قول عمر رضي الله عنه "وافقت ربي في ثلاث"
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ: عبد الرحمن السحيم حفظه الله
بارك الله في علمكم .. وجعلكم مباركين أينما كنتم ..
من المشهور عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: ((وافقت ربي في ثلاث...)).
السؤال :
- هل ثبت هذا عنه ؟
- وهل هنّ ثلاث أو أربع ؟
وفي إحدى الروايات قال: ((وافقت ربي ووافقني في أربع...)) ؟
- وإذا ثبت: فما هي هذه الخصال ؟
لأني اطلعت على روايات مختلفة، في الحجاب، وفي أُسارى بدر، وفي مقام إبراهيم، وفي اجتماع نساءه في الغيرة، وفي قوله تعالى: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ(12))في سورة المؤمنون ؟
بارك الله فيكم ونفع بكم . آمين.
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه : وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلاثٍ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى فَنَزَلَتْ : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى) البقرة:125، وَآيَةُ الْحِجَابِ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ ، فَإِنَّهُ يُكَلِّمُهُنَّ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ ، وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَيْرَةِ عَلَيْهِ ، فَقُلْتُ لَهُنَّ : (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ) التحريم:5، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ . رواه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه .
ورواه مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال عمر : وافقت ربي في ثلاث : في مقام إبراهيم ، وفي الحجاب ، وفي أُسارى بَدْر .
قال النووي : وَجَاءَ فِي الْحَدِيث الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِم بَعْد هَذَا مُوَافَقَته فِي مَنْعِ الصَّلاة عَلَى الْمُنَافِقِينَ ، وَنُزُول الآيَة بِذَلِكَ ، وَجَاءَتْ مُوَافَقَته فِي تَحْرِيم الْخَمْر . فَهَذِهِ سِتٌّ ، وَلَيْسَ فِي لَفْظِه مَا يَنْفِي زِيَادَة الْمُوَافَقَة . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وقال ابن كثير : وفي رواية لمسلم ذَكَر أسارى بدر ، وهي قضية رابعة . اهـ .
وروى مسلم عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَال : لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ أَنْ يُكَفِّنَ فِيهِ أَبَاهُ ، فَأَعْطَاهُ ، ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ ، فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَتُصَلِّي عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ فَقَال : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً) التوبة:80 ، وَسَأَزِيدُ عَلَى سَبْعِينَ ، قَالَ : إِنَّهُ مُنَافِق ، فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ) التوبة:84.
قال ابن كثير : وهذا إسناد صحيح أيضًا ، ولا تعارض بين هذا ولا هذا ، بل الكل صحيح ، ومفهوم العدد إذا عارَضه منطوق قُدم عليه ، والله أعلم .
وقال ابن رجب : وقول عمر : " وافقت ربي في ثلاث " ، ليس بِصيغة حَصْر ، فقد وافق في أكثر من هذه الخصال الثلاث والأربع .
وقال ابن حجر : وَلَيْسَ فِي تَخْصِيصه الْعَدَد بِالثَّلاثِ مَا يَنْفِي الزِّيَادَة عَلَيْهَا ؛ لأَنَّهُ حَصَلَتْ لَهُ الْمُوَافَقَة فِي أَشْيَاء غَيْر هَذِهِ ، مِنْ مَشْهُورهَا : قِصَّة أُسَارَى بَدْر ، وَقِصَّة الصَّلاة عَلَى الْمُنَافِقِينَ ، وَهُمَا فِي الصَّحِيح .
وقال : وَأَكْثَر مَا وَقَفْنَا مِنْهَا بِالتَّعْيِينِ عَلَى خَمْسَة عَشَر ، لَكِنْ ذَلِكَ بِحَسَب الْمَنْقُول . اهـ .
يعني : بِحسب المنقول صِحّة وضعفا .
وأما ما يتعلّق بقوله تعالى : (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ(12)) المؤمنون، فقد رواه أبو داود الطيالسي وابن أبي حاتم في تفسيره من طريق علي بن زيد ، عن أنس ، قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : وافقت ربي ووافقني في أربع : نزلت هذه الآية : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12)) المؤمنون، الآية ، قلت أنا: فتبارك الله أحسن الخالقين. فَنَزَلت : (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ(14)) المؤمنون،
وهذا إسناده ضعيف ، لِضعف عليّ بن زيد .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم حفظه الله.
م\ن-
تعليق