يقول ربنا سبحانه:
{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم:41]، قال ابن زيد: "{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}، قال: الذنوب" (تفسير الطبري).
قال ابن القيم: "أراد أن الذنب سبب الفساد الذي ظهر، وإن الفساد الذي ظهر هو الذنوب نفسها، وقال بعض السلف: كلما أحدثتم ذنبًا أحدث الله لكم من سلطانه عقوبة" (تفسير القرآن: لابن القيم).
كم نحن بحاجة في أوقات الفتن وكثرة الابتلاءات والمِحن؛ إلى أعمال صالحات وفعل الطاعات، تحط الخطايا والسيئات، وتُكفّر الذنوب والزلات، هي سهلة ميسرة لمن وفقه الله سبحانه لأدائها، وثمارها في الدنيا والآخرة عظيمة جليلة،
يقول عليه الصلاة والسلام: «عبادةٌ في الهرْجِ والفتنةِ كهجرةٍ إليَّ» (صحيح الجامع؛ برقم: [3974]).
ما صح وثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام، من الأحاديث يغني ويكفي لنيل الدرجات والوصول لأعلى المراتب والمرتقيات، وعليه قُسِّمَت تلك الروايات نتيجة لكثرتها إلى قسمين:
الأول: الصحيحة الثابتة المقبولة، للعمل بها وتطبيقها.
الثاني: الضعيفة المردودة، لاجتنابها وطرحها وتركها.
"ما صح من الأحاديث في أعمال أجرها المغفرة" مع بيان حال كل حديث من حيث القبول ومصدره.
1- «من توضأ فأحسن الوضوءَ خرجت خطاياه من جسدِه. حتى تخرجَ من تحت أظفارِه» (صحيح مسلم).
2- «ما من مسلمٍ يتوضأ فيُسبِغُ الوضوءَ، ثم يقوم في صلاتِه، فيعلمُ ما يقول، إلا انفتَل، وهو كيوم ولدَتْه أمُّه» (صحيح الترغيب؛ برقم: [395]).
3- «من تَوضَّأ فمضمضَ واستنشقَ خرجت خطاياهُ من فيهِ وأنفِهِ فإذا غسلَ وجهَهُ خرجَت خطاياهُ من وجهِهِ حتَّى يخرُجَ من تحتِ أشفارِ عينيهِ فإذا غسلَ يدَيهِ خرجَت خطاياهُ من يدَيهِ فإذا مسحَ برأسِهِ خرجَت خطاياهُ مِن رأسِهِ حتَّى تخرجَ من أذُنَيْهِ فإذا غسلَ رجليهِ خرجَت خطاياهُ من رجليهِ حتَّى تخرُجَ من تحتِ أظفارِ رجليهِ وَكانت صلاتُهُ ومشيُهُ إلى المسجدِ نافلةً» (صحيح سنن ابن ماجة؛ برقم: [228]).
4- «من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدَّم من ذنبه» (متفق عليه).
5- «من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة فصلاها مع الجماعة أو في المسجد غفر الله له ذنوبه» (صحيح مسلم).
6- «إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيًا من الذنوب» (صحيح مسلم).
7- «ما منكم رجل يقرب وضوءه فيمضمض ويستنشق فينتثر إلا جرت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا جرت خطايا وجهه من أطراف لحييه مع الماء ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا جرت خطايا يديه من أنامله مع الماء ثم يمسح رأسه إلا جرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء ثم يغسل قدميه إلى الكعبين إلا جرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء فإن هو قام فصلى فحمد الله وأثنى عليه ومجده بالذي هو له أهل وفرغ قلبه لله إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أُمُّه» (صحيح مسلم).
8- عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فيما يحكي عن ربِّه عز وجل قال: «أذنَب عبدٌ ذنبًا، فقال: اللهمَّ! اغفِرْ لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنَب عبدي ذنبًا، فعلم أنَّ له ربًّا يغفر الذنبَ، ويأخذ بالذَّنبِ، ثم عاد فأذنب. فقال: أي ربِّ! اغفرْ لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبًا، فعلم أنَّ له ربًّا يغفرُ الذنبَ، ويأخذُ بالذنبِ، ثم عاد فأذنب، فقال: أي ربِّ! اغفرْ لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنبَ عبدي ذنبًا، فعلم أنَّ له ربًّا يغفرُ الذنبَ، ويأخذ بالذنبِ، اعملْ ما شئت فقد غفرتُ لك»، قال عبدُ الأعلى: لا أدري أقال في الثالثةِ أو الرابعةِ: «اعملْ ما شئت» (صحيح مسلم).
9- «يَنْزِلُ ربُّنا تبارك وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدنيا، حينَ يَبْقَى ثُلُثُ الليلِ الآخرِ، يقولُ: من يَدعوني فأَستجيبُ لهُ، من يَسْأَلُنِي فأُعْطِيهِ، من يَستغفرني فأَغْفِرُ لهُ» (متفق عليه).
10- «ألا أدلُكم على ما يمحو اللهُ بهِ الخطايا ويرفعُ بهِ الدرجاتِ؟» قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ! قال: «إسباغُ الوضوءِ على المكارهِ، وكثرةُ الخطا إلى المساجِدِ، وانتظارُ الصلاةِ بعدَ الصلاةِ، فذلكمْ الرباطُ» وليس في حديثِ شعبةَ ذكر الرباطِ، وفي حديث مالكٍ ثنتَينِ: «فذلكمُ الرِّباطِ، فذلكمُ الرِّباطِ» (صحيح مسلم).
11- «مَن رَاحَ إلى مَسجدِ الجماعةِ فَخُطوةٌ تَمحو سَيِّئةً، وخُطوَةٌ تَكتَتِبُ لهُ حَسنةً، ذاهِبًا ورَاجِعًا» (صحيح الترغيب؛ برقم: [299]).
12- «وما من رجلٍ يتطهَّرُ فيحسنُ الطُّهورَ ثم يعمدُ إلى مسجدٍ من هذه المساجدِ إلا كتب اللهُ له بكلِّ خُطوةٍ يخطوها حسنةً، ويرفعُهُ بها درجةً. ويحطُّ عنه بها سيِّئةً، ولقد رأيتُنا وما يتخلَّفُ عنها إلا منافقٌ، معلومُ النفاقِ، ولقد كان الرجلُ يُؤتى به يُهادَى بينَ الرَّجُلَينِ حتى يُقامَ في الصَّفِّ» (صحيح مسلم).
13- «كلُّ خطوةٍ يخطوها أحدُكم إلى الصلاةِ يُكْتَبُ لَهُ بها حسنةٌ ويُمْحَى عنه بِها سَيِّئَةٌ» (صحيح الجامع؛ برقم: [4521]).
14- «من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، رضيتُ بالله ربًا وبمحمد رسولاً وبالإسلام دينًا، غفر له ذنبه» (صحيح مسلم).
15- «من قال حين يسمع المؤذن: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله رضيتُ بالله ربًا وبمحمدٍ رسولًا وبالإسلام دينًا غفر له ذنبه» (صحيح مسلم).
تعليق