السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله و حده و الصلاة و السلام علي من لا نبي بعده, و علي اله و صحبه و من تبع هديه..
ثم اما بعد..
في الوقت الذي يتمسح فيه من يسمون أنفسهم القرآنيون بظاهر القرآن ويستدلون به على أن مهمة الرسول صلي الله عليه وسلم الوحيدة في رسالته هي تبليغ القرآن فقط ؛ إذ بهم يجدون أنفسهم في مأزق من كتاب الله عز وجل الذي يصرح بأن لرسول الله صلي الله عليه و سلم ، بياناً للقرآن الكريم ، وهو بيان حجة، وواجب الإتباع ، بنص عشرات الآيات القرآنية، التي تحض على طاعة رسول الله صلي الله عليه و سلم ، طاعة مطلقة؛ في كل ما يأمر به ، وينهى عنه ، وتحذر من مخالفته ...
ولأن هذه الآيات تفضح إفكهم وتبطل شبهاتهم من جذورها، فقد تعسفوا في تأويل تلك الآيات، بما يتفق وإنكارهم لأن يكون لرسول الله صلي الله عليه و سلم ، سنة مطهرة ، واجبة الإتباع .
فزعموا : أن كلمة الرسول صلي الله عليه و سلم في القرآن تعنى القرآن، وأن طاعة الرسول الواردة في القرآن إنما تعنى : طاعة القرآن فقط ، أو بعبارة أخرى طاعة رسول الله صلي الله عليه و سلم فيما بلغه من القرآن فقط...
يقول أحمد صبحى منصور : "كلمة الرسول صلي الله عليه و سلم فى بعض الآيات القرآنية تعنى القرآن بوضوح شديد كقوله تعالى : "وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ" النساء-100
يقول أحمد صبحى : فالآية تقرر حكماً عاماً مستمراً إلى قيام الساعة بعد وفاة محمد. فالهجرة فى سبيل الله , وفى سبيل رسوله أى القرآن ، قائمة ومستمرة بعد وفاة النبى محمد وبقاء القرآن أو الرسالة ...
وأحياناً – ولازال الكلام له – تعنى كلمة "الرسول" القرآن فقط ، وبالتحديد دون معنى آخر
كقوله تعالى : (لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) الفتح-9 فكلمة "ورسوله" هنا : تدل على كلام الله فقط ، ولا تدل مطلقاً على معنى الرسول محمد.
والدليل أن الضمير فى كلمة "ورسوله" جاء مفرداً ، فقال تعالى : (وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)
والضمير المفرد يعنى : أن الله ورسوله أو كلامه، ليسا اثنين، وإنما واحد، فلم يقل : "وتعزروهما وتوقروهما وتسبحوهما بكرة وأصيلا".
ويقول تعالى : (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62))التوبة¬ ولو كان الرسول فى الآية يعنى : شخص النبى محمد لقال تعالى : "أحق أن يرضوهما" ولكن الرسول هنا يعنى فقط كلام الله ، لذا جاء التعبير بالمفرد ، الذى يدل على الله تعالى وكلامه ...
ويقول فى موضع آخر : "أما أقوال الرسول، فهى القرآن دين الله ، وقد أبلغه الرسول دون زيادة ولا نقصان ، وفيه الكفاية ، وفيه التفصيل ، وفيه البيان ، إن طاعة الرسول هى طاعة القرآن الذي أنزله الله على الرسول ، ولا يزال الرسول أو القرآن بيننا...
وقال قاسم أحمد: "يبدو جلياً أن طاعة الرسول تعنى طاعة الله، لأن الرسول ليس سلطة مستقلة، فهو كرسول له حق التبليغ، تبليغ الرسالة، وطاعته من طاعة الله، وكما ذكر فى القرآن فى مرات عديدة ما على الرسول إلا البلاغ يعنى : ملاحظة أن القرآن استخدم كلمة الرسول ، ولم يقل "محمد" إذن فالطاعة للرسول أى الرسالة التى أرسل بها من قبل الله …
فمثل هذه الآيات التى تتضمن أن طاعة الله مقترن بها طاعة الرسول، تفسرها آيات أخرى تتضمن أن الطاعة واجبة فقط لله....
ويجاب علي هذه التأويلات الشاذة و المنحرفة نقول و بالله التوفيق :
أولاً : تعسف أعداء رسول الله، فى تأويل كلمة "الرسول" فى كتاب الله عز وجل بأنها القرآن الكريم، دون شخص النبى محمد صلي الله عليه و سلم، أمر برفضه القرآن الكريم..
وتأمل معى الآيات التالية:
1* قال تعالي : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ)آل عمران-14 فهل يصح من عاقل أن يفسر كلمة الرسول فى الآية بأنها القرآن ؟!
ويكون المعنى : وما محمد إلا قرآن قد خلت من قبله القرآن أو الرسل ؟!
2* وقال عز وجل "وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا"النساء-100
فهل يصح من أعداء الإسلام تأويل "ورسوله" بمعنى "وقرآنه" وبالتالى ينكرون ما هو ثابت بالتواتر من هجرة رسول الله صلي الله عليه و علي اله و صحبه و سلم من مكة إلى المدينة ؟!
تلك الهجرة التى كانت واجبة قبل فتح مكة ، حتى أن الله سبحانه وتعالى نهى عن اتخاذ من لم يهاجر ولياً حتى يهاجر، كما قال عز وجل : "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِّن وَلَايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا ۚ)الأنفال-74¬ فهل حديث القرآن عن الهجرة فى هذه الاية وغيرها، يعنى : الهجرة إلى القرآن ؟!
كيف وقوله تعالى : "ومن يخرج من بيته مهاجراً" صريح فى أنها هجرة حقيقية ، من مكان إلى مكان ، وهو الثابت تاريخيا ً؛ من هجرة رسول الله من مكة إلى المدينة ، وهجرة الصحابة بعد ذلك إليه صلي الله عليه و سلم وهو ما يؤكد أن قوله "ورسوله" تعنى شخص النبى محمد صلي الله عليه و سلم...
3* وقال سبحانه : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ ۚ "النساء - 136
فهل يصح أو يعقل أن يكون المراد بالآية : آمنوا بالله وكتابه – والكتاب الذى نزل على قرآنه؟!
4* وقال تعالى : "الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)"الأعراف
إن هاتين الآيتين تفيدان مع سابقتهما ، أن كلمة "الرسول" مراداً بها شخص رسول الله صلي الله عليه و سلم ، ولا يصح بحال أن تفسر كلمة "الرسول ، بأنها القرآن، كما يزعم الأدعياء. فتكون الآية هكذا : "الذين يتبعون القرآن النبي الأمي" و"قل يا أيها الناس إني قرآن الله إليكم جميعاً" و"فآمنوا بالله وقرآنه النبي الأمي...
إن الآيات السابقة كلها تصرح فى وضوح وجلاء لمن عنده عقل ، أن كلمة "الرسول" إنما تعنى شخص النبى محمد صلي الله عليه و سلم..
وفى الآيات أيضاً الدلالة الواضحة على وجوب إتباعه وطاعته صلي الله عليه و سلم طاعة مطلقة فى كل ما يأمر به ، وينهى عنه ، حتى ولو كان خارجاً عن القرآن الكريم بدلالة صلي الله عليه و سلم ويحل، ويحرم، ويضع) فى قوله : "وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ"
وتصرح الآيات بأن فى هذا الإتباع والطاعة له صلي الله عليه و سلم الفلاح والهداية إلى طريق مستقيم :"وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " "وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ"
كما تصرح الآيات بأن الإيمان بشخص النبى محمد صلي الله عليه و سلم وبرسالته ، جزء لا يتجزأ من الإيمان بوجود الله تعالى ، وبإفراده بالعبودية والألوهية "فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ" وبدلالة هذا الإيمان كانت طاعته صلي الله عليه و سلم، طاعة لله عز وجل "مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ"النساء-180
وتأمل إفراد الضمير فى قوله : "واتبعوه" بعد أن فرق وغاير بواو العطف بين الإيمان به تعالى ، والإيمان به صلي الله عليه و سلم، ليدل على أن إتباعه وطاعته صلي الله عليه و سلم، اتباع وطاعة له عز وجل. لأن المشكاة واحدة – فى القرآن والسنة – وهى : "وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3)إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (4)"النجم
وبالتالى : فإفراد الضمير فى قوله : "واتبعوه" لا يعنى كما يزعم أعداء عصمة رسول الله صلي الله عليه و سلم، بأنه اتباع وطاعة للقرآن فقط . لأن زعمهم هذا بنوه على تفسير كلمة "الرسول" فى الآيات بمعنى القرآن ، وقد تبين لك فساد وبطلان هذا التفسير...
يتبع ان شاء الرحمن..
الحمد لله و حده و الصلاة و السلام علي من لا نبي بعده, و علي اله و صحبه و من تبع هديه..
ثم اما بعد..
في الوقت الذي يتمسح فيه من يسمون أنفسهم القرآنيون بظاهر القرآن ويستدلون به على أن مهمة الرسول صلي الله عليه وسلم الوحيدة في رسالته هي تبليغ القرآن فقط ؛ إذ بهم يجدون أنفسهم في مأزق من كتاب الله عز وجل الذي يصرح بأن لرسول الله صلي الله عليه و سلم ، بياناً للقرآن الكريم ، وهو بيان حجة، وواجب الإتباع ، بنص عشرات الآيات القرآنية، التي تحض على طاعة رسول الله صلي الله عليه و سلم ، طاعة مطلقة؛ في كل ما يأمر به ، وينهى عنه ، وتحذر من مخالفته ...
ولأن هذه الآيات تفضح إفكهم وتبطل شبهاتهم من جذورها، فقد تعسفوا في تأويل تلك الآيات، بما يتفق وإنكارهم لأن يكون لرسول الله صلي الله عليه و سلم ، سنة مطهرة ، واجبة الإتباع .
فزعموا : أن كلمة الرسول صلي الله عليه و سلم في القرآن تعنى القرآن، وأن طاعة الرسول الواردة في القرآن إنما تعنى : طاعة القرآن فقط ، أو بعبارة أخرى طاعة رسول الله صلي الله عليه و سلم فيما بلغه من القرآن فقط...
يقول أحمد صبحى منصور : "كلمة الرسول صلي الله عليه و سلم فى بعض الآيات القرآنية تعنى القرآن بوضوح شديد كقوله تعالى : "وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ" النساء-100
يقول أحمد صبحى : فالآية تقرر حكماً عاماً مستمراً إلى قيام الساعة بعد وفاة محمد. فالهجرة فى سبيل الله , وفى سبيل رسوله أى القرآن ، قائمة ومستمرة بعد وفاة النبى محمد وبقاء القرآن أو الرسالة ...
وأحياناً – ولازال الكلام له – تعنى كلمة "الرسول" القرآن فقط ، وبالتحديد دون معنى آخر
كقوله تعالى : (لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) الفتح-9 فكلمة "ورسوله" هنا : تدل على كلام الله فقط ، ولا تدل مطلقاً على معنى الرسول محمد.
والدليل أن الضمير فى كلمة "ورسوله" جاء مفرداً ، فقال تعالى : (وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)
والضمير المفرد يعنى : أن الله ورسوله أو كلامه، ليسا اثنين، وإنما واحد، فلم يقل : "وتعزروهما وتوقروهما وتسبحوهما بكرة وأصيلا".
ويقول تعالى : (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62))التوبة¬ ولو كان الرسول فى الآية يعنى : شخص النبى محمد لقال تعالى : "أحق أن يرضوهما" ولكن الرسول هنا يعنى فقط كلام الله ، لذا جاء التعبير بالمفرد ، الذى يدل على الله تعالى وكلامه ...
ويقول فى موضع آخر : "أما أقوال الرسول، فهى القرآن دين الله ، وقد أبلغه الرسول دون زيادة ولا نقصان ، وفيه الكفاية ، وفيه التفصيل ، وفيه البيان ، إن طاعة الرسول هى طاعة القرآن الذي أنزله الله على الرسول ، ولا يزال الرسول أو القرآن بيننا...
وقال قاسم أحمد: "يبدو جلياً أن طاعة الرسول تعنى طاعة الله، لأن الرسول ليس سلطة مستقلة، فهو كرسول له حق التبليغ، تبليغ الرسالة، وطاعته من طاعة الله، وكما ذكر فى القرآن فى مرات عديدة ما على الرسول إلا البلاغ يعنى : ملاحظة أن القرآن استخدم كلمة الرسول ، ولم يقل "محمد" إذن فالطاعة للرسول أى الرسالة التى أرسل بها من قبل الله …
فمثل هذه الآيات التى تتضمن أن طاعة الله مقترن بها طاعة الرسول، تفسرها آيات أخرى تتضمن أن الطاعة واجبة فقط لله....
ويجاب علي هذه التأويلات الشاذة و المنحرفة نقول و بالله التوفيق :
أولاً : تعسف أعداء رسول الله، فى تأويل كلمة "الرسول" فى كتاب الله عز وجل بأنها القرآن الكريم، دون شخص النبى محمد صلي الله عليه و سلم، أمر برفضه القرآن الكريم..
وتأمل معى الآيات التالية:
1* قال تعالي : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ)آل عمران-14 فهل يصح من عاقل أن يفسر كلمة الرسول فى الآية بأنها القرآن ؟!
ويكون المعنى : وما محمد إلا قرآن قد خلت من قبله القرآن أو الرسل ؟!
2* وقال عز وجل "وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا"النساء-100
فهل يصح من أعداء الإسلام تأويل "ورسوله" بمعنى "وقرآنه" وبالتالى ينكرون ما هو ثابت بالتواتر من هجرة رسول الله صلي الله عليه و علي اله و صحبه و سلم من مكة إلى المدينة ؟!
تلك الهجرة التى كانت واجبة قبل فتح مكة ، حتى أن الله سبحانه وتعالى نهى عن اتخاذ من لم يهاجر ولياً حتى يهاجر، كما قال عز وجل : "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِّن وَلَايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا ۚ)الأنفال-74¬ فهل حديث القرآن عن الهجرة فى هذه الاية وغيرها، يعنى : الهجرة إلى القرآن ؟!
كيف وقوله تعالى : "ومن يخرج من بيته مهاجراً" صريح فى أنها هجرة حقيقية ، من مكان إلى مكان ، وهو الثابت تاريخيا ً؛ من هجرة رسول الله من مكة إلى المدينة ، وهجرة الصحابة بعد ذلك إليه صلي الله عليه و سلم وهو ما يؤكد أن قوله "ورسوله" تعنى شخص النبى محمد صلي الله عليه و سلم...
3* وقال سبحانه : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ ۚ "النساء - 136
فهل يصح أو يعقل أن يكون المراد بالآية : آمنوا بالله وكتابه – والكتاب الذى نزل على قرآنه؟!
4* وقال تعالى : "الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)"الأعراف
إن هاتين الآيتين تفيدان مع سابقتهما ، أن كلمة "الرسول" مراداً بها شخص رسول الله صلي الله عليه و سلم ، ولا يصح بحال أن تفسر كلمة "الرسول ، بأنها القرآن، كما يزعم الأدعياء. فتكون الآية هكذا : "الذين يتبعون القرآن النبي الأمي" و"قل يا أيها الناس إني قرآن الله إليكم جميعاً" و"فآمنوا بالله وقرآنه النبي الأمي...
إن الآيات السابقة كلها تصرح فى وضوح وجلاء لمن عنده عقل ، أن كلمة "الرسول" إنما تعنى شخص النبى محمد صلي الله عليه و سلم..
وفى الآيات أيضاً الدلالة الواضحة على وجوب إتباعه وطاعته صلي الله عليه و سلم طاعة مطلقة فى كل ما يأمر به ، وينهى عنه ، حتى ولو كان خارجاً عن القرآن الكريم بدلالة صلي الله عليه و سلم ويحل، ويحرم، ويضع) فى قوله : "وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ"
وتصرح الآيات بأن فى هذا الإتباع والطاعة له صلي الله عليه و سلم الفلاح والهداية إلى طريق مستقيم :"وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " "وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ"
كما تصرح الآيات بأن الإيمان بشخص النبى محمد صلي الله عليه و سلم وبرسالته ، جزء لا يتجزأ من الإيمان بوجود الله تعالى ، وبإفراده بالعبودية والألوهية "فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ" وبدلالة هذا الإيمان كانت طاعته صلي الله عليه و سلم، طاعة لله عز وجل "مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ"النساء-180
وتأمل إفراد الضمير فى قوله : "واتبعوه" بعد أن فرق وغاير بواو العطف بين الإيمان به تعالى ، والإيمان به صلي الله عليه و سلم، ليدل على أن إتباعه وطاعته صلي الله عليه و سلم، اتباع وطاعة له عز وجل. لأن المشكاة واحدة – فى القرآن والسنة – وهى : "وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3)إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (4)"النجم
وبالتالى : فإفراد الضمير فى قوله : "واتبعوه" لا يعنى كما يزعم أعداء عصمة رسول الله صلي الله عليه و سلم، بأنه اتباع وطاعة للقرآن فقط . لأن زعمهم هذا بنوه على تفسير كلمة "الرسول" فى الآيات بمعنى القرآن ، وقد تبين لك فساد وبطلان هذا التفسير...
يتبع ان شاء الرحمن..
تعليق