بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا
والصلاة والسلام على رسوله المصطفى
لمن تسمع ؟ وممن تتعلم دينك ؟
فى هذا الزمان ومع ظهور الفضائيات و الإنترنت وسهولة الاتصال ونقل المعلومات أصبحنا نعيش حالة من الفوضى ليست فقط فى حياتنا و لكنها امتدت أيضا إلى مجال الدعوة الإسلامية
وينبغى أن نعلم أن لكل مسلم دور فى الدعوة إلى الله لكن كل على قدره
فبالتأكيد أن دور العالم ليس كدور غيره من عامة المسلمين
ولابد أن نعلم كما ذكر شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- فى متنه المعروف بالأصول الثلاثة قال الشيخ :
اعلم رحمك الله أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل :
الأولى :العلم :وهى معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام بالأدلة
الثانية : العمل به
الثالثة : الدعوة إليه
الرابعة : الصبر على الأذى فيه
واستدل الشيخ بقوله تعالى : " وَالْعَصْرِ{1} إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ{2} إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ{3} "
فذكر الله تعالى فى الآية الكريمة الإيمان والعمل الصالح قبل " وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ " وهو الدعوة إلى الله عزوجل وهذا يدل على أنه لابد للداعي إلى الله أولا من علم ثم عمل بهذا العلم ثم تأتى الدعوة إلى ما قد تعلمه و عمل به
وقد عاب الله عزوجل على الذين يدعون إلى الله وهم لا يعملون بما يدعون إليه كما قال تعالى فى كتابه : {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }البقرة44
و عن أسامة بن زيد قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى فيجتمع إليه أهل النار فيقولون يا فلان مالك ؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ فيقول بلى قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه (والأقتاب : الأمعاء , تندلق :أى تخرج) (رواه مسلم 2989)
و قال رجل لابن عباس رضي الله عنهما : أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، فقال إن لم تخش أن تفضحك هذه الآيات الثلاث فافعل وإلا فابدأ بنفسك ، ثم تلا { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم } وقال تعالى { لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون } وقوله تعالى حكاية عن شعيب عليه السلام { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه } .
وبهذا نقول إذا أردت أن تتلقى العلم من شيخ فيجب عليك :
أولا : أن تسأل عن علمه :
فإنك إن أردت معلما يعلم ابنك الرياضيات أو الكيمياء سألت عن علمه و مهارته فى هذه المادة ولا يمكن أن تذهب به إلى الميكانيكى ليعلمه الرياضيات و إن كان الميكانيكى قد يعلم شيئا من علم الحساب
فالأولى بك أن تسأل عمن يخبرك عن الله وعن رسوله –صلى الله عليه و سلم- من أين تلقى هذا العلم فليس من المعقول أبدا أن نرى رجلا قد بحث مثلا على الإنترنت فجمع بعض المعلومات ثم جلس يقرأهم عليك هذا لا يصح فى علوم الشريعة مطلقا فهناك من الحديث الصحيح والضعيف كيف سيفرق إن لم يكن لديه علم ؟ وهناك من الأراء المختلف فيه كيف سيرجح رأى إن لم يكن لديه علم ؟ وهناك بعض الكتب المعتبرة لكن أصحابها كان عندهم خلل فى العقيدة كيف سيعرف هذا إن لم يكن عنده علم ؟
قال تعالى : {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }يوسف108
قال البغوى فى تفسيره : البصيرة : هي المعرفة التي تميز بها بين الحق والباطل
فلابد له من بصيرة ولست أقصد بذلك الشهادات الجامعية و لكن العلم المتلقي عن العلماء الربانيين في مجالس العلم كما علم النبي صلى الله عليه و سلم أصحابه و كما علم أصحابه التابعين وهكذا حتى انتقل إلينا العلم ولا يمكن مطلقا الاعتماد على الكتاب وحده في تلقى العلم وقد قالوا "من كان شيخه كتابه كان خطأوه أكثر من صوابه" فالذى يعتمد على الكتاب وحده قد يفهم خلاف ما يقصده المؤلف كما أن للجلوس بين يدى العالم فوائد كثيرة ليس هذا مجال ذكرها
وقال الشيخ بن عثيمين –رحمه الله- في شرح الأصول الثلاثة :
والبصيرة تكون فيما يدعو إليه بأن يكون الداعية عالما بالحكم الشرعي وفى كيفية الدعوة وفى حال المدعو.
ثانيا : أن تنظر إلى سمته وهيئته و أخلاقه:
إن الذى يتعلم عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم و الذى يدعو إلى الله تعالى قدوته وإمامه ومعلمه محمد- صلى الله عليه و سلم - وكما أن كل طالب يتأثر بمعلمه فهو أيضا يتأثر برسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك تراه يتشبه به فى هيئته فى سمته فى أخلاقه فتراه يتشبه بالرسول صلى الله عليه و سلم فى لحيته فى حبه للأبيض من الثياب فى تقصيره لثوبه فى حبه للطيب و الرائحة الحسنة فى رفقه و رحمته وشفقته بمن يعلمهم وبمن يدعوهم فى كرمه وبره وإحسانه
فإن وجدته قد تربى على أيدى العلماء الربانيين ودرس عليهم الكتب والمصنفات حتى نال من العلم ما نال وشهدوا له بالعلم وأجازوه بالتعليم ثم هو سمته سمت الصالحين وهديه هدى النبى محمد –صلى الله عليه و سلم- لا يخشى فى الحق لومة لائم يغضب لله لا لنفسه ويتمنى الهداية لكل إنسان سواء كانت على يديه أو على يد غيره المهم أن ينجو من النار فهذا الذى يؤخذ عنه العلم وتنفع موعظته فعليك به والزمه واحرص على الانتفاع من علمه .
أسأل الله أن يرزقنى وإياكم العلم النافع والعمل الصالح
تعليق