إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مسيّر ام مخيّر !!!!!!!!!!!!!!!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مسيّر ام مخيّر !!!!!!!!!!!!!!!


    السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

    مسيّر أم مخيّر ؟


    الحمد لله ذي الجلال والإكرام والنوال والإفضال والإنعام، له المنن الجسام والأيادي العظام، قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام ثم خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله .. أما بعد:
    لاشك أن باب القضاء والقدر من أعظم أبواب العقيدة وأهمها ، فهو أحد أركان الإيمان الستة التي وردت في حديث جبريل عليه السلام ..
    • قال ابن عباس : القدر نظام التوحيد فمن وحّد الله وآمن بالقدر تم توحيده ، ومن وحّد الله وكذب بالقدر نقض توحيده . مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام 3/113
    لذا جمعنا ما تيسر من باب القضاء والقدر على ضوء الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح عليهم رضوان الله أجمعين .. فنسأل الله التوفيق والسداد

    تعريف القضاء والقدر
    • تعريف القدر: تقدير الله للكائنات حسبما سبق به علمه واقتضته حكمته.
      سئل الإمام أحمد عن القدر فقال : القدر قدرة الله . أهـ
    • تعريف القضاء: الفصل والقضاء.
    قال الأصفهاني في المفردات : القضاء من الله تعالى أخص من القدر لأنه الفصل بين التقديرين ، فالقدر هو التقدير والقضاء هو الفصل والقطع . أهـ1

    أقسام القدر
    1. التقدير العام : هو تقدير الرب لجميع الكائنات بمعنى علمه بها وكتابته لها ومشيئته وخلقه لها .
    2. التقدير السنوي : وذلك في ليلة القدر من كل سنة .. قال تعالى { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } الدخان 4
    3. التقدير البشري : هو التقدير الذي أخذ الله فيه الميثاق على جميع البشر بأنه ربهم وأشهدهم على أنفسهم بذلك ، والذي قدر الله فيه أهل السعادة وأهل الشقاوة .
    4. التقدير اليومي: قال تعالى { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } الرحمن29 ، وقيل في تفسيرها : شانه أن يعز ويذل ، ويرفع ويخفض ، ويعطي ويمنع ، ويُغني ويفقر ... إلى غير ذلك ، فعن عبدالله عن ابيه قال : « تلا رسول الله هذه الآية فقلنا : يارسول الله ما ذاك الشأن ؟ فقال : من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويخفض آخرين» رواه ابن ماجه وحسنه الألباني
    5. التقدير العمري : وهو تقدير كل ما يجري على العبد في حياته إلى نهاية أجله وكتابة شقاوته أو سعادته ، وقد دل ذلك في حديث الصادق المصدوق عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله إليه ملكا ويؤمر بأربع كلمات ويقال له اكتب عمله ورزقه وأجله وشقي أو سعيد» متفق عليه
    وسبق المقادير بالسعادة والشقاء لا يقضي ترك الأعمال معشر الفضلاء بل يقضي الاجتهاد والحرص والعمل حتى يأتي العبد اليقين والأجل، وذلك عندما سأل رجل النبي فقال: « يا رسول الله أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل ، فقال رسول الله :اعملوا فكل ميسر أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة ثم قرأ { فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى .. إلى قوله تعالى .. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } الليل5-10» رواه البخاري ومسلم فأخبر النبي صحابته رضي الله عنهم بما سبق من الكتاب، وأنه جار على الخليقة بالأسباب.
    وقد فطر الله سبحانه جميع البرية على الحرص على الأسباب، التي بها مرام معاشهم ومصالحهم الدنيوية بل فطر الله على ذلك

    جميع المخلوقات البهيمية.

    أركان ومراتب الإيمان بالقدر

    الإيمان بالقدر يقوم على أربعة أركان من أقر بها جميعها فإن إيمانه بالقدر يكون مكتملاً ، فبعضها مرتبط ببعض فإن انتقص واحداً منها أو أكثر فقد اختل إيمانه بالقدر .. وقد نظمها بعضهم بقوله :
    علم كتابه مولانا مشيئته ** وخلقه وهو إيجاد وتكوين
    فالواجب على العبد الذي يرجو الله والدار الآخرة أن يؤمن بمراتب القضاء والقدر الأربع:
    1. المرتبة الأولى: أن يؤمن بأن الله تعالى علم بما هو مقضي ومقدر قبل كونه.
    2. المرتبة الثانية: أن يؤمن بأن الله تعالى كتب المقضي المقدر عنده في اللوح المحفوظ. وقد جمعت مرتبة العلم والكتابة في قول الله تعالى { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } الحج70
    3. المرتبة الثالثة: أن يؤمن بأن هذا المقضي المقدر واقع بمشيئة الله تعالى.
    4. المرتبة الرابعة: أن يؤمن بأن الله تعالى هو الخالق لهذا المقضي المقدر، فيؤمن العبد بأن الله تعالى وحده الخالق لكل شيء، ويوقن أنه ليس في الكون شيء إلا وهو واقع بمشيئته.
    وهذا لا ينفي أن يكون العبد فاعلا لأفعاله على الحقيقة وهي صادرة منه عن المشيئة وفعل العبد ومشيئته لا تخرج عن خلق الله تعالى ومشيئته كما : { لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ <28> وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } التكوير28-29.
    فسائل نفسك يا عبدالله وسائلي نفسك يا أمة الله؟
    • على أي شيء يتسخط العبد من القضاء والقدر ويضجر؟
    • وعلى أي أمر يخاصم العبد ربه ويفجر؟
    • أعلى أمر قد قدر وقضي قبل أن تخلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام؟
    • أم على أمر قد قدر وقضي وهو قطعة لحم مستودعة في الأرحام؟
    فالواجب على العبد أن لا يشتغل بمخاصمة ربه بل عليه أن يشتغل بمطالعة ذنبه فإنه ما سلطت عليه هذه الكروب وما ابتلي بهذه الخطوب إلا بسبب ما كسبته يداه من الذنوب الحوب كما : { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} آل عمران165 و: { وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ } الشورى30

    الصبر على أقدار الله

    وإذا علم أن القضاء والقدر قد سبق به الكتاب فالواجب على أولي الألباب أن يأخذوا بالأسباب وأن يرضوا ويسلموا لها حتى لا يحرموا الأجر والثواب.
    فإذا ابتليت يا عبدالله في حشو هذا المقضي المقدر من الغموم وإذا ابتليت يا أمة الله بما في ضمن هذا المقضي المقدر من الهموم فعليكما باللجوء إلى الحي القيوم.
    وأمارة ذلك وعلاماته: أن يوطن العبد نفسه حين وقوع المقضي المقدر عليه على الصبر عند الصدمة الأولى.. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «مر رسول الله على امرأة تبكي عند قبر على صبي لها، فقال لها رسول الله : اتقي الله واصبري . فقالت المرأة: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي - ولم تعرف المرأة رسول الله - فلما ذهب رسول الله قيل للمرأة: إنه رسول الله فأخذها مثل الموت فأتت المرأة باب رسول الله فلم تجد على بابه بوابين فقالت: يا رسول الله لم أعرفك، فقال لها رسول الله : إنما الصبر عند الصدمة الأولى» رواه البخاري ومسلم وعلى العبد أن يتوكل على الله وحده حين يبتلى بوقوع المقضي المقدر كما في صحيح البخاري من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: «حسبنا الله ونعم الوكيل: قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها محمد حين قالوا: { إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } آل عمران 173 وعلى العبد أن يشكو إلى الله وحده حين يكابد ما في المقضي المقدر من الآلام كما على لسان نبيه يعقوب { قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } يوسف 86 ، ففرق يا عبدالله بين أن تشتكي إلى الله تعالى من خلقه وبين أن تشتكي من الله تعالى إلى خلقه.
    وقد رأى بعض أهل العلم رجلا يشكو إلى آخر ما أصابه ونزل به فقال: يا هذا تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك؟
    وصدق الشاعر في قوله:

    وإذا أتتك مصيبة فاصبر لها ** صبر الكريم فإنه بك أرحم
    وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما ** تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم
    فسبحان الله وبحمده يجبر الكسير ويغني الفقير ويعلم الجاهل ويرشد الحيران ويهدي الضال ويغيث اللهفان ويعافي المبتلى ويفك العاني ويشبع الجائع ويكسو العاري ويقيل العثرات ويكسو العورات يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير إنه على كل شيء قدير.

    مسيّر أم مخيّر ؟

    هذا السؤال يرد كثيرًا على ألسنة الناس والسائل يريد أن تقول له : إما ميسر أم مخير ؟
    فنترككم مع اللجنة الدائمة بفتوى رقم 4513 لتجيب على السؤال:
    الحمدلله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله و صحبه... وبعد: الإنسان مخير ومسير، أما كونه مخيراً فلأن الله سبحانه أعطاه عقلاً وسمعاً وبصراً وإرادة فهو يعرف بذلك الخير من الشر، والنافع من الضار ويختار ما يناسبه، وبذلك تعلقت به التكاليف من الأمر والنهي واستحق الثواب على طاعة الله ورسوله والعقاب على معصية الله ورسوله، وأما كونه مسيراً فلأنه لا يخرج بأفعاله وأقواله عن قدر الله ومشيئته كما قال سبحانه: { مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } الحديد 22 وقال سبحانه { لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ <28> وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } التكوير 28 وقال سبحانه { هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} يونس 22 .
    وفي الباب آيات كثيرة وأحاديث صحيحة كلها تدل على ما ذكرنا لمن تأمل الكتاب والسنة. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.


    اعتداء في الدعاء

    كثير من الناس يقولون اللهم إننا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه فما الحكم في ذلك جزاكم الله خيرا؟
    فأجاب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : لا نرى الدعاء هذا بل نرى أنه محرم وأنه أعظم من قول الرسول عليه الصلاة والسلام لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت وذلك لأن الدعاء مما يرد الله به القضاء كما جاء في الحديث لا يرد القضاء إلا الدعاء والله عز وجل يقضي الشيء ثم يجعل له موانع فيكون قاضيا بالشي وقاضيا بأن هذا الرجل يدعو فيرد القضاء والذي يرد القضاء هو الله عز وجل فمثلا الإنسان المريض هل يقول اللهم إني لا أسألك الشفاء ولكني أسألك أن تهون المرض لا بل يقول اللهم إنا نسألك الشفاء فيجزم بطلب المحبوب إليه دون أن يقول يا رب أبق ما أكره لكن الطف بي فيه خطأ هل الله عز وجل إلا أكرم الأكرمين وأجود الأجودين وهو القادر على أن يرد عنك ما كان أراده أولا بسبب دعائك فلهذا نحن نرى أن هذه العبارة محرمة وأن الواجب أن نقول اللهم إني أسألك أن تعافيني أن تشفيني أن ترد علي غائبي وما أشبه ذلك. فتاوى نور على الدرب


    *المصدر: سلسلة العلامتين

  • #2
    رد: مسيّر ام مخيّر !!!!!!!!!!!!!!!

    جزاك الله الجنه اخى الحبيب
    اسال الله ان يوفقك ربى الى ما يحبه ويرضاه
    اللهم ثبتنا على الحق حتى نلاقاك
    اللهم امين
    قال رسول الله صل الله عليه وسلم من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة

    تعليق


    • #3
      رد: مسيّر ام مخيّر !!!!!!!!!!!!!!!

      جزاك الله خيرا أخي الحبيب
      وبارك الله فيك
      ونفع بك
      وعذرا حبيب قلبي تم النقل الي القسم المناسب
      لتعم الفائدة
      نسأل الله ان يجعله في ميزان حسناتك
      وان يغفر لنا ولكم
      ااااامين
      و أحبكم في الله
      ... جرِّد الحجة من قائلها، ومن كثرة القائلين وقلّتهم بها، ومن ضغط الواقع وهوى النفس، واخلُ بها والله ثالثكما، تعرف الحق من الباطل . ( الطريفي )




      تعليق


      • #4
        رد: مسيّر ام مخيّر !!!!!!!!!!!!!!!

        جزاك الله خيراً اخى الحبيب ونفع الله بك واثابك الله الجنه
        { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ }
        سورة الرعد الآية 17

        تعليق


        • #5
          رد: مسيّر ام مخيّر !!!!!!!!!!!!!!!

          الانسان ميسر لما خلق له
          عن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق عن أبيه قال سمعت أبي يذكر أن أباه سمع أبا بكر وهو يقول قلت لرسول الله صلى الله عليه و سلم : يا رسول الله العمل على ما فرغ منه أو على أمر مؤتنف قال بل على أمر قد فرغ منه قال قلت ففيم العمل يا رسول الله قال كل ميسر لما خلق له
          تعليق شعيب الأرنؤوط : حسن لغيره
          قال أحد الحكماء :
          ليس كل مايعرف يقال - ولا كل مايقال جاء أوانه
          ولا كل ماجاء أوانه حضر أهله

          تعليق


          • #6
            هل الانسان مسير ام مخير

            هل الإنسان مسير أو مخير
            د.نايف بن أحمد الحمد

            الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد : فهذا السؤال مما يكثر طرحه وتسبب سوء فهمه لبعض الناس بترك العمل – العبادات مع اقترافه للمحرمات - محتجا بالقدر والجواب يحتاج إلى بسط وذكر لفتاوى العلماء الموضحة لذلك فأقول مستعينا بالله تعالى : إن التصديق بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان ولا يتم إلا بأربعة أمور :

            الأول : الإيمان بأن الله تعالى عالم بكل صغيرة وكبيرة جملة وتفصيلا
            قال تعالى ( جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (المائدة:97) وقال تعالى ( قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (الحجرات:16) وقال تعالى ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (المجادلة:7) وقال تعالى ( يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور ِ) (التغابن:4) .

            الثاني : الإيمان بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء
            قال تعالى ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) (الحديد:22) وقال تعالى ( وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ) (القمر:52) ولحديث عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنهما- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : ( كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ) رواه مسلم (2653) .

            الثالث : أنه لا يكون شيء في السموات ولا في الأرض إلا بإرادة الله ومشيئته الدائرة بين الرحمة والحكمة يهدي من يشاء برحمته ويضل من يشاء بحكمته قال تعالى ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) (القمر:49) .

            الرابع : أن الله تعالى خالق كل شيء قال تعالى ( قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) (الرعد: 16) وقال تعالى ( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) (الزمر:62) وقال تعالى ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) (الصافات:96) ( أنظر : شرح لمعة الاعتقاد لشيخنا العلامة ابن عثيمين /51 معارج القبول للشيخ الحكمي 2/328 السلفية شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والتعليل لابن القيم والقضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة د. عبد الرحمن المحمود )

            قال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى " مراتب ذلك –أي القدر- أربع لا يتم الإيمان بالقدر إلا بتكميلها : الإيمان بأنه بكل شيء عليم , وأن علمه محيط بالحوادث , دقيقها وجليلها , وأنه كتب ذلك باللوح المحفوظ , وأن جميعها واقعة بمشيئته وقدرته . ما يشاء كان وما لم يشأ لم يكن , وأنه مع ذلك مكَّن العباد من أفعالهم فيفعلونها اختيارا منهم بمشيئتهم وقدرتهم . كما قال الله تعالى : ( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ)(الحج: 70) وقال : ( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (التكوير:29) ا.هـ سؤال وجواب في أهم المهمات (67) .

            قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- مبينا مذهب أهل السنة في أفعال العباد : ( والعباد فاعلون حقيقة ، والله خالق أفعالهم , والعبد هو المؤمن والكافر والبر والفاجر والمصلي والصائم ، وللعباد قدرة على أعمالهم ، ولهم إرادة والله خالق قدرتهم وإرادتهم ، كما قال تعالى ( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) (التكوير:29) ا.هـ الواسطية مع شرح هراس ص 65

            وقال ابن قدامة –رحمه الله تعالى- : " ومن صفات الله –تعالى- أنه الفعال لما يريد ولا يكون شيء إلا بإرادته , ولا يخرج شيء عن مشيئته , وليس في العالم شيء يخرج عن تقديره , ولا يصدر إلا عن تدبيره , ولا محيد عن القدر المقدور , ولا يتجاوز ما خُط في اللوح المسطور , أراد مالعالم فاعلوه , ولو عصمهم لما خالفوه , ولو شاء أن يطيعوه جميعا لأطاعوه , خلق الخلق وأفعالهم , وقدر أرزاقهم وآجالهم ’ يهدي من يشاء برحمته , ويضل من يشاء بحكمته , قال تعالى ( لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) (الانبياء:23) وقال تعالى ( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً)(الفرقان :2) وقال تعالى( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (الحديد:22) وقال تعالى ( فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً )(الأنعام :125) وروى ابن عمر : أن جبريل عليه السلام قال للنبي –صلى الله عليه وسلم – ما الإيمان ؟ قال : ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره ) . فقال جبريل : صدقت . رواه مسلم وقال النبي –صلى الله عليه وسلم – ( آمنت بالقدر خيره وشره حلوه ومره ) ومن دعاء النبي –صلى الله عليه وسلم – الذي علمه الحسن بن علي يدعو به في قنوت الوتر ( وقني شر ما قضيت ) ولا نجعل قضاء الله وقدره حجة لنا في ترك أوامره واجتناب نواهيه بل يجب أن نؤمن بأن لله علينا الحجة بإنزال الكتب وبعثة الرسل قال الله تعالى ( لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ )(النساء : 165) ونعلم أن الله سبحانه ما أمر ونهى إلا المستطيع للفعل والترك , وأنه لم يجبر أحدا على معصية , ولا اضطره إلى ترك طاعة قال تعالى ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا )(البقرة :286) وقال تعالى ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )(التغابن :16) وقال تعالى ( الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ )(غافر :17) فدل على أن للعبد فعلا وكسبا يُجزى على حسنه بالثواب , وعلى سيئه بالعقاب , وهو واقع بقضاء الله وقدره " ا.هـ لمعة الاعتقاد /194 مطبوع ضمن الجامع للمتون العلمية .

            وقال الشيخ السعدي –رحمه الله تعالى – ذاكرا شبهة الجبرية ومجيبا عنها : " إن الجميع يقولون بما جاء به الكتاب والسنة , من إثبات الأصلين : ( أحدهما ) : الاعتراف بأن جميع الأشياء كلها - أعيانها , وأوصافها , وأفعالها - بقضاء وقدر , لا تخرج عن مشيئة الله وإرادته , بل : ما شاء الله كان , وما لم يشأ لم يكن . ( والأصل الثاني ) : أن أفعال العباد - من الطاعات , والمعاصي , وغيرها - واقعة بإرادتهم وقدرتهم : وأنهم لم يجبروا عليها : بل هم الذين فعلوها بما خلق الله لهم : من القدرة : والإرادة . ويقولون : لا منافاة بين الأمرين : فالحوادث كلها - التي من جملتها أفعال العباد - بمشيئة الله وإرادته : والعباد هم الفاعلون لأفعالهم , المختارون لها . فهم الذين اختاروا فعل الخيرات وفعلوها , واختاروا ترك المعاصي فتركوها . والآخرون اختاروا فعل المعاصي وفعلوها , واختاروا ترك الأوامر فتركوها . فاستحق الأولون المدح والثواب , واستحق الآخرون الذم والعقاب . ولم يجبر الله أحدا منهم على خلاف مراده واختياره . فلا عذر للعاصين إذا عصوا وقالوا : إن الله قدرها علينا , فلنا بذلك العذر . فيقال لهم : إن الله قد أعطاكم المكنة والقدرة على كل ما تريدون , وأنتم - بزيغكم وانحرافكم - أردتم الشر ففعلتموه : والله قد حذركم , وهيأ لكم كل سبب يصرف عن معاصيه : وأراكم سبيل الرشد فتركتموه , وسبيل الغي فسلكتموه . وإذا أردت زيادة إيضاح لهذا المقام : فإنه من المعلوم لكل أحد : أن كل فعل يفعله العبد , وكل كلام يتكلم به - فلا بد فيه من أمرين : قدرة منه على ذلك الفعل والقول : وإرادة منه . فمتى اجتمعا : وجدت منه الأقوال والأفعال . والله تعالى هو الذي خلق قدرة العبد , وإرادة العبد : وخالق السبب التام , خالق للمسبب . فالله تعالى خالق أفعال العباد , والعباد هم الفاعلون لها حقيقة . فهذا الإيراد الذي أورده هذا المشكك , وما أشبهه - : من الإيرادات التي يحتج بها أهل المعاصي , بالقدر - يجيبونهم بهذا الجواب , المفحم , فيقولون : دلت أدلة الكتاب والسنة الكثيرة : على أن الله خالق كل شيء وعلى كل شيء قدير وأن كل شيء بقضاء وقدر : الأعيان , والأوصاف , والأفعال . ودلت - أيضا - أدلة الكتاب والسنة : أن العباد هم الفاعلون لفعلهم حقيقة , بقدرتهم واختيارهم . فإنه تعالى نسب إليهم , وأضاف إليهم كل ما فعلوه : من إيمان وكفر , وطاعة ومعصية . وإنه تعالى مكنهم من هذا , ومن هذا . ولكنه تعالى حبب إلى المؤمنين الإيمان وزينه في قلوبهم , وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان : وولى الآخرين ما تولوا لأنفسهم : حيث اختاروا الشر على الخيرة وأسباب العقاب على أسباب الثواب . وهذا - كما أنه معلوم بالضرورة من الشرع - فهو معلوم بالحس الذي لا يمكن أحدا المكابرة فيه : فإن العبد يفرق بين أفعاله التي يقسر ويجبر ويقهر عليها , وبين أفعاله التي يختارها ويريدها , ويحب حصولها " ا.هـ الدرة البهية شرح القصيدة التائية ( 149) .

            وسئل شيخنا العلامة ابن عثيمين –رحمه الله تعالى – مثل هذا السؤال ( هل الإنسان مسير أو مخير ؟ ) فأجاب –رحمه الله تعالى - " على السائل أن يسأل نفسه هل أجبره أحد على أن يسأل هذا السؤال وهل هو يختار نوع السيارة التي يقتنيها‏ ؟‏ إلى أمثال ذلك من الأسئلة وسيتبين له الجواب هل هو مسير أو مخير ‏ثم يسأل نفسه هل يصيبه الحادث باختياره‏ ؟‏ هل يصيبه المرض باختياره‏ ؟‏ هل يموت باختياره ‏؟‏ إلى أمثال ذلك من الأسئلة وسيتبين له الجواب هل هو مسير أو مخير ‏. والجواب‏:‏ أن الأمور التي يفعلها الإنسان العاقل يفعلها باختياره بلا ريب واسمع إلى قول الله تعالى-‏:‏ ‏ ( فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآباً )(النبأ:39)- وإلى قوله تعالى ( مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ )(آل عمران :152) وإلى قوله تعالى ‏( وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) (الإسراء:19) وإلى قوله تعالى ( فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ )(البقرة :196) حيث خير الفادي فيما يفدي به‏ .‏ ولكن العبد إذا أراد شيئاً وفعله علمنا أن الله -تعالى -قد أراده -لقوله -تعالى-‏:‏ ‏( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (التكوير:29) فلكمال ربوبيته لا يقع شيء في السموات والأرض إلا بمشيئته تعالى ‏، وأما الأمور التي تقع على العبد أو منه بغير اختياره كالمرض والموت والحوادث فهي بمحض القدر وليس للعبد اختيار فيها ولا إرادة ‏.‏ والله الموفق‏." ا.هـ

            وقال –رحمه الله تعالى – " هل الإنسان مسير أو مخير ؟ وهل له إرادة أو ليس له إرادة ؟ فنقول : الإنسان مخير إن شاء آمن وإن شاء كفر بمعنى أن له الاختيار وإن كان ليس سواءً لا يستوي الكفر والإيمان لكن له اختيار أن يختار الإيمان أو أن يختار الكفر وهذا أمرٌ مشاهدٌ معلوم فليس أحدٌ أجبر الكافر على أن يكفر وليس أحدٌ أجبر المؤمن على أن يؤمن بل الكافر كفر باختياره والمؤمن آمن باختياره كما أن الإنسان يخرج من بيته باختياره ويرجع إليه باختياره وكما أن الإنسان يدخل المدرسة الفلانية باختياره ويدخل الجامعة الفلانية باختياره وكما أن الإنسان يسافر باختياره إلى مكة أو إلى المدينة أو ما أشبه ذلك وهذا أمرٌ لا إشكال فيه ولا جدال فيه ولا يمكن أن يجادل فيه إلا مكابر نعم هناك أشياء لا يمكن أن تكون باختيار الإنسان كحوادث تحدث للإنسان من انقلاب سيارة أو صدم أو سقوط بيتٍ عليه أو احتراق أو ما أشبه هذا هذا لا شك أن لا اختيار للإنسان فيه بل هو قضاءٌ وقدر ممن له الأمر ولهذا عاقب الله سبحانه وتعالى الكافرين على كفرهم لأنهم كفروا باختيارهم ولو كان بغير اختيارٍ منهم ما عوقبوا ألا ترى أن الإنسان إذا أكره على الفعل ولو كان كفراً أو على القول ولو كان كفراً فإنه لا يعاقب عليه لأنه بغير اختيارٍ منه ألا ترى أن النائم قد يتكلم وهو نائم بالكفر وقد يرى نفسه ساجداً لصنم وهو نائم ولا يؤاخذ بهذا لأن ذلك بغير اختياره فالشيء الذي لا اختيار للإنسان فيه لا يعاقب عليه فإذا عاقب الله الإنسان على فعله السيئ دل ذلك على أنه عوقب بحقٍ وعدل لأنه فعل السيئ باختياره , وأما توهم بعض الناس أن الإنسان مسير لا مخير من كون الله سبحانه وتعالى قد قضى ما أراد في علمه الأزلي بأن هذا الإنسان من أهل الشقاء وهذا الإنسان من أهل السعادة فإن هذا لا حجة فيه وذلك لأن الإنسان ليس عنده علمٌ بما قدر الله سبحانه وتعالى إذ أن هذا سرٌ مكتوم لا يعلمه الخلق فلا تعلم نفسٌ ماذا تكسب غداً وهو حين يقدم على المخالفة بترك الواجب أو فعل المحرم يقدم على غير أساس وعلى غير علم لأنه لا يعلم ماذا كتب عليه إلا إذا وقع منه فعلاً فالإنسان الذي يصلي لا يعلم أن الله كتب له أن يصلي إلا إذا صلى والإنسان السارق لا يعلم أن الله كتب عليه أن يسرق إلا إذا سرق وهو لم يجبر على السرقة ولم يجبر المصلي على الصلاة بل صلى باختياره والسارق سرق باختياره ولما حدث النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بأنه ( ما من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار ) قالوا : يا رسول الله ألا ندع العمل ونتكل ؟ قال : ( لا اعملوا فكلٌ ميسر لما خلق له ) فأمر بالعمل والعمل اختياري وليس اضطرارياً ولا إجبارياً فإذا كان يقول - عليه الصلاة والسلام- ( اعملوا فكلٌ ميسر لما خلق له ) نقول للإنسان اعمل يا أخي صالحا اعمل صالحاً حتى يتبين أنك ميسر لعمل أهل السعادة وكلٌ بلا شك إن شاء عمل عملاً صالحاً وإن شاء عمل عملاً سيئاً ولا يجوز للإنسان أن يحتج بالقدر على الشرع فيعصي الله ويقول هذا أمرٌ مكتوب علي يترك الصلاة مع الجماعة ويقول هذا أمر مكتوب علي يشرب الخمر ويقول هذا أمر كتب علي يطلق نظره في النساء الأجنبيات ويقول هذا أمرٌ مكتوبٌ علي ما الذي أعلمك أنه مكتوبٌ عليك فعملته , أنت لم تعلم أنه كتب إلا بعد أن تعمل لماذا لم تقدر أن الله كتبك من أهل السعادة فتعمل بعمل أهل السعادة , وأما قول السائل هل للإنسان إرادة ؟ نقول : نعم له إرادة بلا شك قال الله تبارك وتعالى ( مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ )(آل عمران : 152) وقال تعالى ( وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ )(الإسراء : 19) وقال تعالى ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ) (الشورى :20) والآيات في هذا معروفة وكذلك الأحاديث معروفة في أن الإنسان يعمل باختيار وإرادة ولهذا إذا وقع العمل الذي فيه المخالفة من غير إرادة ولا اختيار عفي عنه قال الله تعالى ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )(البقرة :28) فقال الله : قد فعلت . وقال تعالى ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ ) (الأحزاب :5) وهذا أمرٌ ولله الحمد ظاهر ولا إشكال فيه إلا على سبيل المنازعة والمخاصمة , والمنازعة والمخاصمة منهيٌ عنهما إذا لم يكن المقصود بذلك الوصول على الحق وقد خرج النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ذات يوم على أصحابه وهم يتنازعون في القدر فتأثر من ذلك عليه الصلاة والسلام لأن هذا النزاع لا يؤدي إلى شيء إلا إلى خصومة وتطاول كلام وغير ذلك وإلا فالأمر واضح ولله الحمد." ا.هـ

            كما سئلت اللجنة الدائمة عن ذلك ؟
            فأجابت اللجنة : أولاً : ثبت أن الله - تعالى - وسع كل شيء رحمة وعلماً وكتب في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة ، وعمت مشيئته وقدرته كل شيء، بيده الأمر كله لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا راد لما قضى وهو على كل شيء قدير، وقد دلَّ على ذلك وما في معناه نصوص من الكتاب والسنة، وهي كثيرة معروفة عند أهل العلم، ومن طلبها من القرآن ودواوين السنة وجدها، من ذلك قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (العنكبوت:62) وقوله ) اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)( الزمر:62]، وقوله: "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" [القمر:49]، وقوله: "وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً" [الإنسان:30]، وقوله: "يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ [الرعد:39]، وقوله:"( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِير ) الحديد:22]، وقوله: " "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) (يونس99) وقوله: "وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا ) (السجدة: 13)

            ومما ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في ذلك ما حث على الذكر به عقب الصلاة من قول: "لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد" البخاري (844) ومسلم (593)، وكذا ما جاء في حديث عمر – رضي الله عنه – من سؤال جبريل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن الإيمان فأجاب النبي – صلى الله عليه وسلم – بقوله: "الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره" مسلم (8)، فهذه النصوص وما في معناها تدل على كمال علمه - تعالى - بما كان وما هو كائن وتقديره كل شؤون خلقه، وعلى عموم مشيئته وقدرته، ما شاءه – سبحانه - كان وما لم يشأ لم يكن.

            ثانياً: ثبت أن الله حكيم في خلقه وتدبيره وتشريعه، رحيم بعباده، وأنه - تعالى - أرسل الرسل - عليهم الصلاة والسلام - وأنزل الكتب وشرع الشرائع وأمر كلاً منهم أن يبلغها أمته، وأنه - تعالى - لم يكلف أحداً إلاَّ وسعه، رحمة منه وفضلاً، فلا يكلف المجنون حتى يعقل، ولا الصغير حتى يبلغ، وعذر النائم حتى يستيقظ، والناسي حتى يذكر، والعاجز حتى يستطيع ومن لم تبلغه الدعوة حتى تبلغه، رحمة منه تعالى وإحساناً.

            وثبت عقلاً وشرعاً الفرق بين حركة الصاعد على سلم مثلاً والساقط من سطح مثلاً، فيؤمر الأول بالمضي إلى الخير وينهى عن المضي إلى الشر والاعتداء، بخلاف الثاني فلا يليق في شرع ولا عقل أن يوجه إليه أمر أو نهي، وثبت الفرق أيضاً بين حركة المرتعش لمرضه وحركة من ليس به مرض، فلا يليق شرعاً ولا عقلاً أن يوجه إلى الأول أمر ولا نهي فيما يتعلق في الرعشة، لكونه ملجأ مضطراً إليه، بل يرثى لحاله ويسعى في علاجه، بخلاف الثاني فقد يحمد كما في حركات العبادات الشرعية، وقد ينهى كما في حركات العبادة غير الشرعية وحركات الظلم والاعتداء، فتكليف الله عباده ما يطيقون فقط وتفريقه في التشريع والجزاء بين من ذكروا وأمثالهم دليل على ثبوت الاختيار والقدرة والاستطاعة لمن كلفهم دون من لم يكلفهم.

            ثم إن الله - تعالى - حكم عدل علي حكيم لا يظلم مثقال ذرة، جواد كريم يضاعف الحسنات ويعفو عن السيئات، ثبت ذلك بالفعل الصريح والنقل الصحيح فلا يتأتى مع كمال حكمته ورحمته وواسع مغفرته أن يكلف عباده دون أن يكون لديهم إرادة واختيار لما يأتون وما يذرون وقدرة على ما يفعلون، ومحال في قضائه العادل وحكمته البالغة أن يعذبهم على ما هم إلى فعله ملجؤون وعليه مكرهون، وإذاً فقدر الله المحكم العادل وقضاؤه المبرم النافذ من عقائد الإيمان الثابتة التي يجب الإذعان لها وثبوت الاختيار للمكلفين وقدرتهم على تحقيق ما كلفوا به من القضايا التي صرح بها الشرع وقضى بها العقل، فلا مناص من التسليم بها والرضوخ لها، فإذا اتسع عقل الإنسان لإدراك السر في ذلك فليحمد الله على توفيقه، وإن عجز عن ذلك فليفوض أمره لله، وليتهم نفسه بالقصور في إدراك الحقائق فذلك شأنه في كثير من الشؤون، ولا يتهم ربه في قدره وقضائه وتشريعه وجزائه فإنه - سبحانه - هو العلي القدير الحكيم الخبير، (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) (180) وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) (181) )وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الصافات:182) وليكف عن الخوض في ذلك الشأن خشية الزلل والوقوع في الحيرة، وليقنع عن رضا وتسليم بجواب النبي – صلى الله عليه وسلم – لأصحابه – رضي الله عنهم - لما حاموا حول هذا الحمى، فقالوا: يا رسول الله ، أفلا نتكل؟ فقال لهم : "اعملوا فكل ميسر لما خلق له" رواه البخاري (4949) من طرق عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – قال : كنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في بقيع الغرقد في جنازة فقال: "ما منكم من أحد إلاَّ وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار"، فقالوا: يا رسول الله، أفلا نتكل، فقال: "اعملوا فكل ميسر لما خُلق له"، ثم قرأ قوله تعالى: "فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى"، إلى قوله تعالى: "فسنيسره للعسرى"، ورواه أيضاً مسلم (2647) وأصحاب السنن الترمذي (2136)، وابن ماجة (78)، وأحمد (621( .وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

            اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء : عبد الله بن قعود[عضو ] عبد الله بن غديان [عضو] عبد الرزاق عفيفي [نائب رئيس اللجنة] عبد العزيز بن عبد الله بن باز [ الرئيس ] ا.هـ والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه




            تعليق


            • #7
              رد: هل الانسان مسير ام مخير

              أسكنك الله الجنة مع الرسول

              تعليق


              • #8
                رد: هل الانسان مسير ام مخير

                اللهم آآآآآآمين
                جزاك الله خيرا وبارك الله فيك اختى الكريمه
                ام خطاب


                تعليق


                • #9
                  رد: هل الانسان مسير ام مخير

                  جزاكِ الله خيرا كثيرا أختي شيرين ونفع بكِ
                  فهذه إشكالات ترد على كثير من الناس

                  ولما حدث النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بأنه ( ما من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار ) قالوا : يا رسول الله ألا ندع العمل ونتكل ؟ قال : ( لا اعملوا فكلٌ ميسر لما خلق له ) فأمر بالعمل والعمل اختياري وليس اضطرارياً ولا إجبارياً فإذا كان يقول - عليه الصلاة والسلام- ( اعملوا فكلٌ ميسر لما خلق له ) نقول للإنسان اعمل يا أخي صالحا اعمل صالحاً حتى يتبين أنك ميسر لعمل أهل السعادة وكلٌ بلا شك إن شاء عمل عملاً صالحاً وإن شاء عمل عملاً سيئاً ولا يجوز للإنسان أن يحتج بالقدر على الشرع فيعصي الله ويقول هذا أمرٌ مكتوب علي يترك الصلاة مع الجماعة ويقول هذا أمر مكتوب علي يشرب الخمر ويقول هذا أمر كتب علي يطلق نظره في النساء الأجنبيات ويقول هذا أمرٌ مكتوبٌ علي ما الذي أعلمك أنه مكتوبٌ عليك فعملته , أنت لم تعلم أنه كتب إلا بعد أن تعمل لماذا لم تقدر أن الله كتبك من أهل السعادة فتعمل بعمل أهل السعادة ,
                  وأما قول السائل هل للإنسان إرادة ؟ نقول : نعم له إرادة بلا شك قال الله تبارك وتعالى ( مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ )(آل عمران : 152) وقال تعالى ( وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ )(الإسراء : 19) وقال تعالى ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ) (الشورى :20) والآيات في هذا معروفة وكذلك الأحاديث معروفة في أن الإنسان يعمل باختيار وإرادة ولهذا إذا وقع العمل الذي فيه المخالفة من غير إرادة ولا اختيار عفي عنه قال الله تعالى ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )(البقرة :28) فقال الله : قد فعلت . وقال تعالى ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ ) (الأحزاب :5)
                  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
                  ربنا يحبكِ ويرضى عنكِ أختي

                  رحمك الله أبي الحبيب, لا تنسوه من الدعاء , الله المستعان

                  تعليق


                  • #10
                    رد: هل الانسان مسير ام مخير

                    وخيرا جزاك وبارك الله فيك
                    اختى الكريمه
                    محبه السلف
                    رزقنا الله جميعا حب الله ورضاه عنا


                    تعليق


                    • #11
                      رد: هل الانسان مسير ام مخير

                      المشاركة الأصلية بواسطة أم خطاب مشاهدة المشاركة
                      أسكنك الله الجنة مع الرسول
                      آآآآآآآآآآآآآآمين
                      جزاكِ الله كل الخير يا رفيقه دربِ
                      ونحن معاك فى الجنه مع النبى الكريم
                      اللهم احفظ ابنتى واعنا على تربيتها تربية صالحة مصلحة حاملة لكتابك ومطبقة لشرعك
                      اللهم احفظ زوجى من كل سوء والف بين قلوبنا واجعله قره عين لى واجعلنى قرة عينا له
                      وبارك اللهم في أهلى ورفيقاتى واحفظهم من كل سوء

                      تعليق


                      • #12
                        رد: هل الانسان مسير ام مخير

                        اللهم آآآآآآآآآآآآمين
                        جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
                        رفيقه دربى انا التائبه


                        تعليق


                        • #13
                          رد: هل الانسان مسير ام مخير

                          جزاك الله خيرا وبارك الله فيك اختى الكريمه
                          شرين

                          تعليق


                          • #14
                            رد: هل الانسان مسير ام مخير

                            المشاركة الأصلية بواسطة سمبله الاسلام مشاهدة المشاركة
                            جزاك الله خيرا وبارك الله فيك اختى الكريمه


                            شرين
                            وخيرا جزاك وبارك الله فيك


                            تعليق


                            • #15
                              هل الإنسان مسير أم مخير ؟

                              السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

                              يقول الله تعالى في كتابه الكريم : (
                              وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) التكوير: 29


                              هذه الآية العظيمة المحكمة يفصل بها الله تعالى بين كثير من المختلفين في مشيئة العبد واختياره
                              وتجيب عن تساؤل طالما طرحه كثير من الناس ووقف بسطاؤهم أمامه حيارى ألا وهو :



                              هل الإنسان مسير أم مخير ؟


                              وفي الحقيقة أن هناك ثمة أمور يكون للإنسان اختيار فيها وأخرى ليس له فيها اختيار
                              فأنت لا تختار عرقك وجنسك ولونك كما أنَّك لا تختار الحادث المفاجئ الذي يحصل
                              لك ولا المصائب التي تنزل بك.



                              ولكنك تختار ما تأكل وما تشرب ومن تصاحب وتختار أن تصلي أولا تصلي وأن تنفق أو
                              لا تنفق وكل الأفعال الصادرة منك في الغالب هي بمشيئتك واختيارك فالصلاة والنفقة وإن
                              كانتا عبادتين مطلوبتين من جهة الشرع إلا أنَّ لك فيها اختيارا ووجه اختيارك أنه باستطاعتك
                              أن تفعلها أو لا تفعلها أي باستطاعتك أن تطيع وباستطاعتك أن لا تطيع !! لأنها تحصل
                              بقدرتك واختيارك الذين خلقهما الله لك وأودعهما فيك.



                              قال تعالى:
                              (
                              وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا* قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ) الشمس: 7-10

                              وقد يضع اللهُ العبد أحيانًا في ظروف تجعل الطاعات بالنسبة له أصعب ولكنها ممكنة وليست
                              مستحيلة وهو يملك فعلها مع مكابدة بعض الصعاب ويصبح الأجر المترتب عليها أعظم.
                              وقد يضعه في ظروف تكون المعاصي بالنسبة له ملحة ودواعيها كثيرة ودوافعها في نفسه قوية
                              ولكن حبس النفس عنها ممكن وليس مستحيلاً ولكنه أصعب ومجاهدتها في تلك الحالة أشق
                              وأجر الترك أعظم وفي المقابل قد يضع شخصًا آخراً في ظروف يكون فيها فعل الطاعة سهل
                              وترك المعصية أسهل ولكنه بالتأكيد لا يؤجر كالأول من حيث مشقة العمل والصبر عليه وإن
                              كان من الممكن أن يفوقه أجرًا بحسب ما يقوم في قلبه من معان إيمانية أخرى.


                              فهذا التفاوت موجود بين الناس بالإجمال وكذلك هو موجود في الشخص نفسه فأنت ترى أن
                              بعض الطاعات بالنسبة لك أسهل من غيرها وبعض المعاصي تركها أصعب!!

                              إذاً فمهما كنت فأنت قادر على أن تطيع وقادر على أن تعصي ولكنك مختبَر بالفعل والترك
                              ومبتلًى بحجم قوتك في اقتحام الصعاب والمكاره لأجل ربك كما ورد في صحيح مسلم
                              ( حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات)


                              قال الحسن البصري - رحمه الله :
                              استكثروا في الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعةً يوم القيامة".
                              [حصري] زاد المربين فى تربية البنات والبنين


                              تعليق

                              يعمل...
                              X