إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الخوف من الله { الشيخ محمد حسين يعقوب }~ // مفهرس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الخوف من الله { الشيخ محمد حسين يعقوب }~ // مفهرس

    الخوف من الله

    إن الحمد لله ، أحمده تعالى و أستعينه و أستغفره ، و أعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مُضل له ، و من يُضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله .
    اللهم صلِّ على محمدٍ و على آل محمد ،
    كما صليت على إبراهيم و على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ،
    اللهم بارك على محمدٍ و على آل محمد كما باركت على إبراهيم و على آل إبراهيم إنك حميد مجيد .


    { يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا و أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } آل عمران102
    { يَأَيهَا النَّاس اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكم مِّن نَّفْس وَحِدَة وَ خَلَقَ مِنهَا زَوْجَهَا وَ بَث مِنهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَ نِساءً وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى تَساءَلُونَ بِهِ وَ الأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } النساء : 1
    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } الأحزاب 71 : 70

    أما بعد ، فإن أصدق الحديث كلام الله تعالى ، و إن خير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه و آله و صبحه و سلَّم ،
    و إن شر الأمور محدثاتها ، و كل محدثةٍ بدعة ، و كل بدعةٍ ضلالة ، و كل ضلالةٍ في النار .

    ثم أما بعد ، فإخوتي في الله .. إني أحبكم في الله ، و أسأل الله جل جلاله أن يجمعنا بهذا الحب في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ،
    اللهم اجعل عملنا كله صالحاً ، و اجعله لوجهك خالصاً ، و لا تجعل فيه لأحدٍ غيرك شيئاً ..

    أحبتي في الله .. معذرةً ، سامحوني ، أستميحكم عذراً ، لن نتكلم في الموضوع المتوقع ( و ماذا بعد رمضان ؟؟ )
    ، معذرةً ، لن نتكلم في المطروح المطلوب : ( علاج الفتور بعد رمضان ) ، نأسف جداً إننا لن نعالج قضية
    ( كيف نستمر بعد رمضان ؟؟ ) .

    إنني أتساءل ، لمن يبحثون عن علاجٍ بعد رمضان ،
    هل صار ديننا موسمياً ؟؟!!

    هل صارت عبادة الله مواسم ؟؟
    صارت القضية أن هناك موسماً للعبادة ، فما تعوَّد الناس أن يكون هناك وقت للحوم ، و وقت للأسماك ،
    و وقت لكذا و كذا ، فجعلوا أوقاتاً لله ، ثم ينسون الله و يتركون الله ، إنها قضيةً تحتاج أن تُعالج عقدياً ، كل الناس بعد رمضان يشكون الفتور ، و كل الخطباء و كل الوُعّاظ يتكلمون :
    ( و ماذا بعد رمضان ؟؟ و ماذا بعد رمضان ؟؟ )
    كأن في هذا إيحاءً للناس أنك يجب بعد رمضان أن تترك عبادة الله ، و تعالَ نعالجك ، هذا خطأ عقدي ، إنه كما يُقال دوماً : رب رمضان رب شوال و رب جميع الشهور ، أنت مسلم في رمضان فحسب ؟؟
    هل تعرف ربك في رمضان فحسب ؟؟

    إخوتاه .. دعونا من رمضان ، مضي بما فيه ، ربح من ربح ، و خسر من خسر ، اللهم اجعلنا من الرابحين الذين أعتقت رقابهم .
    انتهت القضية ، نعالج اليوم : الثبات على الدين ، تعميق الإيمان ، الثبات حتى الممات ، إننا بحاجة أن نثبت أمام أمواج الفتن المتلاطمة ،
    أمام الدنيا المزينة المزخرفة ، إننا بحاجة – حقيقةً – إلى أن نعبد الله كما ينبغي . و إنما يكون ذلك و يتركز في خطبتنا هذه ، على أمرين اثنين أذكرهما ، لا ثالث لهما ، أولهما : أن تعمل ، قال الله الملك – جل جلاله – العليُّ الأعلى
    : { وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرَاً لَهُمْ وَ أَشَدَّ تَثْبِيتَاً وَ إِذَاً لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرَاً عَظِيمَاً وَ لَهَدَيْنَاهُمْ
    صِرَاطَاً مُسْتَقِيمَاً وَ مَنْ يُطِعِ اللهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبيِّينَ
    وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَدَاءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقَاً ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَ كَفَى بِاللهِ عَلِيمَاً
    } النساء 66 : 70

    نعم أيها الإخوة ، نريد أن نأتي بالآية من أولها ، فكما يقول علماؤنا : أن السياق و السباق و اللحاق من المُخيّبات ، يقول ربنا – سبحانه و تعالى - : { وَ لَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهَمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرَاً لَهُمْ وَ أَشَدَّ تَثْبِيتَاً } النساء : 66

    إخوتاه ، أبشركم .. ربنا كريم . كريم ؟؟ تشهد ؟؟ أكرم الأكرمين و أجود الأجودين ، و أرحم الأرحمين
    أرحم بك من أمك ، بل أرحم بك من نفسك ، جل جلاله سبحانه ..

    هذا الرحيم – سبحانه – كما قال
    : { وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ } البقرة :220

    يعني لأتعبكم ، لأرهقكم ، لشدَّد عليكم ، لو شاء لفعل ، و نحن ملكه ، يفعل فينا كما يفعل المُلّاك في أملاكهم ، حقه .
    { وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ } البقرة : 220

    --- إليها هنا { وَ لَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهَمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ } النساء : 66
    لو شاء الله ، لجعل الصيام طيلة السنة ، حقه .. أليس كذلك ؟؟

    ولكن ، بفضله و كرمه ، برحمته و لطفه ، جعل الصيام – كما قال - :
    { أَيَّامَاً مَعْدُودَاتٍ } البقرة : 184 سبحان الله العظيم
    ، فتأتي أنت في الآيام المعدودات ، فتكون كما ينبغي ، و بعد أن تمر الأيام المعدودات .. تنسى الله ، تأخذك الدنيا في غمراتها ، و تأخذك الهموم ، هنا و هناك ، و تنسى الله ، هل تريد أن يُعنتك ربك فيفرض عليك الصيام طيلة السنة لكي تستقيم ؟؟
    قال ربنا
    : { وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرَاً لَهُمْ وَ أَشَدَّ تَثْبِيتَاً } النساء : 66
    ! سبحان
    الله الملك ! سبحان الكريم جل جلاله العلي الحكيم ، سبحانه سبحانه افعل ما تُوعظ به ، ماذا يمنعك أُخي أن تصوم طيلة عُمرك يوماً بعد يوم ، تصوم يوماً و تفطر يوماً
    ، تقول لا أستطيع ! سبحان الملك ! ألست قد اتسطعت أن تصوم ثلاثين يوماً متصلة ؟؟!!
    كيف لا تستطيع أن تصوم يوماً و تترك يوماً ؟؟!!
    كيف تقول لا أستطيع ؟!
    تقول : لرمضان ظروفه ، أتريد أن يُديم الله عليك نفس الفروض لتتقي الله ؟

    لماذا لا تقوم الليل كل ليلة قبل أن تنام أحد عشرة ركعة ، لماذا ؟؟
    تقول لا أستطيع ، سبحان الملك ، ألست قد استطعت ثلاثين يوماً متصلة كل ليلة أحد عشرة ركعة ،
    لماذا صرت لا تستطيع ؟؟

    هذه هي : { وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ } النساء :
    66

    أين المصحف ؟؟
    و قد مرَّ اليوم أكثر من نصف شهر شوال .. كم جزءاً قرأت ؟؟
    كم جزءاً ممن القرآن تلوت ؟؟
    لماذا لم تفعل ؟؟
    { وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا } .. العمل ، قال رسول الله صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم : { ما غضب الله على قوم إلا رزقهم الجدل و منعهم العمل } ،
    فأول سبب للامتناع عن العمل :

    كثرة الكلام ، إن الذي يتكلم لا يعمل ، و آفة الناس اليوم : كثرة الكلام ، كثرة الكلام ، كلام كلام كلام .
    حتى نستطيع أن نسمي عصرنا : عصر الكلام ، انظر كم جريدة على الرصيف ! انظر .. تلفزيونات ، قنوات و راديوهات ،
    كلام ليل نهار ، انظر إلى أشرطة ، و انظر إلى .. كلام ! هذا الكلام ، كثرة الكلام دليل على قلة العمل ، و إذا رأيت الرجل كثير الكلام ، معجباً بنفسه ، فقد تمت خسارته ، نعوذ بالله من الخسارة ،
    إذا رأيت الرجل كثير الكلام ، معجباً بنفسه ، فقد تمت خسارته .

    إنما لهذا أن نكُف عن الكلام
    ، لما سأل حكيم بن حزام رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ما النجاة يا رسول الله ؟ )
    فقال صلى الله عليه و سلم :

    { أمسك عليك لسانك ، و ليسَعْك بيتُك ، و ابكِ على خطيئتك } .
    فى مسند الامام احمد
    و تنطلق معنا النقطة الثانية في سبب قلة العمل : الانشغال بالناس ، اللهم اكفنا شر الناس ، و اصرف عنا و عن المسلمين أذي الناس .
    قال ابن القيم – عليه رحمه الله - : ( و هل أضر على الناس من الناس ؟ و هل أضر على الناس من الناس ؟ ) إن الناس أضر ما يكون عليك ، فلذلك : خُذ بحظك من العزلة ، هدِّم علاقاتك و ارتباطاتك ، هدِّم معارفك و انفتاحاتك ، كُن في نفسك قدر ما تستطيع ، كما أمرك رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : {لكي تنجو ، أمسك عليك لسانك ( و .. ) و ليسعك بيتك } و ليسعك بيتك ، بمعنى : إياك أن تشعر أن بيتك ضيّق ، فتخرج إلى الشارع ، ليسعك بيتك ،
    استشعر أن بيتك واسع ، لدرجة أنه يكفيك ، و هذه نصية للنساء اللاتي يشكين ، يقلن لأزواجهن :
    أنا محبوسة بين أربعة جدران ، هات لي تلفزيون ، : أنا محبوسة بين أربعة جدران ، أخرجني لنتفسح ، نتمشى .
    قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : { وليسعك بيتك} ،
    اجعل بيتك واسعاً ، والسعة .. ليس في سعة الحوائط ، كم متر في كم متر ، و إنما السعة تكون في انطلاق الروح إلى الملأ الأعلى .

    إن سبب ترك العمل ، قال سبحانه و تعالى :
    { وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا } النساء : 66
    { وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا } .. الفعل ، الانتقال من الكلام إلى الفعل ، عوائق الفعل ثلاثة :

    أولها : كثرة الكلام ، فإن الذي يتكلم لا يعمل و لن يعمل ، إذا رأيت الرجل كثير الكلام فاعلم أنه لن يعمل و لا يعمل .
    ثانياً : الانشغال بالناس ، قال ابن عباسٍ ابن عم سيد الناس ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( أخسر الناس صفقةً من انشغل بالناس عن نفسه . )
    اللهم اشغلنا بعيوبنا عن عيوب غيرنا ،
    اللهم اشغلنا بإصلاح عيوبنا عن رؤية عيوب غيرنا . إن كثيراً منا مشغول بالناس .. فلان منافق ، و لعلني حين قلت الآن أن كثرة الكلام دليلٌ على قلة العمل ، هجم على ذهنك مباشرةً :
    ( آه ، فلان يتكلم كثيراً ،

    فعلاً إنه لا يفعل شيئاً ) أنت .. إنني لا أريد أن تبحث عن الآخرين ، أريد أن تبحث عن نفسك أنت ، هل أنت كثير الكلام ، هل أنت قليل العمل ؟؟ أنت .. ينبغي أن يتفحص كل منا نفسه ،
    انشغل بنفسك ، للأسف الشديد : كثرة الانشغال بالخلق و بعيوب الخلق ..

    أرسل أحد تلاميذ الإمام الشافعي رسالةً له ، يشكو فيها الناس ، فأرسل إليه الإمام الشافعي الردَّ ، فقال له الإمام الشافعي
    – رضي الله عنه - : ( و قد استدللنا على كثرة عيوبك ن لكثرة ذكرك لعيوب الناس ، فإن الإنسان يرى من عيوب الناس بقدر ما فيه منها )
    أكرر .. شرطاً أن تصلي ، صلى الله عليه و آله و سلم ، قال له :

    ( و قد استدللنا على كثرة عيوبك بكثرة ذكرك لعيوب الناس ، فإن الإنسان يرى من عيوب الناس بقدر ما فيه منها )
    سبحان الملك !

    إن الناس لا يخلو أحدٌ من عيب ، اللهم استرنا و لا تفضحنا ، و أكرمنا و لا تُهنّا .
    هكذا البشر .. لا يخلو إنسان من عيب ، قال الإمام الذهبي : ( ما من كبير و لا عالم و لا ذي فضل ، إلا و فيه عيب ، و لكن من الناس من لا ينبغي أن تُذكر عيوبه .)
    حتى العلماء ، حتى الأكابر ، بشر .. فيهم عيوب ، و لكن – كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم - :
    { من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا و الآخرة } اللهم استرنا و لا تفضحنا و أكرمنا و لا تُهنّا ، اللهم استرنا بسترك الجميل ،
    و اجعل تحت الستر ما ترضى به عنّا .

    نعم ، أيها الأخ الكريم ، إذا رأيت الناس يُعجبون بك ، فاعلم أنهم إنما يُعجبون بستر الله عليك ، اللهم اشملنا بسترك ،
    و أحِطنا بعفوك ، و اغمرنا برحمتك .

    الشاهد : لا تنشغل بعيوب الناس . كلما رأيت في إنسان عيباً ، فهو فيك ، لو لم يكُن فيك لما رأيته .
    أتدرون ..؟؟ ذاك الكهربائي ، الذي يأتي ليختبر هل المكان فيه كهرباء أو لا . معه مفك ، هذا المفك فيه لمبة ،
    إذا وضع المفك فنورت اللمبة ، إذاً هناك كهرباء ، أنت حين تنير اللمبة عندك ، إذاً هناك كهرباء ، حصل اتصال بينك و بين ذي العيب ،
    و يوجد في العيب "كلاكس" .. إذا نظرت إلى إنسان ( هذا الإنسان يتكلم كثيراً ..) أنت تتكلم كثيراً ، ( هذا الإنسان يحب المال .. )
    أنت تحب المال ، ( هذا الإنسان كذاب .. )
    أنت فيك نفس الصفة ، لأنها أنارت عندك ،حصل تلامس .

    لكن صاحب الفضل ، لا يرى .. لا يرى ، لأن عينه ، لأن عينه مرتكزةٌ على قلبه ، يُطالع فضل ربه .. فينسى الناس ، قال ابن عباسٍ:
    ( أخسر الناس صفقةً من انشغل بالناس نفسه ، و أخسر منه ثفقة من انشغل بنفسه عن الله ) .
    التعديل الأخير تم بواسطة محبة المساكين; الساعة 21-12-2011, 06:14 PM. سبب آخر: تنسيق الموضوع
    اللهم اجعلنا من الأبرار .. من ليسوا بكفرةٍ و لا فُجار ..
    من يقومون الليل و يصومون النهار ..

  • #2
    رد: الخوف من الله { الشيخ محمد حسين يعقوب }~

    ملحوظات :
    1- الدرس أصلاً عن الفعل و أسباب الانشغال عنه و موضوعٍ آخر .
    2- بإذن الله - تعالى - سأضع رابطاً لتحميل الخطبة كاملةً .
    3- استكمال تفريغ الخطبة سيكون اليوم بإذن الله تعالى .
    4- الدرس قد ألقاه الشيخ باللغة العربية عدا كلماتٍ معدودة ، قد حوّلتها ، و حاولت أن أنسق الدرس تنسيقاً لائقاً .

    رابط للدرس على الموقع : هنا
    اللهم اجعلنا من الأبرار .. من ليسوا بكفرةٍ و لا فُجار ..
    من يقومون الليل و يصومون النهار ..

    تعليق


    • #3
      رد: الخوف من الله { الشيخ محمد حسين يعقوب }~

      أعتذر عن عدم وضعي للدر فس الموعد الذي حددته ..

      باقي الدرس :


      إخوتي في الله ، و أنا أحبكم في الله .. الأمر الثالث الذي يشغل العبد عن الفعل ، عن العمل ، هو الدنيا و همومها .. الهم ، قال الله – عز و جل - :
      { وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ } آل عِمْران : 154
      أيها الإخوة ، الهم .. نعوذ بالله من الهم . إن بعضنا يفرد صدره ، و يشمخ برأسه ، و ينفخ عضلاته ، و يقول : أنا .
      فيحمل الهم ، هم الزوجة و هم الأولاد و هم المصاريف ، و هم المستقبل ، و هم و هم . ويقول : ماذا هناك يا هم الشيخ !
      لو لم أحمل أنا الهم ، أأنت من يحمل همي ؟؟!!
      و أنا أقول له : اجعل همي و همك على الله ، يكفينا الله ما أهمنا . من أنت ؟؟ من أنت حتى تحمل همك ؟؟ من أنت ؟؟
      إنك فقط سبب ، ستار لقدَر الله ، إن الذي ينفق على أولادك : الله ، و لست أنت ، و إنما استعملك الله خداماً لتوصل هذا المال للأولاد .
      بل إن أكبر أصحاب الشركات ،
      و أكبر أصحاب الأموال هم خدامون ، مستعملون لتوصيل هذا المال لهؤلاء العُمال ، و على هذا فقف و أتِ بها من أعلى رأس تُشغّل أصغر رأي ، إنما هو خدام عند هذا الصغير ،
      استعمله الله لتوصيل فضله .
      من أنت ، من أنت و ما أنت ؟؟
      لذللك حمل هذا الهم يعطلك عن العمل .
      بان لنا ثلاثة أمور تمنعك عن العمل :
      كثرة الكلام ، الانشغال بالناس ، الهم ..
      تخلص منها سريعاً لكي تستطيع أن تعمل و تثبت فتصل إلى الله .
      أيها الإخوة ، وعدتكم بنقطتين اثنتين للثبات حتى الممات ، الأولى : اعمل
      { وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا } النساء : 66
      بطل كلام ، اعمل .. { فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرَاً لَهُمْ وَ أَشَدَّ تَثْبِيتَاً وَ إِذَاً لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرَاً عَظِيمَاً وَ لَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطَاً مُسْتَقِيمَاً } النساء : 66
      ستُهدى الصراط المستقيم ، إذا بدأت في الفعل و تركت الكلام .
      الأمر الثاني : الخوف من الله ،
      أعظم عوامل التثبيت للوصول إلى أعلى درجةٍ في الجنة ، بل { وَ لِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } الرحمن : 46
      إنني لا أتكلم عن الخوف من النار أو الخوف من العقوبة أو الخوف من القبر ، أو الخوف من الموت ، أو الخوف من أهوال القيامة ،
      أو الخوف من الوعيد ، إنني أتكلم عن الخوف من ذي الجلال ..
      الله . الخوف من الله ، من جلال الله ،
      من جلال عظمة الله ، هذا هو الخوف الذي أبحث عنه .
      إخوتي ، و الله إني أحبكم في الله ،
      و إنني أريد أن أتساءل بصدق ، و لا تلتفت ،
      هل أنت تخاف من الله ؟ لا تلتفت !
      لا تنصرف عن هذا السؤال .. هل أنت تخاف من الله ؟؟ و دعْك من اللف و الدوران ، كأن تقول : كلنا بنخاف من ربنا ، هل من أحدٍ لا يخاف من ربنا ؟؟!!
      نعم ، أنت لا تخاف من الله كما ينبغي .
      إنني أسألك عن الرعب الذي يملأ القلب إذا رأيت ما يهولك ، هل أحسست بهذا مرةً لله ، أحسست به ؟؟
      إنني لا أسألك عن وضعك الآن ،
      و لكن في المواقف ، هل كنت تسير مرةً في الطريق فعرضت لك امرأة وقع عليها بصرك ، فاقشعر جلدك خوفاً من الله فالتفتّ و أنت تستغفر الله خوفاً من نظر الله ، حصلت و لو مرة فـ حياتك ؟؟
      مرة في حياتك .. كنت تنام على السرير و أذّن المؤذن ،
      و راودتك نفسك على النوم ، و تأجيل الصلاة ، فتذكرت عظمة الله و المؤذن يقول : الله أكبر ، فانتفضت و قد شاب شعر رأسك خوفاً من ذي الجلال هرعاً إلى الصلاة .. حصلت عليك مرة فـ حياتك ؟؟
      مرة .. اتعرض عليك مال حرام .. رشوة أو مال حرام أياً كان ،
      فتذكرت عظمة الله ، فتركت ذلك لله ، أين الخوف من الله ؟؟
      ادعاء .. كلام .. كذب .. زور .. بهتان ، الخوف من الله ،
      { رجل دعته امرأة ذات منصب و جمال فقال إني أخاف من الله } هذا هو الخوف ، دعك من الكلام ، إنني أريد الخوف في المواقف ، في المواقف .
      في موقفٍ من المواقف ، أردت أن تغتاب إنساناً ..
      فذكرت الله فالتجم لسانك و اصفرّ وجهك ، و عرق جبينك حين تذكرت أن الله منك قريب ، يسمعك و يراك ، عُمرك حسيت الخوف ده ؟؟
      هذا هو الخوف ، الخوف الفعلي ، لا مجرد الكلام .
      بتخاف من ربنا ؟؟ ( كلنا بنخاف من ربنا يا أخي ! ) لست عن هذا أسألك .. إنما أسألك عن الخوف الذي يدفع إلى عملٍ ينفع . في مرة في حياتك ، ذكرت الله ، فاقشعر بدنك ، و فاضت عيناك خوفاً من الله
      { رجلٌ ذكر الله خالياً ففاضت عيناه } {عَيْنٌ بكت من خشيةِ الله } .
      إخوتي في الله ، و أنا أحبكم في الله ،
      إننا بحاجة إلى أن نستشعر هذا الخوف ،
      الخوف من الجليل . و هذا الخوف ثمرة و نتيجة لمعرفة الله ، فإن الذي يعرف خطورة – مثلاً : الكهرباء – يخاف أن يمسكها .
      الذي يعرف خطورة الأسد ، لا يقبل عليه ، لكن الطفل الذي لا يعرف أن هذا أسد و لا يعرف أن هذه كهرباء ، يمسكها بيديه و يعبث معهم . و لذلك ، هذا الخوف ثمرة معرفة أن تعرف عظمة الله ، و لذلك قال رسول الله – صلى الله عليه و آله و سلم - :
      { و الله لأنا أعلمكم بالله و أشدكم له خشية } فداك أبي و أمي و نفسي يا رسول الله ، كان يُسمع لصدره أسيس ،
      كأسيس المرجل من خشية الله ، فداك ابي و أمي و نفسي يا رسول الله ،
      كان إذا اشتدت الريح و أظلم الجو ، يدخل و يخرج و يُعرف الفزع في وجهه
      الخوف ، يقول { أخشى أن ينزل عذاب الله } ،
      هذا رسول الله – صلى الله عليه و آله و سلم - ، انظر إلى أبي بكرٍ – رضي الله عنه – و هو يبكي من خشية الله ،
      قال أصحابه ( و كان إذا بكى ، اجتمعت عليه نفسه و يتصاغر و يقول :
      ليتني شعرة في ذنب عبدٍ مؤمن ) ، عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – حفرت الدموع في خديه مجرى ، هل رأيت دموعاً تحفر اللحم ،
      تحفر في اللحم ، من سخونة الدموع ، من خشية الله ، و عند موته يقول :
      ( و يلي و ويل أمي إن لم يرحمني ربي ) ، و كما قال ابن الجوزي تعليقاً على هذا : ( عجباً لخوف عمر مع عدله و لأمنك مع ظلمك )
      ( عجباً لخوف عمر مع عدله ) ، أعجب منه أمانك ، أمنك مع ظلمك ، الخوف من الجليل .. الله .. الله ،
      قال { وَ إِيَّيَ فَارْهَبُونَ } البقرة : 40
      { إِيَّيَ فَارْهَبُونَ } { فَلَا تَخَافُوهُمْ وَ خَافُونِ } آل عِمْرَان : 175
      { فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَ اخْشَوْنِ } المائدة : 44 ، أمرك أن تخاف منه ،
      { وَ اعْلَمُوا أنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ } البقرة : 235
      { وَ يُحذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ } آل عِمْران : 28 ،
      أين الخوف من الله ؟؟
      أين هو ؟؟ أين عمر الذي قرأ آية أو سمع آية فخرَّ مغشياً
      عليه ثلاثة أيام في فراشه مريضاً ، أين أمثال جرارة ابن أبي أوفى .. صلى المغرب بسورة المدثر ، فلما قرأ : {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ } المُدَّثِر : 8
      خر ميتاً . الخوف .. أين الخوف ؟ الإحساس بالخوف ، هل رأيت مرةً مفاجأةً أذهلتك ، رأيت الفزع في وجوه من انهدم عليهم البيت ،
      صدمته السيارة ، انظر لصورة الفزع في وجهه ، الرعب الذي أصابه .
      هذا الرعب الذي يصيب الإنسان .. هل أحسست به مرةً لله ، مرة ،
      تستقيم بعدها حياتك .
      الخوف من الله من عوامل التثبيت ، شاهدها في قصة بني إسرائيل لما قال لهم موسى – عليه السلام - :
      { يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَ لَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ }
      { قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمَاً جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِما }
      المائدة 22:23 : فر أصحاب موسى أجمعون ، إلا رجلين ،
      صفتهما : أنهما يخافون ، قال رجلان من الذين يخافون ، يخافون من ماذا ؟؟ لم يذكر ربنا .. يخافون من الله ، و كأن الخوف لا يكون إلا من الله
      { رَجُلَانِ مِنَ الَّذينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِما } المائدة : 23 نعم ، كأن الخوف لا يكون إلا من الله ، قال سبحانه و تعالى :
      { وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ } الزُّمَر : 36 كل ما دون الله
      ، دون .. دون .. تخاف من الدون ؟؟ كيف تخاف ، و لذلك أيها الإخوة ، أريد كي لا يطول بنا المُقام ، أن أذكر شيئاً يسيراً ، و لو شيئ واحد أو شيئين من علامات الخوف ، للذين .. يزعم أنه خائف من الله ، هذه هي العلامات .. هل هي فيك ؟؟
      العلامة الأولى للخائف من الله ، أن يكون خوفه أماناً من جميع
      المخاوف سواه ، الخوف من الله يكون أماناً للخوف مما سواه ،
      فتصبح جميع المخاوف أماناً ، أماناً ، أيها الإخوة .. إن بعضما يزعُم ،
      يزعم زعماً أنه لا يخاف من أحدٍ ،
      لا يخاف ، و لكنه يخاف على ماله .. يخاف على أولاده ، يخاف على صحته ،
      خوفاً يمنعه من طاعة الله ، هذا هو شِرك الخوف . الخوف من الله يجعل هذه المخاوف أماناً ، قال الله – جل جلاله – حاكياً عن خليله إبراهيم – عليه السلام - :
      { وَ لَا أَخَافَ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئَاُ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمَاً أَفَلَا تَذَكَّرُونَ وَ كَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَ لَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ } الأنعام : 81
      وصلت ؟؟ لا ، ليس بعد .
      { وَ كَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَ لَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ } الأنعام : 81 سبحان الملك !
      كيف أخاف من هؤلاء الأنداد الذين تعبدونهم من دون الله ، و أنتم لا تخافون من الله الذي أشركتم به ، كيف ؟؟
      عجب !
      شيء عجيب جداً ، نعم إيها الإخوة ، هذا الخوف من الله ،
      حين يمتلئ القلب تماماً ، حين يستنفد الخوف من الله كل طاقة قلبك على الخوف ، فلا تستطيع أن تخاف من أحدٍ غير الله ، و لا من شيءٍ غير الله ، فتصبح كل المخاوف أماناً ،
      أماناً .. أماناً ..
      { قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَ أَرَى } طه 45 : 46
      { إِنَّنِي } .. الله العظيم ، الله الجليل ، الله الكبير ، الله المتعالي ،
      حين يكون معك .. فمن عليك ؟؟ حين يكون لك .. فماذا فقدت ؟؟
      حين يحميك .. فمن يأتيك و من يصل إليك ؟؟
      اللهم كُن لنا و لا تكُن علينا ، و امكُر لنا و لا تمكُر بنا ،
      و أعنا و لا تُعِن علينا ، و انصرنا و لا تنصر علينا ، نعم .. إن علامة الخوف من الله أن تشعر بالأمان إلا منه ، إلا منه ، قال الله :
      { الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدونَ } الأنعام : 82 نعم .. الظلم شرك ، إذا كنت موحداً .
      . اللهم ارزقنا التوحيد و اجعلنا من أهله ، أحيِنا عليه و توفَّنا عليه ، و احشرنا في زُمرة أهله ، إذا عشت على التوحيد
      . فأنت في الأمان التام .. هذه العلامة ، الذي يخاف من الله ، تصبح كل المخاوف أمانة.
      انظر إلى رسول الله ، حبيب الله ، خليل الله ، محمد – صلى الله عليه و آله و صحبه و سلَّم - ، لما كان في غار ثور ، و قد نام و وضع رأسه على فخذ أبي بكر ، و أبو بكر يقول : ( يا رسول الله ، لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا ) ، يعني لو أن واحداً مال هكذا ، سيرانا ، و الرسول نائم ، في غاية الأمان ،
      و لم يجلس معتدلاً ، و لم تهتز أصغر شعرةٍ في إصبع رجله ، صلى الله عليه و آله وسلم ، بمنتهى الثقة قال : { لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا } هذه هي .. هل أنت خائف من الله ؟؟ ستصبح مشغولاً بالله عما سواه .
      أحبكم في الله ، أقول قولي هذا و أستغفر الله لي و لكم .
      إن الحمد لله ، أحمده تعالى و أستعينه و أستهديه ، أؤمن به و أتوكل عليه ،
      أثني عليه الخير كله ، أشكره و لا أكفره ، و أخنع و أعادي من يهجره ، و أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، و لا نِدَّ له ، و لا نظير له ، و لا شبيه له ، و لا سَمِيَّ له ، أشهد أن لا إله إلا الله ، شهادةً ننجو بها يوم نلقاه ، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله ، اللهم صلِّ على محمدٍ النبي ،
      و أزواجه أمهات المؤمنين و ذريته و أهل بيته ، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيدٌ .
      إخوتي في الله .. الخوف من الله نجاة ، قال بعض السلف :
      أن من خاف من الله ، أحرق الخوف من قلبه مواضع الشهوات ، أحرق الخوف من قلبه مواضع الشهوات ، فلم يَكُن له همٌّ إلا رضا الله .
      العلامة الثانية من علامات الخوف ، و نختم ، كانت العلامة الأولى :
      أن يكون خوفك من الله أماناً من جميع المخاوف .
      الثانية : أن يكون خوفك من الله أمان الخلق منك .
      أن يُصبح الناس منك في أمانٍ ، يأتمنونك ، لا يخافون منك ، قال الله – جل جلاله – في حكاية ابنَي آدم – عليه السلام - ، قال الأول :
      { لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ } المائدة : 28 انظر .. لما خاف الله ، صار قاتله في أمانٍ :
      أنه لن يُقتل ، حين تخاف من الله ، يأمن الناس جانبك ، يقولوا له :
      ( فلان "زعلان منك" ) يقول ( إنه رجلٌ طيب ، لن يفعل شيئاً ) ، أمان ..
      و لذلك قالها ابن القيّم : ( و علامة ذلك أمن الخلق منك ، حتى الكلب ) ،
      أن يُصبح الخلق منك في أمان ،
      لا تؤذي أحداً ، المسلم .. قال رسول الله – صلى الله عليه و آله و سلم - : { المُسلمُ مَن سَلِمَ المُسلمونَ مِن لِسانِهِ وَ يَدِه }
      { المؤمن من أمنه الناس على أنفسهم و أموالهم }
      { و الله لا يؤمن و الله لا يؤمن و الله لا يؤمن ، من لا يأمن جارُه بوائقه } .
      علامة الخوف من الله أمن الناس منك ، الله .. ! على الوجع ،
      تخيل لو أننا في مجتمع ، في بيئةٍ .. يخافون من الله ،
      كيف ستكون صورة الحياة ؟؟ هاه ؟؟ لو أن جارك يخاف من ربنا ،
      و جارك يخاف من ربنا ، و الذي يشتغل عندك يخاف من ربنا ،
      و الذي تشتغل عنده يخاف من ربنا ، و زوجتك تخاف من ربنا ،
      و ابنك يخاف من ربنا ، و أخاك يخاف من ربنا ،
      و أباك يخاف من ربنا . صورة الحياة ، كيف سيكون شكلها ؟؟
      جنة .. سنعيش في جنة ، جنة ستعيش في أمان ، إن .. هل تدرون ما معنى
      { مَن لا يأمنُ جارُه بوائقَه } ؟؟
      معناها .. أنك إذا تحركت زوجتك .. تجري إلى الشباك ، تغلق ،
      لكي لا ينظر إليها الجار ، إذاً لست مؤمناً ،
      ما تخاف منه هو أن ينظر إلى زوجتك ، المؤمن أن تترك الشباك مفتوحاً ،
      و تتحرك زوجتك و أنت في أمانٍ تام ، أنه لا ينظر إليها أحد ،
      أن تترك الباب مفتوحاً ، و أنت في أمانٍ تام أنه لن يسرقك أحد ، انظر إلى الخوف من الله ، و هنا .. تعرف حجم مصيبة أن الناس لا يخافون من الله ، مصيبة !
      بلاء شديد جداً أن الناس اليوم لا يخافون الله ، لا يراقبون الله !
      لا يخافون من الله ، بل خوفهم من البشر و مراعاتهم للبشر و مراقبتهم للبشر أكبر !
      و تقول : ماذا أعمل في هؤلاء الناس ؟؟!! . و أقول لك :
      اعمل في نفسك أولاً ، أنت .. خَفْ من الله أولاً ، و راقب الله أولاً ،
      و أصلح نفسك أولاً ، يصلح الله ما حولك بصلاحك ، إن زوجتك إذا رأتْكَ تخاف من الله ، خافت هي الأخرى ، و إذا لاحظ أولادك أنك تخاف من الله خافوا هم الآخرون ، إننا بحاجة إلى أن نخاف من الله ، لكي نسود ..
      نسود ! سبحان الملك !
      فاتني في الأولى أن خوفك من الله أمانٌ من جميع المخاوف ، اسمع هذا الأمان ..
      قال الله سبحانه و تعالى :
      { وَ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَ-1 فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَ لُنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَ خَافَ وَعِيد }
      إبراهيم 13:14{ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي } .. إخوتاه ، اخرجوا من هذه الخطبة بهذه العلامة ، أن ثمة فرق بين أن تخاف من عذاب الله ، من بطش الله ، من نار جهنم ، من العقوبات ، و بين أن تخشى مقام عظمة الله ، إنه موضوعٌ مختلف .
      أن تخاف مقام الله ، أن تخشى مقامَ الله ، أن تَوْجل من عظمة الله ، أن تَوْجل من عظمة الله ، أن يمتلئ قلبُك رعباً حين تذكر الله
      { إنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذّا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } الأنفال : 1
      { وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } { وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ }
      هذا الخوف من أعظم عوامل التثبيت على الإيمان ،
      أن تنفتح في قلبك عينٌ ترى بها أنك قائمٌ بين يَدَيِ الله ،
      فتخشى جلال الله ، و تخشى عظمة الله ، و تصير غاضَّ الطرف ،
      لا تستطيع أن ترفع رأسك ، و لا أن تُقيم وجهك ،
      و لا أن تفتح عينك ، بل تظل مُنكبّاً على عملك ،
      لا يستر لسانك عن قولك ، يا رب سلِّم ، سلِّم يا رب سلِّم .
      إخوتاه .. هما نصيحتان : أن تفعل و تكُفَّ عن الكلام .
      والثانية : أن تخاف من الله ، و لا تخشى سواه ،
      تمر سالماً إلى الجنة .
      اللهم يا أرحم الراحمين ، يا ذا الجلال و الإكرام ،
      يا حيُّ يا قيوم ،
      صلِّ على النبي محمدٍ و آله ، و سلم تسليماً كثيراً ،
      اللهم اغفر لنا ذنوبنا و إسرافنا في أمرنا ،
      كفِّر عنا سيئاتنا و توفنا مع الأبرار ، اللهم ارحم ضعفنا ،
      و اجبر كسرنا ، و تولَّ أمرنا ، و أحسِن خلاصنا ،
      و اختم بالباقيات الصالحات أعمالنا ، يسِّر أمورنا و اهدِ قلوبنا ، و اشرح صدورنا ، اللهم تقبّل توبتنا و اغفر حوبتنا ، و امحُ خطيئتنا ، و ارفع درجتنا ، و سدِّد ألسنتنا ، و اشلُلْ سقيمة صدورنا ، ربِّ ارحمنا فأنت بنا راحم ، و لا تعذبنا فأنت علينا قادر ، و الطف بنا يا مولانا فيما جرت به المقادير ، اللهم إنا نسألك رضاك و الجنة ، و نعوذ بك من سخطك و النار ، رب اشفِ مرضانا و مرضى المسلمين ، ربّ اقضِ الدِّيْن عن كل مدِينٍ مسلمٍ ، فرّج كرب المكروبين من المسلمين ، و أزل هم المهمومين ، و امسح غم المغمومين ، و فُك أسر المأسورين ، و انصر المستضعفين من المؤمنين في كل مكان ، قوِّ شوكتهم و أعلِ رايتهم ، و سدِّد رميتهم ، و انتقم اللهم من عدوك و عدوهم ، اللهم إنا نسألك رضاك و الجنة ،
      و نعوذ بك من سخطك و النار .
      اللهم إنا نعوذ بك من الحَوْل بعد الكرب ، نعوذ بك من الضلال بعد الهُدى ،
      ربنا لا تُزِغ قُلوبنا بعد إذ هديتنا ،
      و هب لنا من لدنك رحمةً إنك أنت الوهّابُ ، اللهم يا مُقلب القلوب و الأبصار ، ثبِّت قلوبنا على دينك ،
      اللهم يا مُصرِّف القلوب و الأبصار صرِّف قلوبنا على طاعتك ،
      و على طاعة نبيك صلى الله عليه و سلم ، اللهم يا وليَّ الإسلام و أهله ، مسّكنا بالإسلام حتى نلقاك به ، اللهم ارزقنا حُسن الخاتمة ،
      و اكتب لنا الجنة بغير حسابٍ و لا سابقة عذاب ، اللهم و ارفع درجتنا في الجنة مع النبي محمدٍ صلى الله عليه و سلم في الفردوس الأعلى .
      آمين آمين آمين
      و صلى الله وسلم و بارك على سيد المُرسلين ، و الحمد لله رب العالمين .
      التعديل الأخير تم بواسطة محبة المساكين; الساعة 21-12-2011, 06:42 PM.
      اللهم اجعلنا من الأبرار .. من ليسوا بكفرةٍ و لا فُجار ..
      من يقومون الليل و يصومون النهار ..

      تعليق


      • #4
        رد: الخوف من الله { الشيخ محمد حسين يعقوب }~

        تحميل الخطبة ..

        من هنا
        التعديل الأخير تم بواسطة وردة العلم; الساعة 16-07-2011, 07:53 PM. سبب آخر: تعديل الرابط
        اللهم اجعلنا من الأبرار .. من ليسوا بكفرةٍ و لا فُجار ..
        من يقومون الليل و يصومون النهار ..

        تعليق


        • #5
          رد: الخوف من الله { الشيخ محمد حسين يعقوب }~

          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

          جزاكم الله خيرا
          [[ يا أيها الذِينَ آمنوا هل أَدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لّكم إن كنتم تعلمون * يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم ]] اللهم إرحم أبي .

          تعليق


          • #6
            رد: الخوف من الله { الشيخ محمد حسين يعقوب }~

            جزيتِ خيرا ونفع بكِ
            جهد مبارك ان شاء الله
            أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ

            تعليق


            • #7
              رد: الخوف من الله { الشيخ محمد حسين يعقوب }~

              اللهم إنا نعوذ بك من الحَوْل بعد الكرب ، نعوذ بك من الضلال بعد الهُدى ،
              ربنا لا تُزِغ قُلوبنا بعد إذ هديتنا ،
              و هب لنا من لدنك رحمةً إنك أنت الوهّابُ ، اللهم يا مُقلب القلوب و الأبصار ، ثبِّت قلوبنا على دينك ،
              اللهم يا مُصرِّف القلوب و الأبصار صرِّف قلوبنا على طاعتك ،
              و على طاعة نبيك صلى الله عليه و سلم ، اللهم يا وليَّ الإسلام و أهله ، مسّكنا بالإسلام حتى نلقاك به ، اللهم ارزقنا حُسن الخاتمة ،
              و اكتب لنا الجنة بغير حسابٍ و لا سابقة عذاب ، اللهم و ارفع درجتنا في الجنة مع النبي محمدٍ صلى الله عليه و سلم في الفردوس الأعلى .
              آمين آمين آمين
              و صلى الله وسلم و بارك على سيد المُرسلين ، و الحمد لله رب العالمين

              تعليق


              • #8
                رد: الخوف من الله { الشيخ محمد حسين يعقوب }~

                ما شاء الله
                اللهم بارك مجهود رائع
                وتفريغ ممتاز
                بارك الله فيكم ونفع بكم
                وجزاكم الله كل خير
                اثبتن يا غاليات..فهذا زمن الثبات
                «الروضة الأنيقة في نصرة العفيفة الصدّيقة»
                نقـ♥ـابى طاعة لـ♥ـربى
                يارب تقبله عندك من الشهداء والصالحين ( ربنا يرحمك يا عمى يا حبيبى )

                تعليق


                • #9
                  رد: الخوف من الله { الشيخ محمد حسين يعقوب }~

                  بارك الله فيكم
                  أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ

                  تعليق


                  • #10
                    رد: الخوف من الله { الشيخ محمد حسين يعقوب }~

                    جُزيتم جميعاً خيراً على ردودكم الطيبة ..

                    أسأل اله أن يصرف قلوبنا على طاعته و أن يجعلنا له عباداً كما يحب ويرضى -سبحانه- ..
                    اللهم اجعلنا من الأبرار .. من ليسوا بكفرةٍ و لا فُجار ..
                    من يقومون الليل و يصومون النهار ..

                    تعليق


                    • #11
                      رد: الخوف من الله { الشيخ محمد حسين يعقوب }~

                      اللهم آمييييييين نسأل الله ذلك
                      اثبتن يا غاليات..فهذا زمن الثبات
                      «الروضة الأنيقة في نصرة العفيفة الصدّيقة»
                      نقـ♥ـابى طاعة لـ♥ـربى
                      يارب تقبله عندك من الشهداء والصالحين ( ربنا يرحمك يا عمى يا حبيبى )

                      تعليق

                      يعمل...
                      X