إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين



    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
    صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
    أما بعد..

    فيقول المولى تبارك وتعالى:
    {
    وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }
    النور: 55


    هذا وعدٌ من الله تعالى لرسوله صلّى الله عليه وسلّم بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض
    أى: أئمة الناس والولاة عليهم، وبهم تصلح البلاد، وتخضع لهم العباد، وقد فعل تبارك وتعالى ذلك..
    فإنه لم يمت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى فتح عليه مكة وخيبر والبحرين، وسائر جزيرة العرب،

    ولهذا ثبت في الصحيح عن رسوله الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:

    «
    إنَّ اللَّهَ زوى لي الأرضَ فرأيتُ مشارقَها ومغاربَها وإنَّ أمَّتي سيبلغُ ملْكُها ما زُوِيَ لي منْها » (1)

    فوَعْدُ الله أول الآية.. بشارة عظيمة للمؤمنين، بتحقيق وعده تعالى، كما قال:
    {
    وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ }
    الروم: 6

    هذا الوعد من الله تعالى للذين صدقوا في إيمانهم من عباده،
    والذين جمعوا مع الإيمان الصادق، العمل الصالح،
    وعدهم ليستخلفهم في الأرض، فيجعلهم فيها خلفاء
    يتصرفون فيها تصرف أصحاب العزة والسلطان والغلبة، بدلا من أعدائهم الكفار.

    هذا الوعد من الله لمن قام بالإيمان والعمل الصالح من هذه الأمة،
    وعدٌ
    بالاستخلاف في الأرض، والتمكين
    التمكين بإقامة دين الإسلام، بشرائعه الظاهرة والباطنة،
    في أنفسهم وفي غيرهم، من أهل الأديان وسائر الكفار
    فالاستخلاف والتمكين مشروط بالإيمان والعمل الصالح،
    وهذا وعد الله لمن حقق هذا الشرط، كما أخبر سبحانه:
    (
    كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ)
    من الأمم المؤمنة، الذين أسكنهم الله تعالى في الأرض بعد إهلاك أعدائهم من الكفرة الظالمين


    -
    كما استخلف داود وسليمان وغيرهما من الأنبياء عليهم السلام،

    - وكما مكَّن ليوسف عليه السلام:
    {
    وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ}
    يوسف: 56

    إستخلاف وتمكين؛ فقط لعباد الله المؤمنين

    عباد لم يحيدوا عن الإستقامة بفضله، فدأبو على العمل الصالح بتوفيق منه سبحانه، يرجون رحمتة ويخافون عقابه



    وتعالوا معًا نأخذ من قصة نبي الله يوسف عليه السلام العبرة والعظة

    فالحديث عن قصة سيدنا يوسف عليه السلام يطول ويطول ولا ينتهي؛

    لكن دعونا ننظر إلى جوانب هامة تظهر نعمة الله على عباده المتقين الذين آمنوا وعملوا الصالحات

    هيا معًا نضع أيدينا على معانٍ هامة جدًا يحتاج لمعرفتها المسلمون في كل أنحاء العالم...

    هيا معًا نعيد قراءةً للآيات بتدبُّر وتفكُّر وتعلُّم
    ،
    آيات في كتاب الله؛ تظهر مِنّة الله على نبيه يوسف عليه السلام بعد رحلة ذاق فيها ظلمًا كثيرًا،
    رحلة الصبر على الظلم مع الثبات على الإيمان، ثم الجزاء الأوفى من الله العزيز الرحمن؛


    الجــزاء وحسن الثواب..
    بالتمكين في الدنيا بفضل الله:
    { وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ... }

    والفوز العظيم في الآخرة بإذن الله:

    {
    يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }
    الحديد: 12





    تابعونا بأمر الله...



    .
    _______________________

    (1) صححه الإمام ابن كثير في البداية والنهاية - الصفحة أو الرقم: 4/104
    مراجع التفسير:
    --------------------

    تفسير ابن كثير
    تفسير الوسيط
    تفسير السعدي
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو أحمد خالد المصرى; الساعة 30-12-2014, 10:17 PM.
    إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
    والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
    يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

    الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

  • #2
    رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

    ​ الحمد لله القائل:
    { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ } يوسف: 3

    والقائل:
    { وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ... } يوسف: 56

    والصلاة والسلام على رسول الله القائل:
    (الكريمُ ، ابنُ الكريمِ ، ابنِ الكريمِ ، ابنِ الكريمِ ، يوسفُ بنُ يعقوبَ بنِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ عليهم السَّلامُ) (1)

    هذا نبي الله يوسف عليه السلام، وهذه قصته ونعمة التمكين.. التي وعد الله بها عباده المؤمنين المتقين، الدائبين على العمل الصالح ومداومين

    وقصة نبي الله يوسف عليه السلام فيها آيات وعبر منوعة لكل من يسأل ويريد الهدى والرشاد؛
    فيها العبر للمعتبرين والزواجر للمتقين (2)
    وفيها عاقبة الإخلاص والصدق، والفرج بعد شدة الإياس (3)
    وفيها القدوة للمؤمنين المخلصين
    وفيها القدوة للصابرين المبتلين
    وفيها القدوة للدعاة الناصحين المصلحين
    وفيها القدوة للحكام العادلين
    وفيها القدوة للشباب الطائع العفيف





    بهذه الأسباب والمقدمات المذكورة،
    { مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ }
    في عيش رغد، ونعمة واسعة، وجاه عريض،
    { نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ }
    أي: هذا من رحمة الله بيوسف التي أصابه بها وقدرها له، وليست مقصورة على نعمة الدنيا.
    { وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ }
    ويوسف عليه السلام من سادات المحسنين، فله في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة (4)

    وقصة يوسف عليه السلام فيها من التنقلات من حال إلى حال، ومن مِحنَة إلى مِحنة،
    ومن مِحنة إلى مِنْحَة ومِنَّه، ومن ذِلَّة ورِق إلى عزٍّ ومُلك، ومن فُرقة وشتات إلى اجتماع وإدراك غايات،
    ومن حزن وترح إلى سرور وفرح، ومن رخاء إلى جدب، ومن جدب إلى رخاء، ومن ضيق إلى سعة.


    والقصة بإيجاز شديد:
    كان لـ يوسف عليه السلام أحد عشر أخاً، وكان أبوه يحبه كثيراً.
    وذات ليلة رأى يوسف في منامه أحد عشر كوكباً والشمس والقمر له ساجدين.
    فقص على والده رؤياه، فنصحه بألا يقص الرؤيا على إخوته؛ مخافة أن يحسدوه.
    وسوس الشيطان لإخوته، فاتفقوا على أن يلقوه في بئر عميق. وادَّعوا أن الذئب أكله.
    وجده ناس من التجار، فأخذوه وباعوه بثمن بخس، واشتراه ملك مصر، وطلب من زوجته أن ترعاه.
    وكبر يوسف.
    أخذت امرأة العزيز تراوده عن نفسه، فأبى فكادت له، ودخل السجن.
    ثم أظهر الله براءته، وخرج من السجن بعد ذلك، واستعمله الملك على اقتصاد مصر، حيث أحسن إدارته في سنوات القحط.
    ثم اجتمع شمله مع إخوته ووالديه وتحققت رؤياه.


    في هذه القصة يوضح المولى تبارك وتعالى فضل الإيمان الكامل واليقين والطمأنينة بالله وبذكره
    حيث اتصف بها يوسف صلى الله عليه وسلم؛ فأوجبت له الثبات في أموره كلها والاشتغال فيما هو يصدره من وظائفه الحاضرة،
    وهو في أحواله وتنقلاته مطمئن القلب ثابت النفس ليس عنده قلق لبعده عن أبيه وأحبابه،
    مع ما يعلمه من شدة الشوق والحب المفرط بينه وبين والديه خصوصا أبوه يعقوب، وهو يعلم المكان الذي هو فيه ويتمكن من مراسلته،
    ولكن اقتضت حكمة الله أن لا يحصل اللقاء إلا في تلك الحال التي اشتدت مشقتها وعظمت شدتها؛
    فأعانه الله وأيده بروح منه؛ وهذا من أجل ثمرات الإيمان .

    ويبين الله لنا رحلة الصعاب والمشاق التي مر بها يوسف عليه السلام، ثم التمكين في أربعة مشاهد:


    المشهد الأول: مشهد الفراق من أبيه...
    المشهــد الثاني: مشهـــــــد الفتـنــــــــــة...
    .......
    المشهد الثالث: مشهــــد السجــــــــن...
    .......
    المشهد الرابــع: مشهـــد مُلْكِ مصر..........

    وقبل أن نستعرض معًا هذه المشاهد، نضع أمام أعيننا ثمرةٍ من ثمرات الإيمان والعمل الصالح، وهي وعد الله بالتمكين في الأرض
    وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ...، وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ...
    فأمر التمكين هو جواب شرط الإيمان والعمل الصالح،
    وإسقاطًا لهذا الأمر على واقعنا المُرّ!
    على واقع أمتنا التي تاهت منذ عقود طويلة وما عادت بعد، نتعلم من قصة نبي الله يوسف عليه السلام
    ما يُسقَطُ على الواقع لتعالج آفات الأمة الإسلامية
    فلا شك أنَّ قدوتنا هم رسل الله الذين يمثلهم خير البرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،
    وقد يقول البعض -كما هو سائد- أنَّ يوسف عليه السلام نبي عصمه الله، وفعل مالم يقدر عليه عامة المسلمين المؤمنين!!
    والجــــــــــــــواب..
    إقرأوا جيدًا بفهم وتدبر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

    (سبعةٌ يظلُّهم اللهُ يومَ القيامةِ في ظلِّه يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّه:
    1- إمـــامٌ عـــــادلٌ ،
    .
    2- وشابٌ نشأَ في عبادةِ اللهِ ،
    .
    3-
    ورجلٌ ذكر اللهَ في خلاءٍ ففاضت عيناه ،
    .
    4- ورجلٌ قلبُه معلقٌ في المسجدِ ،
    .
    5- ورجلان تحابا في اللهِ ،
    .
    6-
    ورجلٌ دعته امرأةٌ ذاتُ منصبٍ وجمالٍ إلى نفسِها فقال: إني أخافُ اللهَ ،
    .
    7-
    ورجلٌ تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلمَ شمالُه ما صنعتْ يمينُه)
    (5)

    من فضل الله سبحانه وتعالى أن جعل بعض الأعمال ينال صاحبها جزاء خاصاً، لتميزه بهذا العمل،
    وهذا فيه حثٌّ وترغيب في أمور كثيرة من الخير
    وهنا ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم جزاء هؤلاء السبعة الذين تميَّز كل منهم بميزة خاصة
    يمكن لأي رجل بتوفيق الله له أن يتمتع بميزة أو أكثر، وقد تجتمع كل المزايا أو أكثر منها في رجل واحد،
    كما اجتمعت في يوسف وسائر الأنبياء والمرسلين عليهم السلام أجمعين، بل وزادت.

    نحن لنا القدوة الحسنة في
    رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسائر الأنبياء والرسل، وخيرة الأمة من الرجال
    ألا وهم الصحابة والرعيل الأول من القرون الأولى
    ولا شك أن هناك معاصرين هداهم الله ووفقهم للعمل الصالح والجمع بين هذه المزايا وأكثر.

    جعلني الله وإياكم منهم وممن قال فيهم:
    {
    الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } الزمر: 18




    المشهد الأول
    :
    مشهد الفراق من أبيه، سنوات طوال لا يرى أباه وأهله
    __________________________________________________ _________________

    إنها محنة عظيمة امتحن الله بها نبيه وصفيه يعقوب عليه السلام حيث قضى بالفراق بينه وبين يوسف عليه السلام،
    هذه المدة الطويلة التي يغلب على الظن أنها تبلغ ثلاثين سنة فأكثر،
    في هذه المدة لم يفارق الحزن قلبه وهو دائم البكاء حتى ابيضت عيناه من الحزن وفقد بصره وهو صابر لأمر الله، محتسب الثواب عند الله..
    بــدأ مشهد الفراق منذ اللحظة التي ألقى فيها الإخوة بأخيهم يوسف عليه السلام في الجب،
    وقد ورد في روايات مختلفة أنه عليه السلام كان يبلغ العاشرة من عمره، وقيل الثانية عشر، وقيل السابعة عشر؛
    وهذه الأخبار لم يرد فيها حديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله أعلم
    لكن ما يجب الوقوف عنده بتأمل هو كيف تحمل يوسف عليه السلام هذه المحنة وهو في مقتبل عمره؟!

    كانت محنة عظيمة، حيث إجتمع عليه إخوته بكيدهم، فأنزلوه وهو يتشبث بالحبل ويبكي،
    ذكر ابن رجب في جامع العلوم والحكم أنه لما نزل أخذ يقول:
    "حسبي الله ونعم الوكيل"
    ويقول:
    {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} يس:83

    هذا قول لأحد العلماء، والأقوال قد اختلفت؛
    لكن ليس فيها ما له سند يُعوّل عليه.



    وخلاصة القول أنه عليه السلام ظل بالجبِّ ذاكرًا لربه مؤتنسًا بقربه سبحانه،
    فصار في حفظ الله ورعايته، وقد أوحى الله له:
    { وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَٰذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } يوسف: 15

    أى: وأوحينا إليه عند إلقائه في الجب عن طريق الإلهام القلبي، أو عن طريق جبريل -عليه السلام- أو عن طريق الرؤيا الصالحة.
    لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ
    هَٰذَا

    أى: لتخبرنهم في الوقت الذي يشاؤه الله تعالى في مستقبل الأيام، بما فعلوه معك في صغرك من إلقائك في الجب، ومن إنجاء الله تعالى لك،
    فالمراد بأمرهم هذا: إيذاؤهم له وإلقاؤهم إياه في قعر الجب، ولم يصرح سبحانه به، لشدة شناعته. (6)

    ظلّ يوسف عليه السلام يلهج بذكر الله في صحراء ليس معه فيها إلا الله،
    لا خبز ولا ماء ولا طعام ولا أهل ولا جيران ولا أحبة، لكنه في معية الله سبحانه، القائل في كتابه:
    { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } البقرة: 153

    فما أعظمها معية وما أكرمها معية؛ لا ينالها إلا من داوم على العمل الصالح،
    كما صبر يوسف عليه السلام وهو في الجب ذاكرًا شاكرًا لله.




    تابعونا بأمر الله...



    ____________________________________
    (1) ، (5) رواه الإمام البخاري
    (2) زاجِر: ( اسم )
    الجمع : زاجِرون و زَجَرة ، المؤنث : زاجرة ،
    و الجمع للمؤنث : زاجرات و زواجرُ
    فاعل مِنْ زَجَرَ
    زاجِرُ : مانِع ، مُعاقِب ، رادع
    زاجر الإنسان : ضميره
    (3) إياس: مصدر أيِسَ من، أي: قنط ، يئس ، انقطع رجاؤه
    (4) تفسير الإمام السعدي
    (6) تفسير الوسيط

    المراجع:
    --------
    1- من محاضرة للشيخ عائض القرني بعنوان: ( يوسف عليه السلام في الجب)
    2- من موقع المقالات (إسلام ويب)
    3- من كتاب: فوائد مستنبطة من قصة يوسف عليه السلام، للإمام السعدي رحمه الله
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو أحمد خالد المصرى; الساعة 12-01-2015, 05:54 PM.
    إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
    والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
    يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

    الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

    تعليق


    • #3
      رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

      المشهد الثــــــاني:

      مشهد الفتنة، امرأة العزيز تتعرض له وهي من أجمل خلق الله
      __________________________________________________ _________________

      ويستكمل يوسف صلوات الله عليه لمراتب الصبر؛
      الصبر الاضطراري:
      وهو صبره على أذية إخوته وما ترتب عليها من بُعده عن أبويه،
      ثم صبره في السجن بضع سنين، بعدما تعرض للفتنة

      والصبر الاختياري:
      وهو صبره على مراودة سيدته امرأة العزيز
      صبر بعون الله له على مراودتها وهو شابًا فتيّــًا شــديدًا قــويـًا
      كما بين ربنا تبارك وتعالى:

      {
      وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} آية: 22

      لَمَّا بَلَغَ يوسف عليه السلام كمال قوته المعنوية والحسية، وصلح لأن يتحمل الأحمال الثقيلة، من النبوة والرسالة.
      {
      آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا}
      أي: جعلناه نبيا رسولا، وعالما ربانيا،
      {
      وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}
      في عبادة الخالق ببذل الجهد والنصح فيها، وإلى عباد الله ببذل النفع والإحسان إليهم، نؤتيهم من جملة الجزاء على إحسانهم علما نافعا (1)

      لذا كان صبره صبرًا إختياريًا،
      لقد صَبَرَ يوسف عليه السلام على مراودة سيدته امرأة العزيز
      مع وجود الدواعي القوية من جمالها وعلو منصبها وكونها هي التي راودته عن نفسه وغلقت الأبواب وهو في غاية ريعان الشباب،
      وليس عنده من قرابته ومعارفه الأصليين أحد.

      {
      وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)
      وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ
      (24)}

      ومع هذه الأمور , ومع قوة الشهوة , منعه الإيمان الصادق والإخلاص الكامل من مواقعة المحذور.
      وهذا هو المراد بقوله : {
      لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ}
      فهو برهان الإيمان الذي يغلب جميع القوى النفسية فكان هو مقدم السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله،
      وهو رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله.
      ثم بعد ذلك راودته المرأة وراودته، واستعانت عليه بالنسوة اللاتي قطعن أيديهن فلم تحدثه نفسه
      ولم يزل الإيمان ملازما له في أحواله حتى قال بعدما توعدته بقولها:

      {
      وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} [ الآيتان 32 , 33 ]
      فاختار السجن على مواقعة المحظور؛ ومع ذلك فلم يتكل على نفسه بل استغاث بربه أن يصرف عنه شرهن،
      فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن , إنه هو السميع العليم.


      وهنا نتعلم جيدًا أنه..
      ينبغي للعبد أن يلتجئ إلى الله عند خوف الوقوع في فتن المعاصي والذنوب،
      مع الصبر والاجتهاد في البعد عنها؛ كما فعل يوسف ودعا ربه قال:
      {
      وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ } الآية: 33
      وإن العبد لا حول له ولا قوة ولا عصمة إلا بالله؛
      فالعبد مأمور بفعل المأمور وترك المحظور والصبر على المقدور مع الاستعانة بالملك الشكور.

      يقول الإمام ابن القيم رحمه الله:
      فإن القلب لا بد له من التعلق بمحبوب.فمن لم يكن الله وحده محبوبه وإلهه ومعبوده فلا بد أن ينعقد قلبه لغيره، قال تعالى عن يوسف الصديق عليه السلام:
      {
      كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}
      فامرأة العزيز لما كانت مشركة وقعت فيما وقعت فيه، مع كونها ذات زوج،
      ويوسف عليه السلام لما كان مخلصا لله تعالى نجا من ذلك مع كونه شابا عزَبا غريبا مملوكا.
      (2)

      رزقنا الله وإياكم الإخلاص في القول وفي العمل
      وقلوبًا محبة ومتعلقةً بالله العزيز الرحمن




      تابعونا بأمر الله...

      _____________________
      (1) تفسير الإمام السعدي
      (2) إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان - الباب الثامن: فى زكاة القلب

      المراجع:
      -----------
      1- من محاضرة للشيخ عائض القرني بعنوان: ( يوسف عليه السلام في الجب)
      2- من موقع المقالات (إسلام ويب)
      3- من كتاب: فوائد مستنبطة من قصة يوسف عليه السلام، للإمام السعدي رحمه الله

      إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
      والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
      يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

      الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

      تعليق


      • #4
        رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين
        عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرًا ونفع بكم

        اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

        تعليق


        • #5
          رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

          المشاركة الأصلية بواسطة لؤلؤة باسلامي مشاهدة المشاركة
          عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
          جزاكم الله خيرًا ونفع بكم


          جزانا وجزاكم الله خير الجزاء، وبارك فيكم ورفع قدركم

          إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
          والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
          يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

          الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

          تعليق


          • #6
            رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

            السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
            جزاكم الله خير الجزاء
            .

            تعليق


            • #7
              رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين


              عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
              جزاكم الله خيرًا ونفع بكم
              طرح طيب، جعله الله في ميزان حسناتكم

              التعديل الأخير تم بواسطة أبوالدرداء إبراهيم; الساعة 02-01-2015, 09:34 PM.

              "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
              وتولني فيمن توليت"

              "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

              تعليق


              • #8
                رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

                المشاركة الأصلية بواسطة روعة القران مشاهدة المشاركة
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
                جزاكم الله خير الجزاء
                عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                جزانا وجزاكم الله خير الجزاء، وبارك فيكم ورفع قدركم
                إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
                والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
                يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

                الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

                تعليق


                • #9
                  رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

                  المشاركة الأصلية بواسطة بذور الزهور مشاهدة المشاركة

                  عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                  جزاكم الله خيرًا ونفع بكم
                  طرح طيب، جعله الله في ميزان حسناتكم

                  اللهم آمين،جزانا وجزاكم الله خير الجزاء
                  أعزَّكم الله وحفظكم، وبارك فيكم ورفع قدركم
                  التعديل الأخير تم بواسطة أبوالدرداء إبراهيم; الساعة 02-01-2015, 09:35 PM.
                  إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
                  والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
                  يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

                  الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

                  تعليق


                  • #10
                    رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

                    عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                    جزاك الله خيرًا شيخنا الكريم
                    موضوع أكثر من رائع
                    ننتظر التكملة

                    جعله الله في ميزان حسناتك

                    رحمك الله يا أمي
                    ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق!".الشافعي رحمه الله
                    وظني بكـَ لايخيبُ

                    تعليق


                    • #11
                      رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                      جزاكم الله خيرًا ونفع بكم
                      "وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ"

                      تعليق


                      • #12
                        رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

                        المشاركة الأصلية بواسطة أبوالدرداء إبراهيم مشاهدة المشاركة
                        عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                        جزاك الله خيرًا شيخنا الكريم
                        موضوع أكثر من رائع
                        ننتظر التكملة

                        جعله الله في ميزان حسناتك


                        اللهم آمين آمين
                        جزانا وجزاكم الله خير الجزاء، وبارك فيكم ورفع قدركم

                        إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
                        والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
                        يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

                        الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

                        تعليق


                        • #13
                          رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

                          المشاركة الأصلية بواسطة خادمة الملك مشاهدة المشاركة
                          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                          جزاكم الله خيرًا ونفع بكم


                          عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                          جزانا وجزاكم الله خير الجزاء، وبارك فيكم ورفع قدركم

                          إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
                          والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
                          يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

                          الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

                          تعليق


                          • #14
                            رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

                            عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                            جزاكم الله خيرًا على طرحكم الطيب
                            وجعل الله عملكم في ميزان حسناتكم


                            تعليق


                            • #15
                              رد: في نُصرة الله لنبيه يوسف بالتمكين .. دروس مستفادة وعِبرٌ للمؤمنين

                              المشاركة الأصلية بواسطة عطر الفجر مشاهدة المشاركة
                              عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                              جزاكم الله خيرًا على طرحكم الطيب
                              وجعل الله عملكم في ميزان حسناتكم

                              اللهم آمين آمين، ولكم بمثل إن شاء الله
                              جزانا وجزاكم الله خير الجزاء وبارك فيكم ورفع قدركم

                              إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
                              والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
                              يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

                              الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

                              تعليق

                              يعمل...
                              X