بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطاهرين وصحابته رواحل الدعوة العاملين ،
وعلى من سار على الدرب القويم ، وبعد :
أيها الدعاة ...الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا في كل شيء
هل يستطيـع الليـل أن يبـقـى إذا ... ألـقى الـصـباح قـصـيــدة الأنـوارِ..؟!
الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا في كل شيء:
من أغرب الأمور وأعجبها أن تعرف أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم هو أعظم نموذج كامل في كل شيء :جمالا وحسنا وربانية وخلقا وذوقا ودعوة وجهادا ...ثم لا تحبه حبا قويا عميقا صافيا يعلو فوق كل الرغائب والمطامع والمطامح..ولا تتبعه قدوة وربانية وسلوكا وأخلاقا..ولا تتفاعل مع سنته تشريعا وتقنينا وآدابا..ولا تتفاعل مع مفردات اللوحة الفنية الساحرة الشاملة والصورة النبوية الكاملة المتكاملة
سلهم عن الحـب الصحيـح ووصفـه *** فلـسـوف تسـمـع صــادق الأخـبــارِ
حــب الـرسـول تـمـسـك بشـريـعـة *** غــــرّاء فــــي الإعــــلان والإســــرارِ
حـــب الـرســول تـعـلــق بـصـفـاتـه *** وتــخــلــق بــخــلائـــق الأطـــهــــارِ
حــب الـرسـول حقيـقـة يحـيـا بـهـا *** قــلــب الـتـقــي عـمـيـقــة الآثـــــارِ
إحــيــاء سـنـتــه إقــامــة شــرعـــه *** فــي الأرض دفــع الـشــك بـالإقــرارِ ..!
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد:
..لقد تعلقت كل فئة بجزء من اللوحة النبوية الكاملة..وحدقت فيها..ونسيت أو تناست بقية الأجزاء الجميلة الرائعة المهمة الأخرى بل أنكرتها وحاربتها:
فمنهم من رأى في رسول الله صلى الله عليه وسلم :الرباني العابد الساجد المتهجد..فسمع لصدره أزيزا كأزيز المرجل من الدموع والخشوع..ورأى تشقق قدميه من طول القيام،وتمسك بوصيته لأحد الصحابة:امسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك..ثم توقف عند هذا المشهد..وفهم أن الاقتداء الصحيح هو الروحانية والعبادة و العزلة المطلقة ولا شيء بعد ذلك.. وأن تترك لقيصر ما لقيصر وما لله لله..دع المخاليق للخالق..أقام العباد في ما أراد..فلا مخالطة ولا إصلاح ولا تغيير ولا إيجابية..!
ومنهم من تعلق ببعض السنن وقدمها على الكليات والفرائض والواجبات..فتناسى دم الحسين وسأل عن دم البعوض؟!..وتجاهل واقع الأمة المرير و أقام حربا من أجل منع قنوت الفجر؟!
ومنهم من رأى في رسول الله صلى الله عليه وسلم المقاتل الشجاع الذي يرى الجنة تحت ظلال السيوف.. ففهمت أن المنهج النبوي التغييري هو القوة:فالسيف أصدق إنباء من الكتب...في حده الحد بين الجد واللعب.. وغفلت هذه الفئة عن المنهج السلمي التراكمي الهادي الهادئ..
ومنهم من رأى في رسول الله صلى الله عليه وسلم:الأخلاقي الأول..البسام الضحاك..ذو الذوق الرفيع والمعاملة السامقة..خيركم خيركم لأهله..وفهم أن الاقتداء:هو تجسيد هذه الأخلاقيات العالية..ولا شيء بعد ذلك...؟!
كل طائفة تشبثت بجزء من الصورة الكاملة المتكاملة والقدوة الشاملة معتقدة أنها تملك الحقيقة المطلقة وأنها المعنية بقوله تعالى:فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق...!..وأنها الفرقة الناجية..؟!
ويا ليت هذه الفئات تناسقت وتكاملت وتوحدت وتخصصت..بل كل ما دخلت أمة لعنت أختها..!
وحتى تدرك مقدار قرب وبعد كل فئة من القدوة الشاملة..نعطيك الصورة الحقيقة الكاملة من خلال النصوص الصحيحة:
الجمال الآسر المدهش:
إن أول ما يقع بصر الإنسان على رسول الله صل الله عليه وسلم يشعر أنه أمام جمال مدهش لا مثيل له:
-أحسن من القمر: عن جابر بن سمرة قال :رأيت النبي في ليلة أضحيان-مقمرة مسفرة- فجعلت أنظر إليه وإلى القمر فلهو كان أحسن من القمر!!
-شمس تجري:ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله كأن الشمس تجري في وجهه..!!
وتصفه الربيع بنت معوذ بقولها:لو رأيته قلت الشمس طالعة!!
وعن ابن عمر قال :ما رأيت أشجع ولا أجود ولا أضوأ من رسول الله!!
وأخرج الشيخان عن أنس قال : ما مسست حريرا ولا ديباجا ألين من كف رسول الله ولا شممت مسكا ولا عنبرا أطيب من ريح رسول الله صل الله عليه وسلم!!
عن أنس رضي الله عنه قال: لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صل الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء..!
أي ذوقيات هذه؟!:سُئلت عائشة: بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك. والحديث أخرجه مسلم، وذكر بعض أهل العلم فائدة ونكتة علمية دقيقة حيث قالوا: فلعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ليستقبل زوجاته ....
وعند البخاري أن عائشة قالت: كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم بأطيب ما أجد حتى أجد وبيص الطيب في رأسه ولحيته، وفي البخاري أيضاً أن عائشة قالت: كنت أرجل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني أسرح شعره. كنت أرجل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض.
وبعض آخر وقع في تفريط عظيم وتقصير عجيب في اللباس وإهمال الشعر وترك الأظافر والشوارب والآباط.. مما يسبب الروائح الكريهة، فالخير كل الخير في امتثال المنهج النبوي في التزين والاهتمام بالمظهر وهو حق شرعي للمرأة وسبب أكيد في كسب قلبها وحبها، وهذا ما كان عليه السلف رضوان الله عليهم، فكيف كانوا في هذا الباب.
قال ابن عباس رضي الله عنه: إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي لأن الله تعالى يقول : ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف..وقد دخل على الخليفة عمر زوج أشعت أغبر ومعه امرأته وهي تقول: لا أنا ولا هذا.. لا تريده، لا أنا ولا هذا، ما السبب؟... فعرف كراهية المرأة لزوجها فأرسل الزوج ليستحم ويأخذ من شعر رأسه ويقلم أظافره فلما حضر أمره أن يتقدم من زوجته فاستغربته ونفرت منه ثم عرفته فقبلت به ورجعت عن دعواها، رجعت إذن عن طلب الطلاق، فقال عمر: وهكذا فاصنعوا لهن فو الله إنهن ليحببن أن تتزينوا لهن كما تحبون أن يتزين لكم..
فلنتعلم فنون صناعة الحب من رسولنا الحبيب ومن زوجاته وصحابته والتابعين.
الروحانية العالية والربانية المشرقة:
-بل الله فاعبد وكن من الشاكرين:
أخرج الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت:كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه فقلت له :لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال :أفلا أكون عبدا شكورا ؟!..
وأخرج الشيخان عن ابن مسعود قال:صليت مع النبي ليلة فلم يزل قائما حتى هممت بأمر سوء قيل :ما هممت؟ قال :هممت أن أجلس وأدعه..!!
هذا الأداء مع الخشوع والبكاء:يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء...
الأخلاقيات الرفيعة والذوقيات المتميزة:
..فقد كان صلى الله عليه وسلم أجمل الناس وكان مع هذا الجمال أنيقا وذو ذوق راقي رفيع..فهاهو يقول:أغسلوا ثيابكم وخذوا من شعوركم واستاكوا وتزينوا وتنظفوا فإن بني إسرائيل لم يكونوا يفعلون ذلك فزنت نساؤهم...
وكان ألين الناس ضحاكا بساما..وأفكه الناس مع نسائه( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)...
الشجاعة النادرة:
فهاهو صلى الله عليه وسلم يثبت يوم حنين بعشرة من أصحابه أدار بهم المعركة التي فر فيها اثنا عشر ألفا ثم كان النصر بعد الهزيمة..!!
أخرج الشيخان واللفظ لمسلم عن أنس رضي الله عنه قال :كان رسول الله أحسن الناس وكان أجود الناس وكان أشجع الناس..ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا وقد سبقهم إلى الصوت وهو على فرس.. وهو يقول:وجدناه بحرا...
القيادة السياسية العليا:
يقول الشيخ سعيد حوى رحمه الله:إن نجاح القيادة يتوقف على:استيعابها لدعوتها ،وثقتها بانتصارها ،وعدم تناقض سلوك هذه القيادة مع ما تدعو إليه..بحيث تكون مواقفها كلها منسجمة مع هذه الدعوة،وبحيث تكون هذه المواقف كلها لصالح الدعوة..وعلى قدرتها على الاستمرار بالدعوة تبليغا وإقناعا..وفي استيعاب المستجيبين تربية وتنظيما وتسييرا..وعلى وجود الثقة الكاملة بين القيادة وأتباعها..والاستفادة من كل الطاقات،بحيث يأخذ كل منهم محله الصحيح،وعلى حل المشاكل الطارئة بأقل قدر ممكن من الجهد ..وأن تكون بعيدة النظر مستوعبة لكل الواقع..
وما عرف إنسانا كمل في هذه الجوانب كلها إلى أعلى درجات الكمال غير محمد صلى الله عليه وسلم...
فحياته عليه الصلاة و السلام تقدم إلينا نماذج سامية للشاب المستقيم في سلوكه ’ الأمين مع قومه و أصحابه ’ كما تقدم النموذج الرائع للإنسان الداعي إلى الله بالحكمة و الموعظة الحسنة ’ الباذل منتهى الطاقة في سبيل إبلاغ رسالته ’ ولرئيس الدولة الذي يسوس الأمور بحذق وحكمة بالغة ’ وللزوج المثالي في حسن معاملته والأب في حنو عاطفته مع تفريق دقيق بين الحقوق و الواجبات لكل من الزوجة و الأولاد’ وللقائد الحربي الماهر والسياسي الصادق المحنك ’ وللمسلم الجامع - في دقة وعدل - بين واجب التعبد و التبتل لربه ’ والمعاشرة الفكهة اللطيفة مع أهله و أصحابه .
إن الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ليس عاطفة غامضة سائبة..ولا إيمانا عقليا ميكانيكيا ونسيجا خشبيا..ولا دراسة ذهنية نظرية باردة جامدة خامدة هامدة لا روح فيها ولا حياة!!..بل هو سلوك وأخلاق والتزام وعمل وحال..بحيث تذوب شخصيتنا في شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ذوبانا كاملا:محبة وفهما وعلما واقتداء وتأسيا:
عن مجاهد:كنا مع ابن عمر في سفر فمر بمكان فحاد عنه..فسئل:لم فعلت ؟!..قال :رأيت رسول الله يفعل هذا ففعلته!!..رواه أحمد والبزار.
قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله:
إن كل فرد من الأمة الإسلامية عليه أن يكون نسخة- حية شاخصة- طبق الأصل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:بيانا وجهادا وحكمة وحنكة ودراية وعبادة وزهدا وإقداما وثباتا ووفاء.. وكرما ولطفا ورحمة وحزما... وإذا ما استطاع كل فرد من أفراد الأمة أن يرتفع إلى هذه القمة السامقة فإننا نؤكد أنه وقتذاك يحس بطعم إنسانيته تميزا وارتقاء.
عود على بدء:
هذه هي الصورة الشاملة الكاملة المتكاملة المتناغمة المتوازنة لمن أراد الاقتداء الحقيقي:
جمال ونظافة وطهر وذوق وربانية وروحانية وأخلاق وشجاعة وإيجابية وسياسة وإصلاح وقيادة..هذا هو المقياس الدقيق لمدى قربك أو بعدك من الحبيب صلى الله عليه وسلم...فعلى مقدار تفاعلك مع مفردات هذه المنظومة النبوية الشاملة المتفردة يكون الحب الصادق الحقيقي:
لو كنت تصدق حبه لأطعته ... إن المحب لمن يحب مطيع..!
بقلم الأستاذ حديبي المدني
(منقول)
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطاهرين وصحابته رواحل الدعوة العاملين ،
وعلى من سار على الدرب القويم ، وبعد :
أيها الدعاة ...الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا في كل شيء
هل يستطيـع الليـل أن يبـقـى إذا ... ألـقى الـصـباح قـصـيــدة الأنـوارِ..؟!
الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا في كل شيء:
من أغرب الأمور وأعجبها أن تعرف أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم هو أعظم نموذج كامل في كل شيء :جمالا وحسنا وربانية وخلقا وذوقا ودعوة وجهادا ...ثم لا تحبه حبا قويا عميقا صافيا يعلو فوق كل الرغائب والمطامع والمطامح..ولا تتبعه قدوة وربانية وسلوكا وأخلاقا..ولا تتفاعل مع سنته تشريعا وتقنينا وآدابا..ولا تتفاعل مع مفردات اللوحة الفنية الساحرة الشاملة والصورة النبوية الكاملة المتكاملة
سلهم عن الحـب الصحيـح ووصفـه *** فلـسـوف تسـمـع صــادق الأخـبــارِ
حــب الـرسـول تـمـسـك بشـريـعـة *** غــــرّاء فــــي الإعــــلان والإســــرارِ
حـــب الـرســول تـعـلــق بـصـفـاتـه *** وتــخــلــق بــخــلائـــق الأطـــهــــارِ
حــب الـرسـول حقيـقـة يحـيـا بـهـا *** قــلــب الـتـقــي عـمـيـقــة الآثـــــارِ
إحــيــاء سـنـتــه إقــامــة شــرعـــه *** فــي الأرض دفــع الـشــك بـالإقــرارِ ..!
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد:
..لقد تعلقت كل فئة بجزء من اللوحة النبوية الكاملة..وحدقت فيها..ونسيت أو تناست بقية الأجزاء الجميلة الرائعة المهمة الأخرى بل أنكرتها وحاربتها:
فمنهم من رأى في رسول الله صلى الله عليه وسلم :الرباني العابد الساجد المتهجد..فسمع لصدره أزيزا كأزيز المرجل من الدموع والخشوع..ورأى تشقق قدميه من طول القيام،وتمسك بوصيته لأحد الصحابة:امسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك..ثم توقف عند هذا المشهد..وفهم أن الاقتداء الصحيح هو الروحانية والعبادة و العزلة المطلقة ولا شيء بعد ذلك.. وأن تترك لقيصر ما لقيصر وما لله لله..دع المخاليق للخالق..أقام العباد في ما أراد..فلا مخالطة ولا إصلاح ولا تغيير ولا إيجابية..!
ومنهم من تعلق ببعض السنن وقدمها على الكليات والفرائض والواجبات..فتناسى دم الحسين وسأل عن دم البعوض؟!..وتجاهل واقع الأمة المرير و أقام حربا من أجل منع قنوت الفجر؟!
ومنهم من رأى في رسول الله صلى الله عليه وسلم المقاتل الشجاع الذي يرى الجنة تحت ظلال السيوف.. ففهمت أن المنهج النبوي التغييري هو القوة:فالسيف أصدق إنباء من الكتب...في حده الحد بين الجد واللعب.. وغفلت هذه الفئة عن المنهج السلمي التراكمي الهادي الهادئ..
ومنهم من رأى في رسول الله صلى الله عليه وسلم:الأخلاقي الأول..البسام الضحاك..ذو الذوق الرفيع والمعاملة السامقة..خيركم خيركم لأهله..وفهم أن الاقتداء:هو تجسيد هذه الأخلاقيات العالية..ولا شيء بعد ذلك...؟!
كل طائفة تشبثت بجزء من الصورة الكاملة المتكاملة والقدوة الشاملة معتقدة أنها تملك الحقيقة المطلقة وأنها المعنية بقوله تعالى:فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق...!..وأنها الفرقة الناجية..؟!
ويا ليت هذه الفئات تناسقت وتكاملت وتوحدت وتخصصت..بل كل ما دخلت أمة لعنت أختها..!
وحتى تدرك مقدار قرب وبعد كل فئة من القدوة الشاملة..نعطيك الصورة الحقيقة الكاملة من خلال النصوص الصحيحة:
الجمال الآسر المدهش:
إن أول ما يقع بصر الإنسان على رسول الله صل الله عليه وسلم يشعر أنه أمام جمال مدهش لا مثيل له:
-أحسن من القمر: عن جابر بن سمرة قال :رأيت النبي في ليلة أضحيان-مقمرة مسفرة- فجعلت أنظر إليه وإلى القمر فلهو كان أحسن من القمر!!
-شمس تجري:ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله كأن الشمس تجري في وجهه..!!
وتصفه الربيع بنت معوذ بقولها:لو رأيته قلت الشمس طالعة!!
وعن ابن عمر قال :ما رأيت أشجع ولا أجود ولا أضوأ من رسول الله!!
وأخرج الشيخان عن أنس قال : ما مسست حريرا ولا ديباجا ألين من كف رسول الله ولا شممت مسكا ولا عنبرا أطيب من ريح رسول الله صل الله عليه وسلم!!
عن أنس رضي الله عنه قال: لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صل الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء..!
أي ذوقيات هذه؟!:سُئلت عائشة: بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك. والحديث أخرجه مسلم، وذكر بعض أهل العلم فائدة ونكتة علمية دقيقة حيث قالوا: فلعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ليستقبل زوجاته ....
وعند البخاري أن عائشة قالت: كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم بأطيب ما أجد حتى أجد وبيص الطيب في رأسه ولحيته، وفي البخاري أيضاً أن عائشة قالت: كنت أرجل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني أسرح شعره. كنت أرجل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض.
وبعض آخر وقع في تفريط عظيم وتقصير عجيب في اللباس وإهمال الشعر وترك الأظافر والشوارب والآباط.. مما يسبب الروائح الكريهة، فالخير كل الخير في امتثال المنهج النبوي في التزين والاهتمام بالمظهر وهو حق شرعي للمرأة وسبب أكيد في كسب قلبها وحبها، وهذا ما كان عليه السلف رضوان الله عليهم، فكيف كانوا في هذا الباب.
قال ابن عباس رضي الله عنه: إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي لأن الله تعالى يقول : ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف..وقد دخل على الخليفة عمر زوج أشعت أغبر ومعه امرأته وهي تقول: لا أنا ولا هذا.. لا تريده، لا أنا ولا هذا، ما السبب؟... فعرف كراهية المرأة لزوجها فأرسل الزوج ليستحم ويأخذ من شعر رأسه ويقلم أظافره فلما حضر أمره أن يتقدم من زوجته فاستغربته ونفرت منه ثم عرفته فقبلت به ورجعت عن دعواها، رجعت إذن عن طلب الطلاق، فقال عمر: وهكذا فاصنعوا لهن فو الله إنهن ليحببن أن تتزينوا لهن كما تحبون أن يتزين لكم..
فلنتعلم فنون صناعة الحب من رسولنا الحبيب ومن زوجاته وصحابته والتابعين.
الروحانية العالية والربانية المشرقة:
-بل الله فاعبد وكن من الشاكرين:
أخرج الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت:كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه فقلت له :لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال :أفلا أكون عبدا شكورا ؟!..
وأخرج الشيخان عن ابن مسعود قال:صليت مع النبي ليلة فلم يزل قائما حتى هممت بأمر سوء قيل :ما هممت؟ قال :هممت أن أجلس وأدعه..!!
هذا الأداء مع الخشوع والبكاء:يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء...
الأخلاقيات الرفيعة والذوقيات المتميزة:
..فقد كان صلى الله عليه وسلم أجمل الناس وكان مع هذا الجمال أنيقا وذو ذوق راقي رفيع..فهاهو يقول:أغسلوا ثيابكم وخذوا من شعوركم واستاكوا وتزينوا وتنظفوا فإن بني إسرائيل لم يكونوا يفعلون ذلك فزنت نساؤهم...
وكان ألين الناس ضحاكا بساما..وأفكه الناس مع نسائه( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)...
الشجاعة النادرة:
فهاهو صلى الله عليه وسلم يثبت يوم حنين بعشرة من أصحابه أدار بهم المعركة التي فر فيها اثنا عشر ألفا ثم كان النصر بعد الهزيمة..!!
أخرج الشيخان واللفظ لمسلم عن أنس رضي الله عنه قال :كان رسول الله أحسن الناس وكان أجود الناس وكان أشجع الناس..ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا وقد سبقهم إلى الصوت وهو على فرس.. وهو يقول:وجدناه بحرا...
القيادة السياسية العليا:
يقول الشيخ سعيد حوى رحمه الله:إن نجاح القيادة يتوقف على:استيعابها لدعوتها ،وثقتها بانتصارها ،وعدم تناقض سلوك هذه القيادة مع ما تدعو إليه..بحيث تكون مواقفها كلها منسجمة مع هذه الدعوة،وبحيث تكون هذه المواقف كلها لصالح الدعوة..وعلى قدرتها على الاستمرار بالدعوة تبليغا وإقناعا..وفي استيعاب المستجيبين تربية وتنظيما وتسييرا..وعلى وجود الثقة الكاملة بين القيادة وأتباعها..والاستفادة من كل الطاقات،بحيث يأخذ كل منهم محله الصحيح،وعلى حل المشاكل الطارئة بأقل قدر ممكن من الجهد ..وأن تكون بعيدة النظر مستوعبة لكل الواقع..
وما عرف إنسانا كمل في هذه الجوانب كلها إلى أعلى درجات الكمال غير محمد صلى الله عليه وسلم...
فحياته عليه الصلاة و السلام تقدم إلينا نماذج سامية للشاب المستقيم في سلوكه ’ الأمين مع قومه و أصحابه ’ كما تقدم النموذج الرائع للإنسان الداعي إلى الله بالحكمة و الموعظة الحسنة ’ الباذل منتهى الطاقة في سبيل إبلاغ رسالته ’ ولرئيس الدولة الذي يسوس الأمور بحذق وحكمة بالغة ’ وللزوج المثالي في حسن معاملته والأب في حنو عاطفته مع تفريق دقيق بين الحقوق و الواجبات لكل من الزوجة و الأولاد’ وللقائد الحربي الماهر والسياسي الصادق المحنك ’ وللمسلم الجامع - في دقة وعدل - بين واجب التعبد و التبتل لربه ’ والمعاشرة الفكهة اللطيفة مع أهله و أصحابه .
إن الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ليس عاطفة غامضة سائبة..ولا إيمانا عقليا ميكانيكيا ونسيجا خشبيا..ولا دراسة ذهنية نظرية باردة جامدة خامدة هامدة لا روح فيها ولا حياة!!..بل هو سلوك وأخلاق والتزام وعمل وحال..بحيث تذوب شخصيتنا في شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ذوبانا كاملا:محبة وفهما وعلما واقتداء وتأسيا:
عن مجاهد:كنا مع ابن عمر في سفر فمر بمكان فحاد عنه..فسئل:لم فعلت ؟!..قال :رأيت رسول الله يفعل هذا ففعلته!!..رواه أحمد والبزار.
قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله:
إن كل فرد من الأمة الإسلامية عليه أن يكون نسخة- حية شاخصة- طبق الأصل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:بيانا وجهادا وحكمة وحنكة ودراية وعبادة وزهدا وإقداما وثباتا ووفاء.. وكرما ولطفا ورحمة وحزما... وإذا ما استطاع كل فرد من أفراد الأمة أن يرتفع إلى هذه القمة السامقة فإننا نؤكد أنه وقتذاك يحس بطعم إنسانيته تميزا وارتقاء.
عود على بدء:
هذه هي الصورة الشاملة الكاملة المتكاملة المتناغمة المتوازنة لمن أراد الاقتداء الحقيقي:
جمال ونظافة وطهر وذوق وربانية وروحانية وأخلاق وشجاعة وإيجابية وسياسة وإصلاح وقيادة..هذا هو المقياس الدقيق لمدى قربك أو بعدك من الحبيب صلى الله عليه وسلم...فعلى مقدار تفاعلك مع مفردات هذه المنظومة النبوية الشاملة المتفردة يكون الحب الصادق الحقيقي:
لو كنت تصدق حبه لأطعته ... إن المحب لمن يحب مطيع..!
بقلم الأستاذ حديبي المدني
(منقول)
تعليق