السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احمد الله تعالى ابلغ حمد وأزكاه وأشمله وانماه
وأشهد أن لا إله إلا الله البر الكريم الرؤوف الرحيم
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وحبيبه وخليله
الهادى إلى صراط مستقيم والداعى إلى دين قويم
صلوات الله وسلامه عليه
ثم أما بعد:
لقد كانت اخلاق الرسول {صلى الله عليه وسلم} صورة ناطقة بالسمو والكمال
وكانت اخلاقه {صلى الله عليه وسلم} تقوم على الايمان الكامل
وهى فى حقيقتها لم تتغير باختلاف الأزمان وتنوع الظروف والاحداث
بل كانت كما هى لم تتغير
وسنتحدث الآن عن بعض النواحى الخلقية التى ظهر بها {صلى الله عليه وسلم}بعد الهجرة:
السياسة
كانت سياسة الرسول {صلى الله عليه وسلم} تنبثق من عقل راجح وتفكير سليم وخبرة كاملة
بطبائع الناس وأحوالهم ولا غرو فقد صنعه الله على عينه وأمده فى كل وقت وحين برعايته وعونه
ولا شك أن تاريخ الرسول {صل الله عليه وسلم} كله صور متتابعة وأمثلة متنوعة للسياسة الحكيمة الرشيدة
التى جعلت من المسلمين فى وقت قصير أمة عظيمة الشأن قوية البنيان
وهذه بعض من الامثلة لتلك السياسة الرشيدة:
1_ حينما استقر الرسول {صلى الله عليه وسلم} بالمدينة آخى بين المهاجرين والانصار
فكانت تلك الأخوة أساس التعاون بين المهاجرين والأنصار
2_ ثم عقد الرسول {صلى الله عليه وسلم} عهدا بين المسلمين واليهود ويعتبر هذا العهد وثيقة سياسية رائعة
وكان اساسه الأخوة فى السلم والدفاع عن المدينة فى وقت الحرب
والتعاون التام بين الفريقين إذا نزلت شدة بأحدهما او كليهما
3_شروط قريش فى صلح الحديبية وبعد نظره {صلى الله عليه وسلم} وظن عمر أن فى ذلك إجحافا بحقوق المسلمين
ولقد عاتب الرسول {صلى الله عليه وسلم} فى ذلك ولكن الأيام أظهرت حسن سياسة الرسول {صلى الله عليه وسلم}
فكان صلح الحديبية أساسا لفتح مكة ولذا سمى الصلح بالفتح المبين
4_وفى يوم الفتح الأعظم وضحت السياسة الرشيدة للرسول {صلى الله عليه وسلم} فقد أمكنه الله من قريش وهى العدو الألد
فقابل إساءتها بالإحسان وجازاها عن ظلمها بالعفو والغفران وقد نجحت هذه السياسة الرحيمة إذ دخلت قريش فى دين الله
الى غير ذلك من هذه الامثال التى يفيض بها تاريخ الرسول {صلى الله عليه وسلم}
الوفاء بالعهد
كان الوفاء الكامل شأن الرسول الكريم {صلى الله عليه وسلم} فى جميع مواقفه
فلقد عقد مع اليهود عهدا بعد الهجرة وظل وفيا بالعهد الى ان بدأ اليهود بالغدر والخيانة فحاق بهم مكرهم
وعقد مع قريش عهدا يو الحديبية فظل وفيا بعهده حتى بدأت قريش بالغدر وحاربت قبيلة خزاعة المحالفة للمسلمين
فجزاهم الرسول {صلى الله عليه وسلم} على غدرهم وغزاهم فى دارهم فجاء نصر الله والفتح وخضعت قريش واسلمت
وجعل الرسول {صلى الله عليه وسلم} الغدر اية النفاق فقال:
" آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر إذا خاصم فجر"
جوده
روى عن أنس بن مالك { رضى الله عنه} أن رجلا سأل الرسول {صلى الله عليه وسلم} فأعطاه غنما بين جبلين فرجع الرجل الى قومه فقال:
أسلموا فإن محمداً يعطى عطاء من لا يخشى الفقر
وحمل اليه تسعون ألف درهم فوضعت على حصير ثم قام إليها يقسمها فما رد سائلا حتى فرغ منها فجاءه رجل وسأله فقال {صلى الله عليه وسلم} :
"ما عندى شئ ولكن ابتع على فإذا جاءنا شئ قضيناه"
فقال عمر: ما كلفك الله ما لا تقدر عليه فكره النبى {صلى الله عليه وسلم} ذلك فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أنفق ولا تخش من ذى العرش إقلالا