السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أمر الهي وآخر نبوي يصب في نفس الاتجاه نظرا لأهميته وخطورة عواقب من لم يسلم منه , فهو إما جنتك وإما نارك , وقال عنه الصديق هذا الذي أوردني المهالك .
إنه اللسان فمن حفظه حفظ نفسه من هلاك الدنيا والآخرة , فهو على صغره عظيم الخطر، فلا ينجو من شرِّ اللسان إلا من قيده بلجام الشرع , وقد جاء الأمر بحفظ اللسان وألا نستخدمه إلا فيما يرضي الله والإصلاح بين الناس والتذكرة الحسنة في آيات كثيرة فقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً"
وقد نبهنا الله عز وجل أن على كل إنسان رقيب عتيد يحصي عليه أفعاله وكلماته ويضعها في ميزانها المناسب فإما تكون كلماتنا في ميزان حسناتنا وإما تصب في ميزان سيئاتنا فتهلكنا وترمي بنا إلى سبعين خريفا كما جاء في الحديث عن أبي هريرة مرفوعاً: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأساً، يهوي بها سبعين خريفاً في النار)
أنها نار لا نقوى على تحملها , فهو أسرع الأعضاء حركة وأسهلها، ولا شيء أسرع ولا أسهل حركة من اللسان، ولهذا كان الزلل بهذا العضو وهذه الجارحة من الجوارح من أعظم الزلل وأكبره عند الله عز وجل وبه تذل بقية الأعضاء .
عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أصبح ابن أدم فان الأعضاء كلها تكفر اللسان ـ أي تخضع له ـ فتقول : اتق الله فينا فإنما نحن بك فان استقمت استقمنا وان اعوججت اعوججنا " رواه الترمذي وحسنه الألباني
ونحن معشر النساء خاصة معنيات أكثر بهذا التذكير وما أكثر النساء التي تقع في آفات اللسان
روى البخاري رحمهُ الله , عن أبي سعيد الخدري , رضي الله عنه , أنهُ قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى فمرَ على النساء فقال : {يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار , فقلن : وبم يا رسول الله , قال : تكثرن اللعن وتكفرن العشير..}.
تُكثرن اللعن : أي أن المرأة غالباً ما تُنفس عن كبتها وغضبها بالسُباب واللِعن, فهي لا تملك أن تُقاتل وتضرب كما الرجال, فتكون ردة فعلها محصورة عادةً بما يجري على لسانها من اللعن والشتم.
كما أننا نجد أن بعض النساء تُكثر في ساعة الغضب من لعن عيشها وزوجها وحتى نفسها
فالنساء بطبيعتهن أكثر من الرجال كلاما سواء كان ذلك مع أزواجهن أو أبنائهن أو جاراتهن أو في العمل أو مجال التعليم بين الطالبات, وهذه عادتهن فنرى النساء أسرع غضبا من الرجال وتعبيرها عن الغضب يختلف عنه في الرجال , فلا تملك المرأة إلا أن تتفوه بالكلمات والألفاظ التي تخرج منها عند الغضب بدون سيطرة عليها
وفي ساعة الشجار مع زوجها نجد بعض الزوجات تكفرن العشير وتقول ما رأيت منك خيرا قط , فما فعلت لي شيئا تحمد عليه , فعلى النساء والفتيات أن يتمالكن أنفسهن ساعة الغضب وذلك بالتمرين مرارا وتكرارا لان النجاة من النار باجتناب الغضب والسب واللعن وسوء الألفاظ , وتستفيد من تحذير رسول الله لنا معشر النساء , عن عبد الله بن مسعود, رضي الله عنهُ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { ليس المؤمن بالطعان, ولا اللعان, ولا الفاحش, والبذيء} رواه الترمذي.
واختصت مجالس النساء للأسف بكثير من الفواحش باللسان فتكثر فيها الغيبة والنميمة وفضح عورات البيوت وإفشاء الأسرار إلا من رحم ربي , فينبغي للحاضرات إذا ضمهن مجلس ألا يخلو من ذكر الله
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا أقاموا عن مثل جيفة حمار وكان لهم حسرة " أخرجه الإمام احمد وأبو داود والنسائي .
ولفظ الترمذي :" ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم تره".
ولهذه المجالس كفارة ارشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : من جلس مجلسا فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه :" سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ألا اله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك " [رواه أبو داود والد ارمي وقال الحافظ في الفتح : سنده قوي ]
لذا علينا حفظ اللسان وآلا ننطق إلا في علم ينتفع به أو إصلاح ذات البين أو دعوة خير أو ذكر لله تعالى أو أقوال عامة لا تضر مثل الحديث عن الطعام والشراب وتربية الأبناء لان علينا رقيب عتيد يكتب كل لفظ يخرج من ألسنتنا
قال تعالى :"وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)" سورة ق
قال بن كثير في تفسير الآية الكريمة : يخبر تعالى عن قدرته على الإنسان بأنه خالقه ، وعمله محيط بجميع أموره حتى إنه تعالى يعلم ما توسوس به نفوس بني آدم من الخير والشر . وقد ثبت في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تقل أو تعمل " .
ما يتكلم بكلمة ( إلا لديه رقيب عتيد ) أي : إلا ولها من يراقبها معتد لذلك يكتبها ، لا يترك كلمة ولا حركة ، كما قال تعالى : ( وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون ) [ الانفطار : 10 - 12 ] .
قال الإمام أحمد عن بلال بن الحارث المزني قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه . وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه " . قال : فكان علقمة يقول : كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث .
وقال الحسن البصري وتلا هذه الآية :( عن اليمين وعن الشمال قعيد ) : يابن آدم ، بسطت لك صحيفة ، ووكل بك ملكان كريمان أحدهما عن يمينك ، والآخر عن شمالك ، فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك ، وأما الذي عن يسارك فيحفظ سيئاتك فاعمل ما شئت ، أقلل أو أكثر حتى إذا مت طويت صحيفتك ، وجعلت في عنقك معك في قبرك ، حتى تخرج يوم القيامة ، فعند ذلك يقول : ( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) [ الإسراء : 13 ، 14 ] ثم يقول : عدل - والله - فيك من جعلك حسيب نفسك .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس :( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) قال : يكتب كل ما تكلم به من خير أو شر ، حتى إنه ليكتب قوله : " أكلت ، شربت ، ذهبت ، جئت ، رأيت " ، حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله ، فأقر منه ما كان فيه من خير أو شر ، وألقى سائره ، وذلك قوله : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) [ الرعد : 39 ]
ومن عظم خطر اللسان جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر الأسباب التي تكب الناس في النار وترميهم فيها هو حصائد هذه الألسنة
عندما اخبر معاذ بن جبل عن أهمية حفظ اللسان في حديث طويل عن خصال الإسلام العظيمة وعمود الأمر وذروة السنام والصدقة وأركان الإسلام فهو حديث شامل كامل لجوانب الحياة وسلامة المسلم في الدنيا والآخرة
ووضح الرسول صلى الله عليه وسلم أن لهذه الأعمال حافظ وسياج يحميها ألا وهو اللسان وحفظه عن كل سوء وأذى أمر شرعي
ففي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أخبرك بملاك ذلك كله، قلت بلى يا رسول اللّه
قال: فأخذ بلسانه، قال: كف عليك هذا.
فقلت: يا نبي اللّه وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟
فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم".
وذكر عن الإمام أحمد من شدة حرصه ألا يكتب الملك عليه إلا الخير وما يصب في ميزان حسناته أنه كان يئن في مرضه ، فبلغه عن طاوس أنه قال : يكتب الملك كل شيء حتى الأنين . فلم يئن أحمد حتى مات رحمه الله .
وروي عن ابن مسعود أنه كان يقف على الصفا وهو يعتمر ويقول
يا لسان قل خيرا تغنم
واسكت عن شر تسلم
من قبل أن تندم يا لسان
يقال أن أربعة من أهل الحكمة اجتمعوا في مكان
فقال أحدهم: أنا أندم على ما قلت ولا أندم على ما لم أقل، يعني الشيء الذي قلته هذا شئ أندم عليه و الشيء الذي لم أقله هذا شئ لا أندم عليه
فقال الثاني: إني إذا تكلمت بكلمة ملكتني ولم أملكها، وإذا لم أتكلم بها ملكتها ولم تملكني.
يعني أنا إذا تكلمت بالكلمة صارت الكلمة هي التي تملكني وإذا أنا لم أتكلم بها أنا الذي صرت أملكها
وقال الثالث: عجبت للمتكلم، إن رجعت عليه كلمته ضرته وإن لم ترجع لم تنفعه.
فقال الرابع: أنا على رد ما لم أقل أقدر مني على رد ما قلت، لأنني إذا قلت لا أستطيع أن أرد.
إن قضية مكانة اللسان وخطر اللسان قد يستهين الإنسان بها. واللسان فيه من الكبائر مالا يحترس الكثير من الناس منه، فكبائره لا تنتهي، منها عند الغيبة والنميمة والفحش في القول، وقول الزور وكبائر كثيرة موجودة في اللسان تسمى عند العلماء "آفات اللسان".
إن خطر اللسان ومكانته العظيمة قد يستهان بها , فاعلمي رعاك الله أن اللسان يجتمع فيه الكبائر التي يصعب عند البعض الحذر منها , فكبائره عظيمة فبه الشرك بالله والغيبة والنميمة والبهتان وقول الزور وإفساد ذات البين والوقيعة بين الناس والسخرية والاستهزاء بالمؤمنين والحلف بغير الله , فهذه الأفعال وغيرها سماها العلماء الأجلاء آفات اللسان التي تهلك صاحبها إن لم يتب ويندم ويرجع إلى الله , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده". مسلم
رسالة أخيرة إليك أختاه : اغتنمي عمرك ووقتك ولسانك فيما ينفعك ويدفع عنك السيئات ويكسب لك الحسنات التي تملا صحائف أعمالك فخرا وسرورا يوم القيامة فأكثري ذكر الله فلا يزال لسانك رطباً بذكر الله فهي أقوال بسيطة ولكن ثوابها عظيم
وفي " الصحيحين " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من قال حين يصبح وحين يمسي : سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر "
وعند مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال : " أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة ؟ فسأله سائل من جلسائه كيف يكسب أحدنا ألف حسنة ؟
قال : يسبح مائة تسبيحه فيكتب له ألف حسنة أو يحط عنه ألف خطيئة "
وعند احمد وأصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة "
فانظري يا رعاك الله إلي هذه الحسنات الهائلة والى ما يقابلها من العمل اليسير , وقارني بينها وبين ما تتلفظين به من غيبة أو كذب أو أقوال لا تنفعك بل تضرك فتهلكك وترمي بك في نار لا تقوين عليها , حفظنا الله وإياكم من النار وعذابها .
وليكن شعارك : أمسك عليك لسانك حتى لا يهلكك
منقققققول
أمر الهي وآخر نبوي يصب في نفس الاتجاه نظرا لأهميته وخطورة عواقب من لم يسلم منه , فهو إما جنتك وإما نارك , وقال عنه الصديق هذا الذي أوردني المهالك .
إنه اللسان فمن حفظه حفظ نفسه من هلاك الدنيا والآخرة , فهو على صغره عظيم الخطر، فلا ينجو من شرِّ اللسان إلا من قيده بلجام الشرع , وقد جاء الأمر بحفظ اللسان وألا نستخدمه إلا فيما يرضي الله والإصلاح بين الناس والتذكرة الحسنة في آيات كثيرة فقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً"
وقد نبهنا الله عز وجل أن على كل إنسان رقيب عتيد يحصي عليه أفعاله وكلماته ويضعها في ميزانها المناسب فإما تكون كلماتنا في ميزان حسناتنا وإما تصب في ميزان سيئاتنا فتهلكنا وترمي بنا إلى سبعين خريفا كما جاء في الحديث عن أبي هريرة مرفوعاً: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأساً، يهوي بها سبعين خريفاً في النار)
أنها نار لا نقوى على تحملها , فهو أسرع الأعضاء حركة وأسهلها، ولا شيء أسرع ولا أسهل حركة من اللسان، ولهذا كان الزلل بهذا العضو وهذه الجارحة من الجوارح من أعظم الزلل وأكبره عند الله عز وجل وبه تذل بقية الأعضاء .
عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أصبح ابن أدم فان الأعضاء كلها تكفر اللسان ـ أي تخضع له ـ فتقول : اتق الله فينا فإنما نحن بك فان استقمت استقمنا وان اعوججت اعوججنا " رواه الترمذي وحسنه الألباني
ونحن معشر النساء خاصة معنيات أكثر بهذا التذكير وما أكثر النساء التي تقع في آفات اللسان
روى البخاري رحمهُ الله , عن أبي سعيد الخدري , رضي الله عنه , أنهُ قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى فمرَ على النساء فقال : {يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار , فقلن : وبم يا رسول الله , قال : تكثرن اللعن وتكفرن العشير..}.
تُكثرن اللعن : أي أن المرأة غالباً ما تُنفس عن كبتها وغضبها بالسُباب واللِعن, فهي لا تملك أن تُقاتل وتضرب كما الرجال, فتكون ردة فعلها محصورة عادةً بما يجري على لسانها من اللعن والشتم.
كما أننا نجد أن بعض النساء تُكثر في ساعة الغضب من لعن عيشها وزوجها وحتى نفسها
فالنساء بطبيعتهن أكثر من الرجال كلاما سواء كان ذلك مع أزواجهن أو أبنائهن أو جاراتهن أو في العمل أو مجال التعليم بين الطالبات, وهذه عادتهن فنرى النساء أسرع غضبا من الرجال وتعبيرها عن الغضب يختلف عنه في الرجال , فلا تملك المرأة إلا أن تتفوه بالكلمات والألفاظ التي تخرج منها عند الغضب بدون سيطرة عليها
وفي ساعة الشجار مع زوجها نجد بعض الزوجات تكفرن العشير وتقول ما رأيت منك خيرا قط , فما فعلت لي شيئا تحمد عليه , فعلى النساء والفتيات أن يتمالكن أنفسهن ساعة الغضب وذلك بالتمرين مرارا وتكرارا لان النجاة من النار باجتناب الغضب والسب واللعن وسوء الألفاظ , وتستفيد من تحذير رسول الله لنا معشر النساء , عن عبد الله بن مسعود, رضي الله عنهُ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { ليس المؤمن بالطعان, ولا اللعان, ولا الفاحش, والبذيء} رواه الترمذي.
واختصت مجالس النساء للأسف بكثير من الفواحش باللسان فتكثر فيها الغيبة والنميمة وفضح عورات البيوت وإفشاء الأسرار إلا من رحم ربي , فينبغي للحاضرات إذا ضمهن مجلس ألا يخلو من ذكر الله
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا أقاموا عن مثل جيفة حمار وكان لهم حسرة " أخرجه الإمام احمد وأبو داود والنسائي .
ولفظ الترمذي :" ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم تره".
ولهذه المجالس كفارة ارشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : من جلس مجلسا فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه :" سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ألا اله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك " [رواه أبو داود والد ارمي وقال الحافظ في الفتح : سنده قوي ]
لذا علينا حفظ اللسان وآلا ننطق إلا في علم ينتفع به أو إصلاح ذات البين أو دعوة خير أو ذكر لله تعالى أو أقوال عامة لا تضر مثل الحديث عن الطعام والشراب وتربية الأبناء لان علينا رقيب عتيد يكتب كل لفظ يخرج من ألسنتنا
قال تعالى :"وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)" سورة ق
قال بن كثير في تفسير الآية الكريمة : يخبر تعالى عن قدرته على الإنسان بأنه خالقه ، وعمله محيط بجميع أموره حتى إنه تعالى يعلم ما توسوس به نفوس بني آدم من الخير والشر . وقد ثبت في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تقل أو تعمل " .
ما يتكلم بكلمة ( إلا لديه رقيب عتيد ) أي : إلا ولها من يراقبها معتد لذلك يكتبها ، لا يترك كلمة ولا حركة ، كما قال تعالى : ( وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون ) [ الانفطار : 10 - 12 ] .
قال الإمام أحمد عن بلال بن الحارث المزني قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه . وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه " . قال : فكان علقمة يقول : كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث .
وقال الحسن البصري وتلا هذه الآية :( عن اليمين وعن الشمال قعيد ) : يابن آدم ، بسطت لك صحيفة ، ووكل بك ملكان كريمان أحدهما عن يمينك ، والآخر عن شمالك ، فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك ، وأما الذي عن يسارك فيحفظ سيئاتك فاعمل ما شئت ، أقلل أو أكثر حتى إذا مت طويت صحيفتك ، وجعلت في عنقك معك في قبرك ، حتى تخرج يوم القيامة ، فعند ذلك يقول : ( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) [ الإسراء : 13 ، 14 ] ثم يقول : عدل - والله - فيك من جعلك حسيب نفسك .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس :( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) قال : يكتب كل ما تكلم به من خير أو شر ، حتى إنه ليكتب قوله : " أكلت ، شربت ، ذهبت ، جئت ، رأيت " ، حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله ، فأقر منه ما كان فيه من خير أو شر ، وألقى سائره ، وذلك قوله : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) [ الرعد : 39 ]
ومن عظم خطر اللسان جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر الأسباب التي تكب الناس في النار وترميهم فيها هو حصائد هذه الألسنة
عندما اخبر معاذ بن جبل عن أهمية حفظ اللسان في حديث طويل عن خصال الإسلام العظيمة وعمود الأمر وذروة السنام والصدقة وأركان الإسلام فهو حديث شامل كامل لجوانب الحياة وسلامة المسلم في الدنيا والآخرة
ووضح الرسول صلى الله عليه وسلم أن لهذه الأعمال حافظ وسياج يحميها ألا وهو اللسان وحفظه عن كل سوء وأذى أمر شرعي
ففي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أخبرك بملاك ذلك كله، قلت بلى يا رسول اللّه
قال: فأخذ بلسانه، قال: كف عليك هذا.
فقلت: يا نبي اللّه وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟
فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم".
وذكر عن الإمام أحمد من شدة حرصه ألا يكتب الملك عليه إلا الخير وما يصب في ميزان حسناته أنه كان يئن في مرضه ، فبلغه عن طاوس أنه قال : يكتب الملك كل شيء حتى الأنين . فلم يئن أحمد حتى مات رحمه الله .
وروي عن ابن مسعود أنه كان يقف على الصفا وهو يعتمر ويقول
يا لسان قل خيرا تغنم
واسكت عن شر تسلم
من قبل أن تندم يا لسان
يقال أن أربعة من أهل الحكمة اجتمعوا في مكان
فقال أحدهم: أنا أندم على ما قلت ولا أندم على ما لم أقل، يعني الشيء الذي قلته هذا شئ أندم عليه و الشيء الذي لم أقله هذا شئ لا أندم عليه
فقال الثاني: إني إذا تكلمت بكلمة ملكتني ولم أملكها، وإذا لم أتكلم بها ملكتها ولم تملكني.
يعني أنا إذا تكلمت بالكلمة صارت الكلمة هي التي تملكني وإذا أنا لم أتكلم بها أنا الذي صرت أملكها
وقال الثالث: عجبت للمتكلم، إن رجعت عليه كلمته ضرته وإن لم ترجع لم تنفعه.
فقال الرابع: أنا على رد ما لم أقل أقدر مني على رد ما قلت، لأنني إذا قلت لا أستطيع أن أرد.
إن قضية مكانة اللسان وخطر اللسان قد يستهين الإنسان بها. واللسان فيه من الكبائر مالا يحترس الكثير من الناس منه، فكبائره لا تنتهي، منها عند الغيبة والنميمة والفحش في القول، وقول الزور وكبائر كثيرة موجودة في اللسان تسمى عند العلماء "آفات اللسان".
إن خطر اللسان ومكانته العظيمة قد يستهان بها , فاعلمي رعاك الله أن اللسان يجتمع فيه الكبائر التي يصعب عند البعض الحذر منها , فكبائره عظيمة فبه الشرك بالله والغيبة والنميمة والبهتان وقول الزور وإفساد ذات البين والوقيعة بين الناس والسخرية والاستهزاء بالمؤمنين والحلف بغير الله , فهذه الأفعال وغيرها سماها العلماء الأجلاء آفات اللسان التي تهلك صاحبها إن لم يتب ويندم ويرجع إلى الله , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده". مسلم
رسالة أخيرة إليك أختاه : اغتنمي عمرك ووقتك ولسانك فيما ينفعك ويدفع عنك السيئات ويكسب لك الحسنات التي تملا صحائف أعمالك فخرا وسرورا يوم القيامة فأكثري ذكر الله فلا يزال لسانك رطباً بذكر الله فهي أقوال بسيطة ولكن ثوابها عظيم
وفي " الصحيحين " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من قال حين يصبح وحين يمسي : سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر "
وعند مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال : " أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة ؟ فسأله سائل من جلسائه كيف يكسب أحدنا ألف حسنة ؟
قال : يسبح مائة تسبيحه فيكتب له ألف حسنة أو يحط عنه ألف خطيئة "
وعند احمد وأصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة "
فانظري يا رعاك الله إلي هذه الحسنات الهائلة والى ما يقابلها من العمل اليسير , وقارني بينها وبين ما تتلفظين به من غيبة أو كذب أو أقوال لا تنفعك بل تضرك فتهلكك وترمي بك في نار لا تقوين عليها , حفظنا الله وإياكم من النار وعذابها .
وليكن شعارك : أمسك عليك لسانك حتى لا يهلكك
منقققققول
تعليق