حلاوة الإيمان لا تدرك بغير صفات حددها رسول
الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( ثلاثة من كن فيه ذاق حلاوة الإيمان ، من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء ، لا يحبه إلا لله ، وأن يكره
أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار)
الراوي : أنس بن مالك المحدث : مسلم المصدر : صحيح مسلم
- الصفحة أو الرقم: 43 خلاصة حكم المحدث : صحيح
ذلك أنه رضي بالله ربا ، وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا فكان الله ورسوله أحب
إليه مما سواهما ، وأصبح لا يفعل شيئا إلا بحثا عن مرضاة الله ورسوله فلا يحب العبد
إلا في الله ويكره أن يعود إلى الكفر بعد أن ذاق طعم الإيمان بالله وبدينه وبرسوله
.ويجد المؤمن حلاوة طعم الإيمان في الحياة الطيبة ، التي تكتب له بإيمانه ويحصلها بقوله تعالى :
( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )(النحل:97) ،
وهي إحدى ثمرات حلاوة الإيمان وطعمه في الحياة الدنيا ، ويجد المؤمن طعم الإيمان في اطمئنان القلب
( الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )(الرعد:28) ،
فاطمئنان القلب من حلاوة الإيمان التي إذا خالطت بشاشة
القلوب تجعل صاحبها مع الله سبحانه في كل وقت وحين ، في حركات العبد وسكناته ، في
ليله ونهاره، مع الله خالقه وبارئه وموجده وناصره ، ولذلك أمرنا رسولنا أن نقول
(دائمًا رضيت بالله ربًّا وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا )
اللهم إنا نشهدك أنا رضينا بك ربًّا ، وبالإسلام دينًا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم
رسولا) ، ويحس المؤمن طعم الإيمان في رعاية الله له وهدايته إلى الصراط المستقيم (
[وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ](الحج:54).
وذكر ابن القيم رحمه الله الأسباب الجالبة لمحبة الله تعالى بعد فعل الفرائض ومنها:
1ـ قراءة القرآن
بتدبر وتمعن.
2ـ التقرب إلى الله بالنوافل.
3ـ دوام ذكره
على كل حال بالسان والقلب والعمل.
4ـ إيثار
محابّه على مَحابّ النفس.
5ـ مجالسة المحبين الصادقين.
6ـ مباعدة كل
سبب يحول بين القلب وبين الله .(مدارج السالكين 3/17)
ولمحبة النبي
صلى الله عليه وسلم علاماتٌ منها:
1ـ الإيمان
بأنه رسول من عند الله أرسله الى الناس كافة بشيراً ونذيراً، وداعياً الى الله
وسراجاً منيراً.
2ـ تمنّي رؤيته صلى الله عليه وسلم والحزن على
فقدها.
3ـ امتثال أوامره صلى الله عليه وسلم واجتناب نواهيه، فالمحب لمن يحب
مطيع، فمن خداع النفس أن تدعى محبته وتخالف أوامره وترتكب
نواهيه.
4ـ نصر سنته، والعمل بها، ونشرها، والذب عنها، والمجاهدة في سبيل
ذلك.
5ـ كثرة الصلاة والسلام عليه.
6ـ التخلق
بأخلاقه، والتأدب بآدابه.
7ـ محبة أصدقائه، والذبّ
عنهم.
8ـ محبة الاطلاع على سيرته، ومعرفة أخباره.
وينبغي أن تكون العلاقة بين المسلم وأخيه المسلم قائمة على المحبة في الله تعالى، ولهذه
المحبة فضل عظيم وثواب جزيل من ذلك ما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: (سبعة يظلّهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظلّه...) وذكر
منهم (رجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وافترقا عليه).
(رواه البخاري 1/209 ومسلم برقم 1031).
والمحبة في الله تقتضي بعض الحقوق التي للمسلم
على المسلم ومنها قضاء الحاجات والقيام بها فخير الناس أنفعهم
للناس، والسكوت عن ذكر العيوب والتماس العذر له عند وقوع الخطأ منه ،وعدم الغلّ
والحقد والحسد لما أنعم الله به على أخيك، والدعاء له في ظهر الغيب ، ومبادرته
بالتحية والسلام، والسؤال عن الأحوال، والتفقد لها، وعدم الكبر والغرور،والنصح له.
تعليق