لكم يرق القلب من ذكراكِ
أختاااااااااااااه.....أناديكِ وأعلم أنكِ رحلتي إلي دنيا غير دنيانا وإلي عالم غير الذي نعيش فيه , أناديكِ وأنا أعلم أن كلامي ليس له صدي في المكان الذي أنتِ فيه , أناديكِ وقلبي ينفطر علي ذكري كانت بيننا لن تبرح فؤادي ولوبعد حين , قد تتعجبين...فأنا لم أقابلكِ إلا مرة واحدة في حياتك لكنكِ والله من نفسي قد دنوت ِ وفي قلبي قد سكنتِ وها أنا الآن أحكي للعالم بأسره حكايتي معكِ كي علَّه يدرك من هم القابضات علي الجمر.
اخيتي....هل تذكرين؟ أتذكرين ذاك اليوم الذي فيه التقينا وكنتِ عن رمضانك تحكين؟ لم يكن ذلك منكِ رياءاً ولا كبرياء ولكنه كان الصفاء والنقاء, حقا لا أبالغ...فتلك البراءة التي انبثقت من عينيكِ أعادتني إلي دنيا الإسلام , ذاك الحنان الذي كان يفيض منكِ أكسبني الأمان.
اخيتي....لم يكن يومي هذا معكِ ككل الأيام, هل تذكرين؟؟ عندما انشرح صدرك لي وحكيتِ لي عن حكايتك مع النقاب؟ وحكيتِ لي عن كل ما واجهكِ بعدها؟ هل تذكرين؟هل تذكرين عندما حكيتِ لي عن ألوان الغناء التي يغصبونك علي سماعها بالإكراه؟ فضلا عن الأفلام والمسرحيات وشتي ألوان المجون؟ وأنت بقلبك علي كل هذا ساخطة وبوجدانك غاضبة كارهة؟ هل تذكرين؟؟؟؟؟هل تذكرين عندما أخبرتيني بنظرات الإمتهان التي كانت توجه إليكِ بعد ارتدائك زي العفاف؟
هل تذكرين عندما حكيتِ لي عن ألوان الحرمان؟ أنا لا أنسي شيئا من هذا...هل تدرين لماذا؟ لأنني....لأنني قد ذرفت الدمع عندما علمت بذلك ...لأنني احتقرت نفسي حينها فأنتِ قد تُحرمين من كل ما تحبين في سبيل دينك وقد تتضورين جوعا وتمر الليالي عليكِ باكية حزينة, ما من كف يمسح لك دمعاً وما من لسان يخفف عنكِ ألماً ..وقد تتلقين من ألوان الذل ما يحرق الفؤاد في سبيل دعوة أهلكِ إلي الحق ..قد تُحرمين من أشرف الأشياء وهي تلقي العلم الشرعي وما بيدكِ اخيتي حيلة في شيء من هذا..كل ذلك وأنت ثابتة واثقة في الله لا يزحزحك عن الحق شيئا ولا تغرك الحياة الدنيا..ولا زلت أذكر عندما ظهرت غبطتك وقلتي لي "هنيئا لك ِ "علي شي أملكه وتفتقدينه ..فهل تذكرينه؟ لم يكن مالا ولا جمالا ولا تفوقا ولكنه كان يسر الوصول إلي العلم الشرعي والله لقد اقشعر بدني حينها وكنت أدافع عبراتي ونبراتي المضطربة.... أزال عجبك الآن ؟؟فكيف لا أحبك وأنت بهذه الشمائل!كيف لا تتسللين إلي أعماق فؤادي وأنت تحملين مثل هذه السجايا؟! حقاً كان يوما واحدا وكانت ساعات معدودة لكنها غيرت من مجري حياتي الكثير.
وعندما تمر الأيام وتتجدد الأحداث ونتقلب في مشاغل الدنيا تلح عليّ ذكراكِ بشكل غريب فأذهب إلي المسجد لأقابل أختنا..أختنا التي جعلها الله سببا في ذاك اللقاء ..فهممت بسؤالها عنكِ فما كان منها إلا المبادرة بأخبارك..أتدرين أي خبر نقلته إليّ؟ لقد قالت لي: يا فلانة ..عندي لكِ أخبار ليست بسارة فقلت لها خيراً إن شاء الله؟ قالت :أتذكرين فلانة؟ قلت: كنت سأسألك عنها للتو ,أتدرين ماذا قالت؟؟؟؟؟ لقد قالت:
إني أنعيها إليكِ فقد توفَّاها الله الأسبوع الماضي
كانت أثقل جملة سمعتها في حياتي فما كان منا إلا أن قلنا إنا لله وإنا إليه راجعون ودون أن أدري تدحرجت علي سدغي قطرة.... كانت كاللهب المحرق ووالله ما أطفأ هذا اللهب غير الخير الذي سمعته بعدها أتدرين ما هو اخيتي؟؟؟ عندما انقلبت بكم السيارة وحملوك يا مهجة القلب إلي المستشفي ورآك الطبيب ترددين الشهادة بأعذب الأصوات..... قال لكِ: لا تخافي ستعيشين وتعودين إلي أهلك ليس بكِ علة, أتدرين ما كان جوابك؟؟ أتدرين ؟أم أن جمال الشعور حينها أنساكِ ذلك؟
لقد قلتِ كلمة أُسجلها لكِ في أعماقي
أيها الطبيب..أعلم أني ميتة فعلامَ الجزع؟
وارتسمت علي وجهك اخيتي أنقي ابتسامة أشرق بها وجهك و ازددتِ حلاوة ًورقياً وكأنك تقولين
الحمد لله الذي خلصني من الدنيا وفتنها
ثم ترددين الشهادة مرات ومرات إلي أن تصعد روحك في سلام إلي باريها لتُلقي عنكِ كل ما لاقيتي من عذاب في سبيل الله
أختااااااااااااه......هذا ما قد علمته عنكِ فماذا عن الذي لم أعلمه؟ وماذا عن الذي لا يعلمه إلا رب السماوات والأرض؟
أختاه.........لقد فقدت الكثير من الأحبة لكن فراق أخت في الله شيء أخر
أختاه....أنا لا أملك شيئا إلا أن أدعو ربي أن يرحمكِ برحمة منه وأن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة وأن يسكنكِ فسيح جناته وأن يعاملكِ بفضله ولا يعاملكِ بعدله ولو علمتُ شيئاً غير الدعاء أقدمه إليكِ لفعلت , وأسأل ربي أن يجمعني بكِ وبجميع أخواتنا بهذا الحب تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ويوم تبيض وجوه وتسود وجوه
أختااااااااااه...لو علمتُ إليك سبيلاً لاتخذته ولو علمتُ إلي إسعادك طريقا لسلكته لكنه حكم العلي القدير الذي لا يقدِّر لعباده مكروها أبدا
ومني إليكِ هذه الكلمات....
لكم يرق القلب من ذكراكِ
لكني أسألكِ الآن اخيتي قارئة الرسالة
لو كنتِ مكانها....ماذا ستقولين وماذا ستفعلين!!
هل ستبحثين عن الأقمشة المزركشة التي تزعمين أنها حجاب؟
أم ستسألين عن أحدث الموضات والصيحات؟
وهل كنت سترددين الشهادة؟ أم ما تحفظيه من اغاني الحب والهيام؟
وبماذا تفكرين حينها؟ أبالجنة ولقاء الله؟أم تتأسفين علي أنكِ ستتركين الحياة؟
وبمن ستفكرين كي يغيثك مما أنتِ فيه؟ أتلجئين إلي ربكِ ومولاكِ؟ أم إلي رفيقات السوء والخلان؟
اخيتي..لا أعفي نفسي من هذه الأسئلة
ولستُ بأعلي منكِ شأناً
لكنها آهات بداخلي
اخيتي....لقد أزف الرحيل فماذا نحن بفاعلون؟؟!!
لا تغفلي عن إجابة هذا السؤال ما دامت الحياة تدب في عروقك
والذي أقسم بالفجر والليالي العشر إني أحبكِ في الله
تعليق