عين رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت واسعة ، وكان شديد بياض العين ، شديد سواد الحدقة ، وتوجد بعض العروق
الحمراء في عينيه ، والرموش طويلة وكثيفة ، والحاجبان مقوسان كأنهم مرسومان بقدرة ربِّ العالمين , فكان تقويسهم
بطريقة معينة بحيث يكاد يلتقيا عند التقاء العينين ، فيهيئ للناظر إليه أنهما يلامس بعضهما بعضا ، بينما هما لا يتلامسان
، بل بينهما خط رفيع ، هذه هي العين الظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
وله بعد ذلك عينٌ ليست كأعيننا ، فأعيننا تري ما أمامها فقط ، لكن عينيه هاتين كانت لهما خواصٌ أخري منها :
أنه كما يري من أمامه فانه يري من خلفه ، فعند وقوفه في الصلاة ومع شدة انشغاله بالله عز وجل ، فانه كان يلاحظ من
خلفه بعينيه ليوجههم إلي ما ارتكبوه من أخطاء أثناء الصلاة ، وذلك في بداية فرض الصلاة فكان يقول صلى الله عليه
وسلم : يا فلان أنت أخطأت في كذا ، ويا فلان أنت أخطأت في كذا ، والصح كذا ، فيقولون له : كيف رأيتنا ، ونحن خلفك ؟
فيقول لهم صلى الله عليه وسلم {إنَّي أرَيَ مِنْ خَلْفِي كَمَا أرَي مِنْ أمَامِي}[1]
وليس هذا فقط ، فعيوننا لا تري إلا في النور ، ولكن عين رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول فيها السيدة عائشة {كَانَ
يَرَي في الظَّلامِ كَمَا يَرَي أحَدكُمْ في النّور ِالتَّامِ}[2]
فليس عنده ظلام ولا نهار ، بل كله واضح أمام النبي المختار صلى الله عليه وسلم ، وهذا إلي جانب أن عينه كانت تري ما
في القلوب , وتعرف ما تخفيه , وتري الغيوب , فتري الجنَّة وتصفها ، وهو عند وصفة للجنَّة لا يصفها كما نصفها عما
قرأناه ، فقد كان ذات يوم يصف الجنَّة ، ولما رأي اندهاش الكلِّ وعجبهم من دقة الوصف ، قال لهم موضِّحا جليَّة الأمر {لَقَدْ
رَأيْتُ الجَنَّةَ فِي عَرْضِ هَذَا الحَائِطِ}[3]
أي أنا أصف الجنَّة وهي أمام عيناي ، فعين رسول الله صلى الله عليه وسلم تري كل شيء , لأنه قال الله عنه سبحانه وتعالي
{ولايَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إليَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّيَ أحِبَّهُ ، فَإذَا أحْبَبْتُهُ كُنْتُ بَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ}[4]
فهو يبصر بنور الله سبحانه وتعالي
بعد هذا في الوجه : كان عريض الفم ، وكانت العرب تفتخر باتساع الفم ، ومعناه أنه رجل فصيح فيتكلم بفصاحة ، وبلاغة ،
وطلاقة ، عريض الفم ، وأسنانه الوسطي الأمامية ، بينهما وبين بعضها فتحات ، ونقول عنها {مفلَّج الأسنان} أي بين كل
سنة وأخري فتحة
أما أنف رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان محدبا من أعلي ، لكنه ليس بالطويل أكثر من اللازم
والخدين كانا منبسطين {سهل الخدين} فليس فيهما ارتفاع أو أي شيء مما يعاب ، فهو كامل من كل شيء ، هذا هو وجه
رسول الله صلى الله عليه وسلم
{1} رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة ، ومسلم له رواية أخري عن أنس رضي الله عنه
{2} رواه البيهقي عن عائشة والبخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما
{3} رواه الحكيم الترمذي عن انس رضي الله عنه
{4} متفق علي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
تعليق