أعطيت خمساً
أما بعد..
لقد اختص الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من بين سائر الأنبياء بخصائص عديدة، ومزايا فريدة، وفضائل كثيرة، منها كانت له في حياته، ومنها ما هي له بعد مماته، وذلك يدل على علو قدره ورفعة منزلته عند ربه.
وقد جاءت النصوص القرآنية والأحاديث النبوية بإثبات تلك الخصائص والفضائل للنبي صلى الله عليه وسلم ولذلك سنتناول أحد تلك النصوص الحديثية بالشرح و الإيضاح والتبين فنقول وبالله وحده نستعين:
نص الحديث:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً؛ فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة ويبعث إلى الناس عامة"1.
المعنى الإجمالي:
يخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الله أختصه عن سائر الأنبياء بخصائص خمس، وهذا لا يعني أنه حصر الخصائص بخمس، وإنما له خصائص كثيرة جداً؛ منها ما جاء في رواية مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعاً: "فضلت على الأنبياء بست" فلا يعني حصر الخصائص بذلك العدد، وإنما هو مفهوم عدد، ومفهوم العدد ليس بحجة عند بعض العلماء، وذهب البعض إلى القول بأنه : لعله صلى الله عليه وسلم أطلع أولاً على بعض ما اختص به ثم اطلع على الباقي2.
ثم بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بذكر تلك الخمس وهي : أنه نصر بالرعب على عدوه مسيرة شهر؛ وذلك لأنه لم يكن بينه وبين بلده وبين أحد من أعدائه أكثر منه، وهذه الخصوصية حاصلة له على الإطلاق حتى لو كان وحده بغير عسكر3.
وجعلت له الأرض مسجد وطهوراً فليصل في أي مكان من الأرض، بخلاف فأيما رجل منهم صلى الله عليه وسلم أدركته الصلاة، ولم يجد المسجد المخصص للصلاة، أو وجد المسجد ولم يجد ما يتطهر به للصلاة، أو فقد كلابهما فليتمم وليصل حيث أدركه وقت الصلاة.
وأحلت له صلى الله عليه وسلم المغانم ولم تحل لأحد من الأنبياء قبله، وهي كذلك حلال لأمته من بعده، بل هي من أشرف أنواع الكسب كما قاله بعض العلماء.
وأعطى الشفاعة العظمى، وهي المقام المحمود في إراحة الناس من هول ذلك الموقف الرهيب في عرصات القيامة.
وبعث صلى الله عليه وسلم إلى الناس عامة، جنهم وأنسهم، عربهم وعجمهم، ذكرهم وأنثاهم، بدليل ما جاء في رواية أبي هريرة - رضي الله عنه- عند مسلم: " وأرسلت إلى الخلق كافة " وكان الأنبياء من قبله يبعث كل نبي إلى قومه خاصة.
فلله الحمد والمنة أن جعلنا من أتباع هذا النبي الكريم، واختصنا بخصائص عن بقية الأمم، وجزى الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ما جزى كل نبي عن أمته.
بعض خصائصه صلى الله عليه وسلم :
كما قلت في المقدمة أن الله - تعالى- قد اختص نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بخصائص كثيرة جداً، ومن الصعب حصرها وعدها، ولكن حسبنا أن نشير إلى ما ذكر في الحديث من الخصائص- إن شاء الله-.
أولاً: النصر بالرعب:
قوله صلى الله عليه وسلم " نصرت بالرعب مسيرة شهر".
أختص الله نبينا صلى الله عليه وسلم بأنه نصره بالرعب، وهو الفزع والخوف، فكان الله - سبحانه - يلقي في قلوب أعداء رسوله صلى الله عليه وسلم الفزع والخوف، فإذا كان بينه وبينهم مسيرة شهر أو شهرين هابوه وفزعوا منه، فلا يقدمون على لقائه 4.
وقال ابن حجر - رحمه الله-: وهذه الخصوصية حاصلة له على الإطلاق حتى لو كان وحده بغير عسكر، وهل هي حاصلة لأمته من بعده؟ فيه احتمال 5.
قلت: احتمال حصول الخوف والفزع لأمة محمد من بعده على عدوها أظهر، وشاهد ذلك ما نراه في الواقع، حيث أننا نجد بعض الدول العظمى تخاف وتفزع من طائفة - فرقة- ظاهرة على الحق، بل وسخرت تلك الدول كثير من الأموال لمحاربة تلك الطائفة - الفرقة- خوفاً منها، وخوف وفزع تلك الدول الكافرة من تلك الطائفة - الفرقة- ليس لقوتها المادية فقط؛ بل إن تلك الطائفة معدمة فقيرة، ولكن خوف وفزع الدول الكافرة منها حاصل؛ لما تحمله تلك الطائفة من عقيدة وأفكار لا تقبل بالالتقاء مع الكفار، أو المداهنة على حساب عقيدتها ومبادئها وقيمها.
بل لقد تبنت تلك الدول ما يسمى بالحرب الإستباقية خوفاً وفزعاً من تلك الطائفة المنصورة -بإذن الله-.
وقد جاءت أحاديث كثيرة في بيان أن النبي نصر على عدوه بالرعب، فعن السائب بن يزيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " فضلت على الأنبياء بخمس: بعثت إلى الناس كافة، واد خرت شفاعتي لأمتي، ونصرت بالرعب شهراً أمامي، وشهراً خلفي، وجعلت لي الأرض مسجداً وظهوراً، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لي قبلي" 6.
الأرض مسجداً وطهوراً:
قوله صلى الله عليه وسلم : " وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً؛ فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل"
اختص الله نبيه صلى الله عليه وسلم، وهي خصيصة لأمته من بين سائر الأمم بأن جعل لها الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من هذه الأمة أدركته الصلاة، ولم يجد الماء ولا المسجد، فطهوره الصعيد، وهو كل ما على وجه الأرض، ومسجده مكانه الذي أدركته الصلاة وهو فيها، بشرط أن يكون نظيفاً، بخلاف بقية الأمم؛ فإن الصلاة لم تبح لهم إلا في أماكن مخصوصة كالصوامع والبيع.
فعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك قام من الليل يصلي فاجتمع وراءه رجال من أصحابه يحرسونه حتى إذا صلى انصرف إليهم فقال لهم : " لقد أعطيت الليلة خمساً ما أعطيهن أحد قبلي" وفيه: " وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، أينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت، وكان من قبلي يعظمون ذلك إنما كانوا يصلون في كنائسهم وبيعهم" 7.
ثالثاً: حل الغنائم:
قوله: " وأحلت لي المغانم" أمتن الله على هذه الأمة بأن أحل لها المغانم ، وذلك لشرف نبيها وأفضليته عند ربه، وقد كانت الأمم كما يقول الإمام الخطابي: على ضربين: منهم من لم يؤذن له في الجهاد فلم تكن لهم غنائم، ومنهم من أذن له فيه لكن كانوا إذا غنموا شيئاً لم يحل لهم أن يأكلوه وجاءت نار فأحرقته8.
وقد قال الله - تعالى-: { لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}سورة الأنفال(68-69).
قال جمهور المفسرين: إن المراد في قوله تعالى: {لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ }يعني في أم الكتاب الأول إن الغنائم حلال لهذه الأمة 9.
رابعاً: الشفاعة العظمى:
قوله: "وأعطيت الشفاعة" لقد اختص الله - سبحانه - خليله محمد صلى الله عليه وسلم بإعطائه إياه الشفاعة العظمى في إراحة الناس من هول ذلك الموقف الرهيب، الذي يجمع الله فيه الأولين والآخرين في صعيد واحد، ومن ثم تدنوا الشمس منهم حتى ما يكون بينها وبينهما إلا قدر ميل.
فيبلغ الناس من هول وفزع ذلك اليوم مبلغاً رهيباً، ويلجمهم العرق إلجاماً، وذلك اليوم مقداره خمسين ألف سنة، وفي تلك المدة كلها والناس قياماً، شاخصة أبصارهم، فزعة قلوبهم، لا يقدرون على الكلام، ولا أحد يخلصهم من هول ذلك الموقف العصيب، حتى إذا بلغ الكرب منهم مبلغه، فيلهمهم الله في طلب الأنبياء في الشفاعة لهم بالتخليص من هول ذلك الموقف، فياتون نوحاً، ثم من بعده من الأنبياء، وكلهم يقول : " نفسي نفسي " اذهبوا إلى غيري، حتى يتنهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فينطلق صلى الله عليه وسلم فيأتي تحت العرش فيقع ساجداً لله عز وجل، ثم يفتح الله عليه من محامده، وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحد قبله، ثم يقال له: " يا محمد ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع" 10.
وهذه الشفاعة العظمى هي المقام المحمود التي حمد فيه محمد من قبل الخالق - جل وعلا - ومن قبل الخلق من بعد ذلك، وهو المذكور في قوله تعالى: { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا } سورة الإسراء(79).
وأكثر أهل التفسير أن المراد بالمقام المحمود هو الشفاعة، قال ابن جرير الطبري : قال أكثر أهل العلم ذلك هو المقام الذي يقومه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة للشفاعة للناس ليريحهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك اليوم11.
ونقل ابن حجر- رحمه الله-: عن ابن بطال قوله: والجمهور على أن المراد بالمقام المحمود الشفاعة، وبالغ الواحدي فنقل فيه الإجماع12.
وعن عبد الله بن عمر أيضاً - رضي الله عنهم- : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن الشمس تدنوا يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن، فبيناهم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى، ثم بمحمد فشفع ليقضي بين الخلق فيمشي حتى يأخذ بحلقة الباب، فيومئذ يبعثه الله مقاماً محموداً يحمد أهل الجمع كلهم" 13.
بل لقد جاء التصريح عن المعصوم صلى الله عليه وسلم أن المقام المحمود هو الشفاعة، فعن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهم- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة" 14.
إضافة إلى هذه الشفاعة العظمى فإن لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم شفاعات أخرى خاصة به دون غيره من الأنبياء، منها:
1. شفاعته في استفتاح باب الجنة.
2. شفاعته في تقديم من لا حساب عليهم ولا عقاب في دخول الجنة.
3. شفاعته فيمن استحق دخول النار من الموحدين أن لا يدخلها.
4. شفاعته في إخراج عصاة الموحدين من النار.
5. شفاعته في رفع درجات ناس في الجنة .
6. شفاعته في تخفيف العذاب عن عمه أبي طالب .
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " آتي باب الجنة يوم القيامة، فاستفتح فيقول الخازن : من أنت ؟ فأقول محمد، فيقول: بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك"15.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث الشفاعة الطويل وفيه "... يا محمد إرفع رأسك ، سل تعطه، واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأقول: أمتي يا رب، أمتي يا رب، فيقول : يا محمد، أدخل من أمتك من لاحساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب"16.
وعن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله هل نفعت أبا طالب بشيء، فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: " نعم هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار" 17.
رسالة عامة:
قوله : " كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة " كان كل نبي ورسول يبعث إلى قومه خاصة؛ كما قال تعالى عن نوح: { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}سورة الأعراف(59).
وقال تعالى عن شعيب: { وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ }سورة الأعراف(85).
وأما نبينا فقد اختصه عن بقية الأنبياء والرسل بأن جعل رسالته عامة لجميع الخلق عربهم وعجمهم، جنهم وإنسهم، قال سلطان العلماء العز بن عبد السلام - رحمه الله - : ومن خصائصه : أن الله - تعالى- أرسل كل نبي إلى قومه خاصة، وأرسل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى الجن والإنس ، ولكل نبي من الأنبياء ثواب تبليغه إلى أمته، ولنبينا صلى الله عليه وسلم ثواب التبليغ إلى كل من أرسل إليه، تارة لمباشرة البلاغ، وتارة بالنسبة إليه، ولذلك تمنن عليه بقوله تعالى {: وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا }سورة الفرقان(51) ووجه التمنن: أنه لو بعث في كل قرية نذيراً لما حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أجر إنذاره لأهل قريته 18.
وقد جاء ت النصوص من الكتاب والسنة على إثبات هذه الخصوصية، قال الله - تعالى-: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } سورة سبأ (28).
وقال تعالى: { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} سورة الأعراف(158).
وقال تعالى: { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا }سورة الفرقان(1).
وقال تعالى: { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ}سورة الأقحاف(29).
وحديث جابر الذي ذكرناه سابقاً دليل على ذلك، وقد جاء في رواية:" كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أحمر وأسود" 19.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" 20.
بعض فوائد الحديث:
1. إثبات أفضيلة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على غيره من الأنبياء، حيث أن الله أختصه وأكرمه من بين سائر الأنبياء بخصائص كثيرة أوصلها بعض أهل العلم إلى ستين خصلة؛ كما ذكر ذلك أبو سعيد النيسابوري المتوفي سنة 406هـ في كتابه شرف المصطفى21.
2. أن الله نصر نبيه صلى الله عليه وسلم بالخوف والفزع، حتى ولو كان لوحده؛ فإن أعدائه يهابونه وهم بعيد عنهم مسيرة شهر من أمامه، ومسيرة شهر من خلفه.
3. أن الله رفع عنه وعن أمته الحرج والمشقة فقد جعل الأرض لهم مسجداً وطهوراً، فأيما رجل منهم أدركته الصلاة، فمسجده حيث أدركته الصلاة، وطهوره كل ما على وجه الأرض.
4. أهمية المحافظة على الصلاة في وقتها؛ كما قال الله - تعالى-: { إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا } سورة النساء (103).
وكما جاء في حديث جابر بن عبد الله- رضي الله عنه- قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- :" فأيما رجل أدركته - وقت الصلاة- الصلاة فليصل" ولا يجوز له تأخير الصلاة بأي حال من الأحوال.-
5- أن قوله: " أيما رجل " لا يراد به جنس الرجال وحده، وإنما يراد أمثاله من النساء أيضا، لأن النساء شقائق الرجال، وإنما يخص النساء بشيء إلا بدليل.
6- أن التيمم يرفع الحديث كالماء لا شتراكهما في هذا الوصف المذكور في الحديث.
7- أن التيمم جائز بجميع ما على وجه الأرض؛ لأن النبي يعين في هذا الحديث تراباً بعينه، وأما أشبه ذلك، بل جعل الأمر على إطلاقه.
وقد جاء ذلك مصرحاً به في قوله تعالى: { فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا } سورة المائدة 8- والصعيد كما يقول العلماء هو كل ما علا على وجه الأرض.
وجاء في رواية أبي أمامة قوله صلى الله عليه وسلم :" وجعلت لي الأرض كلها ولأمتي مسجداً وطهوراً ".
9- إثبات الشفاعة للنبي صلى الله عليه وسلم والتي نفاها بعض أهل البدعة؛ بل هي كرامة للنبي صلى الله عليه وسلم وأحاديث إثباتها متواترة كما قال بعضهم:
مما تواتر حديث من كذب ... ** ... ومن بنى لله واحتسب
ورؤية شفاعة والحوض ... ** ... ومسح خفين وهذا بعض
10- أن شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ناسخة لجميع الشرائع السابقة؛ لأن الله أرسله على الناس كافة، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ما يسمع به يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن به إلا كان من أهل النار.
11- مشروعية التحدث بنعم الله على العبد؛ وتعديدها كما في قوله تعالى: { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} سورة الضحى (11) .وكما في قوله صلى الله عليه وسلم :" أعطيت خمساً"..وإن التحدث بها وتعديده على وجه الشكر لله، وذكر آلائه يعد عبادة لله.
12- إلقاء العلم قبل السؤال.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وأله وسلم.
________________________________________
1 - رواه البخاري- الفتح رقم (353). ومسلم رقم (521).
2 - انظر فتح الباري لابن حجر العسقلاني (1/520) ط: دار الريان للتراث.
3 - فتح الباري (1/521.).
4 - جامع الأصول( 8/531) بتصرف.
5 - الفتح (1/521).
6 - رواه الطبري في الكبير رقم (6674)، وصححه الألباني بشواهده كما في صحيح الجامع الصغير برقم (4097).
7 - رواه أحمد رقم( 677).
8 - فتح الباري ( 1/552.).
9 - انظر تفسير ابن جرير (10/32-33)، وتفسير ابن كثير (2/339.).
10 - انظر حديث الشفاعة بطوله أخرجه البخاري - الفتح (8/4712)، ومسلم رقم (194).
11 - انظر تفسير ابن جرير (15/97.).
12 - فتح الباري (11/434).
13 - رواه البخاري - الفتح (3/1475).
14 - رواه البخاري - الفتح (8/4719).
15 - رواه مسلم برقم( 197).
16 - رواه البخاري- الفتح 8/4712، ومسلم رقم (194).
17 - مسلم رقم(209).
18 - بداية السول في تفضيل الرسول( 46- 47).
19 - رواه مسلم رقم (521).
20 - رواه مسلم رقم (153).
21 - انظر فتح الباري لابن حجر( 1/524)..
تعليق