إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الثالث (مقدمة في أصول التفسير (3) :: دورة بصائر العلمية 2

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الثالث (مقدمة في أصول التفسير (3) :: دورة بصائر العلمية 2



    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

    اللفظة في التفسير لها ثلاثة حقائق

    فنقول اللفظة في التفسير أو في عرف العلماء لها ثلاثة حقائق
    حقيقة شرعية وحقيقة عُرفية وحقيقة لغوية.
    والأصل في اللفظة الحقيقة الشرعية
    لأن القرآن تشريع، لما جاء على لفظة يمكن أن يكون لها في الظاهر معنى لغوي ولكن في الشرع لها معنى، يُحمل على المعنى الشرعي.





    وللتعرف على طرق التفسير الخمس وكيف يكون الطالب للتفسير على دراية في آيات القرآن المتناظرة لتجنب الشبهات وسنتعرف على شبهة ما جاء في خلق آدم والرد عليها والتحذير من تفسير الآيات بغير علم وأهمية معرفة القصص القرآني وسنعرض قصة سيدنا آدم وقصة أبليس والأدلة على انه ليس من الملائكة ثم نتعرف على أنواع الاستثناء في اللغة وما هو منهج إبليس في الضلال ولماذا كانت غالب القصص في بني اسرائيل
    والحكمة من وجود القصص القرآني




    ولمعرفة المزيد
    ندعوكم للتعرف على درس بعنوان
    مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الثالث (مقدمة في أصول التفسير (3) :: دورة بصائر العلمية 2

    لفضيلة الشيخ الدكتور / محمد عطية



    تفضلوا معنا في تحميل الدرس الثالث بجميع الصيغ

    http://way2allah.com/khotab-item-127232.htm



    الجودة العالية wmv
    http://way2allah.com/khotab-mirror-127232-198608.htm


    الصوت
    http://way2allah.com/khotab-mirror-127232-198609.htm


    الساوند كلاود

    https://soundcloud.com/way2allahcom/tafsir3


    اليوتيوب
    https://www.youtube.com/watch?v=aBCNpCkqWaU


    رابط تفريغ بصيغة pdf

    http://way2allah.com/media/pdf/127/127232.pdf


    فهرس مادة التفسير وعلوم القرآن // الشيخ الدكتور محمد عطية // دورة بصائر العلمية 2



    :..: موضوع خاص باستقبال أسئلة مادة التفسير وعلوم القرآن:..:


    مثبــت:
    جدول الدورة العلمية بصائر 2


    مثبــت: موضوع مخصص لتلقي الاستفسارات والشكاوى الخاصة بالدورة العلمية بصائر 2

    مثبــت: مقاطع الدورة العلمية بصائر 2 | من إنتاج فريق الصوتيات


    مثبــت: مقاطع الدورة العلمية بصائر 2 | من إنتاج فريق المونتاج





    ولمشاهدة وتحميل جميع دروس دورة بصائر العلمية 2 من خلال هذا الرابط
    http://way2allah.com/category-578.htm



    لقراءة التفريغ مكتوب على المنتدى تابعونا في المشاركة الثانية بإذن الله

    التعديل الأخير تم بواسطة لؤلؤة باسلامي; الساعة 26-10-2016, 02:48 PM.
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.


  • #2
    رد: مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الثالث (مقدمة في أصول التفسير (3) :: دورة بصائر العلمية 2

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    حياكم الله وبياكم
    الإخوة الأفاضل والأخوات الفضليات: يسر
    فريق التفريغ بشبكة الطريق إلى الله
    أن يقدم لكم:
    تفريغ: مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الثالث (مقدمة في أصول التفسير (3) :: دورة بصائر العلمية 2
    لفضيلة الشيخ الدكتور/ محمد عطية

    سائلين الله -عز وجل- أن يجعله في ميزان حسنات كل من شارك فيه
    وأن يبارك في فريق عمل التفريغ



    بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه،
    وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله،
    ثم أما بعد:
    فكنا توقفنا عند اللفظة لها ثلاثة حقائق ثم كان نهاية الحديث ولم يكتمل الكلام فيها.




    اللفظة في التفسير لها ثلاثة حقائق


    فنقول اللفظة في التفسير أو في عرف العلماء لها ثلاثة حقائق
    حقيقة شرعية وحقيقة عُرفية وحقيقة لغوية.
    والأصل في اللفظة الحقيقة الشرعية

    لأن القرآن تشريع، لما جاء على لفظة يمكن أن يكون لها في الظاهر معنى لغوي ولكن في الشرع لها معنى، يُحمل على المعنى الشرعي.

    مثال ذلك

    -الصلاة بمعنى الصلاة المعروفة

    مثلًا الصلاة، الصلاة في اللغة معناها الدعاء، هذه حقيقة لغوية وأما في الشرع فهي أقوال وأفعال مخصوصة تبدأ بالتكبير وتنتهي بالتسليم، إذا قال ربنا –جل وعلا-: "أَقِمِ الصَّلَاةَ" الإسراء:78، فهل معناها هنا ادع؟ لا طبعًا إنما معناها أقم الصلاة المعروفة شرعًا وهي ذات الأقوال والأفعال المخصوصة التي تبدأ بالتكبير وتنتهي بالتسليم.

    - الصلاة بمعنى الدعاء

    لكن إذا قال الله –عز وجل-: "وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ" التوبة:103، في سورة التوبة، فهذا المعنى يقينًا لا ينصرف إلى المعنى الشرعي؛ لأن المعنى هنا وادع لهم "خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ" التوبة:103، ليس معنى هذا "وَصَلِّ عَلَيْهِمْ" يعني كبر واقرأ واركع واسجد وإنما المعنى هنا هو المعنى اللغوي

    بقرينة السورة التي هي فيها أداء الزكاة فأداء الزكاة وكان النبي –صلى الله عليه وسلم- وكل من كان يأتي له بالزكاة يقول اللهم صل على بني فلان، "اللهم صلِّ على آلِ أبي أّوْفَى" صحيح البخاري، كما ذكر عبد الله بن أبي أوفى أن أباه لما جاء بصدقته إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "اللهم صلِّ على آلِ أبي أّوْفَى" صحيح البخاري، فهكذا المعنى هنا مصروف إلى المعنى اللغوي، المعنى هنا لايقال أن الصلاة هنا هي المراد بها الشرعي ولكن الحقيقة الشرعية هي مقدمة في التفسير أو في المعنى المراد من الألفاظ إذا جاءت في القرآن أو في السنة.

    وهكذا يجب على الناظر في التفسير أن يكون عنده هذه القواعد التي بها يستطيع النظر في التفسير واختيار الأقوال بين الأقوال المتضادة أو الأقوال الكثيرة التي ربما ترد في تفسير آيةٍ ما.



    طرق التفسير الخمس

    إذًا نعود فنقول القرآن يُفَسر ابتداءً بالقرآن إن لم يوجد بسنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وإن لم يوجد فبأقوال الصحابة فإن لم يوجد فبأقوال التابعين وخاصة كبارهم الذين أخذوا عن الصحابة –رضوان الله تبارك وتعالى عليهم- كمجاهد وعكرمة وغيرهما، فإن لم يوجد التفسير في كلام الله ولا في كلام رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ولا نُقل عن الصحابة لوضوحه عندهم ولا عن التابعين لوضوحه أيضًا عندهم وبقي أنه ربما يكون لفظًا غريبًا يحتمل أن يكون المعنى هنا يُنظر فيه إلى لغة القرآن عامة ولغة السنة أو عموم لغة العرب كما يقول ابن تيمية –رحمه الله-: "إذا لم يوجد التفسير في القرآن ولا في سنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ولا عند الصحابة ولا عند التابعين يُرجع في ذلك إلى لغة القرآن والسنة" كما ذكرنا أن اللفظة لها حقائق والحقائق الشرعية مقدمة على الحقائق اللغوية فلابد من النظر في لغة القرآن والسنة ثم عموم لغة العرب لبيان هذا الغريب ثم إدخال هذا الغريب في الجملة المراد تفسيرها والنظر في المعنى العام لذلك.


    إذًا هاهنا خمس طرق ذُكرت في التفسير
    - الطريق الأولى: القرآن بالقرآن

    - الطريق الثانية: القرآن بالسنة

    - الطريق الثالثة: القرآن بأقوال الصحابة

    - الطريق الرابعة: بأقوال التابعين

    - الخامسة: بالمعنى المعروف شرعًا يعني لغة القرآن والسنة أو عموم لغة العرب ويُرجع في ذلك إلى أقوال الصحابة –رضوان الله تعالى عليهم- إن كان عندهم في ذلك معنى يكون لهذا اللفظ أو لهذا الأسلوب.


    الطريقة السادسة في التفسير هي التفسير بالرأي المقبول

    فعندنا هنا تفسير بالمنقول وهو أربع أمور ثم النظر في لغة القرآن والسنة أو في لغة العرب ثم يُنظر بعد ذلك إلى الاجتهاد في فهم المراد إذا لم يوجد في هذا كله ما يمكن أن يكون تفسيرًا للآية أو لهذا الجزء منها.
    والاجتهاد في تفسير القرآن لمن عنده الأدوات كما ذكرنا هذا أمر مطلوب؛ لأن الله –تبارك وتعالى- إنما أنزل كتابه ليُبين للناس وليُطلب تفسيره لأن المطلوب التدبر فيه والعمل به.
    والتدبر فرع عن الفهم لايمكن لأحدٍ أن يتدبر إلا إذا فهم هذا المعنى ولذلك يرجع إلى أهل العلم في ذلك فيفهم المعنى ثم ينظر هل يفتح له في تدبره شيء أم أن الأمر يكون طبعا فتح من الله –تبارك وتعالى- ليس للإنسان فيه دخل إلا من باب الجهد الذي يبذله، وكما قال الله –عز وجل-: "إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا" الأنفال:70.
    الطالب للتفسير لايُعدم فائدة من النظر في أكثر من تفسير لنفس الآية
    إضافة سريعة قبل أن نتحدث عن التفسير بمجرد الرأي وهو أن الطالب للتفسير لايُعدم فائدة من النظر في أكثر من تفسير لنفس الآية؛ ولذلك كان شيخ الإسلام بن تيمية يقول: "إني لأقرأ في الآية الواحدة مائة تفسير ثم أقول اللهم يا معلم آدم وإبراهيم علمني" الحقيقة أن هذا الأسلوب فعلًا يعني ينبغي على طالب التفسير أن ينظر به، يعني يبحث في أكثر من تفسير في معنى الآية أو في معنى ما يبحث عنه من الجزء من القرآن ثم بعد ذلك ينظر في الجمع أو في إخراج المعنى المراد من هذه الآية.
    ومهم جدًا أن يكون على دراية في آيات القرآن المتناظرة

    لتجنب الشبهات
    المهم جدًا أن يكون فعلًا على دراية بآيات القرآن المتناظرة بحيث أنه لايشكل عليه شيء وأي شبهة يمكن أن يرد عليها بسهولة جدًا لأنه قد وقف على المعاني هذه المتناظرات.



    مثال: شبهة ماجاء في خلق آدم

    على سبيل المثال: جاء في خلق آدم أنه خلق من تراب ومن طين "مِّن طِينٍ لَّازِبٍ" الصافات:11، و "مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ" الحجر:26، و "مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ" الرحمن:14، فالذين يريدون شبهات يقول كيف من تراب وكيف من طين وكيف كذا، أليس هذا يعني تناقض في خلق آدم؟
    الرد على هذه الشبهة
    نقول أبدًا ليس هذا من باب التناقض ولو أنك أعملت فكرك لفهمت أن التراب إذا أضيف إليه الماء صار طينًا، فالعنصر الأول التراب والعنصر الثاني الماء، إذا تعرض التراب مع الماء إذا تعرض للهواء فإنه يجف بعض الماء فيكون طينًا لازبًا يعني يلتصق باليد ثم إذا زاد تعرضه للهواء يصير حمأً مسنونًا، فإن تعرض بعد ذلك للنار صار صلصالًا، فإن زاد تعرضه للنار صار صلصالًا كالفخار.
    وهكذا الذي يفهم في صناعة الفخار إنما يُشكل الطين ثم يوضع في النار لفترة طويلة حتى يصير فخار ثم بعد ذلك يُنفخ فيه الروح فهذه سبعة أطوار في خلق آدم كما أن أبناء آدم خُلقوا أيضًا في سبعة أطوار، قال الله –عز وجل-: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ *ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّخَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ" المؤمنون 12: 14.

    فالذي يجمع بين المتناظرات من الآيات يجد أن الأمر إن شاء الله في بيانها أمرًا سهلًا، لايورد عليه شبهة ولا يأتيه أهل هؤلاء الشبهات من هذا الباب، وهذا كثير في كتاب الله كما ذكرنا، ربما إذا وقفت على هذه المتناظرات يكون الأمر سهلًا بإذن الله الكريم في فهم المراد من كلام الله –جل وعلا-.



    التحذير من تفسير آيات الله بغير علم

    أما أن يفكر الإنسان ويظن في نفسه أنه يفهم كلام الله –عز وجل- بدون رجوع إلى أهل العلم، بدون رجوع إلى القرآن، بدون رجوع إلى سنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بدون رجوع إلى أقوال الصحابة وأقوال التابعين، بدون الفهم للغة القرآن والسنة أو للغة العرب، فإن هذا بعيد جدًا ومن هنا يأتي الخطأ.

    وقد ورد عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَن قالَ في القُرآنِ بغَيرِ علمٍ، فَليَتبوَّأ مَقعدَهُ منَ النَّارِ" حسنه وصححه الترمذي، وأيضًا "من قالَ في القرآنِ برأيهِ فأصابَ فقد أخطأَ" حسنه ابن حجر العسقلاني.

    وإن كان في هذه الأحاديث يعني مقال عند أهل الحديث لكن المعنى صحيح، بمعنى أن لايجوز القول في كلام الله –تبارك وتعالى- إلا بعلم، قال الله –عز وجل-: "قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَابَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوابِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ" الأعراف:33، الشاهد هنا "وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ"



    كلام ابن تيمية في التفسير بالرأي بدون علم

    فالقول المجرد لتفسير كلام الله، قولٌ على الله بغير علم وهو من أعظم الذنوب فلابد أن يُفهم هذا
    ولذلك يقول ابن تيمية –رحمه الله-: "فمن قال في القرآن برأيه فقد تكلف ما لا علم له به وسلك غير ما أُمر به، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأتي الأمر من بابه كمن حكم بين الناس على جهلٍ فهو في النار وإن وافق حكمه الصواب في نفس الأمر لكن يكون أخف جرمًا ممن أخطأ والله أعلم، وهكذا سمى الله تعالى القذفة كاذبين فقال: "فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَٰئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ" النور:13، فالقاذف كاذب ولو كان قد قذف من زنا في نفس الأمر؛ لأنه أخبر بما لا يحل له الإخبار به وتكلف ما لا علم له به" لأن الله طلب في ذلك أربع شهداء، فإذ لم يأت بالأربعة فعليه أن يكتم الأمر ولا يذيعه؛ لأن في إذاعته يكون إذاعة للفاحشة وبالتالي حكم الله –تبارك وتعالى- على هؤلاء بأنهم كاذبون.



    تحرج الصحابة من القول في بعض الأشياء رغم علمهم بها

    ولذلك نجد بأن السلف قد تحرجوا في القول بأشياء ربما هم عندهم فيها علم في أنفسهم لكنهم خشوا أن يكون المراد غير ما عندهم من العلم كما ذكرنا عن عمر –رضي الله عنه- أنه قال: "وَفَاكِهَةً وَأَبًّا" عبس:31، فقال: "هذه الفاكهة فما الأب؟" ثم قال: "هذا هو التكلف يا عمر"، والأب كما ذكرنا معروف من أكل البهائم، فذكر الله –عز وجل- ما ينتفع به الإنسان أو ما تنتفع به بهائمه من الرزق الذي خلقه الله رب العالمين.
    وكذلك قال الصديق –رضي الله عنه-: "أي أرضٍ تقلني وأي سماءٍ تظلني إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم" فلا يتكلم في التفسير إلا من عنده الأهلية لذلك.
    هذا ما يتعلق بأحسن طرق التفسير؛ ولذا نقول هذا من أهم مباحث أصول التفسير أن يعلم من ينظر في التفسير أو طالب التفسير أن يعلم أصح أو أحسن طرق التفسير حتى يكون على بينةٍ من أمره عند النظر في كتب التفسير، تفسير القرآن بالقرآن، وتفسير القرآن بكلام رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ثم بما ورد عن الصحابة ثم بما ورد عن التابعين ثم بالنظر في لغة القرآن والسنة أو لغة العرب أو اللغة التي نقلها الصحابة –رضوان الله تعالى- عليهم ثم بالاجتهاد بأدواته، الاجتهاد بأدوات الاجتهاد، لا الاجتهاد بجهل فإن القول بالجهل قولٌ على الله بغير علم ويكون صاحبه آثم.



    من مباحث التفسير: النظر في الآيات المتعلقة بالقصص القرآني

    كذلك من مباحث أصول التفسير النظر في الآيات المتعلقة بالقصص القرآني
    أهمية معرفة القصص القرآني

    -للجمع بين الآيات في القصص المتفرقة

    فإن ذلك أيضًا من ما يتعلق بأصول التفسير، لماذا؟ لأن الناظر في القصص سيجد أيضًا القصص مفرق، هناك قصص مفرق وهناك قصص غير مفرق، بمعنى أن هناك آيات أتت بقصص من القرآن تتعلق بقوم بعينهم أو نبي بعينه فنجدها قد جاءت في أكثر من سورة من سور القرآن، كقصة آدم مثلًا، قصة آدم –عليه السلام- جاءت في نحو تسع سور ثم جاء ذكر آدم في سور أخرى وبالتالي لابد من الجمع بين هذه الآيات لمعرفة ترتيب المشاهد وكذلك في معرفة الحوار وترتيبه أيضًا.
    مثال: قصة آدم –عليه السلام-

    على سبيل المثال مثلًا، قال الله في أول سورة البقرة: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ" البقرة:30، فقصة آدم جاءت كما ذكرنا في نحو تسعة سور وذُكر آدم بعد ذلك في القرآن في 25 موضعًا عمومًا، لكن أول القصة كانت في سورة البقرة وهو قول الله –تبارك وتعالى-: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ *وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ *قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ*وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا ِبْلِيسَ" البقرة 30: 34، ففي سياق سورة البقرة جاء التعليم قبل السجود وفي سورة ص وغيرها "فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ" الحجر:29، إذًا كان السجود بعد الخلق مباشرة فلماذا قُدم التعليم قبل السجود؟

    لماذا قدم هنا في آية سورة البقرة التعليم قبل السجود؟
    الذي ليس عنده جمعًا لهذه المتناظرات ربما حكم بأن التعليم كان قبل السجود وهذا خطأ؛ لأن الله في الآيات الأخرى بين "فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ" الحجر:29، هذا أمر الله ولابد أن يُنفذ وكذا كان الملائكة "فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ" الحجر 30: 31، وأجمعون هنا للتأكيد وإبليس لم يكن من الملائكة، هذه أيضًا مما يُعرف بالجمع بين الآيات لكن لنبقى هنا دقيقة ثم ننتقل إلى قصة إبليس، فالله –تبارك وتعالى- بين في آيات أخر أن السجود قبل التعليم.
    فلماذ ذكر هنا التعليم؟

    قالوا لبيان فضل التعليم ولبيان فضل آدم بما علمه الله –تبارك وتعالى- ما لم يُعلِّمه الملائكة ولذلك الملائكة –عليهم السلام- "قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا" البقرة:32، لم يتكلفوا علمًا ليس عندهم لأن الله لم يعلمهم ذلك وهم الملائكة فلنا فيهم القدوة لأنه إذا سئل أحدنا أن يقول لا علم لي بذلك أو لا أدري، من هنا قال العلماء: "لا أدري ثلث العلم" قالوا: "العلم إما آية محكمة أو سنة ماضية أو لا أدري"
    فكانوا يعلمون تلامذتهم لا أدري، لماذا؟

    حتى لا يتحرج الإنسان إذا لم يكن عندي علم فلماذا أنا أتكلم بل السلامة لنفسي ولمن سألني أن أقول له لا أدري فيبحث عمن يدري فيُفتي، إذًا إنما ذكر العلم هنا لبيان فضله ولكن السجود كان قبل العلم، يفهم الناظر في التفسير ذلك من الآيات الأخرى المتناظرة.



    قصة إبليس

    في قصة إبليس أيضًا جاءت آيات متنافرة في القرآن الكريم؛ في سورة البقرة، في سورة الأعراف، في سورة الإسراء، في سورة الحجر، وفي سورة الكهف أيضًا، فإذا جمع عرف يقينًا أن إبليس لم يكن من الملائكة طرفة عين.
    الأدلة على أن إبليس لم يكن من الملائكة

    - الدليل الأول
    وذلك واضح في آيات سورة الكهف، وقال الله –عز وجل-: "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ" الكهف:50، إذًا عُرف أنه كان من الجن، ما ورد من الإسرائيليات على أن هناك طائفة من الملائكة كانوا يسمون بالجن لأنهم غير مرئيين هذا كلام مرفوض لأن الله –تبارك وتعالى- صرح بأنه كان من الجن.
    - الدليل الثاني
    الأمر الثاني أن إبليس –عليه لعنة الله- إنما اعترض بكلامه على السجود بقوله: "خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ" الأعراف:12، فمادة خلق إبليس النار وهي مادة خلق الجن، الملائكة خلقوا من نور لم يُخلقوا من نار فعُلم بهذا أيضًا أن إبليس ليس من الملائكة.
    - الدليل الثالث
    في سورة الكهف أدلةٌ أخرى "أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ" الكهف:50، إذًا كان له ذرية والملائكة لايوصفون بذكورة ولا أنوثة وليس بينهم تناسل، ليس لهم ذرية ولا تكون الذرية إلا بزوجة، إذًا لإبليس زوجة، لذلك لما سُئل الشعبي: "هل لإبليس زوجة قال والله هذا عرس ما شهدته" يقول: "ثم رجعت إلى كتاب الله –عز وجل فقرأت "أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا" الكهف:50، والذرية لاتكون إلا من زوجة فعلمت أن له زوجة" أو كما قال –عليه رحمة الله-
    إذًا هذه الآية في سورة الكهف فيها ثلاثة أدلة على أن إبليس لم يكن من الملائكة طرفة عين، تصريح القرآن بأنه كان من الجن، تصريحه في هذه الآية بأن له ذرية والذرية لا تكون إلا من زوجة فهذه ثلاثة دلائل.
    - الدليل الرابع
    في آيات أخرى: "خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ" الأعراف:12، فبين مادة الخلق لهذا الملعون وبالتالي يُعلم أنه ليس من الملائكة.
    - الدليل الخامس
    كذلك وصف الله –عز وجل- الملائكة بأنهم: "لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" التحريم:6، فهذا دليل خامس وإبليس عصى.
    لماذا يُؤاخذ إبليس بما ليس من خطابه؟
    قد يسأل سائل الخطاب للملائكة وإبليس ليس من الملائكة، فلماذا يعني يؤاخذ بما ليس من خطابه؟ نقول أن الله أمره بالسجود مع الحضور؛ ولذلك قال الله –عز وجل-: "مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ" الأعراف:12، إذًا كان له أمر، هذا الأمر إما أنه أمر عام يدخل مع من كان حاضرًا معه أو كان أمرًا خاصًا خص به إبليس لأن الله تعالى قال له: "إِذْ أَمَرْتُكَ"



    أنواع الاستثناء في اللغة

    يبقى السؤال الذي يمكن أن يتعلق بالاستثناء، الاستثناء في اللغة نوعان: استثناء من نفس الجنس واستثناء منقطع.
    الاستثناء في قصة إبليس من النوع المنقطع

    وهذا استثناء منقطع، "إِلَّا إِبْلِيسَ" إنما ذكر معهم لأنه كان قد عاش معهم فترة كما ذكرت الروايات وبقي معهم وكان معهم عند الأمر بالسجود وهذا كما يعطي له مثال بعض أهل اللغة يقولون: "الاستثناء المنقطع أن يكون مثلًا تربى واحد مع عائلة معينة ولنفترض أنها آل حسين مثلًا أو آل عبد الله فهذا اسمه أحمد فيقولون مثلًا جاء آل عبد الله إلا أحمد، هل أحمد هذا منهم؟ ليس منهم."
    وهو موجود أيضًا في كتاب الله

    قال الله –عز وجل-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ " النساء:29، فالتجارة ليست من أكل الباطل وإنما هي أكل الحق والاستثناء هنا منقطع وهذا كثيرٌ في كتاب الله ومعروف في لغة العرب، فإذا جمع الإنسان الآيات المتناظرة وقف على المعنى المراد ووقف على حقيقة الأمر.



    منهج إبليس في إضلال البشر

    - في سورة الأعراف

    في هذه القصة أيضًا قصة آدم وإبليس جمع الله –عز وجل- فيها كل ما يتعلق بمنهج إبليس في إضلال البشر، سواء كان ذلك في سورة الأعراف أو في سورة الإسراء أو إشارة في سورة الحج وغيرها، في سورة ص مثلًا فإن الله –سبحانه وتعالى- قال في سورة الأعراف على لسان هذا الملعون: "قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ *ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ" الأعراف 16: 17، يعني الموحدين.

    - في سورة الإسراء
    ونجد الله –عز وجل- في سورة الإسراء يقول، قال على لسان إبليس أيضًا: "قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِإِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا * قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ"الإسراء 62: 65.

    - في سورة ص
    وهو أقسم بعزة الله –عز وجل- في آيات أخر، قال: "قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ" ص 82: 83.
    من لطائف التفسير
    ومن طرائف التفسير أن بعض أهل التفسير قال: "إن أول من شهد ليوسف -عليه السلام- بالبراءة مما ادعته امرأة العزيز هو إبليس" لماذا؟ لأن إبليس قال إلا عبادك منهم المخلصين وقال الله –عز وجل- في حق يوسف: "إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ" يوسف:24، إذًا أول شاهد له كان إبليس، هذا في التفسير وهذا من لطائف التفسير لا يعني من متين التفسير ولكنه من باب اللطيفة التي يمكن أن تدخل في الكلام
    فإذا جمع الإنسان القصة من مظانها وجد أنه يعني عنده من العلم ما ليس عند غيره من النظر في جزئية من هذه القصة.


    أخطأ من زعم أن آدم هو السبب في إغواء البشر

    ولذلك أخطأ من زعم أن آدم هو السبب في إغواء البشر في قول الله –عز وجل-: "وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ" طه:121، ولم ينظر في الآيات الأخرى التي بينت أنهما اشتركا في هذه المعصية بل ولم ينظر في قول النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- "ولولاحَوَّاءُلم تَخُنْ أنثى زوجَها" صحيح البخاري، والمقصود هنا ليست خيانة الفراش وإنما هي خيانة الأكل من الشجرة، فإن الله أمرهما ألا يأكلا فإذا فعل واحدٌ منهما والثاني لم يفعل إذًا المخالفة لم تقع كاملة، فلما رأى آدم ما لم يظهر على حواء بعد أن أكلت من الشجرة أكل منها، فلما أكلا "بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ" الأعراف:22.

    وإنما ذكر آدم في سورة طه؛ لأنه هو القيم والأمير والذي بيده الأمر في بيته وعلى زوجته ولكن إبليس لم يستطع أن يأتي آدم فجاء إلى زوجته ثم جاء إليهما "وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ" الأعراف:21، فعند الجمع بين الآيات تظهر السورة كاملة ويكون عند الإنسان العلم بحقيقة المراد من هذه القصة.


    غاية القصص العبرة، وأحسنها القصص القرآني

    القصص في القرآن الكريم كما ذكرنا له غاية وليست غاية القصص السرد وإنما غاية القصص في القرآن العبرة وطبعًا القصص القرآني هو أحسن القصص وهو القصص الحق لا الكذب الذي يفتريه أصحاب التمثيليات والأفلام والأحاديث والقصص وإنما هذا هو قصصٌ حق، لماذا؟ هو قصص واقع، هو قصص حقيقةً، هو الذي قصه الله –تبارك وتعالى- وقال: "نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ" يوسف:3، وقال: "إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ ۚ " آل عمران:62.
    لماذا كانت غالب القصص في بني إسرائيل؟

    إشارة سريعة قد يعجب الإنسان من أن غالب القصص كانت في بني إسرائيل يعني تفصيل القصص كان في بني إسرائيل، أنما في بقية الأمم ذكر الله –عز وجل- المخالفة منهم وأن رسولهم راجعهم وحاورهم ومدة هذا الحوار في قصة نوح –عليه السلام- ولكن كانوا في النهاية يهلكون
    الأمر الأول: أما بنو إسرائيل فقد أخرهم الله –عز وجل- إلى يوم القيامة

    الأمر الثاني: أنهم الأمة التي ستعيش مع أمة الإسلام و إلى قيام الساعة

    وأنهم الذي وقع فيهم يحذر الله –عز وجل- أمة الإسلام مما وقع فيهم حتى لايقعوا فيه ويحذر منهم أيضًا ويحذر من الولاء لهم ويبين عدواتهم حتى لا ينخدع أحدٌ بهم.
    ولما غاب هذا حقيقةً عن الناس في هذا الزمان وخاصة حكام المسلمين فإنهم انخدعوا بما يعني يقولونه وانخدعوا بسياساتهم وانخدعوا بأفكارهم ووقعوا في كثير من الأخطاء التي أدت إلى أن تكون الأمة على الحال الذي نحن عليه.
    فهذا أحسن القصص "نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ" يوسف:3، وهو القصص الحق "إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ ۚ " آل عمران:62.
    وهو أنفع القصص، قال الله –عز وجل-: " لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ" يوسف:111.



    الحكمة من وجود القصص القرآني

    عندما أيضًا ننظر في أن القصص من أصول التفسير، فهم ما جاء من القصص كما ذكرنا في الدرس الماضي أن مقاصد القرآن ثلاثة: المقصد الأول: التوحيد، والثاني: التشريع، والثالث: العبرة والاتعاظ ويكون هذا طبعًا بما جرى على هؤلاء الأمم وبما جاء في هذا القصص " لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ" يوسف:111،.
    فمن الحكم الكثيرة في هذا

    1. بيان حكمة الله –تبارك وتعالى- فيما تضمنته هذه الآيات من القصص
    كقوله تعالى: "وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّنَ الْأَنبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ * حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ ۖ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ" القمر 4: 5، هل أغنت النذر عن هؤلاء؟ قد جاءتهم رسلهم بالنذر فما استقاموا وما أطاعوا فما أغنت عنهم النذر وجاءهم العذاب من حيث لم يحتسبوا.
    2. الحكمة الثانية: بيان عدله تعالى بعقوبة المكذبين
    قال الله –عز وجل-: "وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ۖ فَمَا أَغْنَتْعَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مِن شَيْءٍلَّمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ" هود:101، "إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا" النساء:40، "وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ" ولكن كانوا هم ظالمين، وما ظلمهم الله "وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" النحل:118، والآيات في ذلك كثيرة جدًا في بيان عدل الله –عز وجل- فإن هؤلاء القوم لم يُظلموا إنما هم كانوا الظالمين لأنفسهم المستحقين لعذاب الله –جل وعلا-
    3. أيضًا من الحكم بيان فضله تعالى في مثوبة المؤمنين
    فإن الله –تبارك وتعالى- أنجى عباده المؤمنين الذين أسلموا مع رسلهم ونوح آمن معه قليل "وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ" هود:40، أنجاهم الله من السفينة وأهلك القوم جميعًا بعده "ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ" الشعراء:66، كان هذه آية من آيات الله –عز وجل- فبيان فضله على المؤمنين ومن ذلك قول الله –تبارك وتعالى-: "إِلَّا آلَ لُوطٍ ۖ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ * نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ" القمر 34: 35.
    4. الحكمة الرابعة: تسلية النبي –صلى الله عليه وسلم- عما أصابه من المكذبين له
    كقوله تعالى: "وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ * ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ" فاطر 25: 26، طبعًا عندما يعرف الناس جميعًا وعلى رأسهم الأنبياء أن الله –تبارك وتعالى- هذه سنته في الذين سبقوا أنهم كذبوا "فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ" غافر:21، فيكون هذا تسلية للداعية، تسليةً للرسول، تسلية لمن يقوم مقام رسول الدعوة إلى الله –عز وجل- بأن العاقبة تكون للمؤمنين وللداعين إلى الله –عز وجل- هناك طبعًا حكم كثيرة في ذلك يعني لا نريد أن نكثر من هذا ولكن يمكن الرجوع إلى مظانها.



    الفائدة من تكرار القصص القرآني

    لكن هناك نقطة نختم بها إن شاء الله –عز وجل- هذا الأمر وهي تكرار القصص في القرآن هذا من الإعجاز، لاتجد إنسانًا يمكن أن يكتب قصة ثم يعيد كتابتها لتكون يعني على مستوىً واحد من الفكر أو البلاغة أو الأسلوب لكن كلام الله –عز وجل- يختلف، "وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا" النساء:82، فيكون تفصيل للقصة في مكان وإيجاز لها في مكان آخر ومشهد للقصة في مكان ثالث وتجد أن كل هذا مع السياق القرآني متسق وهو لايختلف لا عند الإيجاز ولا عند الإطناب في القصة.
    ومن الحكم في هذا التكرار

    1. بيان أهمية هذه القصة
    وتكرارها يبين أهميتها ويدل على العناية بما فيها من العبرة وعلى التركيز أيضًا في أنه لابد للمسلم أن تكون هذه العبرة حاضرة معه ولا ينساها.
    2. توكيد تلك القصة لتثبت في قلوب المؤمنين
    هناك من القصص ما تجده حتى في السور القصيرة، يعني مثلًا قصة ثمود وجدناها طبعًا في سورة هود، وجدناها في سورة يونس، وجدناها في سورة الأعراف ولكن أيضًا وجدناها في سورة الشمس فوجودها في سورة الشمس لتذكر لأن هناك من لايحفظ السور الطوال فعندما يقرأ سورة الشمس ويقرأ ما جرى لهم يكون عنده الحضور أو عنده الفكرة التي هي أن الله –تبارك وتعالى- يأخذ هؤلاء أخذ عزيز مقتدر وللكافرين أمثالها.
    3. أيضًا من الحكم في التكرار مراعاة الزمن وحال المخاطبين
    ولذا تجد الإيجاز والشدة فيما أتى من القصص في السور المكية والعكس فيما أتى في السور المدنية قد يكون إشارات في بيان بعض ما يتعلق ببني إسرائيل في القصص المكي ولكن هناك تطويل فيما يتعلق باليهود والنصاري في القصص المدني، بيان بلاغة القرآن طبعًا في ظهور هذه القصص على هذا الوجه وذلك الوجه على ما يقتضيه الحال والمقام والمناسبة.
    4. ظهور صدق القرآن وأنه من عند الله تعالى
    حيث تأتي هذه القصص متنوعة بلا تناقض، لايمكن أبدًا أن يأتي أحدٌ ينظر في قصة من القصص فيجد هناك تناقض بين المشاهد التي تكون في تكرار القصة وقد يكون المشهد يحكي جزئية من القصة والمشهد المشابه له يحكي جزئية أخرى كما قال الله –عز وجل-: "فَانبَجَسَتْ" الأعراف:160، في سورة الأعراف وقال: "فَانفَجَرَتْ" البقرة:60، في سورة البقرة،
    الانبجاس هو أول الانفجار، فانبجست يعني خرج منها شيء ثم انفجر فكان هذا حكاية عن جزئية من المشهد وهنا حكاية أخرى عن جزئية ولا تناقض بين ذلك، لايمكن أن تجد في كتاب الله –عز وجل- تناقض إنه كتاب معجز وعلى مر السنين الماضية منذ أن أُنزل وإلى اليوم لم يأتي أحد يعارض كتاب الله –عز وجل- بشيء "قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا" الإسراء:88.



    الخاتمة

    نسأل الله –تعالى- أن يعلمنا وإياكم ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا وقبل أن نختم إن شاء الله –عز وجل- نقول هناك طبعًا علوم أخرى تتعلق بأصول التفسير ولكن المقام لم يسمح إلا بذلك ولعل الله –عز وجل- يقدر في الأجل سعة ويعطينا أيضًا إن شاء الله –عز وجل- مجالًا أن يكون لنا حديث أطول عن هذا الأمر، نسأل الله لي ولكم التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:

    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36

    تم بحمد الله
    وللمزيد من تفريغات الفريق تفضلوا:
    هنـــا
    ونتشرف بانضمامكم لفريق عمل التفريغ بالموقع
    فرغ درسًا وانشر خيرًا ونل أجرًا
    رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول.





    التعديل الأخير تم بواسطة أبوسلمى المصري; الساعة 21-10-2016, 10:16 PM.
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

    تعليق


    • #3
      رد: مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الثالث (مقدمة في أصول التفسير (3) :: دورة بصائر العلمية 2

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      جزاك الله خيرا اخيتي وبارك الله فيك
      عامِل الناسَ بِـ جمالِ قَلّبك ، وطيبتِهِ ، ولا تَنتظر رداً جميلاً ، فَـ إن نَسوها لا تَحزن ، فَـ الله لَن ينساك

      تعليق


      • #4
        رد: مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الثالث (مقدمة في أصول التفسير (3) :: دورة بصائر العلمية 2


        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرًا وتقبل منكم

        "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
        وتولني فيمن توليت"

        "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

        تعليق


        • #5
          رد: مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الثالث (مقدمة في أصول التفسير (3) :: دورة بصائر العلمية 2

          جزاكم الله خيرًا

          تعليق


          • #6
            رد: مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الثالث (مقدمة في أصول التفسير (3) :: دورة بصائر العلمية 2

            المشاركة الأصلية بواسطة سهير(بنت فلسطين) مشاهدة المشاركة
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            جزاك الله خيرا اخيتي وبارك الله فيك
            المشاركة الأصلية بواسطة بذور الزهور مشاهدة المشاركة

            وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
            جزاكم الله خيرًا وتقبل منكم
            المشاركة الأصلية بواسطة *أمة الرحيم* مشاهدة المشاركة
            جزاكم الله خيرًا
            اللهم آمين وإياكم
            اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

            تعليق

            يعمل...
            X