الله تعالى إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ الآية [سورة النساء ، الآية : 31] . وقوله تعالى الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ الآية [سورة النجم ، الآية : 32] . روى ابن جرير . عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار أو لعنة أو غضب أو عذاب . وله . عنه قال : هي إلى سبعمائة أقرب منها إلى السبع ، غير أنه لا كبيرة مع الاستغفار ، ولا صغيرة مع الإصرار . ولعبد الرزاق عنه ، هي إلى سبعين أقرب منها إلى سبع .
" 1 " باب أكبر الكبائر
1 - في الصحيحين عن أبي بكرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؛ قلنا بلى يا رسول الله قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال - ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور " فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت .
(1) رواه البخاري كتاب الشهادات 5 / 261 رقم 2654 ، وكتاب الأدب 10 / 405 رقم 5976 وكتاب الاستئذان 11 / 66 رقم 6273 ، 6274 ورقم 9919 .
ومسلم كتاب الإيمان 1 / 91 ، رقم 87 .
الشرك هو جعل شريك لله سبحانه وتعالى في ربوبيته وإلهيته والغالب الإشراك في الألوهية بأن يدعو مع الله غيره أو يصرف له شيئا من أنواع العبادة كالذبح لغير الله أو النذر أو الخوف أو الدعاء ، والشرك نوعان :
الأول : شرك أكبر يخرج من الإسلام يخلد صاحبه في النار إذا مات ولم يتب منه ، وهو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله كدعاء غير الله والتقرب بالذبح والنذر لغير الله من القبور والجن والخوف من الموتى أو الجن أن يضروه أو يمرضوه - ورجاء غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله من قضاء الحاجات وتفريج الكربات مما يفعل الآن حول قبور الصالحين وغيرهم وقال تعالى : وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ
والنوع الثاني : شرك أصغر لا يخرج من الإسلام لكنه ينقص التوحيد وهو وسيلة إلى الشرك الأكبر وهو قسمان :
القسم الأول شرك ظاهر وهو ألفاظ وأفعال فالألفاظ كالحلف بغير الله قال صلى الله عليه وسلم : من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك صحيح رواه أبو داود وغيره ونحو قوله " ما شاء الله وشئت " ، قال صلى الله عليه وسلم لما قال له رجل : ما شاء الله وشئت فقال صلى الله عليه وسلم : " أجعلتني لله ندا قل ما شاء الله وحده ونحو قوله : لولا الله وفلان ، والصواب أن يقول : لولا الله ثم فلان ، وما شاء الله ثم فلان . وأما الأفعال مثل لبس الحلقة والخيط لرفع البلاء أو دفعه ، ومثل تعليق التمائم خوفا من العين وغيرها ، هذا إذا اعتقد أن هذه أسباب لرفع البلاء أو دفعه فهذا شرك أصغر لأن الله لم يجعل هذه أسباب ، وأما إن اعتقد أنها تدفع أو ترفع البلاء بنفسها فهذا شرك أكبر لأنه تعلق بغير الله .
القسم الثاني من الشرك الأصغر :
شرك خفي وهو الشرك في الإرادات والنيات كالرياء والسمعة كأن يعمل عملا مما يتقرب به إلى الله تعالى يريد به ثناء الناس عليه كأن يحسن صلاته أو يتصدق لأجل أن يمدح ويثنى عليه ، والرياء إذا خالط العمل أبطله قال تعالى : فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ، قالوا يا رسول الله وما الشرك الأصغر ؟ قال : " الرياء صحيح رواه أحمد وغيره . .
" 2 " باب كبائر القلب
2 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله لا ينظر إلى صوركم ، ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم رواه مسلم .
(2) صحيح مسلم كتاب البر والصلة 4 / 1987 رقم 2564 وأحمد 3 / 539 وابن حبان في صحيحه 2 / 219 رقم 394 .
أي إن الله لا يجازيكم على صوركم وأجسادكم ولا على أموالكم الخالية من الخيرات أي لا يثيبكم عليها ولا يقربكم منه سبحانه ، وإنما ينظر إلى قلوبكم التي هي محل التقوى .
والجمال قسمان : ظاهري وباطني كجمال علم وعقل وكرم وهذا محل نظر الله وموضع محبته فيرى صاحب الجمال الباطن فيكسوه من الجمال والمهابة والحلاوة بحسب ما اكتسبت روحه من تلك الصفات فإن المؤمن يعطى حلاوة ومهابة بحسب إيمانه فمن رآه هابه ومن خالطه أحبه وإن كان أسود مشوها وهذا أمر مشهود بالعباد .
قال الغزالي رحمه الله : قد أبان هذا الحديث أن محل القلب موضع نظر الرب فيا عجبا ممن يهتم بوجهه ، الذي هو نظر الخلق فيغسله وينظفه من القذر والدنس ، ويزينه بما أمكن ، لئلا يطلع فيه مخلوق على عيب ، ولا يهتم بقلبه الذي هو محل نظر الخالق ، فيطهره ويزينه ، لئلا يطلع ربه على دنس أو غيره . .
3 - وعن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - مرفوعا ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب .
(3) رواه البخاري كتاب الإيمان 1 / 126 رقم 52 والبيوع 4 / 290 رقم 2051 ومسلم المساقاة 3 / 1219 رقم 1599 وغيرهما من حديث طويل مشهور أوله الحلال بين والحرام بين . . . الحديث .
الحديث فيه إشارة إلى أن صلاح حركات العبد بجوارحه ، واجتنابه للمحرمات ، واتقاءه للشبهات بحسب صلاح قلبه .
فإن كان قلبه سليما ليس فيه إلا محبة الله ، ومحبة ما يحبه الله ، وخشية الله وخشية الوقوع فيما يكرهه ، صلحت حركات الجوارح كلها ، ونشأ عن ذلك اجتناب المحرمات كلها ، وتوقي الشبهات حذرا من الوقوع في المحرمات .
وإن كان القلب فاسدا ، قد استولى عليه اتباع هواه ، وطلب ما يحبه ولو كرهه الله ، فسدت حركات الجوارح كلها ، وانبعثت إلى كل المعاصي والمشتبهات ، بحسب اتباع هوى القلب .
ولهذا يقال القلب ملك الأعضاء ، وبقية الأعضاء جنوده ، وهم مع هذا جنود طائعون له منبعثون في طاعته وتنفيذ أوامره ، ولا ينفع عند الله إلا القلب السليم كما قال تعالى : يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه : " أسألك قلبا سليما " رواه الترمذي وغيره وهو حسن .
فالقلب السليم ، هو السالم من الآفات والمكروهات كلها ، وهو القلب الذي ليس فيه سوى محبة الله ، وما يحبه الله ، وخشية الله ، وخشية ما يباعد منه . .
" 1 " باب أكبر الكبائر
1 - في الصحيحين عن أبي بكرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؛ قلنا بلى يا رسول الله قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال - ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور " فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت .
(1) رواه البخاري كتاب الشهادات 5 / 261 رقم 2654 ، وكتاب الأدب 10 / 405 رقم 5976 وكتاب الاستئذان 11 / 66 رقم 6273 ، 6274 ورقم 9919 .
ومسلم كتاب الإيمان 1 / 91 ، رقم 87 .
الشرك هو جعل شريك لله سبحانه وتعالى في ربوبيته وإلهيته والغالب الإشراك في الألوهية بأن يدعو مع الله غيره أو يصرف له شيئا من أنواع العبادة كالذبح لغير الله أو النذر أو الخوف أو الدعاء ، والشرك نوعان :
الأول : شرك أكبر يخرج من الإسلام يخلد صاحبه في النار إذا مات ولم يتب منه ، وهو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله كدعاء غير الله والتقرب بالذبح والنذر لغير الله من القبور والجن والخوف من الموتى أو الجن أن يضروه أو يمرضوه - ورجاء غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله من قضاء الحاجات وتفريج الكربات مما يفعل الآن حول قبور الصالحين وغيرهم وقال تعالى : وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ
والنوع الثاني : شرك أصغر لا يخرج من الإسلام لكنه ينقص التوحيد وهو وسيلة إلى الشرك الأكبر وهو قسمان :
القسم الأول شرك ظاهر وهو ألفاظ وأفعال فالألفاظ كالحلف بغير الله قال صلى الله عليه وسلم : من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك صحيح رواه أبو داود وغيره ونحو قوله " ما شاء الله وشئت " ، قال صلى الله عليه وسلم لما قال له رجل : ما شاء الله وشئت فقال صلى الله عليه وسلم : " أجعلتني لله ندا قل ما شاء الله وحده ونحو قوله : لولا الله وفلان ، والصواب أن يقول : لولا الله ثم فلان ، وما شاء الله ثم فلان . وأما الأفعال مثل لبس الحلقة والخيط لرفع البلاء أو دفعه ، ومثل تعليق التمائم خوفا من العين وغيرها ، هذا إذا اعتقد أن هذه أسباب لرفع البلاء أو دفعه فهذا شرك أصغر لأن الله لم يجعل هذه أسباب ، وأما إن اعتقد أنها تدفع أو ترفع البلاء بنفسها فهذا شرك أكبر لأنه تعلق بغير الله .
القسم الثاني من الشرك الأصغر :
شرك خفي وهو الشرك في الإرادات والنيات كالرياء والسمعة كأن يعمل عملا مما يتقرب به إلى الله تعالى يريد به ثناء الناس عليه كأن يحسن صلاته أو يتصدق لأجل أن يمدح ويثنى عليه ، والرياء إذا خالط العمل أبطله قال تعالى : فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ، قالوا يا رسول الله وما الشرك الأصغر ؟ قال : " الرياء صحيح رواه أحمد وغيره . .
" 2 " باب كبائر القلب
2 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله لا ينظر إلى صوركم ، ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم رواه مسلم .
(2) صحيح مسلم كتاب البر والصلة 4 / 1987 رقم 2564 وأحمد 3 / 539 وابن حبان في صحيحه 2 / 219 رقم 394 .
أي إن الله لا يجازيكم على صوركم وأجسادكم ولا على أموالكم الخالية من الخيرات أي لا يثيبكم عليها ولا يقربكم منه سبحانه ، وإنما ينظر إلى قلوبكم التي هي محل التقوى .
والجمال قسمان : ظاهري وباطني كجمال علم وعقل وكرم وهذا محل نظر الله وموضع محبته فيرى صاحب الجمال الباطن فيكسوه من الجمال والمهابة والحلاوة بحسب ما اكتسبت روحه من تلك الصفات فإن المؤمن يعطى حلاوة ومهابة بحسب إيمانه فمن رآه هابه ومن خالطه أحبه وإن كان أسود مشوها وهذا أمر مشهود بالعباد .
قال الغزالي رحمه الله : قد أبان هذا الحديث أن محل القلب موضع نظر الرب فيا عجبا ممن يهتم بوجهه ، الذي هو نظر الخلق فيغسله وينظفه من القذر والدنس ، ويزينه بما أمكن ، لئلا يطلع فيه مخلوق على عيب ، ولا يهتم بقلبه الذي هو محل نظر الخالق ، فيطهره ويزينه ، لئلا يطلع ربه على دنس أو غيره . .
3 - وعن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - مرفوعا ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب .
(3) رواه البخاري كتاب الإيمان 1 / 126 رقم 52 والبيوع 4 / 290 رقم 2051 ومسلم المساقاة 3 / 1219 رقم 1599 وغيرهما من حديث طويل مشهور أوله الحلال بين والحرام بين . . . الحديث .
الحديث فيه إشارة إلى أن صلاح حركات العبد بجوارحه ، واجتنابه للمحرمات ، واتقاءه للشبهات بحسب صلاح قلبه .
فإن كان قلبه سليما ليس فيه إلا محبة الله ، ومحبة ما يحبه الله ، وخشية الله وخشية الوقوع فيما يكرهه ، صلحت حركات الجوارح كلها ، ونشأ عن ذلك اجتناب المحرمات كلها ، وتوقي الشبهات حذرا من الوقوع في المحرمات .
وإن كان القلب فاسدا ، قد استولى عليه اتباع هواه ، وطلب ما يحبه ولو كرهه الله ، فسدت حركات الجوارح كلها ، وانبعثت إلى كل المعاصي والمشتبهات ، بحسب اتباع هوى القلب .
ولهذا يقال القلب ملك الأعضاء ، وبقية الأعضاء جنوده ، وهم مع هذا جنود طائعون له منبعثون في طاعته وتنفيذ أوامره ، ولا ينفع عند الله إلا القلب السليم كما قال تعالى : يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه : " أسألك قلبا سليما " رواه الترمذي وغيره وهو حسن .
فالقلب السليم ، هو السالم من الآفات والمكروهات كلها ، وهو القلب الذي ليس فيه سوى محبة الله ، وما يحبه الله ، وخشية الله ، وخشية ما يباعد منه . .
تعليق