قبل أن تمتطي جواد "النقد" هل أنت فارس؟
ادرس قانون "النقد" وآدابه، واعرف مسالكه وثغراته.
لتكن على علمٍ أن "الردود" بين المعاصرين راجت سوقها، وبارت قيمتها.
هل نحن بحاجة إلى التدليل على بغي جماعة من أهل الحق على أهل البغي أنفسهم.
بطلان قول مخالفك لا يعني صحة نقدك ، ولا يبرر البغي عليه.
إياك أن تتوهم أن مجرد وقوفك على غلطٍ أو وهمٍ كافٍ في تبرير نقدك.
لا تغتر بما اجتمع عندك من أغلاطه، فقد تتبخَّر في حسابات أغلاطك.
لا يكونن نقدك "حرجاً " و" نكداً " عليك وعلى أصحابك.
لا تغتر بثناء "المعجبين بك" ، و"المخاصمين لخصمك"؛ فما أندر الإنصاف!.
ما أكثر الردود على المخالفين في "النتيجة" وما أقلها على المخالفين في "الطريقة" من "الأصحاب والإخوان والأنصار"
أنزل نقدك في ميزان "النقد" نفسه فربما كان هو أحرى بالنقد!.
ميز نقدك بين أن يكون نازلاً على مسألة وبين أن يكون نازلاً على باب، وبين أن يكون نازلاً على منهج، والبس لكل حالٍ لبوسها.
إبطال الجزئي لا يعني إبطال الكلي، وتضعيفك لحديث لا يعني تهاوي حكمه، وغلق طريق لا يقطع الرجاء.
إياك أن تحاكم مخالفك على "قانونك الخاص"، ولتفترض قاسماً مشتركاً تتفقون على التحاكم إليه، وتأمل ما هي طريقة القرآن.
قد يكون نقدك في محله، غير أن مبالغتك أفسدته، ومن حيث لا تدري فقد زخرفت مقالة مخالفك.
ابتعد عن السباب والشتام – وإن كان مخالفك أهلاً لأن يسب وأن يشتم؛ بل وأن يلعن - فما هي سيما المؤمن وعادته، لاسيما أمام الملأ، وأنت مسؤول عن أي خلل في تشويه صورة الحق الجميل.
إياك وتقعير العبارة، وشقشقة الألفاظ، وإشعارك مخالفك أنه لا يفهم ما تقول؛ فقد تنزل عن سفح "الفصاحة" إلى قعر "العي" فإن غاية العي العجز عن إبانة الواضح، ومحاولة تعقيد المحلول، فتكن حينها في محل الندرة، وقد تفكَّه بهؤلاء ابن حزم لما قال: "هذا كلام لا يفهمُه قائلُه فكيف سامعه! وحق قائله سكنى المارستان ([1]) ، ومعاناة دماغه!. ([2])
إياك والمحاكمات الفردية للموضوعات المترابطة الأطراف، فلا تجتزئ الأحرف من مواطن كلماتها ولا تقتلعها من سياقاتها المتقدمة والمتأخرة، ثم تدعي استيحاشها، وما استوحشت إلا بك؛ فليتها لم تعرفك.
لكل بحثٍ سيره الخاص، ولا يجوز الخلط بإدراجها كلها في "حيز" الراجح، فمنه النقل، ومنه القراءة، ومنه التحليل، ومنه الاستقراء، ومنه ترتيب المقدمات، ومنه الاستفادة، ومنه الإشارة، ومنه الاستئناس، ومنه المناقضة، ومنه الإلزام، ومنه، ومنه؛ فأين أنت؟ وأين هو؟
لكل بحث أطراف وتتمات، وله صلب يمثل عموده الفقري، والمطلوب لمن أراد أن ينقض عموده الفقري أن يقصده ويصمد له، لا أن يناوش ويتسلل من الأطراف، ثم يستشهد على مصرع خصمه بما نتفه من الشعر وما لا روح له!.
امتط جواد النقد لكن كن فارساًَ، وإن كنتَ فارساً فتأكد أنك على جواد!.
منقول
-----------------------
([1]) الْمارَسْتَانُ: بفتح الراء، دار المَرْضَى، وهو مُعَرَّّب. لسان العرب (6/215).
([2]) المحلى (4/231–234).
ادرس قانون "النقد" وآدابه، واعرف مسالكه وثغراته.
لتكن على علمٍ أن "الردود" بين المعاصرين راجت سوقها، وبارت قيمتها.
هل نحن بحاجة إلى التدليل على بغي جماعة من أهل الحق على أهل البغي أنفسهم.
بطلان قول مخالفك لا يعني صحة نقدك ، ولا يبرر البغي عليه.
إياك أن تتوهم أن مجرد وقوفك على غلطٍ أو وهمٍ كافٍ في تبرير نقدك.
لا تغتر بما اجتمع عندك من أغلاطه، فقد تتبخَّر في حسابات أغلاطك.
لا يكونن نقدك "حرجاً " و" نكداً " عليك وعلى أصحابك.
لا تغتر بثناء "المعجبين بك" ، و"المخاصمين لخصمك"؛ فما أندر الإنصاف!.
ما أكثر الردود على المخالفين في "النتيجة" وما أقلها على المخالفين في "الطريقة" من "الأصحاب والإخوان والأنصار"
أنزل نقدك في ميزان "النقد" نفسه فربما كان هو أحرى بالنقد!.
ميز نقدك بين أن يكون نازلاً على مسألة وبين أن يكون نازلاً على باب، وبين أن يكون نازلاً على منهج، والبس لكل حالٍ لبوسها.
إبطال الجزئي لا يعني إبطال الكلي، وتضعيفك لحديث لا يعني تهاوي حكمه، وغلق طريق لا يقطع الرجاء.
إياك أن تحاكم مخالفك على "قانونك الخاص"، ولتفترض قاسماً مشتركاً تتفقون على التحاكم إليه، وتأمل ما هي طريقة القرآن.
قد يكون نقدك في محله، غير أن مبالغتك أفسدته، ومن حيث لا تدري فقد زخرفت مقالة مخالفك.
ابتعد عن السباب والشتام – وإن كان مخالفك أهلاً لأن يسب وأن يشتم؛ بل وأن يلعن - فما هي سيما المؤمن وعادته، لاسيما أمام الملأ، وأنت مسؤول عن أي خلل في تشويه صورة الحق الجميل.
إياك وتقعير العبارة، وشقشقة الألفاظ، وإشعارك مخالفك أنه لا يفهم ما تقول؛ فقد تنزل عن سفح "الفصاحة" إلى قعر "العي" فإن غاية العي العجز عن إبانة الواضح، ومحاولة تعقيد المحلول، فتكن حينها في محل الندرة، وقد تفكَّه بهؤلاء ابن حزم لما قال: "هذا كلام لا يفهمُه قائلُه فكيف سامعه! وحق قائله سكنى المارستان ([1]) ، ومعاناة دماغه!. ([2])
إياك والمحاكمات الفردية للموضوعات المترابطة الأطراف، فلا تجتزئ الأحرف من مواطن كلماتها ولا تقتلعها من سياقاتها المتقدمة والمتأخرة، ثم تدعي استيحاشها، وما استوحشت إلا بك؛ فليتها لم تعرفك.
لكل بحثٍ سيره الخاص، ولا يجوز الخلط بإدراجها كلها في "حيز" الراجح، فمنه النقل، ومنه القراءة، ومنه التحليل، ومنه الاستقراء، ومنه ترتيب المقدمات، ومنه الاستفادة، ومنه الإشارة، ومنه الاستئناس، ومنه المناقضة، ومنه الإلزام، ومنه، ومنه؛ فأين أنت؟ وأين هو؟
لكل بحث أطراف وتتمات، وله صلب يمثل عموده الفقري، والمطلوب لمن أراد أن ينقض عموده الفقري أن يقصده ويصمد له، لا أن يناوش ويتسلل من الأطراف، ثم يستشهد على مصرع خصمه بما نتفه من الشعر وما لا روح له!.
امتط جواد النقد لكن كن فارساًَ، وإن كنتَ فارساً فتأكد أنك على جواد!.
منقول
-----------------------
([1]) الْمارَسْتَانُ: بفتح الراء، دار المَرْضَى، وهو مُعَرَّّب. لسان العرب (6/215).
([2]) المحلى (4/231–234).
تعليق