٍ[8]
وكان في ريق رسول الله صل الله عليه وسلم له غناء ، ولذلك قال رسول الله صل الله عليه وسلم
{سُؤْرُ الْمُؤْمِنِ شِفَاءٌ}[9]
سؤر المؤمن : يعني ما تبقي منه ، فانه يعتبر شفاءاً لأنه اختلط بريق المؤمن ،
فما بالك بريق رسول الله صل الله عليه وسلم
{1} رواه أبو نعيم وابن عساكر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده {2} رواه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد
{3}رواه أحمد وابن ماجه والبيهقي وأبو نعيم عن وائل بن حجر وعن أنس {4} رواه الطبراني
{5} رواه البخاري في التاريخ ، والطبراني وأبو الحسن ابن الضحاك .- بثرات : دمامل {6} رواه الطبراني عن أبي إمامة
{7} رواه البيهقي عن محمد بن ثابت {8} أخرجه الطبراني ، وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه {9} رواه الدارقطني عن ابن عباس رضي الله عنهما