حديثٌ ضعيفٌ جدّاً مع نكارتِهِ
اخرجه الترمذيُّ في " سننه " (رقم :2948) قال :
حدَّثنا نصر بن علي ، حدَّثنا الهيثم بن الرَّبيع ، عن صالحٍ المُرِّيِّ ، عن قتادة ، عن زُرارة ابن أوفى ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ ؛ قال: قال رجُلٌ: يا رسولَ اللَّهِ ، أيُّ العملِ أحبُّ إلى اللَّهِ ؟ ، قال: " الحَالُّ المُرْتَحِلُ " ، قال : ومَا الحالُّ المرتحلُ ؟ ، قال : " الَّذي يَضْرِبُ من أوَّلِ القرآنِ إلى آخرِهِ ، كُلَّما حَلَّ ارْتَحَلَ " .
قال الترمذيُّ : هذا حديثٌ غريبٌ ، لاَ نعرفُهُ من حديثِ ابنِ عبَّاسٍ إلاَّ من هذا الوجهِ ، وإسنادُهُ ليس بالقويِّ " .
أقولُ: هكذا رواه الهيثمُ بنُ الرَّبيعِ موصولاً عنِ ابنِ عبَّاسٍ ، والهيثمُ بنُ الرَّبيعِ ضعيفٌ ، وتابعه عليه: إبراهيم بن الفضل بن أبي سويد ، وزيد بن الحُباب ، وعمرو بن عاصم الكلابيُّ ، وعمرو بن مرزوق الباهليُّ ، ويعقوب بن إسحاق الحضرميُّ .
أمَّا متابعـةُ إبراهيمَ بنِ الفضلِ بنِ أبي سويدٍ _ قال عنـه الحافظُ ابنُ حَجَـرٍ : " مقبول " ، أي : عند المتابعة ، وإلاَّ فهو ليِّنٌ _: فأخرجها محمَّد بن نصر المروزيُّ في " قيام رمضان " (رقم :53) ، والطَّبرانيُّ في " المعجم الكبير " (12/168 _ رقم :12783) _ ومن طريقه : أبو نُعيمٍ في " الحِلْية " (2/260) ، والمزِّيُّ في " تهذيب الكمال " (30/385) _ ، ومن طريق أبي نُعيمٍ : أخرجها الذَّهبيُّ في " سير أعلام النُّبلاء " (4/516) ، وابنُ الجَزَريِّ في " النَّشر في القراءات العشر " (2/333) _ ، وأبو الحسن طاهر بن عبد المنعم بن غلبون الحَلَبيُّ _ كما في " النَّشر " (2/332) .
وأمَّا متابعةُ زيدِ بنِ الحُبابِ _ وهو صدوقٌ كثيرُ الخطإ _ : فأخرجها الحاكمُ في " المستدرك " (1/757 _ رقم :2089) ، والبيهقيُّ في " شُعَب الإيمان " (2/348 _ رقم :2001) _ ومن طريقِهِ : ابنُ الجَزَريِّ في " النَّشر " (2/332) _ ، وأبو نُعيمٍ في " الحِلْية " (6/174) ، والرامهرمزيُّ في " أمثال الحديث " (رقم :85) ، وأبو الفضل الرَّازيُّ في " فضائل القرآن وتلاوته " (ص : 15) ، وأبو الشَّيخِ بن حَيَّان في " فضائل الأعمال " _ كما في " النَّشر في القراءات العشر " (2/333) _ ، وابنُ الجَـزَريِّ في " النَّشر " (2/332) .
قال أبو نُعيمٍ _ عَقِبَهُ _ : " غريبٌ من حديثِ قتادةَ ، لم يَرْوِهِ عنه _ فيما أُرَى _ إلاَّ صالحٌ " .
وأمَّا متابعةُ عمرِو بنِ عاصمٍ الكلابيِّ _ وهو صدوقٌ في حفظه شيءٌ _ : فأخرجها الحاكمُ في " المستدرك " (1/757 _ رقم :2088) ، والبيهقـيُّ في " شُعَبِ الإيمانِ " (2/367 _ رقم : 2069) .
وأمَّا متابعةُ عمرِو بنِ مرزوقٍ الباهليِّ _ وهو ثقةٌ له أوهامٌ _ : فأخرجها : الحاكمُ في " المستدرك " (1/757 _ رقم :2089) .
وأمَّا متابعةُ يعقوبَ بنِ إسحاقَ الحضرميِّ _ وهو صدوقٌ _ : فأشَارَ إليها أبو نُعيمٍ في " الحِلْيَةِ " (2/260) عَقِبَ رواية إبراهيم بن أبي سويد آنفة الذِّكْرِ، ولم أَقِفْ عليها .
وخالفهم في وصلِهِ من هُمْ أضبط منهم وأوثق ، فرووه عن زُرارة بن أوفى عن النَّبي مرسلاً ، وهو الصَّوابُ .
فأخرج الترمذيُّ في " سننه " (رقم :2948/ب) من طريق مسلم بن إبراهيم ، حدَّثنا صالحٌ المُرِّيُّ ، عن قتادةَ ، عن زُرارة بن أوفى ، عنِ النَّبيِّ صل الله عليه وسلم ، نحوه ، ولم يذكر فيه : عن ابنِ عبَّاسٍ .
قال الترمذيُّ : " وهـذا عندي أصحُّ من حديثِ نصر بن علي ، عنِ الهيثـم بن الرَّبيع " .
أقولُ : ومسلم بن إبراهيم ثقةٌ مأمونٌ ، وقد تابعه على إرسالِهِ :
1_ إسحاق بن عيسى بن نجيح _ وهو صدوقٌ _ : أخرجه الدَّارميُّ في " سننه " (2/560 _ رقم :3476) .
2 _ الحجَّاج بن المنهال _ وهو ثقةٌ _ : أخرجه أبو الفضل الرَّازيُّ في " فضائل القرآن وتلاوته " (ص :15) .
3_ أبو النَّضر هاشم بن القاسم _ وهو ثقةٌ ثبتٌ _ : أخرجـه الحارث المحاسبيُّ في " فهم القرآن ومعانيه " (ص :300) .
4 _ عبد اللَّه بن معاوية الجمحيُّ _ وهو ثقةٌ _ : أخرجه الحافظُ أبو عمرٍو الدَّانيُّ _ كما في " النَّشر في القراءات العشر " (2/333) _ .
وأمَّا قولُ الشَّيخِ الألبانيِّ _ رحمهُ اللَّهُ _ في " السِّلْسلةِ الضَّعيفةِ " (4/315 _ رقم : 1834) :
" فالموصولُ أصحُّ " ، فهو خطأٌ لِمَا وضَّحْنَاهُ آنفاً .
وجاءَ لفظُ الحديثِ عند بعضِهِم :
" صاحبُ القرآنِ ، يَضْرِبُ في أوَّلِهِ حتَّى يبلغَ آخرَهُ ، ويَضْرِبُ في آخرِهِ حتَّى يبلغَ أوَّلَهُ ، كُلَّما أَحَلَّ ارْتَحَلَ " .
أقولُ : وهو مع إرسالِهِ فيه نكارةٌ ؛ لأنَّ مَدَارَهُ على صالحٍ المُرِّيِّ ، وهو صالحُ بنُ بشيرٍ ، وقد تقدَّم الكلامُ عليه في (ص : 17) ، وبيَّنَّا أنَّه ضعيفٌ مُنْكرُ الحديثِ ، وهو يروي عن قتادةَ أحاديث مناكير ، أرى أنَّ هذا منها ، ولم يتابعه عليه أحدٌ .
والحديثُ ضَعَّفَهُ الحافظُ أبو شَامةَ _ كما في " النَّشر في القراءات العشر " (2/333) _ .
تَنْبـيهٌ : ذَكَرَ ابنُ الجَزَريِّ في " النَّشر " (2/ 334) أنَّ أبا عمرٍو الدَّانيُّ روى الحديثَ من طريقِ سليمان بن شُعيب الكَيْسانيِّ [ جاء في الأصلِ : سليمان بن سعيد الكسائي ، وهو تحريفٌ ] ، حدَّثنا الخصيب [ جاء في الأصل : الحصيب ، وهو تصحيفٌ ] بن ناصح ، عن قتادةَ ، عن زُرارة بن أوفى ، عن أبي هريرةَ ؛ أنَّ رجُلاً قامَ إلى النَّبيِّ فقال : يا رسولَ اللَّهِ ، أيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى اللَّهِ تعالى ؟ ، ... ، فذكر نحوه .
أقولُ : هذه الرِّوايةُ معلولةٌ بأمورٍ :
الأوَّلُ : أنَّ ابنَ الجَزَريِّ أوردَ هذه الرِّوايةَ مُعَلَّقةً ، فَحَذَفَ إسنادها من أبي عمرٍو الدَّانيِّ إلى سليمان بن شُعيب .
الثَّاني : الخصيبُ بنُ ناصحٍ لم يذكروا في ترجمته أنَّ قتادةَ من شيوخِهِ ، وذكروا صالحاً المُرِّيَّ ، فلعلَّه سَقَطَ من الإسنادِ .
الثَّالثُ : الخصيبُ بنُ ناصحٍ وإنْ كان صدوقاً ؛ إلاَّ أنَّ ابنَ حِبَّانَ ذكر في " الثِّقات " أنَّهُ ربَّما أخطأَ ، فلعلَّ هذا من أخطائِهِ ، واللَّهُ أعلمُ .
وقد وقفتُ للحديثِ على شواهدَ لاَ يَزْدادُ بها إلاَّ وَهْناً على وهنٍ :
الشَّاهدُ الأوَّلُ :
حديثُ أبي هريرةَ رضي الله عنه : أخرجه الحاكمُ في " المستدرك " (1/758 _ رقم:2090) من طريقِ مقدامِ بنِ داودَ بنِ تَلِيدٍ الرُّعَيْنيِّ ، حدَّثنا خالدُ بنُ نزارٍ، حدَّثني اللَّيثُ بنُ سعدٍ ، حدَّثني مالكُ بنُ أنسٍ ، عنِ ابنِ شهابٍ ، عن الأعرجِ ، عن أبي هريرةَ قال : قَامَ رجُلٌ إلى النَّبيِّ فقال : يا رسولَ اللَّهِ ، أيُّ العملِ أفضلُ ؟ _ أو أيُّ العملِ أحبُّ إلى اللَّهِ ؟ _ ، قال: " الحَالُّ المُرْتَحِلُ ، الَّذي يَفْتحُ القرآنَ ويختمه ، صاحبُ القرآنِ ، يَضْرِبُ من أوَّلِهِ إلى آخرِهِ ، ومن آخرِهِ إلى أوَّلِهِ ، كُلَّما حَلَّ ارْتَحَلَ " .
أقولُ : هذا شاهدٌ ضعيفٌ جدّاً _ إنْ لم يكنْ موضوعاً _ ؛ المقدامُ بنُ داودَ قال فيه النَّسائيُّ : " ليس بثقةٍ " ، وقال ابنُ أبي حاتمٍ وابنُ يونس : " تكلَّموا فيه " ، بل قال الذَّهبيُّ في " تلخيصِ المستدرك " _ مُعَقِّباً على الحديثِ _ : " لم يتكلَّم عليه الحاكمُ ، وهو موضوعٌ على سندِ الصَّحيحينِ ، ومقدامٌ مُتكلَّمٌ فيه ، والآفةُ منه " ، قال برهانُ الدِّينِ الحَلَبيُّ _ مُعقِّباً على كلامه في " الكشف الحثيث " (ص : 428) _ : " فقوله : ( والآفةُ منه ) يحتمل أنَّه وضعه ، واللَّه أعلم " .
الشَّاهدُ الثَّاني :
حديثُ أنسِ بنِ مالكٍ : ذكره الحافظُ الذَّهبيُّ في " ميزان الاعتدال " (1/316) _ مُعلَّقاً ولم يذكر من خرَّجه _ من طريق عامر بن إبراهيم ، عن بِشْر بن الحسين ، عنِ الزُّبيرِ ، عن أنسٍ ؛ أنَّ رسولَ اللَّهِ قال: " خيرُ الأعمالِ الحَلُّ والرِّحْلَةُ " ، قيل: وما الحَلُّ والرِّحْلةُ ، قال: " افْتِتَاحُ القُرآنِ وخَتْمُهُ " .
أقولُ : هذا شاهدٌ موضوعٌ ؛ بِشْر بن الحسين هو أبو محمَّد الأصبهانيُّ ، قال فيه البُخاريُّ : " فيه نظرٌ " ، وقال ابنُ أبي حاتمٍ : " سُئِلَ أبي عن بِشْر بن الحسين الأصبهانيِّ ؟ ، فقال : لا أعرفُهُ ، فقيل له : إنَّه ببغداد قومٌ يُحدِّثونَ عن محمَّد بن زياد ابن زبار ، عن بِشْر بن الحسين ، عنِ الزُّبير بن عَدِيٍّ ، عن أنسٍ نحو عشرينَ حديثاً مُسندةً ، فقال : هي أحاديثُ موضوعةٌ ، ليس يُعْرفُ للزُّبيرِ عن أنسٍ عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إلاَّ أربعة أحاديث ، أو خمسة أحاديث " ، وقال ابنُ حِبَّانَ : " يروي عن الزُّبير بن عَدِيٍّ بنُسخةٍ موضوعةٍ ، ما لكثيرِ حديثٍ منها أصلٌ ، يرويها عنِ الزُّبيرِ ، عن أنسٍ شبيهاً بمائةٍ وخمسينَ حديثاً ، مسـانيد كلّها ، وإنَّها سمع الزُّبيرُ من أنسٍ حديثاً واحداً : ( لا يأتي عليكم زمانٌ إلاَّ والَّذي بعده شرُّ منه ) " ، وضعَّفه ابنُ عَدِيٍّ ، وذكره العُقيليُّ في الضُّعفاءِ .
والعجبُ مِنَ الإمامِ النَّوويِّ حيثُ ذكرَ هذا الحديثَ في كتابِهِ " الأذكارِ " (ص:244) ساكتاً عليه ، ومُسْتشهداً به ، مع أنَّه موضوعٌ ، ولم يَعْزُهُ لأحدٍ !! ، وهذا من تَسَاهُلِهِ رحمهُ اللَّهُ ، وعفا عنه .
الشَّاهدُ الثَّالثُ :
مرسلُ زيدِ بنِ أَسْلم _ من التَّابعينَ _ : أخرجه أبو عمرٍو الدَّانيُّ _ كما في " النَّشر في القراءاتِ العشر " (2/333 _ 334) _ ؛ قال : أخبرني أبو الحسن علي بن محمَّد الربعيُّ ، حدَّثنا علي بن مسرور ، حدَّثنا أحمد بن أبي سليمان ، حدَّثنا سحنون بن سعيد ، حدَّثنا عبد اللَّه بن وهب ، أخبرني ابنُ لَهِيعَةَ ، عن هشام بن سعدٍ ، عن زيد بن أسلم ؛ أنَّ رسولَ اللَّهِ سُئِلَ : أَيُّ الأعمالِ أفضلُ ؟ ، فقال : " الحَالُّ المُرْتَحِلُ " . قال ابنُ وهبٍ : وسمعتُ أبا عفَّانٍ المدنيَّ يقولُ ذلك عن رسولِ اللَّهِ ، يقولُ : هذا خاتمُ القُرآنِ وفاتحه .
أقولُ : هذا إسنادٌ مرسلٌ ضعيفٌ ؛ هشامُ بنُ سعدٍ هو : المدنيُّ ، وهو صدوقٌ فيه لينٌ وضعفٌ ، لكنَّه من أَثْبَتِ النَّاسِ في زيدِ بنِ أَسْلَمَ كما قال أبو داودَ ، وابنُ لَهِيعَةَ وإنْ كان سَاءَ حفظُهُ وتغيَّرَ ، إلاَّ أنَّ الرَّاوي عنه _ هنا _ هو عبدُ اللَّهِ بنُ وهبٍ ، وهو ممَّنْ سمعَ منه قديماً ، وبقيَّةُ رجالِ السَّندِ ثقاتٌ ، من علماءِ المالكيَّةِ ، والحديثُ مُعَلٌّ بالإرسَالِ ، وهو لا يتقوَّى بمرسلِ زُرارة بن أوفى ؛ لنَكَارتِهِ ، ولأنَّ زيد بن أسلم يشتركُ مع زُرارة في بعضِ شيوخِهِ ، فيُحْتَمَلُ أنَّه أَخَذَ الحديثَ عن نفسِ الشَّيخِ .
وأمَّا روايةُ أبي عفَّان المدنيِّ
وهي الشَّاهدُ الرَّابعُ
فهي مُعْضَلَةٌ ، وضعيفةٌ جِـدّاً ؛ فأبو عفَّان المدنيُّ اسمه : عثمانُ بنُ خالدٍ الأمويُّ العثمانيُّ ، وهو متروكُ الحديثِ ، وقد أَعْضَلَهُ عنِ رسولِ اللَّهِ.
الشَّاهدُ الخامسُ :
روايةٌ مُعْضَلةٌ للحديثِ : أخرجهـا عبدُ اللَّهِ بنُ المباركِ في " الزُّهد " (رقم:800) قال: أخبرنا إسماعيل بن رافع ، عن رجُلٍ من الإسكندريَّةِ قال : قيل يا رسولَ اللَّهِ ، أيُّ العملِ أفضلُ ؟ ، قال : " الحَالُّ المُرْتَحِلُ " ، قال : قيل له : ما الحَالَّ المُرْتَحِلُ ؟ ، قال : " الخَاتِمُ المُفْتَتِحُ " .
أقولُ : هذه روايةٌ معلولةٌ من عدِّةِ وجوهٍ :
الأوَّل : إسماعيلُ بن رافعٍ هو الأنصاريُّ ، وهو ضعيفٌ مُنْكرُ الحديثِ .
الثَّاني : جهالةُ الرَّجُلِ الإسكندرانيِّ .
الثَّالثُ : الإعضالُ .
أقولُ : وقَدِ ادَّعَى الحافظُ أبو شَامَةَ _ كما في " النَّشر في القراءات العشر " (2/333) _ أنَّ تفسيرَ الحَالِّ والمُرْتَحِلِ الوارد في الحديثِ مُدْرَجٌ من بعضِ الرُّواةِ ، ولَمْ أَرَ مَنْ سَبَقَهُ إلى ذلك ، وقد أَتَيْتُ على رواياتِ الحديثِ _ كلِّها _ فلم أظفر بما يُشيرُ إلى ذلك ، وقد ردَّ ابنُ الجَزَريِّ _ رحمهُ اللَّهُ _ هذه الدَّعْوَى بقولِهِ : " فلا نعلمُ أحداً صرَّحَ بإدراجِهِ في الحديثِ ، بلِ الرُّواةُ لهذا الحديثِ بين مَنْ صرَّحَ بأنَّهُ صلَّى اللَّهُ تعالى عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ فسَّرَهُ به _ كما في أكثرِ الرِّواياتِ _ ، وبينَ مَنِ اقْتَصَرَ على روايةِ بعضِ الحديثِ فلمْ يذكرْ تفسيرَهُ ، ولاَ مُنافَاةَ بين الرِّوايتينِ ، فَتُحْمَلُ روايةُ تفسيرِهِ على روايةِ مَنْ لم يُفسِّرْهُ ، ويجوزُ الاقتصارُ على روايةِ بعضِ الحديثِ إذا لم يُخِلَّ بالمعنى ، وهذا ممَّا لا خِلافَ عندهم فيه ، ولاَ يلزمُ الإدراجَ في الرِّوايةِ الأخرى " .
حاصلُ الأمرِ :
أنَّ الحديثَ واهٍ جـدّاً ، وطرقُهُ لاَ يجبرُ بعضها بعضاً ، أمَّا قولُ ابنِ الجَزَريِّ في " النَّشر " (2/335) : " فَدَلَّ ما ذكرناهُ وقدَّمناهُ منَ الرِّواياتِ والطُّرقِ والمتابعـاتِ على قوَّةِ هذا الحديثِ ، وتَرَقِّيهِ عن درجـةِ أنْ يكونَ ضعيفاً ، إذْ ذاك مِمَّا
يُقوِّي بعضُهُ بعضاً ، ويُؤَيِّدُ بعضُهُ بعضاً " ، فهـو مردودٌ عليه بما قدَّمناهُ من تفصيلٍ وبيانٍ
تعليق