الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
الليلة موعدنا مع الدرس السادس من دروس دورتنا_أسأل الله العظيم أن ينفعنا وإياكم بها_
وحديثنا فى هذا اللقاء هو حديث «لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا وَاَلَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ»
عَنْ اَلزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ: « أَتَيْنَا أَنَسًا فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنْ اَلْحَجَّاجِ فَقَالَ: اِصْبِرُوا فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا وَاَلَّذِي
بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ؛ سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم » .
عن الزبير بن عدي قال: « أتينا أنسا رضي الله عنه فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج » -يعني- من ظلمه وتسلطه على الناس بالقتل والأذى والسجن وما أشبه ذلك
« فقال أنس رضي الله عنه: اصبروا » وهذا هو علاج كل المصائب التي تجري في هذه الحياة الصبر تقابل بالصبر والاحتساب تسلط -يعني- الظلمة سواء كانوا من الولاة، أو من سائر الناس كقطاع الطريق ونحوهم. من البلاء ومن المصائب التي تجري على الناس فتقابل بالصبر وعدم الجزع. وإن ذلك كله جار بقدر الله فقال: اصبروا.
هذه الوصية؛ فاصبروا لا يحملنكم ما تلقون من ظلم على تعدي حدود الله وارتكاب ما حرم الله، فإن ذلك من قلة الصبر فإنه يقول: « اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم » « لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر؛ حتى تلقوا ربكم » -يعني- حتى تموتوا أو إلى يوم القيامة. فهذا يدل على أن الناس دائما في نقص كلما تقدم الزمان كان النقص أشد؛ فخير هذه الأمة القرن الأول ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم تأتي قرون تتغير فيها الأحوال ويكثر فيها الشر.
يأتي قوم يخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون وينذرون ولا يوفون؛ يشهدون ولا يستشهدون وما أشبه ذلك « لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه » هذا اللفظ يقتضي أن كلما تقدم الزمان كان الزمان الثاني أو المتأخر شرا من الذي قبله.
والشر والخير إنما يقاس بأمور -يعني- فيما يتعلق بالدين فالخير بالإيمان والطاعة والاستقامة، والشر عكس ذلك فقد كان الناس في جاهلية وشر، ثم جاء الله... كما جاء في حديث حذيفة ثم جاء الله بهذا الخير بالدين بالإسلام، وقد استشكل العلماء -يعني- هذا الإطلاق مع أنه قد جاء بعد عصر الخلفاء تغيرت الأحوال حصل -يعني- من بعض الولاة مخالفات ومن عامة الناس.
ثم جاء عهد عمر بن عبد العزيز كان عهد عدل وصلاح الأحوال واستقامة الأعوان؛ حتى سمي عمر بن عبد العزيز رحمه الله الخليفة الراشد بعضهم يقول: الخليفة الخامس؛ خامس الخلفاء الراشدين -يعني- صار عهده. هكذا الصورة عهده خيرا من الذي قبله فيشكل مع قول « لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه » وهكذا ما يحصل في ثنايا الزمان من صلاح واستقامة ورجوع بعد أن كان تفريط وانجراف وانطماس معالم الدين وفشو البدع -يعني- التجديد التجديد؛ كما جاء في حديث التجديد « أن الله تعالى يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها » معناه أن إذا جاء التجديد يكون عهد التجديد خيرا من الذي قبله.
وهكذا ما جاء في شأن المهدي وأنه « يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا » هذه كلها يوردها العلماء مشكلة مع ظاهر هذا الحديث؛ فلهذا اختلفت أجوبتهم فمنهم من قال: إن هذا بحسب الأغلب الغالب هو القليل والنادر عادة لا يقدح في العموم إن هذا في الأغلب لا يأتي زمان -يعني- أكثر الأحوال وأكثر الواقع أنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه، ومنهم من يقول: إن هذا مختص بالصحابة « لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم » لكن أنس حمله على الإطلاق؛ لأنه خاطب به من خاطب به التابعين وبعضهم يقول: بل إن هذا على إطلاقه، وأن كل زمان -يعني- في جملته خير من الذي بعده.
في الجملة كل ما كان الزمان أقرب إلى عهد النبوة فالخير الموجود من علم ودين وإيمان، ولا يقتصر هذا على أمر الولاية، ومسألة العدل -يعني- العدل في الولاية هذا جانب من جوانب الدين، فعهد عمر بن عبد العزيز نعم هو في أمر الولاية خير من الذي قبله قريب لكن حال الناس قبل ذلك خير من حيث العلم والدين والإيمان، ويستشهد بهذا بأنه قبل عهد عمر كان الصحابة. فعهد عمر قد انقرض فيه الصحابة لم يبق منهم وجود البقية من صحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير عظيم هذا والله أعلم بمراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ولهذا كل من يأتي -سبحان الله- الناس في وقت كل يشكو زمان الذي ويقول: -يعني- ويتذكر الزمان الماضي أنتم الآن في هذا الوقت الناس يتذكرون -يعني- السنين الماضية -يعني- نلاحظ إن كل الصورة تتغير؛ كلما تقدم الزمان نجد التغير وفساد الأحوال وغلبة الشرور وإن تجدد شيء من الخير وتجدد؛ لكن بشكل إجمالي الخير الذي في مثل القرن الماضي مثلا أكثر من الخير في هذا القرن، والله أعلم بالصواب .
1_فى الحديث علاج لكل المصائب التى قد تصيب الإنسان فى حياته،وضح ذلك.
2_ما هو مقياس الخير والشر فيما يتعلق بالدين؟
نفعنا الله وإياكم،نلتقى فى الدرس القادم إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تعليق