حِلف الفضول وبناء البيت
وعند رجوع قريش من حرب الفِجَار تداعوا لحلف الفُضُول فتم في دار عبد الله بن جُدْعَان التَّيْمِي أحد رؤساء قريش، وكان المتحالفون: بني هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف، وبني أسد بن عبد العزّى، وبني زهرة بن كلاب، وبني تَيْم بن مُرّة تحالفوا وتعاقدوا ألا يجدوا بمكة مظلوماً من أهلها أو من غيرهم من سائر الناس إلا قاموا معه، حتى تردّ إليه مَظْلِمته.
وعند رجوع قريش من حرب الفِجَار تداعوا لحلف الفُضُول فتم في دار عبد الله بن جُدْعَان التَّيْمِي أحد رؤساء قريش، وكان المتحالفون: بني هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف، وبني أسد بن عبد العزّى، وبني زهرة بن كلاب، وبني تَيْم بن مُرّة تحالفوا وتعاقدوا ألا يجدوا بمكة مظلوماً من أهلها أو من غيرهم من سائر الناس إلا قاموا معه، حتى تردّ إليه مَظْلِمته.
وقد حضر هذا الحلف رسول الله عليه الصلاة والسلام مع أعمامه، وقال بعد أن شرّفه الله بالرسالة: «لقد شهدت مع عمومتي حلفاً في دار عبد الله بن جُدعان ما أحبّ أن لي به حُمْر النَّعَمِ ولو دعيت به في الإسلام لأجبت» وذلك لأنه عليه الصلاة والسلام مبعوث بمكارم الأخلاق، وهذا منها، وقد أقر دينُ الإِسلام كثيراً منها، يرشدك إلى هذا قوله عليه الصلاة والسلام: «بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» وقد دعا بهذا الحلف كثيرون فأنصفوا.
رحلته صلى الله عليه وسلم إلى الشام المرة الثانية
رحلته صلى الله عليه وسلم إلى الشام المرة الثانية
ولما بلغت سنه عليه الصلاة والسلام خمساً وعشرين سنة سافر إلى الشام المرّة الثانية، وذلك أن السيدة خديجة بنت خويلد الأسدية كانت سيدة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه، فلما سمعت عنه صلى الله عليه وسلم من الأمانة وصِدق الحديث ما لم تعرفه في غيره حتى سمّاه قومه الأمين، استأجرته ليخرج في مالها إلى الشام تاجراً، وتعطيه أفضل ممّا كانت تعطي غيره، فسافر مع غلامها مَيْسرة فباعا وابتاعا وربحا ربحاً عظيماً، وظهر للسيد الكريم في هذه السفرة من البركات ما حبّبه في قلب ميسرة غلام خديجة.
زواجه خديجة
فلما قَدِما مكة ورأت خديجة ربحها العظيم سُرَّت من الأمين عليه الصلاة والسلام وأرسلت إليه تخْطُبُهُ لنفسها، وكانت سنها نحو الأربعين، وهي من أوسط قريش حسباً وأوسعهم مالاً، فقام الأمين عليه الصلاة والسلام مع أعمامه حتى دخل على عمّها عمرو بن أسد، فخطبها منه بواسطة عمه أبي طالب، فزوّجها عمّها.
زواجه خديجة
فلما قَدِما مكة ورأت خديجة ربحها العظيم سُرَّت من الأمين عليه الصلاة والسلام وأرسلت إليه تخْطُبُهُ لنفسها، وكانت سنها نحو الأربعين، وهي من أوسط قريش حسباً وأوسعهم مالاً، فقام الأمين عليه الصلاة والسلام مع أعمامه حتى دخل على عمّها عمرو بن أسد، فخطبها منه بواسطة عمه أبي طالب، فزوّجها عمّها.
وقد خطب أبو طالب في هذا اليوم فقال: الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، وزرع إسماعيل وضِئْضِىءِ معدّ، وعنصر مضر، وجعلنا حضنة بيته وسُوّاس حرمه، وجعله لنا بيتاً محجوجاً وحرماً آمناً، وجعلنا حكّام الناس، ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يُوزن به رجل شرفاً ونبلاً وفضلاً، وإن كان في المال قُلٌّ، فإن المال ظل زائل، وأمر حائل، وعارية مستردّة، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم وخطر جليل، وقد خطب إليكم رغبة في كريمتكم خديجة، وقد بذل لها من الصَّدَاقِ كذا وعلى ذلك تم الأمر.
وقد كانت متزوجة قبله بأبي هالة، توفي عنها وله منها ولد اسمه هالة، وهو ربيب المصطفى عليه الصلاة والسلام.
بناء البيت
بناء البيت
ولما بلغت سنه عليه الصلاة والسلام خمساً وثلاثين سنة، جاء سيل جارف فصدَّع جدران الكعبة بعد توهينها من حريق كان أصابها قبل، فأرادت قريش هدمها ليرفعوها ويسقفوها، فإنها كانت رضيمة فوق القامة، فاجتمعت قبائلهم لذلك، ولكنهم هابوا هدمها لمكانها في قلوبهم. فقال لهم الوليد بن المغيرة: أتريدون بهدمها الإصلاح أم الإساءة؟ قالوا: بل الإصلاح، قال: إن الله لا يهلك المُصلِحين، وشرع يهدم فتبعوه وهدموا حتى وصلوا إلى أساس إسماعيل، وهناك وجدوا صِحافاً نُقش فيها كثير من الحِكَم على عادة مَنْ يضعون أساس بناء شهير ليكون تذكرة للمتأخرين بعمل المتقدمين ثم ابتدؤوا في البناء وأعدّوا لذلك نفقة ليس فيها مَهرُ بغيَ ولا بيعُ رِبا وجعل الأشراف من قريش يحملون الحجارة على أعناقهم، وكان العباس ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن يحمل، وكان الذي يلي البناء نجار رومي اسمه باقوم، وقد خصّص لكل ركن جماعة من العظماء ينقلون إليه الحجارة، وقد ضاقت بهم النفقة الطيبة عن إتمامه على قواعد إسماعيل، فأخرجوا منها الحِجْرَ، وبنوا عليه جداراً قصيراً، علامة على أنه من الكعبة ولا يُستغرب من قريش تنافسهم هذا لأن البيت قِبلَة العرب وكعبتهم التي يحجّون إليها، فكل عمل فيه عظيم به الفخر والسيادة، وهو أول بيت وُضِع للعبادة بشهادة قال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لّلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ ءايَاتٌ بَيّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْراهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءامِناً}[1] وكان يلي أمره بعد ولد إسماعيل قبيلة جُرهم فلما بَغوا وظلموا مَنْ دخل مكة اجتمعت عليهم خزاعة وأجلَوهم عن البيت ووليته خزاعة حيناً من الدهر ثم أخذته منهم في عهد قصي بن كلاب وبسببه أمِنوا في بلادهم فكانت قبائل العرب تهابهم وإذا احتموا به كان حصناً أميناً من اعتداء العادين قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً ءامِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ}[2].
[1] سورة آل عمران من 96 إلى 97
[2] سورة العنكبوت 67
[1] سورة آل عمران من 96 إلى 97
[2] سورة العنكبوت 67
تعليق