إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تبشير القرآن للمؤمنين بالنصر والتمكين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تبشير القرآن للمؤمنين بالنصر والتمكين



    تبشير القرآن للمؤمنين بالنصر والتمكين
    المصدر/ كتاب وعود القرآن بالتمكين للإسلام
    للدكتور صلاح الخالدي


    القرآن يبشّر المؤمنين الصالحين


    يوقن المؤمن أن وعد الله منجَز متحقق، لأن الله لا يخلف الميعاد، ولذلك هو يصدق به، ويثق به ثقة مطلقة، ويتذكره دائماً وهو يواجه
    الأعداء الكافرين، ويتحداهم ويتصدى لهم.

    يتذكر وعد الله دائماً في هذه المواجهة، ليصبر على شدائدها، ويتحمل تكاليفها، وينتظر يوم النصر، ويوقن بتحققه ولو تأخر قليلاً.
    يجب أن يستبشر المؤمن البشرى المطلقة، بأن المستقبل لدينه، والهزيمة لأعدائه، وهذه البشرى تملؤه أملاً، وتدفعه إلى مزيد من
    الجهاد والعمل، وتقضي على وساوس الشيطان له، ومحاولاته إحباطه وتيئيسه، وإماتة الأمل والأماني المشرقة عنده!.


    وفي القرآن آيات كثيرة تدعو إلى تبشير المؤمنين المجاهدين، المواجهين لأعداء الله، وتطلب منهم عدم اليأس والإحباط والقنوط، وتزيل وساوس
    الشيطان في نفوسهم، وإبطاله لأمنياتهم!.


    ولنقف مع بعض هذه الآيات، لنأخذ منها البشريات والآمال، نستعين بها على مشقات الطريق الطويل، ونعالج بها هواجس
    اليأس والقنوط والإحباط!.




    موسى يبشر أتباعه المؤمنين:


    أولاً: قوله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [يونس: 87].


    تدل هذه الآية على أن التبشير بالفرج والنصر ليس خاصاً بهذه الأمة، إنما هو عام لكل مسلمين مواجهين لقوى الباطل،
    وكان الرسل السابقون عليهم الصلاة والسلام يبشرون أتباعهم المؤمنين بالفرج والنصر.

    ففي هذه الآية، يأمر الله موسى وهارون عليهما السلام أن يتبوأا البيوت الخفية السرية لقومهما الإسرائيليين في مصر، التي كانوا يواجهون
    فيها تعذيب فرعون وآله، وأن يجعلوا تلك البيوت قبلة لهم، يعبدون الله فيها، ويقيمون فيها الصلاة.


    وأمر الله موسى عليه السلام أن يبشر أتباعه المؤمنين بقرب الخلاص والفَرَج. ونفذ موسى عليه السلام أمر الله، وبشرهم البشرى المشرقة،
    وسط "تبرمهم" منه، واعتراضهم عليه، واستبعادهم الفرَج، وانزعاجهم من طول الطريق وشدته!.


    وعلى هذا قوله تعالى: (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ،
    قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)

    [الأعراف: 128-129].



    موسى عليه السلام يطلب من الإسرائيليين المعذبين المضطهدين، أن يستعينوا بالله ويصبروا، ويبشرهم بأن الفرَج آت، فالأرض لله، يورثها
    من يشاء من عباده، وينزعها ممن يشاء من عباده، ويهلك الكافرين الظالمين، ويجعل العاقبة لعباده المتقين.

    لكن قومه كانوا غلاظاً قساة القلوب، فلم يقبلوا هذا التبشير، وإنما تبرموا به وبدعوته،
    وقالوا له: لم نستفد منك شيئاً، فقد نالنا الأذى
    والعذاب من فرعون قبل أن تأتينا، وها هو العذاب والأذى يُصَبّ علينا من بعد ما جئتنا، فماذا استفدنا منك؟ ولماذا لم توقف هذا الإيذاء عنا؟.


    رد موسى عليه السلام على اعتراضهم وتبرّمهم، بتبشير صريح لهم، وقال: عسى الله أن يُهلك فرعون وجنوده، ويفرج عنكم ما أنتم فيه،
    ويستخلفكم من بعدهم في الأرض.


    وقد تحققت هذه البشرى بعد ذلك، عندما أنجى الله موسى عليه السلام ومن معه أجمعين، وأغرق فرعون وجنوده،
    واستخلف بني إسرائيل، وأورثهم الأرض، قال تعالى: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ
    كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ)
    [الأعراف: 137].





    القرآن يبشر المؤمنين:


    ثانياً: قوله تعالى: (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيرًا) [الإسراء: 9].

    القرآن كتاب تبشير، فهو يرشد المؤمنين للخير، ويهديهم للطريق الأقوم والأصلح، ويقدم لهم البشرى بالفلاح والنجاح والفوز، في الدنيا والآخرة.
    وتكمن البشرى القرآنية في وعوده الصادقة المتحققة، التي يعد بها المؤمنين الصالحين، كما تكمن في ما يذكره القرآن من قصص السابقين،
    ويركز على مواطن الصبر فيها، بإهلاك أهل الباطل، وانتصار أهل الحق.


    واللطيف في التعبير القرآني، أن هذه الآية: (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ) جاءت بعد عدة آيات،
    تحدثت عن إفسادين كبيرين لبني إسرائيل، مقرونين بعلو واستكبار، موجّهين ضد الأمة المسلمة، وذكرت كيفية القضاء على ذينك الإفسادَيْن وإزالتهما.


    فمن المناسب أن يأتي الحديث عن تبشير القرآن للمؤمنين، بعد الحديث عن إزالة الإفسادين اليهوديين،
    ليكون من مظاهر التبشير القرآني تقريره أن إزالة الإفسادين حقيقة قرآنية قاطعة، وبشرى قرآنية واقعة!
    .


    واللطيف أيضاً: أن التعبير عن التبشير القرآني جاء بصيغة الفعل المضارع: (يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ)،
    ذلك الفعل الدال على التجدد والاستمرار. وهذا معناه: أن البشرى القرآنية متجددة، فكلما قرأ المؤمن البصير المبتلى آيات
    القرآن بوعي وتدبر وبصيرة، كلما تزود من تلك البشرى بالزاد العظيم الذي يعينه على الثبات والصبر.







    الأمر بتبشير العباد الصالحين:

    ثالثاً: قال تعالى: (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ، الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ
    أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ)
    [الزمر: 17-18].


    يُثني الله في هاتين الآيتين على عباده الصالحين المتقين، الذين يستحقون البشرى المشرقة، فهم مؤمنون، اجتنبوا عبادة الطاغوت، وعبدوا الله وحده،
    وأنابوا له وحده، واستمعوا كلامه، واتبعوه والتزموه، واهتدوا به، وبذلك كانوا من أولي الألباب الواعية، وأصحاب العقول الكبيرة.


    هؤلاء لهم البشرى من الله، بأن يعيشوا في الدنيا حياة طيبة سعيدة، في ظلال ذكر الله وطاعته، وبأن يتنعموا في الآخرة بجنته.

    هؤلاء العباد الربانيون مكرمون عند الله، ولذلك يأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبشرهم بالخير والفلاح، وذلك لتشرق أرواحهم،
    وتستنير قلوبهم، وتنشط هممهم، وتقوى عزائمهم.


    هؤلاء العباد الذين يبشرهم الرسول صلى الله عليه وسلم في الدنيا، ينزل الله عليهم ملائكته عند احتضارهم لطمأنتهم
    وتأمينهم وتبشيرهم، ليغادروا هذه الدنيا سعداء آمنين مطمئنين. قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ
    أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ، نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا
    مَا تَدَّعُونَ، نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ)
    [فصلت: 30-32].





    البشرى للأولياء في الدنيا والآخرة:

    رابعاً: قوله تعالى: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ، لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا
    وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
    [يونس: 62-64].

    تقرر هذه الآيات حقيقة قاطعة، وهي تأمين وحفظ وحماية الله لأوليائه، المؤمنين المتقين، وبما أن الله يحفظهم ويحميهم، فإنهم يعيشون
    حياتهم بدون خوف
    من المستقبل، ولا حزن على الماضي.

    وتقدم الآيات صفتين عظيمتين لهؤلاء الأولياء: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ): الإيمان العظيم الحي، المؤثر المحرك، الذي ينتج عنه العمل الصالح والاستقامة.
    ثم التقوى العظيمة لله، التي تحول بين صاحبها وبين ارتكاب ما حرم الله، أو ترك ما أوجب الله، وتجعله يعيش معنى معية الله، ومراقبته له.

    هؤلاء الأولياء يستحقون البشرى العامة، الشاملة المطلقة: (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا).

    وبشراهم في الدنيا تشمل كل مجالات حياتهم، فبما أنهم أولياء الله، مؤمنون متقون، فإن الله يوفقهم ليعيشوا الحياة الطيبة المباركة السعيدة،
    عابدين ذاكرين مطيعين لله، ومعلوم أنه لا طعم ولا معنى للحياة، إن لم يعشها صاحبها في عبادة الله وطاعته.

    وهم مفلحون في أعمالهم، ناجحون في أدائهم لها، فائزون في نهايتها، وسجل الله لهم أجرها وثوابها. وبشراهم في الآخرة تتحقق،
    عندما يظلهم الله في ظله، وهم في ساحة الموقف، وعندما يتجاوز عن ذنوبهم، ويثقل موازينهم، ويعطيهم كتبهم بأيمانهم، ويدخلهم الجنة
    برحمته وفضله، ويجعلهم منعّمين خالدين فيها أبداً.
    وأخبرت الآيات أنه لا تبديل لكلمات الله: (لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ).
    أي: لا تغيير للحقائق المذكورة في هذه الآيات، ولا تراجع عن البشرى للأولياء المبشّرين، وهذا هو الفوز العظيم،
    الذي يمنّ الله به على أوليائه
    : (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).

    يتبع بإذن الله




    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36


  • #2
    رد: تبشير القرآن للمؤمنين بالنصر والتمكين




    البشرى للصابرين:

    خامساً: قوله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ،
    الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ
    قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ، أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)
    [البقرة: 155-157].


    يخبر الله المؤمنين أن حياتهم قائمة على الابتلاء والاختبار والامتحان، حتى يوطنوا أنفسهم على ذلك، ويستعدوا لمواجهته، ولا يفاجَؤوا به.
    وهو سبحانه سيبتلي المؤمنين بشيء من الخوف والجوع، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات.


    ويدعوهم الله إلى مواجهة ذلك كله بالصبر والاحتساب، وكلما أصابتهم مصيبة؛ في أنفسهم أو أموالهم، أو أهليهم أو ممتلكاتهم، يتذكرون أنهم عباد،
    خاضعون لله، وأن حياتهم في الدنيا قصيرة زائلة، وهم راجعون بعدها إلى الله، ويقولون: إنا لله، وإنا إليه راجعون.



    وصبرهم على ما يواجههم من ابتلاءات ومحن، يدفعهم إلى الثبات على الحق، والرضا بقدر الله، والثقة بما عنده، وإشغال أوقاتهم ب
    طاعة الله وعبادته، والابتعاد عما حرم عليهم!.




    هؤلاء العباد الصابرون، يأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبشرهم: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ).
    وصبرهم على ما يلاقون أهّلهم لنيل البشرى من الله، على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، مما يدل على عظم مكانة الصبر عند الله،
    وعلو منزلة صاحبه.

    والبشرى للصابرين مطلقة، عامة شاملة، تشمل كل خير وفوز وفلاح، يبشّرون به في الدنيا والآخرة.

    وكما أن صبرهم زاد ضروري لهم في حياتهم، يتزودون به في قطع الطريق إلى الله، وتحمل مشقاته وابتلاءاته ومحنه، كذلك البشرى من الله
    حافز كبير لهم، يدفعهم إلى مزيد من الجهد والاجتهاد، والصبر والاحتساب.


    وفرق بعيد بين من يصبر على البلاء رغم أنفه، وهو يائس قانط محبط، كاره لحياته ومسيرته، وبين من يصبر على ذلك وهو مستبشر فاعل،
    إيجابي نشيط، يستعذب المصائب، ويستمتع بالمشقات، والبشرى تملأ عليه حياته!!.




    البشرى للمؤمنين المجاهدين:


    سادساً: قوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي
    التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ
    السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)
    [التوبة: 111-112].


    أكرم الله المؤمنين الصادقين، بأن اشترى منهم أنفسهم وأموالهم، وجعل ثمن هذه الصفقة الجنة، يدخلهم فيها منعمين مكرّمين، لكن طريقة تسليم
    الأنفس والأموال المباعة، هي جهادهم الصادق في سبيل الله، وقتالهم المستمر لأعداء الله.


    وأكرم الله المؤمنين الصادقين إكراماً آخر، بأن جعل هذه الصفقة الكبيرة وعداً عليه حقاً، ألزم نفسه بإنفاذه رحمة وكرماً وفضلاً،
    وجعل هذا الوعد في كتبه الثلاثة المنزلة: التوراة والإنجيل والقرآن.


    ودعا الله هؤلاء المؤمنين إلى الاستبشار بقبول هذا البيع، الذي باعوه لله: (فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).


    وما أعظم أن يجاهد المجاهد في سبيل الله، ويقتحم الميدان، ويقاتل الأعداء، وهو مستبشر سعيد مسرور، راض عن ربه الكريم،
    موقن بإنجاز وعده العظيم،
    مقبل عليه بحيوية وتفاعل، وشجاعة وإشراق!.


    ولا بد للمؤمنين المجاهدين من أن يتصفوا بالصفات الإيجابية العظيمة، التي ذكرتها الآية الثانية، ليَصْدُقوا في البيعة، وينالوا الثمن والجزاء والكرامة:
    التائبون، العابدون، الحامدون، السائحون، الراكعون، الآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر.


    هؤلاء المؤمنون هم أكرم الناس على الله، وهم أفضل من على وجه الأرض، يباهي الله بهم ملائكته، ويحوطهم بحفظه ورعايته.

    ومن كرامتهم على الله، أنه يأمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبشرهم البشرى المطلقة: (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ).
    البشرى بالخير والتوفيق في الدنيا، والاستمتاع فيها بالحياة الطيبة، وبالجنة ونعيمها في الآخرة!.




    البشرى بالفوز والربح والنجاة:


    سابعاً: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
    بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً
    فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)
    [الصف: 10-13].


    أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بتبشير المؤمنين، في هذه السورة الجهادية (سورة الصف)، وورد في سياق الحديث عن الجهاد،
    باعتباره التجارة الرابحة المنجية، وهو السياق نفسه الذي ورد فيه الأمر بالتبشير في سورة التوبة، الذي تحدثنا عنه في الآيات السابقة.

    الجهاد تجارة رابحة، منجية من عذاب أليم، والقعود عنه خسارة، وسبب للعذاب الأليم، والجهاد خير للمؤمنين، والقعود شر لهم.


    وللجهاد نتائج عظيمة، وثمرات باهرة، لا يمكن للأمة أن تنالها إلا به، مثل مغفرة الذنوب، ودخول الجنات تجري من تحتها الأنهار،
    وتملّك المساكن الطيبة في جنات عدن، وتحقيق الفوز العظيم والفلاح الكبير.

    ومن نتائج الجهاد العظيمة في الدنيا تحقق النصر من الله، والحصول على الفتح القريب.. والقعود عن الجهاد لا يفتح بلاداً،
    ولا يجلب نصراً، ولا يحرر وطناً، ولا يدفع عدواً.




    وفي خاتمة الحديث عن ثمرات ومكاسب الجهاد في الدنيا والآخرة، يأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبشر المؤمنين
    المجاهدين:
    (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ).
    بماذا يبشرهم؟ يبشرهم بشرى مطلقة، بالحصول على كل مظاهر الخير، في الدنيا والآخرة، ومن أهمها اكتساب ثمرات
    الجهاد العظيمة، التي قررتها هذه الآيات!.


    القرآن حريص على تبشير المؤمنين الصادقين، والمجاهدين الثابتين، وهم ينالون البشرى القرآنية بيقين،
    فيفرحون وينشطون، ويؤدون واجباتهم، وهممهم عالية، ونفوسهم مشرقة، وآمالهم عريضة، وقد أبعدوا عنهم وساوس الشيطان،
    وتدسُّس هواجس اليأس أو القنوط أو الإحباط، يحدوهم قوله تعالى:
    (وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) [يوسف: 87].





    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

    تعليق


    • #3
      رد: تبشير القرآن للمؤمنين بالنصر والتمكين

      عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      بارك الله فيكم ونفع بكم


      تعليق


      • #4
        رد: تبشير القرآن للمؤمنين بالنصر والتمكين
        عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرًا ونفع بكم

        اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

        تعليق


        • #5
          رد: تبشير القرآن للمؤمنين بالنصر والتمكين

          وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
          بارك الله فيكم ونفع بكم وجزاكم كل الخير
          ،
          وكتب أعمالكم في ميزان حسناتكم
          إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
          والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
          يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

          الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

          تعليق


          • #6
            رد: تبشير القرآن للمؤمنين بالنصر والتمكين

            السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
            جزاكم الله خير ونفع بكم

            تعليق


            • #7
              رد: تبشير القرآن للمؤمنين بالنصر والتمكين

              جزاكم الله خيراً

              ونفع بكم
              .

              تعليق


              • #8
                رد: تبشير القرآن للمؤمنين بالنصر والتمكين

                عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                جزاكم الله خيرًا ونفع بكم
                رحمك الله يا أمي
                ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق!".الشافعي رحمه الله
                وظني بكـَ لايخيبُ

                تعليق


                • #9
                  رد: تبشير القرآن للمؤمنين بالنصر والتمكين

                  عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                  طرح طيب، جزاكم الله خيرًا
                  وجعله الله في ميزان حسناتكم

                  تعليق


                  • #10
                    رد: تبشير القرآن للمؤمنين بالنصر والتمكين

                    جزاكم الله خيرا ونفع بكم

                    اسئلكم الدعاء ﻻخي بالشفاء العاجل وان يمده الله بالصحة والعمر الطويل والعمل الصالح

                    تعليق


                    • #11
                      رد: تبشير القرآن للمؤمنين بالنصر والتمكين

                      جزانا الله وإياكم وبارك فيكم جميعًا على مروركم الكريم

                      "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
                      وتولني فيمن توليت"

                      "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

                      تعليق


                      • #12
                        رد: تبشير القرآن للمؤمنين بالنصر والتمكين

                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                        موضوع ممتاز
                        جزاكم الله خيرا

                        تعليق


                        • #13
                          رد: تبشير القرآن للمؤمنين بالنصر والتمكين


                          جزانا الله وإياكم، بارك الله فيكم

                          "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
                          وتولني فيمن توليت"

                          "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

                          تعليق


                          • #14
                            للنفع


                            تعليق

                            يعمل...
                            X