إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التمكين في ميزان كتاب ربنا المبين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التمكين في ميزان كتاب ربنا المبين




    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
    وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:-


    التمكين في ميزان كتاب ربنا المبين

    عناصر الموضوع

    معنى التمكين
    أنواع التمكين في القرآن الكريم
    شروط التمكين في ضوء القرآن الكريم
    معوقات التمكين في ضوء قصة بني إسرائيل


    معنى التمكين
    (المصدر: مأخوذ من كتاب فقه التمكين للدكتور علي الصلابي)


    أ- التمكين في اللغة:


    مصدر الفعل (مَكَّن) الذي يتكون من الحروف (م، ك، ن) ومنه (أمْكَنَه) منه بمعنى استمكن الرجل من الشيء،
    وتمكّن فلان من الشيء، وفلان لا (يُمْكِنه) النهوض أي لا يقدر عليه
    (
    انظر: مختار الصحاح لأبي محمد الرازي، ص 635)


    ومن التمكين المَكِنَة تقول العرب: إن بنى فلان لذو مَكِنة من السلطان أي تمكَّن (انظر: لسان العرب (ج13، فصل النون، باب مكن ص414).
    وتسمى العرب موضع الطير مكنة لتمكن الطير فيه (نفس المصدر، (ج13، فصل النون، باب مكن ص414).

    والمكانة عند العرب هي المنزلة عند الملك، والجمع مكانات، لا يجمع جمع تكسير، وقد مَكُن مَكانةً فهو مَكين،
    والجمع مُكنَاء, ونُمكّن - تمكُّن.



    والمتمكن من الأسماء: ما قبـِـلَ الرفع والنصب والجر لفظًا( نفس المصدر السابق، ص415.)
    فالتمكين في اللغة: سلطان وملك.


    وقد أشار المولى عَزَّ وَجَلَّ في قوله تعالى عن ذي القرنين: "إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا" [الكهف: 84].
    والمعنى: أن الله مكن لهذا العبد الصالح في الأرض، فأعطاه سلطانًا قويًا، ويسر له كل الأسباب التي تدعم هذا السلطان،

    وأعطاه من كل شيء مما يحكم السلطان ويقويه، وكذلك الشأن في حديث القرآن الكريم،
    عن نبي الله يوسف بن يعقوب، عليهما السلام،
    فقد مكن الله ليوسف في الأرض
    "وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَشَاءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ
    *
    وَلأَجْرُ الآَخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ"
    [يوسف: 56، 57].





    ب- التمكين في الاصطلاح:


    دراسة أنواع التمكين وشروطه وأسبابه ومراحله وأهدافه ومعوقاته ومقوماته من أجل رجوع الأمة إلى
    ما كانت عليه من السلطة والنفوذ والمكانة في دنيا الناس.

    وقد عرفه الشيخ الدكتور على عبد الحليم، بقوله:
    (هو الهدف الأكبر لكل مفردات العمل من أجل الإسلام، فالدعوة بكل مراحلها وأهدافها ووسائلها، والحركة وكل ما يتصل بها
    من جهود وأعمال، والتنظيم، وما يستهدفه في الدعوة والحركة، والتربية بكل أبعادها وأنواعها وأهدافها
    ووسائلها بحيث لا يختلف
    على ذلك الهدف الأكبر أحد العاملين من أجل الإسلام، كل العاملين مهما اختلفت برامجهم - بشرط أن تكون هذه البرامج من العاملين
    نابعة من القرآن الكريم والسنَّة المطهرة، وليس فيها شيء مما يغضب الله - لا يستطيعون أن يختلفوا في أن التمكين لدين الله في الأرض
    هو الهدف الأكبر في كل عمل إسلامي
    (انظر: فقه المسئولية، ص358.)


    حتى يكون سلطان الدين الإسلامي على كل دين, ونظام الحكم بهذا الدين على البشرية كلها
    وهذا التمكين يسبقه الاستخلاف والملك والسلطان، ويعقبه أمن بعد خوف
    (
    انظر: فقه الدعوة إلى الله (2/713، 714).

    وعرفه الأستاذ محمد السيد محمد يوسف بقوله:
    (دراسة الأسباب التي أدت إلى زوال التمكين عن الأمة الإسلامية، والمقومات التي ترجع الأمة إلى التمكين،
    والعوائق التي تعترض العمل للتمكين، دراسة طبيعة الطريق إلى التمكين، وكذلك المبشرات على هذاالطريق،
    وذلك كله في ضوء القرآن الكريم مع الاستعانة بأحاديث النبي العظيم
    (التمكين للأمة الإسلامية في ضوء القرآن الكريم، ص13.)


    وعرفه الأستاذ فتحي يكن بقوله:
    (بلوغ حال من النصر، وامتلاك قدر من القوة، وحيازة شيء من السلطة والسلطان، وتأييد الجماهير والأنصار والأتباع،
    وهو لون من ألوان الترسيخ في الأرض، وعلو الشأن)
    ( انظر: مجلة المجتمع العدد 1249- 6محرم 1418هـ 13/5/1997م.)





    أنواع التمكين في القرآن الكريم


    (المصدر: مأخوذ بتلخيص من كتاب فقه التمكين للدكتور علي الصلابي)


    إن النصر والتمكين للمؤمنين له وجوه عدة، وصور متنوعة من أهمها؛ تبليغ الرسالة، وهزيمة الأعداء، وإقامة الدولة.


    أولًا تبليغ الرسالة وأداء الأمانة


    إن من أنواع التمكين التي ذكرت في القرآن الكريم، تمكين الله تعالى للدعاة، بتبليغ الرسالة وأداء الأمانة،
    واستجابة الخلق لهم، وقد أشار القرآن إلى عدة نماذج من ذلك:



    أصحاب القرية وقصة أصحاب الأخدود وتمكين الله تعالى لرسول الله صلى الله عليه وسلم لتبليغ الرسالة في مكة





    ثانيًا: هلاك الكفار ونجاة المؤمنين أو نصرهم في المعارك


    إن قصة نوح وموسى عليهما السلام نموذج رفيع للتدليل على أن من أنواع التمكين هلاك الكفار ونجاة المؤمنين،
    وقصة نوح مع قومه منهج عظيم للدعاة إلى الله, وقصته مليئة بالدروس والعبر،
    ومما يكسبها أهمية خاصة ما تميزت به، ومن ذلك:



    1- أن نوحًا عليه السلام أول رسول إلى البشر، وكل أول له خصوصيته وميزته.
    2- امتداد الزمن الذي قضاه في دعوة قومه (950 سنة).
    3- كونه من أولى العزم الذين ذكروا في القرآن.
    4- ورد اسمه كثيرًا في القرآن الكريم حيث بلغ (43) مرة في (29) سورة من سور القرآن، أي في ربع سور القرآن تقريبًا، مع ورود سورة باسمه في القرآن.



    وأما قصة موسى عليه السلام مع فرعون، فتبين ضراوة الصراع بين الحق والباطل, والهدى والضلال، والإيمان والكفر،
    والنور والظلام, وتسلط الأضواء على استكبار فرعون وتجبره واستعباده عباد الله واستضعافهم واتخاذهم خدمًا وحشمًا وعبيدًا،

    وكيف أراد الله لبنى إسرائيل أن يرد إليهم
    حريتهم المسلوبة وكرامتهم المغصوبة, ومجدهم الضائع وعزهم المفقود، إن من يقف أمام إرادة الله فهو عاجز ضعيف،
    وهو فاشل مهزوم, وإن أعداء الله أينما كانوا هم إلى هزيمة وخسارة وهوان، وتبين لنا كيف انتقم الله من فرعون
    ونصر وليه موسى عليه السلام وقومه.




    وأما قصة طالوت، فتوضح مرحلة مرت بها أمة بنى إسرائيل،
    فبعد أن وقعوا في المعاصي، وانحرفوا عن منهج الله وسلط الله عليهم الأعداء وأصاب بني إسرائيل ذل وخيم،
    ومرارة أليمة، وهزيمة عظيمة, وأرادوا أن يغيروا واقعهم المهين، وأن يبدلوا ذلهم عزة وهزيمتهم نصرًا، وعلموا أن السبيل لذلك
    هو الجهاد والقتال، فطلبوا من نبيهم أن يختار لهم ملكًا يتولى أمورهم، ويقودهم إلى العزة والنصر، ويقاتل لهم أعداءهم، في سبيل الله،

    فوقع خيار الله على طالوت ليكون ملكًا عليهم، ومن ثم يقودهم إلى النصر والعزة والتحرير،
    فاعترض الملأ على نبيهم قائلين
    : "أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ"،
    فبين لهم نبيهم أن الله اصطفاه عليهم، والله حكيم خبير، وإن الله زاده بسطة في العلم والجسم، وتسلم طالوت قيادة بنى إسرائيل

    وكانت قصة طالوت مع بنى إسرائيل من أروع القصص القرآني في بيان سنن الله في النهوض بالأمم المستضعفة،
    وما هي السمات والصفات المطلوبة للقيادة التي تتصدى لمثل هذه الأعمال العظيمة لتقوية الشعوب والنهوض بها نحو المعالي،
    وفق منهج رباني ووسائل عملية وتربوية عميقة على معاني الطاعة والثبات والتضحية والفداء من أجل العقيدة الصحيحة.






    ثالثًا المشاركة في الحكم


    إن تولى أهل التوحيد والإيمان أعباء الحكم لدولة غير مؤمنة نوع من أنواع التمكين، وقد أشار القرآن الكريم لهذا النوع من التمكين
    في قصة يوسف عليه السلام, قال تعالى
    :"اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ" [يوسف: 55].



    لقد تقدم يوسف عليه السلام بهذا الطلب إلى ملك مصر المشرك من أجل عقيدته ودعوته وتقديم الخير للناس،
    ولقد تحرك يوسف عليه السلام وفق الإمكانات والظروف التي مرّ بها واستفاد من الفرصة التي سنحت له.



    وهذا المسلك الذي اتخذه يوسف عليه السلام يدلنا على أن طرائق نشر الإسلام، ودعوة المجتمعات إلى الإيمان له أكثر من سبيل،
    كما أن هذا المسلك لا يوجد فيه تناقض بين المبدأ الذي يحمل رايته، وهو أن الحكم لله والعبودية المطلقة للواحد الديان وبين توليه الوزارة،
    ليجعل المجتمع أقرب إلى دعوة الله، وهذا أمر لا شك فيه، لأن يوسف عليه السلام نشر دعوة التوحيد في السجن فكيف به وهو في سُدّة الحكم.




    رابعًا: إقامة الدولة

    من أنواع التمكين التي ذكرت في القرآن الكريم وصول أهل التوحيد والإيمان الصحيح إلى سُدَّة الحكم وتوليهم لمقاليد الدولة,
    لقد تحدث القرآن الكريم عمن قادوا دولاً وساسوا شعوبًا بشرع الله, من أمثال داود وسليمان عليهما السلام,
    والحاكم المؤمن والفاتح الصالح, والقائد العادل (ذي القرنين) وجعلهم قدوة ومثلاً رائعًا لأهل الإيمان على مر الدهور وكر العصور وتوالي الأزمان,

    وسلط القرآن الكريم الأضواء على جوانب هامة من أعمالهم وجهادهم العظيم الذي استهدفوا به التمكين لمثل عليا, ومبادئ رفيعة,
    وقيم سامية, وأخلاق فاضلة انبثقت من الإيمان بالله واليوم الآخر, بعيدة كل البعد عن الكبرياء الوطنية,
    والأمجاد القومية, والنزعات العرقية,
    وتقديس التراب والزعماء, ولم تكن فتوحاتهم وأعمالهم المجيدة تستهدف سيادة عسكرية أو مغانم اقتصادية, أو تطلعات توسعية
    أو نزوات عنصرية التي يبعث عليها حب التسلط والرغبة في العلو.


    إنما خاضوا حروبًا وقادوا جيوشًا استهدفت كرامة الإنسان وتخليصه من الشرك والأوهام والانحرافات العقدية,
    وإزالة الظلم عن البشر وإقامة العدل, ودعوة الناس إلى العقيدة الصحيحة, والمنهج السليم, والتصور الرباني.



    وكان للنبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده حظ وافر من هذا النوع
    يتبع بإذن الله


    التعديل الأخير تم بواسطة بذور الزهور; الساعة 24-12-2014, 01:13 AM.

    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36


  • #2
    رد: التمكين في ميزان كتاب ربنا المبين




    شروط التمكين في ضوء القرآن الكريم

    (المصدر: مأخوذ من موقع إمام المسجد
    ومقالة للشيخ أحمد الحاج بعنوان التمكين في الأرض)



    لقد بيّنت لنا آيات القرآن الكريم العوامل التي تُساعد على التمكين في الأرض، والشروط التي ينبغي على الإنسان
    أن يتّبعها حتى ينصره الله ويُمكّن له في هذه الأرض.



    الشرط الأول: الإيمان الصادق بالله تبارك وتعالى، وتصديقه بالعمل الصالح

    فالإيمان قول وعمل كما هو معروف في معتقد أهل السنة والجماعة، وقد قرن الله تبارك وتعالى الإيمان بالله
    مع العمل الصالح في كثير من الآيات في كتابه الكريم ومنها قوله تبارك وتعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي
    مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا
    أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}
    (سورة البقرة:25)،

    وقوله:{وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللّهِ حَقًّا
    وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً}
    (سورة النساء:122)،
    وقال: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}
    (سورة العصر:3)،

    وغير ذلك من الآيات، فلا يمكن لإيمان أن يقوم بدوره، أو أن يؤدي مهمته؛ إلا إذا اقترن بعمل صالح،
    وإذا كان الإيمان هو الشجرة فإن العمل الصالح هو ثمرة تلك الشجرة، والمسلم مطالب بأن يحقق هذا الإيمان
    القلبي بعمل صالح يظهر على جوارحه،
    ويكذب من يزعم أن التقوى في صدره فقط، ويشير إلى قلبه؛ مع أن جوارحه قد تجردت من الأعمال الصالحة،
    لأن الأعمال الصالحة هي مصداق ذلك الإيمان، حيث الإيمان اعتقاد القلب، وقول اللسان، وعمل بالجوارح،

    ولذلك فإن عمل الصالحات شرط من شروط الاستخلاف في الأرض أياً كانت هذه الصالحات، سواءٌ أكانت أداءاً للواجبات

    من صلاة، وصيام وزكاة، وحج، وبر الوالدين، وإحسان إلى الفقراء، أم كانت تركاً للمنكرات وما حرم الله تبارك وتعالى من
    الفواحش ما ظهر منها وما بطن، فكل ذلك داخل في عمل الصالحات.



    الشرط الثاني: تحقيق العبودية لله تبارك وتعالى

    وذلك لأن الغاية من خلق الإنسان هي العبادة لقول الله تبارك وتعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}(سورة الذاريات:56)،
    والاستمرار فيها حتى يكون الإنسان مؤمناً قوي الإيمان، فيكون من أولياء الله تبارك وتعالى،
    فإذا بلغ هذه الرتبة العظيمة تولى الله تبارك وتعالى الدفاع عنه قال تعالى:

    {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ}(سورة الحج:38).

    وقال سبحانه: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ}(سورة يونس:62-63)،
    وأي نصر أعظم من هذا الفضل العظيم، ووعده سبحانه لأوليائه بأنهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون



    الشرط الثالث: محاربة الشرك بكل أنواعه وأشكاله


    لأن الله تبارك وتعالى لا يصلح عمل المفسدين المشركين، ومن يشرك بالله فهو من الخاسرين عياذاً بالله تبارك وتعالى
    قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}(سورة النساء:48)،
    وقال الله: {حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}(سورة الحج:31).





    الشرط الرابع: إعداد العدَّة الحسية والمعنوية

    لأن العدة هي من الأسس التي يتفوق فيها المسلمون على عدوهم، وقد أمرنا الله تعالى في كتابه الكريم:
    {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ
    وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}
    (سورة الأنفال:60)

    قال العلامة ابن سعدي رحمه الله في تفسير الآية: "أي {وَأَعِدُّوا} لأعدائكم الكفار الساعين في هلاككم وإبطال دينكم {مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}
    أي: كل ما تقدرون عليه من القوة العقلية والبدنية، وأنواع الأسلحة، ونحو ذلك مما يعين على قتالهم،
    فدخل في ذلك أنواع الصناعات التي تعمل فيها أصناف الأسلحة، والآلات من المدافع والرشاشات، والبنادق، والطيارات الجوية،

    والمراكب البرية والبحرية، والحصون والقلاع والخنادق، وآلات الدفاع، والرأْي: والسياسة التي بها يتقدم المسلمون،
    ويندفع عنهم به شر أعدائهم، وتعلم الرمي، والشجاعة والتدبير؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:
    ((ألا إن القوة الرَّمْيُ))( صححه الألباني في صحيح أبي داود برقم (2194) ،

    ومن ذلك: الاستعداد بالمراكب المحتاج إليها عند القتال، ولهذا قال تعالى:
    {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}(سورة الأنفال:60)،
    وهذه العلة موجودة فيها في ذلك الزمان وهي إرهاب الأعداء، والحكم يدور مع علته" (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (324)



    الشرط الخامس: الصبر على كل ما يصيب الإنسان من الأذى

    الإنسان وهو يسعى إلى تحقيق تمكينه في الأرض، والإنسان وهو يسعى إلى تحقيق العبودية لله،
    والإنسان وهو يسعى من أجل
    أن يقوم بما أوجب الله عليه من خلال القيام بأمور دينه وإظهار شعائر هذا الدين قد يتعرض للبلاء وللعذاب وللمحنة،

    هذا الطريق ليس طريقاً هيناً، هذا الطريق طريق صعب، مليء بالمصاعب والآلام، فكيف يتعامل الإنسان مع ما يصيبه؟
    يتعامل معه على أساس من الصبر والتسليم لأمر الله تبارك وتعالى، وتحمّل الأذى والمشاق في سبيل الله إ
    لى أنيحقق الإنسان غايته، أو يدرك مُنْيَته،
    فإما أن يعيش إن عاش سعيداً، وإما أن يموت إن مات بإذن الله شهيداً.



    إنه الصبر الذي وجّه الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين إليه،
    فهذا موسى عليه الصلاة والسلام يوجّه بني إسرائيل يوم كانوا معه مؤمنين بالله، يوجههم إلى هذا الأمر، إلى الصبر:
    (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [الأعراف128].

    لما كانوا مؤمنين بالله نصرهم الله على عدو الله، على فرعون (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا
    وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ)
    [الأعراف:137]. إذاً، دمار
    فرعون وهلاك فرعون كان نعمة من الله تبارك وتعالى، وفضلاً على بني إسرائيل لما صبروا مع نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام.


    وهكذا كان حال كل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كلّما كُذّبوا كلّما صبروا (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ
    وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ)
    [الأنعام:34].





    الشرط السادس: اليقين، الثقة بوعد الله
    تصديق وعد الله والثقة بهذا الوعد، والعمل على تحقيق وعد الله تبارك وتعالى، وفي هذا يقول سبحانه:
    (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) [السجدة24].


    إذاً، بالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين. من أراد النصر، من أراد التمكين، من أراد العزة فهذا سبيل كل ذلك، إنه الصبر مع اليقين.

    لقد عاش سلف هذه الأمة هذه المعاني حقيقة واقعة في حياتهم، فأيقنوا بوعد الله، وصدقوا موعود الله تبارك وتعالى،
    وعملوا على تحقيق هذا الوعد، فساروا في الأرض يسعون لتحقيق الوعد، إلى أن حقق الله لهم ما وعدهم، فنصرهم وأعزّهم،
    ودانت لهم الأرض حتى كانوا خير أمة أخرجت للناس.




    يتبع بإذن الله


    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

    تعليق


    • #3
      رد: التمكين في ميزان كتاب ربنا المبين


      معوقات التمكين
      في ضوء قصة بني اسرائيل
      (د:عطية عدلان /موقع الألوكة)

      في سورة القصص، وفي سياقٍ يطلق نسائم البشرى لهذه الأمة جاء ذكر الكلمة الحسنى والقضاء الحسن الذي
      قضى الله به
      لبني إسرائيل، قال تعالى
      : ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ*
      وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ
      [القصص: 5 ، 6].


      وفي سورة الأعراف، وفي سياقٍ يؤكد البشرى لهذه الأمة جاء الخبر بأن الله أتم كلمته الحسنى
      على بني إسرائيل ومكن لهم
      وأورثهم الأرض المباركة، قال تعالى
      : ﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا
      فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ
      الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَاكَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ
      [الأعراف137].

      ولقد تحقق للأمة الإسلامية ما وعدها الله تعالى من التمكين، ونحن على يقين من أن الله تعالى سيتم كلمته
      الحسنى على
      هذه الأمة في حياتها المعاصرة مثلما أتمها عليها في عهدها الأول،
      قال
      تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
      وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
      دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِخَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ
      بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
      [ النور 55 ]




      لكن ينبغي ألا نغفل عن حقيقة تاريخية هامة،
      وهي أن بلوغ بني اسرائيل للتمكين الذي وعدهم الله تعالى به تأخر
      زماناً طويلاً وتعوقت مسيرته كثيراً بعد هلاك الطاغية
      ونظامه ونجاة
      المستضعفين من بطشه، فقد مكث بنو إسرائيل طويلاً بسيناء التي لم تكن تمثل لهم سوى معبر يعبرون
      خلاله إلى الارض الموعودة، وكاد الأمل ينسى؛ لطول
      المرحلة الانتقالية الممتدة من النجاة

      ونيل الحرية إلى التمكين والبناء
      والنهضة، والذي يبدو جلياً من سياق الأحداث أن الافتعال كان هو الصبغة
      الغالبة التي غلبت على طبيعة المرحلة، الافتعال للأزمات، والافتعال للمواقف المعوقة، والافتعال لكل ما من شأنه
      أن يغرق الناس في بحر لا ساحل له من
      الخلاف والمدافعة.


      وهنا يأتي التحذير النبوي ليتجاوز بنا كل تلك المعوقات وليخلصنا من كل تلك العقابيل،
      فعن أبي سعيد رضي الله عنه أن
      النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة،
      شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قيل له: اليهود
      والنصارى، قال: فمن" رواه البخاري (3456)، ومسلم (2669)




      فما هي المعوقات التي أخَّرت بني إسرائيل
      - بعد نجاتهم من فرعون بمعجزة ربانية -
      عن بلوغ التمكين ودخول الأرض
      المباركة التي وعدهم الله إياها، والتي يتحتم علينا - بعد نجاتنا من فرعون هذا الزمان بمعجزة ربانية
      لا تقل في إعجازها وإبهارها عن معجزة انفلاق
      البحر بضربة عصا – أن نتحاشاها لئلا نقع في مثل ما وقعوا فيه،
      ولئلا يتأخر موعود الله لنا مثلما تأخر موعود الله لهم ؟؟


      من تتبع سياق الأحداث، ووقف مع الآيات التى عالجتها تبين له بوضوح أن هناك خمس معوقات يردّ إليها هذا التأخر،
      أولها: الانبهار بما في يد الغير مما يخالف منهج الله وشريعته، ثانيها: اتباع كل ناعق، ثالثها: الحنين إلى الماضي برغم ظلامه،
      رابعها: الجدل
      واللجاج وخلق حالة من الشكوك المستمرة، خامسها: التقاعس والتطاول.





      فأما الأولى: وهي الانبهار بما في يد الغير مما يخالف منهج الله وشريعته

      فقد وقع من
      بني إسرائيل عندما طلبوا من موسى أن يجعل لهم مثل ما يعبده أناس مشركون،
      برغم التضاد الواضح بين ما طلبوه وأعجبوا به وما عندهم من الدين والعقيدة
      والشريعة،
      قال تعالى
      : ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا
      يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ
      آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ* إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
      [الأعراف 138-139].




      وأما الثانية
      : وهي اتباع كل ناعق

      فقد وقع من بني إسرائيل أنهم اتبعوا ناعقاً من جلدتهم
      دعاهم إلى ما يضاد عقيدتهم التي ما نجوا إلا بها، وهو السامري، ذلك الدعي -
      الذي توجد نسخ كثيرة منه في حياتنا المعاصرة – دعاهم إلى اتخاذ العجل معبوداً لهم، ونعق فيهم:
      "هذا إلهكم وإله موسى فنسي" تماماً مثلما ينعق
      الغربان السامريون في سماء مصر
      الآن بشعارات تلبس لبوس الثورة وما هي إلا
      الثورة المضادة بعينها.


      قال تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلا
      اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ
      * وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ
      [ الأعراف 148-149].




      وأما الثالثة
      : وهي الحنين إلى الماضي


      فتمثلت في ذلك الطلب العجيب الذي لا شبه له في التاريخ إلا مقولة "ولا يوم من أيامك يا مخلوع"
      حيث طلبوا من موسى أن يدعو الله أن ينبت لهم مالا ينبت إلا في أرض الماضي،
      قال تعالى
      : ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا
      وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ
      الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ
      [البقرة 61].





      وأما الرابعة
      : وهي الجدل واللجاج وإثارة الشكوك في كل شئ

      فقد بلغت بهم إلى حد أنهم طلبوا من نبيهم أن يروا الله جهرة وجعلوا ذلك شرطا لتصديقهم الخبر واتباعهم الشرع،
      قال تعالى
      : ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ *
      ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
      [البقرة 55 - 56] وهذا المسلك جعلهم غير قابلين للحق إلى درجة
      أنهم لم
      يأخذوا به إلا بعد أن أوقع الله بهم هذا التهديد المباشر:
      ﴿وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[الأعراف 171].




      وأما الخامسة: وهي التقاعس والتطاول

      فلا أدل عليها من موقفهم الأخير الذي كان السبب
      المباشر – وإن لم يكن الوحيد – في ضرب التيه عليهم بسيناء
      أربعين سنة
      : ﴿وَإِذْقَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا
      مِنَ الْعَالَمِينَ
      * يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ*
      قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ*
      قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا
      ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ*
      قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ* قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي
      وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ
      * قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ
      [المائدة: 20 - 26]



      تلك هي الخمس التي عوقت مسيرة الإصلاح
      والبناء وعطلت وأخرت التمكين والاستخلاف مدة لا تقل عن نصف قرن
      من الزمان،
      وكان من المفترض بحكم الواقع أن يتصل البناء والإصلاح بالحدث المعجز الذي نجاهم الله به من الطاغية ومنحهم حريتهم،
      فوقع في تاريخ بني إسرائيل فاصل
      لا مبرر له ولا حاجة لهم به، وهذا هو عين ما نخشاه على أنفسنا إذا لم ننتبه لذلك.


      من هنا كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصاً في كل موقف له علاقة باتباع سنن هؤلاء على أن يبين ويحذر،
      عن
      أبي واقد الليثي،قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بالكفر، وللمشركين سدرة يعكفون
      عندها وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات
      أنواط، فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط
      فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الله أكبر، إنها السنن. قلتم ـ
      والذي نفسي بيده ـ كما قالت بنو إسرائيل لموسى:
      ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾
      [
      الأعراف - 138 ] لتركبن سنن من كان قبلكم . الترمذي الفتن (2180) ، أحمد (5/218).


      والذي أنصح به كمعين لتلافي الأخطاءالخمسة تلك هو أن نقف
      وقفة قوية تجاه إعلام الفتنة، وأن ندعو الناس دعوة
      عامة لمقاطعة عامة وشاملة لقنوات وصحف وسائر وسائل إعلام الفتنة،
      تلك
      الأدوات الجهنمية التي أغرقت المجتمع في حالة من الحمى الكلامية والجدل المحبط، وسط زخم شديد خلعته على أبناء سلول وسامريي العصر
      الذين ينعقون في
      سماء مصر بلا كلل ولا ملل، ويسكبون كل يوم بنزين الصدام على حطام الكلام.

      ______________________________
      تم بحمد الله تعالى
      ولا تنسونا من صالح دعائكم



      "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
      وتولني فيمن توليت"

      "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

      تعليق


      • #4
        رد: التمكين في ميزان كتاب ربنا المبين
        عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرًا ونفع بكم

        اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

        تعليق


        • #5
          رد: التمكين في ميزان كتاب ربنا المبين

          وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
          بارك الله فيكم ونفع بكم وجزاكم كل الخير
          ،
          وكتب أعمالكم في ميزان حسناتكم
          إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
          والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
          يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

          الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

          تعليق


          • #6
            رد: التمكين في ميزان كتاب ربنا المبين

            عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
            جزاكم الله خيرًا ونفع بكم
            موضوع قيم جعله الله في ميزان حسناتكم
            رحمك الله يا أمي
            ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق!".الشافعي رحمه الله
            وظني بكـَ لايخيبُ

            تعليق


            • #7
              رد: التمكين في ميزان كتاب ربنا المبين

              عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
              طرح طيب، جزاكم الله خيرًا
              واثابكم الله الجنة

              تعليق


              • #8
                رد: التمكين في ميزان كتاب ربنا المبين

                جزاكم الله خير الجزاء اختاه

                اسئلكم الدعاء ﻻخي بالشفاء العاجل وان يمده الله بالصحة والعمر الطويل والعمل الصالح

                تعليق


                • #9
                  رد: التمكين في ميزان كتاب ربنا المبين


                  جزانا الله وإياكم وبارك فيكم جميعًا على مروركم الكريم

                  "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
                  وتولني فيمن توليت"

                  "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

                  تعليق


                  • #10
                    رد: التمكين في ميزان كتاب ربنا المبين
                    عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                    جزاكم الله خيرًا ونفع بكم


                    اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ



                    تعليق


                    • #11
                      رد: التمكين في ميزان كتاب ربنا المبين

                      عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                      بارك الله فيكم ونفع بكم
                      وجعل هذا العمل المبارك في موازين حسناتكم

                      تعليق


                      • #12
                        جزاكم الله خيرًا أختنا، وبارك الله فيكم

                        تعليق


                        • #13
                          جزاكم الله خيرا
                          رحمك الله يا أمي
                          ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق!".الشافعي رحمه الله
                          وظني بكـَ لايخيبُ

                          تعليق

                          يعمل...
                          X