بسم الله الرحمن الرحيم
خلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم * و وهب له العقل الذي يميز به الصحيح من السقيم * وأودع فيه من القدرات الشيء الكثير * ففي الإنسان لمة ملك ولمة شيطان رجيم * فهذا يدعوه إلى الجنة وذاك يدعوه إلى السعير * وجعله في النهاية مسؤولا عن اختياره أمام الله رب العالمين * في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم .
والإنسان كما وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم خطاء * أي كثير الخطأ * قال صلى الله عليه وسلم : ( كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) المستدرك على الصحيحين .
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح مسلم : ( والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم )
فالخطأ والذنب لا ينفك عنه إنسان * ولا يستثنى من الوقوع فيه أحد * إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم * فليست المشكلة في الوقوع بالخطأ * فهذا أمر يشترك فيه الناس جميعا * ولكن المشكلة تكمن في معالجة الخطأ والتوبة منه بعد ذلك * حتى لا يصبح الخطأ ديدنا وعادة يصعب الخلاص منه في المستقبل .
وإذا كانت معالجة الأخطاء للكبار في غاية الأهمية والخطورة * فهي للصغار والغلمان أكثر أهمية و أشد خطرا * لأن الغلام والصغير إن لم تصحح أخطاؤه * وتوجه هفواته وزلاته * فإنه قد يظن أن هذه الأفعال سليمة ما دامت لم تصحح * و عادية لا شيء فيها ما دامت لم توجه * وعند ذلك قد يكررها حتى يصبح الخطأ فيما بعد عادة متأصلة في نفسه وحياته * يصعب علاجه وتوجيهه وتصحيحه .
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصا كل الحرص على تربية أصحابه وتوجيههم * و خاصة الغلمان منهم والصغار * فمع كثرة أعبائه صلى الله عليه وسلم ومشاغله الكثيرة * لم يترك توجيه الغلمان وتصحيح أخطائهم * لعلمه بأهمية هذا الجانب * وخطورة هذا الأمر* في إخراج جيل مؤمن قوي الإيمان * يميز الحلال من الحرام والصحيح من الخطأ * والصالح من الطالح * وبذلك فقط ينمو المجتمع ويتطور * ويصبح أنموذجا يحتذى به * كما قال الله تعالى :
( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ....)
د. عامر الهوشان
تعليق