إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قصة الإسراء والمعراج .. فقه السيرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصة الإسراء والمعراج .. فقه السيرة

    فقه السيرة شرح الدكتور / عبد العظيم بدوي


    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

    انتهينا في دروس السيرة إلى دخول بني هاشم وبني المطلب والنبي -صلى الله عليه وسلم- شعب بني هاشم ليحموه من قريش بعدما عزموا على قلته، واستمر بنو هاشم وبنو المطلب مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الشعب ثلاث سنين، وقد كتبت قريش المقاطعة، ونصُّوا فيها على بنود ذكرنها، ألا ينكحوهم ولا ينكحوا منهم، ولا يشتروا منهم ولا يبيعوهم، ولا يخالطوهم ولا يجالسوهم، إلى آخر البنود التي ذكرناها في المقاطعة.


    سنتحدث الآن -إن شاء الله تعالى- كيف انتهت هذه المقاطعة، وكيف خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أعمامه من شعب بني هاشم، وما هي الدروس المستفادة من هذه المقاطعة، وما هي الأحداث التي تلت هذه المقاطعة بعد خروج النبي -صلى الله عليه وسلم- من الشعب، كوفاة عمِّه وزوجه، والإسراء والمعراج، وخروجه بعد ذلك -صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف، ومحاولة بحثه عن مكان آخر يدعو فيه إلى الله -عز وجل- ويبلغ رسالة ربه.

    فنقول -وبالله تعالى التوفيق:

    لبث بنو هاشم في شعبهم ثلالث سنين، اشتدَّ عليهم البلاء والجهد، واضطروا إلى أن يأكلوا ورق الشجر والجلود اليابسة، فلما كان رأس ثلاث سنين قيَّد الله -سبحانه وتعالى- لنقد الصحيفة التي كتبوا فيها بنود المقاطعة وعلقوها على الكعب؛ قيد الله لها أناسًا من أشراف قريش يسعون في إنهاء هذا الحصار الاقتصادي، وخروج بني هاشم وبني المطلب من هذا الشعب.


    وكان الذي تولى الانقلاب الداخلي لنقد الصحيفة:
    هشام بن عمرو الهاشمي، هاشم بن عمرو هو الذي بدأ في دعوة الناس إلى نقد هذه الصحيفة وإبطالها وفكِّ هذا الحصار.

    فقصد زهير بن أمية المخزومي، وكانت أم زهير عاتكة بنت عبد المطلب، فقال له: يا زهير، أقد رضيتَ أن تأكلَ الطعامَ وتلبس الثياب، وتنكح النساء، وأخوالك حيث قد علمت؟!

    يرضيك أن تجلس تأكل وتشري وتلبس وتتمتع بالنساء، وأخوالك محاصرون لا يجدون ما يأكلون، لا يبتاعون، ولا يُبتَاعُ منهم، ولا يُنكحون، ولا يُنكَح إليهم؟!


    أما إني أحلف بالله لو كان أخوال أبي الحكم بن هشام هم المحاصرين في الشعب، ثم دعوته إلى مثل ما دعاك إلى إليه، ثم دعوته إلى مثل ما دعاك إليه؛ ما أجابك إليه أبدًا.

    فقال زهير: ويحك يا هشام، ماذا أفعل؟ وما موقفي؟ ما الذي أستطيع فعله؟
    إنما أنا رجل واحد، والله لو كان معي رجل آخر لقمتُ إلى هذه الصحيفة ومزقتها.
    فقال له هشام: لقد وجدت لك رجلًا، إن كنت تريد رجلًا يمشي معك، فأنا عندي رجل.


    قال: مَن هو؟
    قال: أنا.
    فقال له زهير: أبغنا ثالثًا، ابحث على ثالث معنا.

    فذهب إلى المطعم بن عدي، فقال له: أقد ضيت أن يهلك بطنان من بني عبد مناف، وأنت شاهد على ذلك؟ موافق لقريش فيهم؟ أما والله لو أمكنتموهم من هذه لتجدنَّهم إليها منكم سراعًا.


    قال: ويحك، ماذا أصنع، إنما أنا رجل واحد.
    قال: قد وجدت لك ثانيًا.
    قال: من؟
    قال: أنا.
    قال: أبغنا ثالثًا.
    قال: قد فعلت.
    قال: مَن هو؟
    قال: زهير بن أبي أميَّة.
    قال: أبغنا رابعًا.
    فذهب إلى أبي البختري بن هشام، فقال له مثلما قال لمُطعِم.
    فقال: ويحك، وهل نجد أحد يُعين على ذلك؟
    قال: نعم، زهير بن أبي أمية، والمطعم بن عدي، وأنا، وأنت، نحن أربعة.
    قال: أبغنا خامسًا.


    فذهب إلى زمعة بن الأسود فكلمه، وذكر له قرابته وحقهم عليه.
    فقال له: وهل على هذا الأمر الذي تدعوني إليه من أحد؟
    قال: نعم، ثم سمى له القوم الذين اتفق معهم.
    فاتفقوا على أن يلتقوا بالحجون بمكة ليلًا، فاجتمعوا هناك واجمعوا أمرهم، وتعاقدوا على القيام في نقد هذه الصحيفة وفكِّ هذا الحصار.


    فقال زهير: أما أبدأكم فأكون أول مَن يتكلَّم؟
    فلمَّا أصبحوا انطلقوا إلى أنديتهم، فغدا زهير وعليه حلة جميلة وثياب نظيفة، فطاف بالبيت سبعًا، ثم أقبل على الناس فقال: أنأكل الطعام ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى، لا يتابعون، ولا يُبتاع منهم؟!
    والله لا أقعد حتى تُشقَّ هذه الصحيفة القاطعة الظالمة.
    فقال أبو جهل -وكان في ناحية من المسجد: كذبت، والله لا تُشق الصحيفة.

    فقام زمعة بن الأسود، وقال لأبي جهل: أنتَ والله أكذب، ما رضينا كتابتها حين كُتبَت، لم نكن موافقين أصلًا على هذه الصحيفة.
    فقال أبو البختري: صدق زمعة، لا نرضى ما كُتبَ فيها، ولا نُقرُّ به.
    فقال المطعم بن عدي: صدقتما، وكذلك مَن قال غير ذلك، نبرأ إلى الله منها، ومما كُتب فيها. وقال هشام بن عمرو نحوًا من ذلك.


    فلما تكلم الرهط الذين اتفقوا، قال أبو جهل:

    هذا أمر قد قُضيَ بليل، أنتم رتبتم ومتفقين على هذا.
    وأبو طالب جالس في ناحية المسجد لا يتكلم.
    وقام المطعم بن عدي إلى الصحفية ليشقها، فوجد الأرضة -الدودة- قد أكلتها -أكلت الصحيفة كلها- إلا كلمة "بسمك اللهم" هي التي بقيت في الصحيفة.


    وروى أبو إسحاق:

    أن الله -عز وجل- أرسلَ على الصحيفة الأرضة، فلم تدعْ فيها اسمًا لله -عز وجل- إلا أكلته، وبقيَ فيها الظلم والقطيعة والبهتان، وأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك عمَّه، الرسول أخبر عمَّه بما حصل في الصحيفة قبل أن يعرف.

    فذهب أبو طالب إلى قومه وأخبرهم بذلك، وقال لهم: فإن كان كاذبًا فلكم عليَّ أن أدفعه إليكم تقتلونه، وإن كان صادقًا؛ فهل ذلك ناهيكم عن تظاهركم علينا؟

    إذن ابن إسحاق يقول في السيرة:

    أن الله تعالى أعلم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن الأرضة أكلت الصحيفة، فقال: يا عمي حصل كذا وكذا في الصحيفة، فذهب أبو طالب لقريش، قال: محمد يقول حصل كذا وكذا. ما رأيكم؟


    هو طبعًا في الشعب لم يرَ الصحيفة، ولم يأتِ الحرم، لكنه أخبر بأمر غائب عنه، فلا يمكن إلا أن يكون عن طريق الوحي.

    فما رأيكم؟ إنك كان صادقًا تكون آية بيِّنة على صدقه، تتركونه وشأنه إن لم تؤمنوا به.
    وإن كان كاذبًا أنا عليَّ أن آتيكم به لتقتلوه كما أردتم.

    فأخذ عليهم الماثيق، وأخذوا عليه، فلما نشروها -أي الصحيفة- فإذا هي كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

    فقال المطعم وهشام:
    نحن براء من هذه الصحيفة القاطعة العادية الظالمة، ولن نمالِئَ أحدًا في فساد أنفسنا وأشرافنا.


    وتتابع على ذلك ناس من أشراف قريش فخرجوا من الشعب.
    هكذا انتهى الحصار، وانتهت المقاطعة، وخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع أعمامه من هذا الشعب وذلك الحصار.


    هذه المقاطعة، وهذا الحصار الاقتصادي الذي فرضته قريش على النبي وأعمامه فيها دروس وعبر، منها:

    - إن المتأمل لبنود هذه الاتفاقية يجد أن قريشًا قد أحكمت البنود، ولم تدع فيها ثغرة
    يمكن النفاذ من خلالها، مما يؤكد أنها وضعت بعد مداولات ومشاورات على نطاق
    واسع، وشاركت في وضعها عقول مفكرة امتزجت معها خبرات عديدة، وحبكها
    ذكاء مفرط.

    - ثم إنهم علقوا الصحيفة بالكعبة، وتعليق الصحيفة بالكعبة يعطيها قدسية ومهابة،
    ويجعل بنودها تأخذ طابع القداسة التي يجب التقيُّد والالتزام بها، لن العرب جميعًا
    تقدس الكعب، وتضع لها مكانًا ساميًا من الحرمة والقدسية، فقريش حتى تجبر العامة
    على احترام الصحيفة والالتزام ببنودها ومبادئها من المقاطعة؛ علقتها في الكعبة.

    - ثم إن من الدروس المستفادة من هذه المقاطعة:
    أن نعلم أن الدعوة الإسلامية كانت تحقق انتصارات عظيمة، وكانت السنوات الثلاث
    التي قضاها النبي ومَن معه من المسلمين فضلًا عن أعمامه، كانت هذه السنوات الثلاث
    زادًا عظيمًا في البناء والتربية، حيث ساهم بعضهم في تحمُّل آلام الجوع والخوف والصبر
    على الابتلاء وضبط الأعصاب، والضغط على النفوس والقلوب، ولجم العواطف عن الانفجار.

    - وكانت هذه الحادثة سببًا في خدمة الدعوة والدعاية لها بين قبائل العرب، فقد ذاع الخبر
    في كل القبائل العربية من خلال موسم الحج، ثلاث سنين وبنو هاشم وبنو المطلب
    محاصرين، كلما الناس تحج، لا يجدونهم، أين؟ قريش فرضت عليهم حصار.

    فذاع الخبر في كل القبائل، ولفت أنظار جميع الجزيرة العربية إلى هذه الدعوة التي
    يتحمل صاحبها وأصحابه الجوع والعطش والعزلة لكل هذا الوقت، أثار ذلك في
    نفوسهم أن هذه الدعوة دعوة حق، ولولا أنها دعوة حق لَمَا تحمَّل صاحب الرسالة
    وأصحابه كل هذا الأذى والعذاب من أجلها.

    - كذلك أثار هذا الحصار وهذه المقاطعة سخط العرب على كفار مكة لقسوتهم على
    بني هاشم وبني المطلب، كما أثار عطفهم على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه،
    فما أن انفكَّ الحصار حتى أقبل الناس على الإسلام، وحتى ذاع أمر هذه الدعوة، وتردد
    صداها في كل بلاد العرب، وهكذا ارتدَّ سلاح الحصار الاقتصادي على أصحابه، وكان
    عاملًا قويًّا من عوامل انتشار الدعوة، عكس ما أراد زعماء الشرك تمامًا
    من هذا الحصر.

    فقد كانوا أرادوا إطفاء نور الله؛ فأبى الله إلا أن يتمَّ نوره.
    أرادوا إقصاء الناس عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه؛ فكان
    هذا الحصار سببًا في نشر الخبر في القبائل ومعرفتهم أن صاحب هذه
    الدعوة على حق.


    وكان لوقوف بني هاشم وبني المطلب مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتحملهم
    معه هذا الحصار الاقتصادي والاجتماعي كان له أثر في الفقه الإسلامي حيث إن الله
    -سبحانه وتعالى- جعل لهم سهم ذوي القربى من خمس الغنائم، حيث قال تعالى:

    {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى} [الأنفال: 41].

    فهذه هي الدروس المستفادة من الحصار الاقتصادي الذي فرضته قريش على النبي
    -صلى الله عليه وسلم- وبني هاشم وبني المطلب.

    ولمَّا انجالت الغمَّة، وأزال الله الكربة عن بني هاشم والمطلب، وعن الرسول والمؤمنين
    بشق الصحيفة الظالمة؛ عادت الأمور كما كانت، ولكن حدث حادثان سببا للنبي
    -صلى الله عليه وسلم- غاية الحزن.


    بعد الخروج من الشعب حدث حادثان جلبا للرسول -صلى الله عليه وسلم- حزنًا شديدًا:

    أحدهما:

    موت عمه أبي طالب الذي كان ينصره ويمنعه من قريش، ولما بدأ المرض
    مع أبي طالب واشتدَّ عليه وثقل به؛ مشى إليه أشراف قريش، منهم عتبة
    ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو جهل، وغيره.

    فقالو:
    يا أبا طالب إنك منَّا حيث قد علمت، وقد حضرك ما ترى -يعني نراك ستموت-
    وتخوفنا عليك، وقد علمت الذي بيننا وبين ابن أخيك -انت تعرف ما الذي بيننا
    وبين محمد- فادعه، فخذ له منَّا وخذ لنا منه.

    يعني ائتي محمد واتفق معه أن يكفَّ عنَّا ونكفَّ عنه، ويتركنا وديننا ونتركه ودينه.

    فبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى عمه فجاءه، فقال أبو طالب:
    يا ابن أخي، هؤلاء الأشراف -أشراف قومك- قد اجتمعوا لك ليعطوك ويأخذوا منك.

    فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:


    «نعم، كلمة تعطونيها تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم»،
    ما أريده منكم كلمة واحدة تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم.
    فقال أبو جهل: كلمة واحدة؟ لا، خذ عشر كلمات، ما الكمة التي تريدها منَّا.
    قال:
    «تقولون: لا إله إلا الله، وتخلعون ما تعبدون من دونه».

    فصفقوا بأيدهم متعجبين من هذه الكلمة، ثم قالوا: أتريد يا محمد أن تجعل الآلة
    إلهًا واحد؟ إن هذا لعجب!
    لأن القوم قد ألفوا تعدد الآله، كانوا كل يوم لهم إله يُعبَد.
    ولذلك لمَّا دخل النبي -عليه الصلاة والسلام- مكة عام الفتح وجد 360 صنم، 360 إله!
    فالرسول يقول لهم اعبدوا إلهًا واحدًا، فتعجبوا وقالوا: إن هذا لشيء عجاب.

    ثم قال بعضهم لبعض:
    إنه والله ما هذا الرجل بمعطيكم شيئًا مما تريدون، فانطلقوا وامضوا على دين آبائكم
    حتى حكم الله بينكم وبينه، ثم تفرقوا.

    فقال أبو طالب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم:
    والله يا ابن أخي ما رأيتك شألتهم شططًا، لماذ تفرقوا عنك، أنت لم تسألهم شيئًا كبيرًا،
    لماذا لم يقبلوا ويعطوك هذه الكلمة؟


    وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حريصًا جدًا على إيمان عمِّه أبي طالب،كفله يتيمًا
    وآواه إليه، وكان يحبه ويكرمه ويدنيه منه، ومنعه من المشركين، ونصره وآزره وعزره،
    فكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتمنى أن يسلم عمه ويؤمن ويتَّبعه حتى يُختم له بخاتمة
    السعادة في لحظاته الأخيرة من حياته، ولكن شياطين الإنس من قريش وعنجهية الجاهلية
    حالت بينه وبين ذلك.

    روى البخاري في صحيحه:
    أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وعنده أبو جهل،
    فقال النبي لعمه:
    «أي عمِّ، قال: لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله»
    -يعني قل: لا إله إلا الله، لعل أشفع لك بها عند الله -عز وجل- يوم القيامة.
    وفي رواية:
    «أشهد لك بها عند الله».

    فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي مية لأب طالب: أترغب عن لة عبد المطلب؟
    -تأتي في آخر حياتك وتغيِّر دينك؟! تترك ينك آبائك وأجدادك وتمشي خلف ابن أخيك؟!

    فلم يزالا يكلمانه في ذلك حتى قال آخر شيء كلمه به: هو على ملة عبد المطلب.
    وأبى أن يجيب رسول الله إلى ما دعاه إليه من "لا إله إلا الله".

    ِّفمات على ملة عبد المطلب ولم يرمن بالله ورسوله، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم:

    «لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عن ذلك».

    وحزن -صلى الله عليه وسلم- على وفاة عمه أبي طالب على الكفر والشرك بالله -عز وجل-
    بالرغم مما قدمه للإسلام وللدعوة.

    قال:
    «لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عن ذلك»، فنهاه الله عن الاستغفار له، قال: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113].

    وفي حزن النبي على وفاة عمه على الكفر قال الله له
    {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56].

    {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}، "لا" حرف نفي، فنفى الله هذه الهداية عن نبيه.

    في آية أخرى قال: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52] ، بالإثبات.

    إذن هنا هدايتان:

    - هداية أثبتها الله لرسله -صلى الله عليه وسلم.
    - وهداية نفاها عنه.


    ما الفرق بين الهدايتين؟ {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي} بالإثبات {إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}: هذه هداية الدعوة، هداية الدعوة والإرشاد والبيان.

    كما في آية أخرى قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المؤمنون: 73].

    إذن {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52]، هذه هداية الدعوة، وإنك لتدعوهم.

    أما الهداية المنفية عن رسول الله فهي هداية التوفيق { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56]. هذه هداية التوفيق.

    يعني الداعية يحرص على هداية فلان، وكل يومد يجلس معه، وكل يوم يدعوه إلى الإسلام،
    وإلى الله -عز وجل-، هذه هداية الدعوة.

    لكن الداعية لا يملك قلب المدعو حتى يجعله يقبل الدعوة ويتبعه على ما جاءه به من
    عند الله -عز وجل-، فهذه الهداية المنفية.

    فهداية التوفيق بيد الله -سبحانه وتعالى-
    { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}.

  • #2
    رد: قصة الإسراء والمعراج .. فقه السيرة

    أما هداية الدعوة فهذه يقوم بها الرسل وخلفاؤهم من الدعاة.
    ومع أن أبا طالب مات على الكفر والشرك؛ إلا أن الله تعالى جزاه على ما قدم للنبي
    -عليه الصلاة والسلام- بأن خفف عنه العذاب في النار، ففي البخاري عن العباس
    بن عبد المطلب أنه قال للنبي -صلى الله عليه وسلم: "ما أغنيت عن عمك؟
    فوالله كان يحوطك ويغضب لك"، عمك أبو طالب كان يدافع عنك وينصرك، ويقف بجوارك،
    ماذا فعلت له؟ انتفع منك بماذا؟

    فقال -عليه الصلاة والسلام:
    «هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار».

    الضحضاع من النار مثل البركة الصغيرة فيها ماء تغطي الرجلين إلى الكعبين،
    فأبو طالب بسبب ما قدم للنبي -عليه الصلاة والسلام- يشفع له رسول الله يوم
    القيامة حتى يخفف عنه العذاب فقط، أما الخروج من النار لا، لن من مات على ا
    لكفر قال الله فيهم
    {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48]، وهذه شفاعة خاصة بأبي طالب نظيرَ ماقدَّم للنبي -عليه الصلاة والسلام.

    فلما مات أبو طالب نالت قريش من رسول الله من الأذى ما لم تكن تطمع فيه في حياة
    أبي طالب، حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش فنثر على رأسه ترابًا، فدخل
    -صلى الله عليه وسلم- بيته والتراب على رأسه، فقامت إليه إحدى بناته فجعلت
    تزيل عنه التراب وهي تبكي، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:

    «لا تبكي يا بنية، فإن الله مانعٌ أباكِ».

    ومضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لدعوته، لم يفتر ولم يكلّ ولا يملّ بالرغم من
    هذا الأذى الذي يصيبه، ومع كل هذا لم يدعُ على قومه، وإنما كان يدعو لهم:

    «اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون».

    هذا الحدث الأول الذي حدث بعد خروج الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الشعب.

    الحدث الثاني:

    موت السيدة خديجة -رضي الله عنها- زوجه الكريمة الوفيَّة البرَّة، التي وقفت بجواره
    من أول لحظة، وهذا الحدث الثاني ترك حزنًا عميقًا في نفس النبي -صلى الله عليه وسلم-
    إذ كانت خديجة -رضي الله عنها- للنبي -صلى الله عليه وسلم- وزيرة صدق، كما كانت نعم
    الزوجة الصالحة العاقلة، كان يجد فيها سكنَ النفسِ، وطُمأنينة القلب، وراحة الروح، فكان
    كلما ناله من قريش اذى عاد إليها فتويل عنه آثار الأذى بيدها، وتسرِّي عن نفسها بقلبها
    وحنانها وحديثها المؤمن المستطاب.

    وكان وفاة أبي طالب في السنة العاشرة من النبوة، وتوفيت خديجة بعده في شهر رمضان
    بقليل قبل بأيام، قيل بأيام وقيل بشهر.

    فلا عجب أن سُمِّيَ هذا العام عام الحزن، فقد نصيريه من أهل الأرض، فقد عمه وزوجه.

    وخديجة -رضي الله عنها- فضلها عظيم، ففي القرآن الكريم يقول الله -تبارك وتعالى- لنساء النبي

    {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء} [الأحزاب: 32]، فنساء النبي كلهن أفضل نساء على الإطلاق، وأفضل نساء النبي خديجة وعائشة، وإن كان العلماء قد
    اختلفوا في المفاضلة بين خديجة وعائشة -رضي الله عنهما.


    وفي فضل خديجة جاء في الصحيحين عن عليٍّ قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:
    «خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة بنت خويلد».

    ولقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- دائمًا يُثني على خديجة ويذكرها بالخير، ويذكر
    مآثرها ومناقبها ومواقفها معه، حتى كانت عائشة -رضي الله عنها تغار من خديجة
    ولم ترَها، وذلك من كثرة ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- لها.

    تقول عائشة -رضي الله عنها:

    "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يكاد يخرج من البيت حتى ذكر خديجة،
    فيُحسنَ الثناء عليها، فذكرها يومًا من الأيام فأخذتني الغيرة، فقلت: هل كانت إلا عجوزًا
    قد أبدلك الله خيرًا منها؟"، أنت دائمًا يا رسول الله كل يوم خديجة، خديجة، خديجة،
    خديجة هذه كانت عجوز قد أبدلك الله خيرًا منها.


    قالت: "فغضب، ثم قال:
    «والله ما أبدلني الله خيرًا منها، آمنت بي إذا كفر الناس، وصدقتني إذا كذبني الناس،
    وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها الولد دون غيرها»،

    فقالت عائشة: فقلت في نفسي: لا أذكرها بعد ذلك بسبَّة أبدًا".
    تحاول تغيِّره عن خديجة، لكن لا فائدة.

    بعد ذلك رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يغيِّر البيئة -بيئة الدعوة- وأن يبحث
    عن قوم يقبلون الدعوة ويتبعونه على ما جاء به من عند الله -سبحانه وتعالى.

    يتبع ..

    تعليق


    • #3
      رد: قصة الإسراء والمعراج .. فقه السيرة

      فلما أصرت قريش على أن تكون عقبة كؤودًا في سبيل الدعوة الإسلامية، وآذى الرسول
      -صلى الله عليه وسلم- سفاء القوم، وحالوا بينه وبين تبليغ رسالة ربه، فلا جرم فكر
      -صلى الله عليه وسلم- أن ينتقل بالدعوة إلى بيئة أخرى، فيمَّم وجهه جهة الطائف حيث
      توجد ثقيف، عسى أن يجد منهم مَن ينصر الإسلام ويحمي الدعوة.

      فخرج -صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف في شوال في السنة العاشرة من النبوة، ومع
      مولاه زيد بن حارثة، فأقام بها مدة يدعو ثقيفًا إلى الله -سبحانه وتعالى- فلم يجد آذانًا صاغية.

      وكان ممن قابلهم ثلاثة من أشرافهم: عبد ياليل، ومسعود، وحبيب، بنو عمرو بن عمير.
      وكانوا سادة ثقيف وأشرافها، وكانت عندهم صفية بنت معمر القرشي، فجلس إليهم وكلمهم
      بما جاء له من نصرته على الإسلام والقيام معه على مَن خالفه من قومه.

      فقال أحدهم: هو يمرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك.
      يمرط: يعني ينزع كسوة الكعبة ويمزقها، يعني أن ينفي أن يكون الله قد بعث
      رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

      وقال الثاني: أما وجد الله أحدًا غيرك يُرسلُه؟! حتى يبعث الله رسولًا ألم يجد غيرك يا محمد؟!

      وأما الثالث فكان أعقل القوم، فقال:
      والله لا أكلمك أبدًا -لن أقول لك شيئًا- لئن كنتَ رسول الله لأنت أعظم خطرًا من أردَّ عليك،
      ولئن كنتَ تكذب على الله ما ينبغي أن أكلمك. أنا خائف أكلمك، ممكن تكون رسول الله حقًّا،
      فإذا كلمتكَ بسوءٍ انتقم الله مني، وأما إذا كنت كذَّاب فأنا لست مستعد أتكلم مع كذاب.

      فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عندهم وقد يئس منهم، وقال لهم:
      «إن فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني».

      يعني ما دام أنكم رفضتم الدعوة فكل ما أرجوه ألا تقولوا أني جئت إليكم ولا دعوتكم،
      كراهة أن يبلغ قومه عند مجيئهم، سيرجع مكة فيخاف أن الطائف يبلغوهم فيقابلونه بسوء،
      فيزداودا إيذاءً ولأصحابه، ولكن القوم كانوا لإماً فلم يفعلوا، بل أغروا به سفاءهم وعبيدهم
      يسبونه ويرمون عراقيبه بالحجارة حتى دميت عقباه، وتلطخت نعلاه، وسال دمه الزكي على
      أرض الطائف.


      وزيد بن حارث مولاه يدرأ عنه ويدفع حتى أصيب هو في وجهه أيضًا بشجاج، وما زالوا بهما
      حتى ألجؤوهما إلى حائط -أي بستان- لعتبة وشيبة ابني ربيعة وهما في البستان،
      فكره مكانهما لعداوتهما الله ورسوله، ورجع عنه من سفاء ثقيف مَن كان يتَّبعه، فعمد إلى
      ظل شجرة من عنب فجلس فيه هو وصاحبه زيد ريثما يستريحا من عنائهما وما أصابهما،
      وابنا ربيعة ينظران إليه ويريان ما يلقى من سفهاء أهل الطائف ولم يحركا ساكنا، ولعلهما
      كانا يتلذذان من هذا المشهد الذي شفا نفوسهما من الرسول -صلى الله عليه وسلم.

      ولم يجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذه اللحظات إلا أن يلجأ إلى الله -سبحانه وتعالى-
      بالدعاء، ويستغيثه ويستنصره، فلما رأى ابنا ربيعة ما لقيَ النبي -صلى الله عليه وسلم-
      ولعلهما سمعاه يدعو الله -سبحانه وتعالى- تحركت قلوبهما له، فدعوا غلمًا لهما نصرانيًّا يسمى "عَدَّاس"، فقالا له: خذ قطفًا من هذا العنب فضعه في هذا الطبق، ثم اذهب به إلى
      هذا الرجل فقل له: كُلْ.


      فلما وضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الطبق يده قال: «بسم الله»، ثم أكل.
      فنظر عدَّاس في وجهه مستغربًا، من يقول بسم الله؟

      ثم قال: والله ما هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد، فقال رسول الله له:

      «ومن أي البلاد أنت يا عداس؟ وما دينك؟».

      فقال: نصراني، من أهل نينْوَى.
      فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:

      «من قرية الرجل الصالح يونس بن متَّى؟»، نبي الله المشهور.
      فقال عدَّاس: وما يدريك ما يونس بن متَّى؟
      فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم:
      «ذاك أخي، كان نبيًّا، وأنا نبي».

      فأكبَّ عدَّاس على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُقبِّل رأسه ويديه وقدميه.
      فقال أحد ابني ربيعه لصاحبه:
      أما غلامك فقد أفسده عليه، لما رأوا عدَّاس يفعل هذا مع الرسول، قالوا: هذا محمد أفسد
      علينا غلامنا.

      فلما جاءهما عدَّاس، قالا له: ويلك يا عدَّاس، ما لك تُقبِّل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟
      فقال: يا سيدي، ما في الأرض شيءٌ خيرٌ من هذا، لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي.
      قالا له: ويحك يا عدَّاس، لا يصرفنَّك عن دينك، فإن دينك خير من دينه.

      ثم غادر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الطائف وهو مهموم النفس، مكلوم الفؤاد،
      فلم يستفق إلا وهو بقرن الثعالب، فرفع رأسه فإذا هو بسحابة قد أظلته، فنظر فيها فإذا
      جبريل -عليه السلام.
      قال -عليه الصلاة والسلام:


      «فناداني جبريل، قال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردُّوا عليك، وقد بعث إليك ملك
      الجبال لتأمره بما تشاء، فقال: فناداني ملك الجبال، وسلم عليَّ، ثم قال: يا محمد: إن الله قد
      بعثني إليه و أنا ملك الجبال لتأمرني بأمرك، فما شئت؟ -ماذا تريد أن أفعل بهم؟- إن شئتَ
      أطبقتُ عليهم الأخشبين»،


      هم في وادٍ به جبلين، آتي بجبل هكذا وجبل هكذا ويموتون وتكون مقبرة جماعية؟ انظر إلى
      رحمة النبي -عليه الصلاة والسلام- وشفقته بقومه على الرغم من الأذى الذي أصابوه به،
      على الرغم من التعذيب والاضطهاد الذي لاقاه منهم، في لحظة التمكين منهم لم يُبادر بالانتقام،
      ولم يُبادر بالثأر، ولم يوافق على إهلاكهم -عليه الصلاة والسلام.

      قال:
      «بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم مَن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا».

      وهكذا يا إخواني يجب أن يكون الداعية، يجب أن يكون الداعية رحيمًا بالمدعوين رفيقًا بهم،
      يتحمل الأذى منهم ولا يؤذيهم، يتحمل الظلم منهم ولا يظلمهم، وحين يكون قادرًا على الانتقام
      منهم يعفو عنهم ويصفح؛ بل ولا يدعو عليهم؛ بل يدعو لهم.

      الداعية إذا أوذي من الناس لا يدعو عليهم؛ بل يدعو لهم كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام.
      وفي الطريق إلى مكة ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنخلة قام من جوف الليل يصلي
      متهجدًا، فمرَّ به نفرٌ من الجن وكانوا سبعة من جنِّ نِصِّبِين، فاستمعوا له، فلما فرغ من صلاته
      ولوا إلى قومهم منذرين، قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا، وقد قصَّ الله خبرهم على رسوله
      -صلى الله عليه وسلم- فقال:

      {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا
      إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ
      يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ
      وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ
      أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}
      ‏ [الأحقاف 29-32].

      ورجع -صلى الله عليه وسلم- بعد رحلة الطائف إلى مكة، فأبت قريش أن يدخلها حنقًا عليه
      وغيظًا، أنت خرجت تستنصر علينا أهل الطائف؟!

      وحاولوا أن يمنعوه من دخول مكة، فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن الأريقط
      إلى الأخنس بن شُريك أن يُجيره -يدخل في جواره، يعني ينصره ويمنع قريشًا من الوقوف في
      وجهه وصدِّه عن دخول مكة- فقال: أنا حليف قريش، والحليف لا يُجير على صميمها.

      فبعث إلى سهيل بن عمرو ليُجيره، فقال: إن بني عامر لا تجير على بني كعب بن لؤي.
      فبعث إلى المطعم بن عدي ليُجيره، فقال نعم. وافق المطعم أن يُجير النبي -عليه الصلاة والسلام.

      قال المطعم: قُلْ له فليأتِ، فذهب إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبات عنده تلك الليلة،
      فلما أصبح خرج المطعم ومعه بنوه ستة أو سبعة رجال، متقلبي سيوف جميعًا، فدخلوا المسجد
      وقال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم: طُفْ، واحتبوا بحمائل سيوفهم في المطاف، فأقبل
      سفيان بن حرب إلى المطعم فقال: أمجير أم تابع؟ أنت من أتباعه آمنت به أم أنك تحميه؟


      فقال: بل مجير.
      قال: إذن لا نخفر ذمَّتك، سنحترم عهدك ولا نخونك، ولا نغدر بك.
      فجلس معه حتى قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طوافه، فلما انصرف انصرفوا معه.

      وقد حفظ النبي -صلى الله عليه وسلم- للمطعم بن عدي هذه اليد وهذا الجميل، ولذلك لمَّا
      جاءه ابن جبير ليكلمه في أسرى بدر من المشركين، قال: لو كان المطعم بن عدي حيًّا
      ثم كلمني في هؤلاء الناس لتركتهم له.

      لوما مات المطعم بعد هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة رثاه
      حسان بن ثابت بقصيدة مجازاة له على موقفه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

      إذن انتبهوا من الأحداث، مات أبو طالب، وماتت خديجة -رضي الله عنها- خرج للطائف
      يدعوهم إلى قبول دعوته ونصرته وتمكينه من تبليغ رسالة ربه رفضوا، لا شك أن هذه
      الظروف كلها أحزنت الرسول -عليه الصلاة والسلام- فكان لازم من رحلة ترفيهية ترفه
      عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- وتعزيه، وتقول له: إن فقدت نصيرك من أهل الأرض،
      فإن الله -سبحانه وتعالى- هو نعم المولى ونعم النصير، فكانت رحلة الإسراء والمعراج.


      في هذه الرحلة رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- من آيات ربه الكبرى ما رأى، وعاين
      من أمارات العناية به وبدعوته ما زاده يقينًا إلى يقينٍ بإنجاح دعوته، وتبليغ رسالة ربه،
      ونصره على أعدائه، وأطلعه الله سبحانه من ملكوته العظيم على ما أطلعه عليه مما ملأ
      نفس الرسول رضًا عن ربه، وملأ قلبه نورًا وطمأننية، وملأ صدره ثلجًا وانشراحًا.


      الإسراء والمعراج من المعجزات الكبرى التي أيَّد الله -تبارك وتعالى- بها رسوله
      -صلى الله عليه وسلم.

      الإسراء معناه: الخروج من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بفلسطين
      -حرره الله وطهره وكتب لنا في الصلاة آمنين مطمئنين.

      المعراج: هو الصعود بالنبي -صلى الله عليه وسلم- من بيت المسجد الأقصى إلى السماوات
      العلى، ثم العود إلى بيت المقدس مرة ثانية.

      الإسراء: الله -سبحانه وتعالى- أفرد له سورة في القرآن اسمها سورة "الإسراء"،
      واستفتحها بقوله
      {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: 1]، والتسبيح يكون عند الأمر العجيب، لما ترى شيئًا عجيبًا تقول: سبحان الله!

      فاستفتح اللهُ السورةً بالتسبيح لأن الحدث فعلًا حدث عجيب، أن الرسول -عليه الصلاة والسلام-
      يخرج من مكة إلى فلسطين، ويعرج إلى السماوات العلى، وينزل، ويرجع لمكة مرة أخرى في
      جزء من الليل، هذا أمر عجيب جدًا، لكنه أمر الذي إذا أراد شيئًا قال له: كن فيكون، فقال:

      {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ
      مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}
      [الإسراء: 1].

      أما المعراج فقد أشار إليه الله تعالى في القرآن الكريم في سورة النجم، فقال:
      {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13]، أي لقد رأى محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- جبريلَ على
      أصل خلقته الملائكة مرة أخرى، لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يرَ جبريل على أصل
      خلقته الملائكة إلا مرتين، ونحن تكلمنا في دورس سابقة عن الوحي وأنواع، وصور مجيء
      جبريل للنبي -صلى الله عليه وسلم- بالوحي، فلم يره على خلقته الملائكية إلا مرتين.


      المرة الأولى: وهو خارج من المسجد الحرام جهة أجياد {ولقد رآه بالأفق المبين} [التكوير: 23].

      المرة الثانية: ليلة المعراج {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى
      * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}
      [النجم13-18].

      لكن المعراج جاء في السنة الصحيحة الثابتة، وبأحاديث وروايات كثيرة، من هذه الروايات التي
      روت واقعة الإسراء والمعراج: روى الشيخان في صحيحهما بسندهما عن قتادة عن أنس بن مالك
      عن مالك بن صعصعة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حدثهم عن ليلة أسريَ فقال:

      «بينما أنها في الحطيم -وربما قال: في الحجر- مضجعًا، إذ أتاني آتٍ فقدَّ -وقال قتادة: فشقَّ-
      ما بين هذه إلى هذه»،

      واقعة شق الصدر تكلمنا عنها، وقلنا أنها حدثت للرسول -عليه الصلاة والسلام- ثلاث مرات،
      في بني سعد وهو كان مسترضَعًا عند حليمة. هذه أو واقعة، أو أول حادثة.

      تعليق


      • #4
        رد: قصة الإسراء والمعراج .. فقه السيرة

        الحادثة الثانية: قبل البعثة.
        والحادثة الثالثة: ليلة المعراج.

        قال:

        «فشقَّ ما بين هذه إلى هذه -من ثغرة نحره إلى ثنته- فاستخرج قلبي، ثم أوتيتُ بطستٍ من ذهب، مملوءة إيمانًا وحكمة، فغسل قلبي، ثم حُشيَ، ثم أُعيدَ، ثم أوتِيتُ بدابة دون البغل
        وفوق الحمار أبيض»


        فقال له الجارود: هو البراق يا أبا حمزة؟ -وأبو حمزة هو أنس.
        قال أنس: نعم.
        قال:
        «يضع خطوة عند أقصى طرف»، هذا البراق خطوته على نهاية ما يرى
        آخر خطوته.
        قال:
        «فحُملتُ عليه، فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح، فقيل مَن هذا؟

        قال: جبريل.
        قيل ومَن معك؟
        قال: محمد.
        قيل: وقد أُرسِلَ إليه؟
        قال: نعم.
        قيل: مرحبًا به، فنعم المجيء جاء، ففتح.
        فلما خلصْتُ فإذا فيها -أي في السماء الدنيا- آدم -عليه الصلاة والسلام- فقال جبريل:
        هذا أبوك آدم، فسلم عليه، فسلمتُ عليه، فردَّ السلام، ثم قال: مرحبًا بالابن الصالح
        والنبي الصالح.

        ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح، قيل مَن هذا؟
        قال: جبريل.
        قيل ومَن معك؟
        قال: محمد.
        قيل: وقد أُرسِلَ إليه؟
        قال: نعم.
        قيل: مرحبًا به، فنعم المجيء جاء، ففتح.


        فلما خلصْتُ إذا يحيى وعيسى -عليهما الصلاة والسلام- وهما ابنا الخالة، فقال:
        هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما، فسلمتُ؛ فردَّا، ثم قالا: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح.
        ثم صعد بي إلى السماء الثالثة، فاستفتح. قيل مَن هذا؟

        قال: جبريل.
        قيل ومَن معك؟
        قال: محمد.
        قيل: وقد أُرسِلَ إليه؟
        قال: نعم.
        قيل: مرحبًا به، فنعم المجيء جاء، ففتح.
        فلما خلصْتُ إذا يوسف، قال: هذا أخوك يوسف فسلم عليه، فسلمت عليه؛ فردَّ، ثم قال:
        مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح.


        ثم صعد بي إلى السماء الرابعة فاستفتح. قيل مَن هذا؟
        قال: جبريل.
        قيل ومَن معك؟
        قال: محمد.
        قيل: وقد أُرسِلَ إليه؟
        قال: نعم.
        قيل: مرحبًا به، فنعم المجيء جاء، ففتح.
        فلما خلصْتُ إذا إدريس، قال: هذا إدريس فسلم عليه، فسلمتُ عليه؛ فردَّ، ثم قال:
        مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح.


        ثم صعد بي حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح، قيل مَن هذا؟
        قال: جبريل.
        قيل ومَن معك؟
        قال: محمد.
        قيل: وقد أُرسِلَ إليه؟
        قال: نعم.
        قيل: مرحبًا به، فنعم المجيء جاء، ففتح.
        فلما خلصْتُ إذا هارون، قال: هذا هارون فسلم عليه، فرسلمتُ عليه؛ فردَّ، ثم قال:
        مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح.


        ثم صعد بي حتى أتى السماء السادسة فاستفتح، قيل مَن هذا؟
        قال: جبريل.
        قيل ومَن معك؟
        قال: محمد.
        قال: وقد بُعِثَ إليه؟
        قال: نعم.
        قيل: مرحبًا به، فنعم المجيء جاء، ففتح.
        فلما خلصْتُ إذا موسى، قال: هذا موسى فسلم عليه، فسلمت عليه؛ فردَّ، ثم قال:
        مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح.


        فلما تجاوزتُ بكى، قيل له: ما يُبكيك؟
        قال: أبكي لأن غلامً بُعث بعدي يدخل الجنة من امته أكثر ممن يدخلون من أمتي.
        ثم صعد بي إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل، قيل مَن هذا؟
        قال: جبريل.
        قيل ومَن معك؟
        قال: محمد.
        قيل: وقد بُعِثَ إليه؟
        قال: نعم.
        قال: مرحبًا به، فنعم المجيء جاء، ففتح.
        فلما خلصْتُ إذا إبراهيم، قال:
        هذا أبوك فسلم عليه، فسلمتُ عليه؛ فردَّ السلام، ثم قال: مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح.


        ثم رُفعتُ إلى سدرة المنتهى، فإذا نبقها مثل قلال هجر، وإذا ورقها كآذان الفيَلة،
        قال هذه سدرة المنتهى، وإذا أربعة أنهار، نهران ظاهران، فقلت ما هذا يا جبريل؟

        قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات.
        ثم رُفعَ ليّ البيتُ المعمور، ثم أوتيتُ بإناءٍ من خمر، وإناءٍ من لبن، وإناءٍ من عسل،
        فأخذتُ اللبن، فقال: هي الفطرة التي أنتَ عليها وأمَّتكَ.

        ثم فُرضت عليَّ الصلوات خمسين صلاة كل يوم، فرجعتُ فممرتُ على موسى، فقال:
        بمَ أمرت؟ قلتُ: أمرتُ بخمسين صلاة كل يوم.

        قال: إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك،
        وعالجتُ بني إسرائيل أشدَّ المعاجلة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك.

        فرجعتُ فوضع عني عشرًا، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعتُ فوضع عني عشرًا،
        فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعتُ فوضع عني عشرًا، فرجعت إلى موسى فقال مثله،
        فرجعتُ فأمرت بخمس صلوات كلَّ يومٍ، فرجعتً إلى موسى قال: بمَ أُمرتَ؟ قال:
        بخمسِ صلواتٍ كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع خمسَ صلوات كل يوم،
        وإني قدر جربتُ الناس قبلك وعالجتُ بني إسرائيل أشد المعالجة،
        فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك.

        فقال -عليه الصلاة والسلام:
        «سألت ربي حتى استحييت»، يعني كانوا خمسين وصاروا خمسة!
        قال:
        «سألت ربي حتى استحييتُ، ولكن أرضى وأسلم».
        قال: «فلما جاوزتُ ناداني منادٍ: أمضيتُ فريضتي وخففتُ عن عبادي».

        الحمد لله رب العالمين، الله -سبحانه وتعالى- جعل الخمسَ صلوت خمسين، الحسنة بعشر
        أمثالها، فنحن نصلي خمس صلوات ولنا أجر خمسين صلاة، وذلك من فضل الله
        -سبحانه وتعالى- علينا.

        الحمد لله على نعمة الإسلام والحمد لله أن جعلنا من امة محمد -عليه الصلاة والسلام.

        هذه -يا إخواني- رحلة الإسراء والمعراج التي أراد الله -تبارك وتعالى- بها أن يخفف
        عن نبيه -عليه الصلاة والسلام- وأن يقول له: إنك إن فقدت ناصريك من أهل الأرض
        فربك الذي في السماء لن يتخلى عنك ولن يتركك، وسينصرك، ويجعل العاقبة لك.

        في هذه الرحلة -رحلة الإسراء والمعراج- دروس وعبَر، أول هذه الدروس يا إخواني:
        أن نعتقد أن الله -سبحانه وتعالى- في السماء على العرش السماء، أول شيء نستفيده،
        النبي عُرِجَ به إلى السماوات العلى إلى أين؟ إلى ربه -سبحانه وتعالى.

        فيجب أن نعتقد أن الله -سبحانه وتعالى- في السماء على العرش استوى، كما أخبر
        عن نفسه -سبحانه وتعالى- في كتابه.

        أما عن كونه في السماء: فقد قال في آيتين من سورة الملك
        {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ
        * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ}
        [الملك16، 17].

        وعن كونه -سبحانه- في السماء في الحديث في صحيح مسلم عن معاوية بن الحكم السُلَمي
        أنه كان له بنت صغيرة ترعى غنمًا له، فعدا الذئبُ يومًا على الغنم فأخذ منها شاةً، فجاء
        معاوية ففقد الشاة، فقال للبنت: أين الشاة؟ قالت: عدا عليها الذئب -يقول أنا رجل من بني
        آدم اغضب على مالي- فلطمتها لطمة، ثم ندم فأراد أن يكفِّر عن هذه اللطمة بعتقها،

        فأتى النبي -عليه الصلاة والسلام- فأخبره، قال:
        «ائتني بها»، فأتى بها فقال لها:
        «أين الله؟» قالت: في السماء. قال: «مَن أنا؟» قالت: أنت رسول الله. قال:
        «أعتقها فإنها مؤمنة».

        رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ -صلى الله عليه وسلم- نبيًّا ورسولًا.

        وسنواصل دروسنا في سيرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- ونسأل الله -سبحانه وتعالى-
        أن ينفعنا بما نقول وبما نسمع، وأن يرزقنا التأسي به -صلى الله عليه وسلم- إنه -عز وجل-
        وليُّ ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين،
        وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

        تعليق


        • #5
          رد: قصة الإسراء والمعراج .. فقه السيرة

          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          جزاكم الله خيرا وبارك الله في جهودكم
          اللهم علمنا ما ينفعنا ونفعنا بما علمتنا


          تعليق

          يعمل...
          X