
تُعَدُّ حياة رسول الله

فانظروا إلى الرسول العابد الذي لا يفتر عن ذكر ربِّه في ليله ونهاره، والأمي الذي علَّمه شديد القوى، والحريص على أُمَّته من عذاب رب العالمين، والزاهد في الدنيا رغم أنها أتته راغبة، وانظروا أيضًا إلى عصمة الله له وإلى نقاء حياته؛ ستدركون عندها أن محمدًا


كما وضع القرآن الكريم المعيار الحقيقي أمام الإنسان عند تطلُّعه للدنيا: {وَإِنَّ الدَّارَ الآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}[العنكبوت: 64].فالدنيا في المنظور الإسلامي ما هي إلاَّ مزرعة الآخرة، وهي كذلك مجرَّد طريق يعبر عليه الإنسان لوِجْهَته الحقيقيَّة، وهو ما قاله رسول الله

ويُعَلِّم رسول الله


صور من زهد رسول اللهومن عظمة رسول الله




ولقد أشفق أصحاب رسول الله –رضي الله عنهم- عليه




وهذا رسول الله




وكثيرًا ما كان يلتوي رسول الله من الجوع طيلة حياته!! ومن هذه المواقف ما ذكره أبو هريرة






لقد كان زهد رسول الله



ولمَّا جاءته الدنيا بما تشتهي كل نفس زهد فيها غاية الزهد، فها هو ذا يوم حُنين تهون عليه الدنيا كلها ويعطيها دون تردُّدٍ لأصحابه وللمؤلَّفة قلوبهم، فهي عنده لا تعدل جناح بعوضة، حتى إنه لم يُبقِ منها ما يعوِّض فقر السنين وانقضاء العمر الذي تجاوز الستِّين، ثم يقول للأعراب بعد أن أخذ بعضهم رداءَهُ: "رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي، أَتَخَافُونَ أَلاَ أَقْسِمَ بَيْنَكُمْ مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكُمْ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَوْ كَانَ لَكُمْ عِنْدِي عَدَدَ شَجَرِ تِهَامَةَ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ عَلَيْكُمْ، ثُمَّ لا تَجِدُونِي بَخِيلاً..."[15].
نظرة رسول الله للزهدورغم زهد رسول الله


هذه هي النظرة الإسلاميَّة للدنيا؛ نظرة توازن لا تُغْفِل الدنيا لحساب الآخرة، ولا الآخرة لحساب الدنيا، وهذه هي عظمة الإسلام، وعظمة نبيِّه

د. راغب السرجاني
[1] البخاري عن عبد الله بن عمر: كتاب الرقائق، باب قول النبي

[2] هو يحيى بن سعيد بن فروخ القطان، من الطبقة الصغرى من التابعين، ثقة ثبت مرضي حجة حافظ، تُوُفِّيَ سنة 198هـ. انظر: المِزِّي: تهذيب الكمال 31/329، وابن حجر: تهذيب التهذيب 11/190- 193.
[3] مسلم عن المستورد بن شداد: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة (2858)، وأحمد (18037)، وابن حبان (6265).
[4] الرمال: بكسر الراء وضمِّها، ما نُسِجَ، وقيل: المنسوج بالسعف. انظر: ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 1/125، وابن منظور: لسان العرب، مادة رمل 11/294.
[5] الأهبة: بمعنى الأُهُب والهاء فيه للمبالغة وهو جمع إهاب، وهو الجلد مطلقًا دُبغ أو لم يُدبغ. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة أهب 1/217.
[6] البخاري: كتاب المظالم، باب الغرفة والعلية المشرفة في السطوح وغيرها (2336)، ومسلم: كتاب الطلاق، باب في الإيلاء واعتزال النساء... (1479).
[7] ابن ماجه (4109)، والترمذي (2377) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
[8] يلتوي: أي يتقلَّب ظهرًا لبطنٍ ويمينًا وشمالاً. انظر: السيوطي: شرح سنن ابن ماجه ص306.
[9] الدقَل: رديء التمر. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة دقل 11/246.
[10] مسلم: كتاب الزهد والرقائق (2978)، والترمذي (2372)، وابن ماجه (4146).
[11] الْعِذْق: الغصن من النَّخل. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة عذق 10/238.
[12] المدية: السكين والشَّفْرة. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة مدي 15/272.
[13] مسلم: كتاب الأشربة، باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه... (2038)، وأبو يعلى (6181).
[14] البخاري: كتاب الأطعمة، باب ما كان السلف يدخرون... (5107)، ومسلم: كتاب الزهد والرقائق (2970)، واللفظ له.
[15] البخاري: كتاب الخمس، باب ما كان للنبي

[16] أحمد (13004)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
تعليق