عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم
"إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً"
رواه البخاري.
هذا من أكبر مِنن الله على عباده المؤمنين: أن أعمالهم المستمرة المعتادة إذا قطعهم عنها مرض أو سفر كتبت لهم كلها كاملة؛ لأن الله يعلم منهم أنه لولا ذلك المانع لفعلوها، فيعطيهم تعالى بنياتهم مثل أجور العاملين مع أجر المرض الخاص، ومع ما يحصل به من القيام بوظيفة الصبر، أو ما هو أكمل من ذلك من الرضى والشكر، ومن الخضوع لله والانكسار له. ومع ما يفعله المسافر من أعمال ربما لا يفعلها في الحضر: من تعليم، أو نصيحة، أو إرشاد إلى مصلحة دينية أو دنيوية وخصوصاً في الأسفار الخيرية، كالجهاد، والحج والعمرة، ونحوها.
ويدخل في هذا الحديث: أن من فعل العبادة على وجه ناقص وهو يعجز عن فعلها على الوجه الأكمل، فإن الله يكمل له بنيته ما كان يفعله لو قدر عليه؛ فإن العجز عن مكملات العبادات نوع مرض. والله أعلم.
ومن كان من نيته عمل خير، ولكنه اشتغل بعمل آخر أفضل منه، ولا يمكنه الجمع بين الأمرين: فهو أولى أن يكتب له ذلك العمل الذي منعه منه عمل أفضل منه، بل لو اشتغل بنظيره. وفضل الله تعالى عظيم.
من كتاب
( بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
تعليق