ابتسامة الرسول صلى الله عليه وسلم.. حقائق وأسرار
حينما يقلب المسلم سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لا ينقضي عجبه من جوانب العظمة والكمال في شخصيته العظيمة صلوات ربي وسلامه عليه.
ومن جوانب تلك العظمة ذلك التوازن والتكامل في أحواله كلها، واستعماله لكل وسائل تأليف القلوب وفي جميع الظروف.
ومن أكبر تلك الوسائل التي استعملها صلى الله عليه وسلم في دعوته، هي تلكم الحركة التي لا تكلف شيئا، ولا تستغرق أكثر من لمحة بصر، تنطلق من الشفتين، لتصل إلى القلوب، عبر بوابة العين، فلا تسل عن أثرها في سلب العقول، وذهاب الأحزان، وتصفية النفوس، وكسر الحواجز مع بني الإنسان، تلكم هي الصدقة التي كانت تجري على شفتيه الطاهرتين، إنها الابتسامة.
الابتسامة التي أثبتها القرآن الكريم عن نبي من أنبيائه، وهو سليمان –عليه السلام- حينما قالت النملة ما قالت.
إنها الابتسامة التي لم تكن تفارق محيا رسولنا صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله، فلقد كان يتبسَّم حينما يلاقي أصحابه، ويتبسَّم في مقامٍ إن كتم الإنسان فيه غيظه فهو ممدوح فكيف به إذا تبسم؟! وإن وقع من بعضهم خطأ يستحق التأديب، بل ويبتسم صلى الله عليه وسلم حتى في مقام القضاء.
فهذا جرير رضي الله عنه يقول كما في الصحيحين:
"مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَآنِي إلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي" صحيح مسلم.
ويأتي إليه الأعرابي بكل جفاء وغلظة، ويجذبه جذبة أثرت في صفحة عنقه، ويقول: "يا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ الله الَّذِي عِنْدَكَ؟ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ" صحيح مسلم والبخاري.
ومع شدة عتابه صلى الله عليه وسلم للذين تخلفوا عن غزوة تبوك،لم تغب هذه الابتسامة عنه وهو يسمع منهم، يقول كعب رضي الله عنه بعد أن ذكر اعتذار المنافقين وحلفهم الكاذب: "فَجِئْتُهُ فلمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَ: تَعَالَ، فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ" صحيح مسلم والبخاري.
وكان بعض الصحابة يتحدثون، فيأخذون في أمر الجاهلية، فيضحكون ويتبسم
بل لم تنطفئ هذه الابتسامة عن محياه الشريف، وثغره الطاهر حتى في آخر لحظات حياته، وهو يودع الدنيا صلى الله عليه وسلم يقول أنس كما في الصحيحين: "بَيْنَمَا المُسْلِمُونَ في صَلاَةِ الفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الاثْنَيْنِ وأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِهِمْ لَمْ يَفْجَأْهُمْ إلَّا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي الصَّلَاةِ، فَتَبَسَّمَ يَضْحَكُ" التمهيد لابن عبد البر.
ولهذا لم يكن عجيبا أن يملك قلوب أصحابه، وزوجاته، ومن لقيه من الناس.
[
الطريق إلى القلوب
لقد شقّ النبي صلى الله عليه وسلم طريقه إلى القلوب بالابتسامة، فأذاب جليدها، وبث الأمل فيها، وأزال الوحشة منها، بل سنّ لأمته وشرع لها هذا الخلق الجميل، وجعله من ميادين التنافس في الخير، فقال: "وتَبَسُّمُكَ في وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ" رواه الترمذي وصححه ابن حبان.
منقووووول
تعليق