بشر الله جل وعلا الناس عامة بإنزال هذا الكتاب الحكيم،
فقال جل وعلا: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [يونس:57] ،
ثم قال سبحانه وتعالى بعد هذه البشارة والبيان لما جاء به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [يونس:58]
هذه البشارة -أيها المؤمنون- تلقاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفرح، فكان فرحاً بكتاب الله جل وعلا،
فرحاً بنعمه سبحانه وتعالى، وما خصه الله به من هذا الفضل العظيم، وفرحت به الأمة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فكان هذا الكتاب من أعظم النعم عليهم، وكان انقطاع الوحي بموت النبي صلى الله عليه وسلم
من أعظم ما أصيبوا به؛ لما في ذلك من انقطاع المدد من السماء، وانقطاع هذا الخير.
هذا الكتاب فرح به التابعون ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ لما فيه من الأوصاف العظيمة التي تكفل للناس سعادة الدارين،
سعادة الدنيا وفوز الآخرة، فإن هذا الكتاب لا يقتصر نفعه على دار القرار -الدار الآخرة- ب
ل يجني المؤمن ثماره في الدنيا قبل الآخرة، فهو الكتاب الذي تصلح به أمور الناس، وتستقيم به أحوالهم في الدنيا وفي الآخرة؛ و
لذلك بشر الله به الناس عامة، فهو رحمة وهدى وشفاء، قال الله جل وعلا: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء:82]
قال ابن القيم رحمه الله:
إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه, والق سمعك, واحضر حضور من يخاطبه به من تكلّم به سبحانه منه إليه, فإنّه خطاب منه لك, على لسان رسوله, قال تعالى:
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} (قّ:37)
---------------
كتاب الفوائد
قال ابن القيم رحمه الله:
فإذا حصل المؤثر وهو القرآن, والمحل القابل وهو القلب الحي, ووجد الشرط وهو الإصغاء, وانتقى المانع وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب, وانصرافه عنه إلى شيء آخر, حصل الأثر وهو الانتفاع والتذكّر.
---------------
كتاب الفوائد
بعض اقوال السلف عن القرءان
- العمران بالقرآن:
كان قتادة يقول: "اعمروا به قلوبكم واعمروا به بيوتكم" يعني القرآن
- خير وصية:
قال أبوعبيد: أن رجلاً جاء إليه فقال أوصني. فقال: " إذا سمعت الله يقول ياأيها الذين آمنوا فأرعها سمعك فإنه خير تؤمر به أو شر تنهى عنه"
- ذم الإشتغال بغير القرآن:
قال ابن مسعود: "إن هذه القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ولاتشغلوها بغيره".
- قلب لايجد لذة القرآن قلب مريض:
عن معاذ بن جبل قال: "سيبلى القرآن في صدور أقوام كما يبلى الثوب فيتهافت, يقرؤونه لايجدون له لذة يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب أعمالهم طمع لايخالطه خوف, إن قصروا قالوا سنبلغ وإن أساؤوا قالوا سيُغفر لنا إنا لانشرك بالله شيئا".
- نصيحة جامعة لكيفية تعلم القرآن:
قال أبو نصر الرملي: أتانا الفضيل بن عياض بمكة فسألناه أن يملي علينا فقال: " ضيعتم كتاب الله وطلبتم كلام فضيل وابن عيينة ولو تفرغتم لكتاب الله لوجدتم فيه شفاء لما تريدون" قلنا: قد تعلمنا القرآن. قال: " إن في تعلم القرآن شغلاً لأعماركم وأعمار أولادكم وأولاد أولادكم, قلنا: كيف؟ قال: لن تعلموا القرآن حتى تعرفوا إعرابه ومحكمه ومتشابهه وحلاله وحرامه وناسخه ومنسوخه, إذا عرفتم ذلك اشتغلتم عن كلام فضيل وغيره. ثم قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم, بسم الله الرحمن الرحيم " ياأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين" سورة يونس.
تعليق