الحمدلله والصّلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه،أمّا بعد
فإن الشهادة بأن محمداً رسول الله تتضمن تصديقه في كل ما أخبروطاعته في كل ما أمر، فما أثبته وجب إثباته وما نفاه وجب نفيه وعلينا أن نفعل ما أمربه وأن ننتهي عما نهى عن هو أن نحل ما أحله ونحرم ماحرمه فلا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله ولا دين إلاماشرعه الله ورسوله وقد قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم )إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا(الأحزاب:45-46
والله هو الذي يُشَرِّعُ الشرائعَ ويحكمُ الأحكامَ، ولايمكن تَلقي أحكامَ الشرعِ إلا عن طريق هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
ولا سبيل إلى معرفةالدين إلابواسطة النبي صلى الله عليه وسلم، بل ولا يمكن أن نقوم بعبادةالله تعالى على الوجه المطلوب إلا عن طريق النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا يمكن للإنسان أن يعبد الله تعالى على علم وبصيرة وتكون عبادته صحيحة مقبولة إلا عن طريق التلقي من النبي صلى الله عليه وسلم.
ويجب تصديق النبي صلى الله عليه وسلم في جميع ما أخبر به عن الله عزوجل، من أنباء ما قد سبق, وأخبار ما سيأتي، والإيمان بأن ذلك كله من عند الله عزوجل، قال تعالى (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى(النجم: 3-4.
وإن الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم كما يتضمن تصديقه فيما جاء به فهو يتضمن كذلك العزم على العمل بما جاء به, وهذه هي الركيزة الثانية من ركائز الإيمان به صلى الله عليه وسلم، وهي تعني: الانقياد له صلى الله عليه وسلم وذلك بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه وزجر امتثالاً لقوله تعالى(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا )الحشر: 7.
و لا طريق لنا لأن نعرف ما ينجينا من غضب الله وعقابه، ويقربنا من رضى الله وثوابه إلابما جاء به نبينا محمدٌ صلى الله عليه وسلم
و معرفة النبي صلى الله عليه وسلم تشتمل على أمور كثيرة: ومن ذلك معرفة اسمه ونسبه سيرته وهديه وسنته وشريعته وشمائله.
وفي تعلم الشمائل ومعرفتها فوائد وثمرات عظيمة، وهي تفيد العبد وتستحثه ليقتدي بصاحبها صلى الله عليه وسلم ويعظمه ويوقره ويعملُ بشريعته، ويدعو إلى دينه وسنته وهديه ومنها
أولاً:أن من أعظم أصول الدين معرفةَ العبد لنبيه صلى الله عليه وسلم، وأنّها من تمام معرفة رسول الله صلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ، وحقّ على كلّ مسلم أن يعرف نبيّه، لأنّ الإيمان بالشّيء على قدر المعرفة به لذلك كان أكثر النّاس يقينا أعرفهم به صلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ
وهذا الأصل تأتي معرفته بعد معرفةِ العبدِ ربَّه، ومعرفةِ العبدِ دينَه. وأسئلة القبر مدارها على هذه الأصول الثلاثة. والمراد بها: معرفة العبد ربه ودينه ونبيه صلى الله عليه وسلم.
ثانياً:أن معرفة شمائله صلى الله عليه وسلم وسيلةٌ إلى امتلاء القلب بتعظيمه،وذلك وسيلة لتعظيم شريعته، وتعظيم شريعته واحترامها وسيلة إلى العملِ بها
.
ثالثاً:أن الله تعالى تعبدنا بالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)قال ابن كثير: هذه الآية الكريمة أصلٌ كبيرٌ في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله.
قال ابن القيم في المدارج (3/268): فإذا رُزِق العبدُ محبةَ الرسول صلى الله عليه وسلم،واستولت روحانيته على قلبه، جعله إمامَه ومعلمَه وأستاذَه وشيخه وقدوته، كما جعله الله نبيَه ورسولَه وهادياً إليه، فيطالع سيرته ومبادئ أمره وكيفية نزول الوحي عليه، ويعرف صفاتَه وأخلاقَه وآدابَه، في حركاته وسكونه ويقظته ومنامه وعبادته ومعاشرته لأهله وأصحابه،حتى يصير كأنه معه من بعض أصحابه.
أهـ بتصرف.
أهـ بتصرف.
رابعا:معرفة الكمال البشري الظاهري والباطني الذي اجتمع في النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يجتمع في أحد قطُ قبله، ولن يجتمع في أحد بعده، وهذه المعرفة تستجلب ثمرات عظيمة، تتعلق بعبادة المرء لربه جل وعلا منها
1-زيادة الإيمان به صلى الله عليه وسلم، ولا ريب أن الإيمان به صلى الله عليه وسلم أصلٌ من أصول الإيمان ،قال الله تعالى (ياأيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل)
2-زيادة محبته صلى الله عليه وسلم، محبةً تقتضي طاعته واتباعه وتعظيمه وتعزيره وشوقاً إلى رؤيته والورود على حوضه والشرب من يده الكريمة شربة هنيئة لا ظمأ بعدها.
وذلك إن المحبة كلما كمُلتْ كان الإتباع أكمل، وكلما ضعُفت المحبةُ ضعف الإتباع ،قال الله تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم)
وقد ثبت عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِى يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ
وذلك إن المحبة كلما كمُلتْ كان الإتباع أكمل، وكلما ضعُفت المحبةُ ضعف الإتباع ،قال الله تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم)
وقد ثبت عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِى يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ
".
3-أن معرفة هذه الشمائل يحقق للمسلم الاعتقاد الصحيح في النبي صلى الله عليه وسلم، فمن جهة اتصافه بصفات البشر يقف المرء بالنبي صلى الله عليه وسلم عند حد العبودية لله، ولايرفعه إلى منزلة الخالق جل وعلا، أو يعتقد فيه ما هو من خصائص الرب عز وجل، ومن جهة أخرى يعرف للنبي صلى الله عليه وسلم شريفَ قدرِه وعلوِّ مكانته؛ إذ فضّله الله على البشر بما أعطاه من صفات الكمال، وما جمع فيه من الشمائل التي لا يمكن أن تجتمع إلا في عبد اختاره الله وفضّله، وعندئذ يقف المسلم عند قوله صلى الله عليه وسلم "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله."
خامسـاً: الاقتداء به صلى الله عليه وسلم في ما كان منها محلاً للاقتداء، فشمائله صلى الله عليه وسلم نوعان
:
1- نوعٌ متعلق بالهيئة التي خلقه الله عليها، كطوله ولونه، فهذه ليست محلاً للاقتداء؛ لأنه ليس للعبد فيها فعلأ واختيار.
2- متعلقٌ بالصفات التي يكون للعبد فيها فعلٌ واختيار على جهة القصد، كزهده وورعه وكرمه وعفوه صلى الله عليه وسلم. فيقتدى به فيها لقوله تعالى )لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)
سادسـاً:تثبيت المؤمنين وردّ شبه المعاندين، فإنّ تلك الشّمائل وتلك الصّفات والنّعوت بمثابة أشعّة الشّمس الّتي تنير دروب الصّالحين، وتضيء سبيل المتّقين, وهي أيضا من أعظم ما يستعان به على هداية المشركين، ودعوتهم إلى الله تعالى والإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم.
كما أنها سلاح نافذٌ وسيفٌ مُصْلَتٌ، ودرعٌ واقٍ، يقف به المسلم في وجه كل من يريد الإساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أوالطعن فيه بأي وجه من الوجوه.
كما أنها سلاح نافذٌ وسيفٌ مُصْلَتٌ، ودرعٌ واقٍ، يقف به المسلم في وجه كل من يريد الإساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أوالطعن فيه بأي وجه من الوجوه.
وختاما
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلقاً وأكرمهم وأتقاهم، وقد شهد له بذلك ربه جل وعلا وكفى بها فضلا؛ قال تعالى مادحاً وواصفاً خُلق نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم)وَإِنّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ(القلم 4.
و رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صاحب الحوض المورود، واللواء المعقود، والمقام المحمود، صاحب الغرّة والتحجيل، المذكور في التوراة والإنجيل، المؤيّد بجبريل، خير الخلق في طفولته، وأطهر المطهرين في شبابه، وأنجب البشرية في كهولته، وأزهد الناس في حياته، وأعدل القضاة في قضائه، وأشجع قائد في جهاده؛ اختصه الله بكل خلق نبيل؛ وطهره من كل دنس وحفظه من كل زلل، وأدبه فأحسن تأديبه وجعله على خلق عظيم؛ فلا يدانيه أحد في كماله وعظمته وصدقه وأمانته وزهده وعفته
.
كان أجود الناس، وأصدقهم لهجة، وألينهم طبعا، وأكرمهم عشرة، وكان أشجع الناس وأعف الناس وأكثرهم تواضعا، وكان أشد حياء من العذراء في خدرها، يقبل الهدية ويكافئ عليها، ولايقبل الصدقة ولا يأكلها، ولايغضب لنفسه، وإنما يغضب لربه، وكان يأكل ما وجد، وكان يمر به الهلال ثم الهلال ثم الهلال، وما يوقد في أبياته نار، وكان يجالس الفقراء والمساكين ويعود المرضى ويمشي في الجنائز.
وكان يمزح ولا يقول إلا حقا، ويضحك من غيرقهقهة، كان صلى الله عليه وسلم خير الناس وخيرهم لأهله وخيرهم لأمته من طيب كلامه وحُسن معاشرة زوجاته بالإكرام والاحترام وكان في مهنة أهله، وقال ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي (الترمذي وصححه الألباني
وكان يمزح ولا يقول إلا حقا، ويضحك من غيرقهقهة، كان صلى الله عليه وسلم خير الناس وخيرهم لأهله وخيرهم لأمته من طيب كلامه وحُسن معاشرة زوجاته بالإكرام والاحترام وكان في مهنة أهله، وقال ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي (الترمذي وصححه الألباني
اعترف كل من عرفه حق المعرفة بعلو نفسه وصفاء طبعه وطهارة قلبه ونبل خلقه ورجاحة عقله وتفوق ذكائه وحضور بديهته وثبات عزيمته ولين جانبه.
اللهم صل عليه و على آله و صحبه و كل من تبعه إلى يوم القيامة وسلم تسليما كثيرا
منقول بتصرف من
1،2-مقالتين بعنوان شمائل النبي صلى الله عليه وسلم
3- أعظم إنسان عرفته البشريةهشام محمد سعيد برغش
4-معنى شهادة أن محمداً رسول الله(الموسوعة العقدية)
5- اعرف نبيك صلى الله عليه وسلم
تعليق