إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الثاني (مقدمة في أصول التفسير (2) :: دورة بصائر العلمية 2

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الثاني (مقدمة في أصول التفسير (2) :: دورة بصائر العلمية 2


    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

    التفسير كما ذكرنا في الدرس الماضي هو "بيان معاني ألفاظ القرآن الكريم" والعلماء يقسمونه إلى قسمين؛ أو يذكرون له نوعين
    وللتعرف على
    أنواع التفسير كما قسمها العلماء
    وبعض الكتب التي كتبت في تفسير القرآن بالقرآن وذكر أمثلة على تفسير القرآن بالقرآن وتفسير القرآن بأقوال الصحابة والفرق بين أسباب النزول ومناسبات النزول وتأسيس علم النحو وأداب التعامل مع القرآن في عهد الصحابة

    ولمعرفة المزيد
    ندعوكم للتعرف على درس بعنوان

    مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الثاني (مقدمة في أصول التفسير (2) :: دورة بصائر العلمية 2

    لفضيلة الشيخ الدكتور/ محمد عطية




    تفضلوا معنا في تحميل الدرس الثاني بجميع الصيغ

    http://way2allah.com/khotab-item-127231.htm



    الجودة العالية
    http://way2allah.com/khotab-mirror-127231-198606.htm

    الصوت
    http://way2allah.com/khotab-mirror-127231-198607.htm

    الساوند كلاود

    https://soundcloud.com/way2allahcom/tafsir2

    اليوتيوب

    https://www.youtube.com/watch?v=yBHcwB-Fqxo

    رابط تفريغ بصيغة pdf


    http://way2allah.com/khotab-pdf-127231.htm


    فهرس مادة التفسير وعلوم القرآن // الشيخ الدكتور محمد عطية // دورة بصائر العلمية 2



    :..: موضوع خاص باستقبال أسئلة مادة التفسير وعلوم القرآن:..:


    مثبــت:
    جدول الدورة العلمية بصائر 2


    مثبــت: موضوع مخصص لتلقي الاستفسارات والشكاوى الخاصة بالدورة العلمية بصائر 2


    مثبــت: مقاطع الدورة العلمية بصائر 2 | من إنتاج فريق الصوتيات


    مثبــت: مقاطع الدورة العلمية بصائر 2 | من إنتاج فريق المونتاج



    ولمشاهدة وتحميل جميع دروس دورة بصائر العلمية 2 من خلال هذا الرابط
    http://way2allah.com/category-578.htm



    لقراءة التفريغ مكتوب على المنتدى تابعونا في المشاركة الثانية بإذن الله

    التعديل الأخير تم بواسطة لؤلؤة باسلامي; الساعة 26-10-2016, 02:48 PM.
    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.


  • #2
    رد: مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الثاني (مقدمة في أصول التفسير (2) :: دورة بصائر العلمية 2

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    حياكم الله وبياكم
    الإخوة الأفاضل والأخوات الفضليات: يسر
    فريق التفريغ بشبكة الطريق إلى الله
    أن يقدم لكم:
    تفريغ: مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الثاني (مقدمة في أصول التفسير (2) :: دورة بصائر العلمية 2
    لفضيلة الشيخ الدكتور/ محمد عطية

    سائلين الله -عز وجل- أن يجعله في ميزان حسنات كل من شارك فيه
    وأن يبارك في فريق عمل التفريغ



    بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه،
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ثم أما بعد:


    فهذا هو الدرس الثاني من هذه اللقاءات حول أصول التفسير.

    أنواع التفسير كما قسمها العلماء

    التفسير كما ذكرنا في الدرس الماضي هو "بيان معاني ألفاظ القرآن الكريم" والعلماء يقسمونه إلى قسمين؛ أو يذكرون له نوعين
    النوع الأول: التفسير بالمنقول
    ويقصدون بذلك ما جاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أو عن صحابته أو نقل عن التابعين وتابعيهم، ويريدون أيضًا بهذا المنقول ما فُسر آيات من القرآن بآيات أخرى، فهذا التفسير بالمنقول.
    التفسير بالمنقول على هذا أربعة أنواع
    - النوع الأول: تفسير القرآن بالقرآن
    - النوع الثانـي: تفسير القرآن بحديث النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
    - النوع الثالث: تفسير القرآن بأقوال الصحابة
    - النوع الرابع: تفسير القرآن بأقوال التابعين.
    وقد يطلق البعض على هذا التفسير المأثور، إذًا التفسير بالمنقول هو نفسه التفسير بالمأثور ولا يُعترض على أنه كلام الله –عز وجل- ليس يُطلق عليه مأثورًا فهو كلام الله، فإنا نقول إنما يرد هذا في تفسير العلماء للقرآن بالقرآن، فيقولون تفسير الآية كذا بآية كذا، فينقل عنهم هذا وليس من كلامهم وإنما هو من اجتهادهم في تفسير القرآن بالقرآن.
    النوع الثاني: تفسير القرآن بالمعقول أو بالرأي
    ومعنى الرأي هنا الاجتهاد.
    وهذا النوع قسمان؛
    قسمٌ مقبول وقسمٌ مردود
    - القسم المقبول
    فالاجتهاد في تفسير كلام الله له أدوات، من لم يكن عنده هذه الأدوات لايجوز له أن يتكلم في تفسير كلام الله –تبارك وتعالى- ويظن أن هذا هو المراد من كلام الله، أما إذا كان قد ألم بهذه الأدوات التي هي أدوات الاجتهاد في فهم كلام الله –عز وجل- وتكلم بعلم، فهذا التفسير مقبول.
    إذا لم يوجد التفسير بالمنقول فلابد من الاجتهاد في فهم النص على ما يمكن أن يكون هو مراد الله –تبارك وتعالى-، وقد كان كثير من السلف يجتهدون في هذا التفسير كما ورد ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وعلي بن أبي طالب وغيرهم -رضي الله تعالى عنهم-.
    - القسم المردود
    أما أن يفسر القرآن بمجرد الرأي فهذا لايجوز لأن الله تعالى يقول: "وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا" الإسراء:36.
    التفسير بالمنقول هو الذي لابد من القول به
    التفسير الذي لابد من القول به ابتداءً هو التفسير بالمنقول إذا كانت الآية ماجاء من القرآن أو جاء من السنة أو جاء عن الصحابة –رضوان الله تعالى عليهم- أو جاء عن التابعين خاصة كبار التابعين الذين أخذوا القرآن عن الصحابة، فهذا هو الذي لابد أن ينظر فيه من يريد أن يفسر كلام الله ابتداءً.
    من التفسير بالمنقول: تفسير القرآن بالقرآن
    وإذا قلنا مثلًا تفسير القرآن بالقرآن وهذا كثير
    - لاينتقل إلى غيره إن وُجد
    ولا ينتقل العبد الناظر في تفسير القرآن إلى غيره إن وجد، لماذا؟ لأن الله تعالى أعلم بكلامه، وما أجمل في مكان ربما بُسِط في مكان آخر وهذا أيضًا كثير في كلام الله –جل وعلا-.


    بعض الكتب التي كتبت في تفسير القرآن بالقرآن

    ومن الكتب التي تمت في هذا كتاب الشيخ محمد الأمين الشنقيطي "أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن" وكذلك كثير من أهل العلم ممن كتبوا في التفسير، خاصة تفسير ابن كثير –عليه رحمة الله- فإنه دائمًا ما يبدأ بهذا النوع من التفسير ويقول هذه الآية كالآية كذا في سورة كذا.
    أمثلة على تفسير القرآن بالقرآن

    1. تفسير معنى "الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ" في سورة الفاتحة
    من ذلك مثلًا لو قلنا على سبيل المثال بتفسير سورة الفاتحة، قال الله –عز وجل-: "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ" الفاتحة:6.
    ما هو الصراط المستقيم؟
    اختلف في ذلك ليس اختلاف تضاد؛ وإنما هو اختلاف تنوع، كلٌ تكلم بجزءٍ من هذا العموم يعني لأحد أفراده؛ وهذا يسميه بعض أهل العلم التفسير بالمثال، فقالوا مثلًا: "الصراط المستقيم هو القرآن"، قال بعضهم هو: "الإسلام" وقال بعضهم: "هو محمد –صلى الله عليه وسلم-"
    وكل ذلك أيضًا صحيح؛ فإن النبي –صلى الله عليه وسلم- اتباعه هو الصراط المستقيم والإسلام الذي جاء به رسول الله –صلى الله عليه وسلم- هو الصراط المستقيم، والقرآن إن صار عليه فقد اهتدى إلى صراطٍ مستقيم
    ولكن في كتاب الله –عز وجل- ما يفسر هذه الآية كقول الله –تبارك وتعالى-: "وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ۚ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ" مريم:36، وهذا أيضًا لايخرج عن من فسر بالقرآن أو من فسر بالإسلام أو من فسر بمحمد –صلى الله عليه وسلم-، فالعبادة هي ما جاء بها النبي –صلى الله عليه وسلم- عن ربه، وهي ما ذكره القرآن، وهي التي في الإسلام. العبادة هنا توحيد رب العاليمن والقيام بمقتضى ذلك مما جاء في القرآن وجاء به النبي –صلى الله عليه وسلم- وهو الإسلام.
    2. تفسير معنى "أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ" في سورة الفاتحة
    كذلك في سورة الفاتحة أيضًا "صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ" الفاتحة:6، مَنْ الذين أنعم الله عليهم؟ نجد ذلك في سورة النساء "وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا" النساء:69.

    3. تفسير معنى "كَلِمَاتٍ" في سورة البقرة
    في سورة البقرة: قال الله –عز وجل-: "فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ" البقرة:37، ما هذه الكلمات؟ تجدها في سورة الأعراف: "قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" الأعراف:23، وهذا أحسن ما فسر به الآية؛ لأنه كلام الله –جل في علاه-.
    4. تفسير معنى العهد في سورة البقرة
    أيضًا في سورة البقرة "يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ " البقرة:40.

    ما هذا العهد الذي أخذه الله على بني إسرائيل وما العهد الذي أعطاهم مقابل ذلك؟
    في سورة المائدة قال الله –تبارك وتعالى-: "وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ ۖ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ" المائدة:12.

    - إذن العهد الأول: "وَأَوْفُوا بِعَهْدِي" البقرة:40، هو ما ذكره الله في هذه الآية من القيام بعبادته وتوحيده ونصرة نبيه –صلى الله عليه وسلم-.
    - والعهد الذي أخذه على نفسه ربنا تبارك وتعالى: أن يكفر عنهم السيئات وأن يدخلهم الجنات.
    5. تفسير معنى "قَوْمًا آخَرِينَ" في سورة الدخان
    قول الله –عز وجل-: "كَذَٰلِكَ ۖ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ" الدخان:28، تجدها في قوله –تبارك وتعالى- في سورة الشعراء: "كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ" الشعراء:59، فالشاهد من هنا أن الآيات قد تأتي مبهمة في مكان ويأتي بيانها في مكان آخر، قد تأتي مجملة في مكان ويأتي بيانها في مكان آخر من كلام الله –تبارك في علاه-.



    من التفسير بالمنقول: تفسير القرآن بحديث النبي

    تفسير القرآن بالقرآن هذا إن وجد فلا يُلتَفت إلى غيره ابتداءً، ينظر من يريد التفسير إلى كلام الله –عز وجل- فإن وجد فيه فلا ينتقل إلى غيره. فإن لم يجد فينظر في كلام النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فالسنة نزلت لبيان القرآن ولبيان ما أمر الله –عز وجل- من عبادته، قال الله تعالى: "وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ" النحل:44، وقال تعالى: "وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ" النحل:64.
    أمثلة على ذلك
    1. تفسير النبي معنى الظلم عندما استُشكل على الصحابة
    وذكرنا في الدرس الماضي أن القرآن نزل عربيًا مبينًا يعني واضحًا؛ وهم كانوا عرب، كانوا عربًا أقحاح لا يحتاجون بيان كل لفظة ولا يقول أحد بأن النبي –صلى الله عليه وسلم- وقف معهم مع كل لفظة نزلت ليفسرها لهم، ولكن إذا أشكل عليهم شيء جاءوا إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فبينها، فيكون هذا البييان هو المطلوب منه –صلى الله عليه وسلم- ويكون –صلى الله عليه وسلم- بلغ الرسالة وأدى الأمانة.
    مثال ذلك: لما أشكل عليهم قول الله –عز وجل- كما ذكرنا أيضًا في الدرس الماضي، أُشكل عليهم قول الله تبارك وتعالى: "الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ" الأنعام:82، "جاءوا النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وجَثوا عندَه على الرُّكَبِ وقالوا: يا رسولَ اللهِ نزلت آيةٌ لا نطيقُها مَن هو الذي لا يلبسُ إيمانَه بظلمٍ؟ فقال عليهِ الصلاةُ والسلامُ: ليس هو الظلمُ الذي تعنونَ : ألم تسمعوا إلى قولِ العبدِ الصالحِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ: إنما هو الشركُ" صححه ابن باز.

    فهنا نقول أيضًا فسر النبي –صلى الله عليه وسلم- القرآن بالقرآن، هذا وارد عن النبي –صلى الله عليه وسلم- ولا يجوز تفسير هذه اللفظة من سورة الأنعام إلا بالشرك وهو الظلم العظيم، ولا يُصرف معناها إلى ظلم النفس للنفس أو ظلم النفس للآخرين، وإنما المراد هنا هو الظلم العظيم وهو الشرك.
    2. تفسير النبي معنى القوة
    كذلك فسر النبي –صلى الله عليه وسلم- القوة في قوله –تبارك وتعالى-: "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ" الأنفال:60، القوة هنا فسرها النبي –صلى الله عليه وسلم- بقوله: "ألاإنَّ القوةَ الرميُ . ألاإنَّ القوةَ الرميُ" صحيح مسلم، والرمي كان في زمانهم هو الرمي بالنبل، بالسهام وهذا كان عدة الحرب،

    والرمي يُطلق ويُراد به كل ما يكون من رميٍ في استخدام القتال، يعني يدخل فيه الرمي بالرصاص، الرمي بالقنابل، الرمي بالدبابات، الرمي بالطائرات، كل هذا رمي وحتى أهل العسكرية في زماننا يسمون ذلك الرماية. فليس معنى هذا هو قاصر على ماكان من عدة الحرب عندهم وإنما آيات الله –تبارك وتعالى- نزلت لكل زمان. فيُحمل الرمي على كل ما يكون من رماية يمكن استخدامها في الحرب.

    ومن هنا نرى أن القرآن نزل ليس لزمان النبي –صلى الله عليه وسلم- كما يحسب بعض الجهلاء، وإنما القرآن نزل ليكون منهاجًا للناس وإلى قيام الساعة.

    من أمثلة ذلك أيضًا؛ أمثلة تفسير القرآن بالسنة؛ أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال في قول الله تعالى " غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ "الفاتحة:7 قال المغضوب عليهم اليهود والضالون النصارى. وهذا أيضًا كما يقول بعض أهل العلم تفسير بالمثال؛ فإن كل من سلك مسلك اليهود يدخلُ فيها، وكل من سلك مسلك النصارى يدخلُ فيها. ولكن تفسيرُ النبي –صلى الله عليه وسلم- هنا واضحٌ في إن المراد بالمغضوب عليهم والضالون النصارى. كما ذكرنا لم يكن من رسول اللهِ- صلى الله عليه وسلم – تفسير كل لفظة وإنما كان تفسير المشكل الذي يتضح بكلام رسول الله –صلى الله عليه وسلم-. وبهذا يكون قد بين بأنه إذا فهم الناس فهذا بيان، فإنه نقل إليهم ففهموا "فلا يحتاجُ الشرحُ إلى شرح" "والشرحُ في المشروح" كما يقول أهل اللغة عي.

    تفسير القرآن بأقوال الصحابة

    تفسير القرآن بأقوال الصحابة وهذا لعله الذي أعتمد عليه المفسرون منذُ التابعين وإلى يومنا هذا، فإنهم ينقلون عن صحابة النبي- صلى الله عليه وسلم- وطبعًا الصحابة رضوان الله عليهم عاصروا الوحي، وعاصروا أسباب النزول عاصروا مناسبات النزول.
    الفرق بين أسباب النزول ومناسبات النزول

    أسباب النزول غير المناسبات قد يكون الوضع العام للمسلمين يحتاج إلى شئ من القرآن فينزل القرآن لكن أسباب النزول تنزل إذا كان هناك حادثة واقعة، أو إذا كان هناك أيضا واقعة تحتاج إلى حكم كـ" قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا "المجادلة:1 فنزلت هذه في خولة بنت حكيم أو خولة بنت ثعلبة –رضي الله عنها- لما كان من زوجها أن ظاهر منها فجاءت إلى النبي وشكت وسمع الله تبارك وتعالى كلامها ونزل الآيات في بيان حكم الظهار. وكذلك فيما كان من اللعان في أوائل سورة النور فإن الحادثة كان لابد من نزول الحكم فيها، أو أن يسأل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم عن شئ وهذا كثير وقد ذكر القرآن منه طائفة كثيرة " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ "البقرة:219 " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ "البقرة:222 " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ "الأنفال:1 كل هذا كان ينزل القرآن ببيانه؛ هذه أسباب النزول.

    أما مناسبة النزول فالجو العام الذي كان يكون في زمن النبي فينزل القرآن ببيانه والعلماء يقولون القرآن نوعان ما نزل لغير سبب وما نزل على سبب، فما نزل على سبب؛ السببُ يكون رئيس في بيان المراد من كلام الله عز وجل كما ذكرنا من قبلُ قول الإمام ابن تيمية معرفة السبب يدعو إلى معرفة المسبب. وهو الحالة أو المعنى العام للآيات. أما ما نزل من غير سبب فكما ذكرنا ربما مناسبة وربما غير ذلك أراد الله عز وجل أن يبين للمسلمين ما يريده منهم.
    الصحابة رضوان الله عليهم عايشوا هذا كله وطبعًا كانوا عربًا أقحاحًا كما ذكرنا لا يخطئون في اللغة، فكان بيانُ ما يمكن أن يكون من فهمهم هو المرادُ إن شاء الله بتفسير القرآن. وعليه فالعلماء قبلوا أقوال الصحابة بتفسير القرآن إذا لم يكن هناك في كتاب الله ما يفسره أو جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يفسره.
    هذا طبعًا مقبول؛ كلام الصحابة مقبولٌ عند أهل التفسير خاصة كبارهم الذين تولوا المدارس التي خرجت بعد ذلك المفسرين
    عبد الله بن مسعود
    كما ذكرنا كانت هناك ثلاثة مدارس؛ مدرسة المدينة، مدرسة مكة، مدرسة الكوفة، وكان على رأس مدرسة الكوفة ابن مسعود –رضي الله عنه- ونجد ابن مسعود –رضي الله عنه- يقول "والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا أنا اعلم فيمن نزلت وأين نزلت ولو أعلم مكان أحدٍ أعلم بكتابِ الله ِ منى تنالهُ المطايا لأتيته" إيش تناله المطايا ؟؟ يعنى أصل إليه ركوبًا على الجمال، مطايا هنا هي الجمال التي يُسافر عليها تسمى مطية وجمعها مطايا، وطبعًا كان هذا فيه جهد كبير يعنى ليسافر بعض الصحابة مثلًا من المدينة إلى مصر أو إلى الشام ليسأل عن حديثٍ واحد ثم يعود هذه فيها مشقة كبيرة جدًا وتبينُ أيضا حرص هولاء على العلم وعلى السفر لأجله .
    هذا ابن مسعود وكان من أعلم الصحابة بكتاب الله عز وجل.
    عبد الله بن عباس "ترجمان القرآن"
    وكذلك ابنُ عباس –رضي الله عنه- وهو بشهادة علماء الأمة منذ عصره وإلى اليوم هو حَبْرُ القرآن حَبْرُ الأمة وترجمان القرآن. وقد دعا له النبي –صلى الله عليه وسلم- بقوله "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل " وقد شهد له حتى ابن مسعود "نعمَّ ترجمان القرآن عبد الله بن عباس" وهذه شهادةُ له وابن مسعود من أعلم الناس بكلام الله كما في الرواية التي ذكرنا. وقد جاء عن ابن مسعود وعن ابن عباس –رضي الله عنهما- كثير من التفسير الذي يُرجع إليه ويكونُ فهمًا لكلامِ اللهِ عز وجل.



    فروق بين عصر الصحابة ومن بعدهم

    وهنا حقيقة نكتة علمية "أن ما جاء عن السلف دائمًا ما نجد فيهِ المعنى والاختصار" يعنى إيش؟ يعنى هم قليلو الكلام في بيانِ كلام الله عز وجل ويعطيك التفسير المراد، ولذلك لما جُمع كلام ابن عباس –رضي الله عنه- في التفسير ما شكل إلا مجلدًا، بينما من تكلم بعدهم بعد الصحابة والتابعين توسعوا في أمر التفسير ودخلوا في معاني اللغة وحتى في بنية اللغة والنحو والتصريف وما شابه ذلك، مما احتاجه الناسُ في زمانهم. لأنه بعد زمان الصحابة والتابعين ودخول أقطار في الإسلام من الأعاجم ودخلت اللُكنة في اللغة العربية كان لزامًا على العلماء أن يُقعدوا لهذه اللغة وقواعدها التي يضبطون بها الكلام ويخرجوا بعد ذلك منها من العلوم ما يوضحها أكثر من ذي قبل فإن هولاء الذين كانوا قبل ذلك كانوا لا يحتاجون إلى هذه القواعد. يعنى مثلًا لم يكن عندهم وإلي عهد الصحابة بعد موت النبي قواعد في النحو.



    تأسيس علم النحو

    وإنما أصِّل لذلك على بن أبى طالب وهو يعلم تلميذه الأسود في ذلك يقول "العربية أو اللغة اسمٌ وفعلٌ وحرف" ثم أمره أن يبنى على ذلك. وعلى هذا بدأت بعد ذلك العلماء تُقعد للغة وتفصل فيها. لم يكن هولاء يحتاجون إلى ذلك إنما كانت سليقتهم هي التي كانت تسبق في بيان الكلام وهي التي أيضًا تسبق في فهم الكلام فلم يكونوا يحتاجون لمثل هذه القواعد.



    كيف نُقل القرآن

    بل كان القرآن في زمانهم غير مشكولٍ ولا منقوط. وكانوا يقرأونه قراءةً صحيحة ويتناقلونه. لأن القرآن كما نعلم جميعًا إنما أُخذ شفاهة وكتب بعد المشافهة، فالذين كتبوه عرفوه ابتداءً من المشافهة وانتقل بعد ذلك القرآن مشافهة أيضًا بين العلماء وتلاميذهم وحتى إلى اليوم، لا يستطيع أحد مهما بلغ من معرفة العربية وغيرها من العلوم أن يتعلم القرآن إلا أن يأخذه من فم شيخ.
    الأخذ عن الصحابة في التفسير طبعًا سنجده في جميع التفاسير الموجودة وخاصة من اهتم من المفسرين بالنقل المأثور. يقول مجاهد –رضي الله عنه- وهو من أصحاب ابن عباس –رضي الله عنهم جميعًا- ومجاهد من التابعين فيجوز الترضى عليهم ولكن المعلوم عند أهل العلم إن الترضى عن الصحابة والترحم على من دونهم ولكن يجوز أن يُترضى عنهم نعم يجوز ويجوز أن نقول يا أخي رضي الله عنك وما شابه ذلك لأنه دعاء يجوز لأى أحد. مجاهد –رضي الله عنه- وسيأتي هذا إن شاء الله في النقل عن التابعين يقول "عرضتُ القرآن على ابن عباس آية آية أسأله عنها" ولذلك قال الثوري رحمه الله "إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به" يعنى يكفيك. ومع هذا ستجد أن العلماء اخذوا عليه بعض المآخذ وهذا ليس يُضيره فالماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث كما علمنا مشايخنا. ونقل أو روى الإمام ابن جرير عن أبى وائل رحمه الله قال "استخلف عبد الله بن عباس على الموسم –يعنى موسم الحج- فخطب الناس فقرأ في خطبته سورة البقرة –وفي رواية- سورة النور ففسرها تفسيرًا لو سمعه الروم والترك والديلم لأسلموا" طبعًا هذا يدلك على قوة بلاغته وبيانه لتفسير كلام الله جل وعلا، وإن كان البعض قد يستغرق في تفسير سورة البقرة سنين والبعض قد يستغرق في تفسير سورة النور أشهرًا لكنه الإيجاز هذا هو البلاغة. ولذلك عندما نقول الذي جاء عن الصحابة موجز وهو المراد من كلام الله يُفهم ذلك.



    أداب التعامل مع القرآن في عهد الصحابة

    ومع ذلك نجد أن الصحابة توقفوا رضوانُ الله تعالى عليهم في بعض الأمور في كتاب الله جل وعلا، والذي ربما يظهر أنهم ربما توقفوا تحرجًا من أن يكون الذي يعرفونه غير المراد من كلام اللهِ جل وعلا فعمر رضي الله عنه لما قرأ" وَفَاكِهَةً وَأَبّاً "عبس:31 قال الفاكهة هذه معروفة وما الـ"أَبّا" يا عمر ثم توقف وقال إن هذا لهو التكلف يا عمر. مع أن الأبّا في لغة العرب هو ما يختص بالبهائم من الأكل كالحشائش ونحوها، ولكنه –رضي الله عنه- أبى أن يتكلم في كلام الله مخافةً أن يكون غير المراد لكلام الله جل وعلا.
    هناك أشياء لا بد أيضًا أن يُشار إليها، وهي "الإسرائيليَّات"؛ لأنّه كان هناك من أسلم من بني إسرائيل كــ"كعب الأحبار" و"وهب المُنَبِّه" و"عبد الله بن سَلَام" وكانوا يحكون ما عندهم، وكان عندهم من تفاصيل قَصص الأوَّلين ما لَم يذكُره القرآن، القَصص في القرآن إنَّما ذُكِرَت للعِبرة، ومشاهد القَصص حتّى وإن تَكرَّرت في القُرآن واختلفت في الأسلوب فإنها أراد الله –عزَّ وجلَّ- بها مواطِنَ العِبرَة من القصة؛ ولذلك لا نِجد قصة مُفصَّلة في كتاب الله –عزَّ وجلَّ- حتّى قصة يوسف إنّما ذُكِرَت كاملةً ولكنها على غير تفصيل؛ ولذلك لجأ المفسِّرون في كثير من المواطن إلى ما يُروَى عن بني إسرائيل، وما يُروَى عن بني إسرائيل وهو المعروف بـ"الإسرائيليَّات" وغالبًا هم اليهود؛ لأنهم هم الذين كان عندهم هذا العِلم.
    فهذا كما يقول "ابن تيمية" وتَبِعَه تلميذه "ابن كثير" في مقدّمة تفسيره، على ثلاثة أقسام: "الأول: ما يُوافق ما عندنا" وفيه أمثلة كثيرة؛ فكان اليهود يأتون للنبي –صلَّى الله عليه وسلَّم- ويسألونه ويُقرّهم على مايكون عندهم –صلَّى الله عليه وسلَّم- فما كان لا يُخالِف فهذا مقبولٌ في إيراده، ولكنه لا على سبيل الاستشهاد ولكن على سبيل الاعتضاد؛ يعني أنّه يُعضِّد ما جاء عندنا.
    ولبيان أيضًا أنّ هناك قاسَمٌ مشتَرَك بيننا وبين مَن كان مِن قبل على ديانة سماويّة (كاليهود والنصارى).. الأصل فيما جاء عن الله –عزَّ وجلَّ- من رسالات؛ أنَّهم يشتركون في هذا القَصص جميعِه، وكذلك يشتركون في توحيد ربّ العالمين وما شابَه ذلك من قواسم مشتركة، ولكنَّهم حرَّفوا وبدَّلوا وأدخلوا في كُتُبهم ما ليس منها وزعموا أنها عن الله –جلَّ وعلا- خابُوا وخسِروا!
    فالإسرائيليات –على عمومها- ثلاثة أقسام:
    1- قِسم لا يُخالِف ما عندنا، بل يُوافقه.
    وهذا يجوز حكايته على سبيل الاعتضاد كما يقول "ابن تيمية" –رحمه الله-.
    2- وقِسم يُخالِف.
    وهذا لا يجوز حكايته إلا على سبيل الرد عليه، وبيان ما فيه من ضعفٍ، وبيان ما فيه من مُخالفة؛ فإنهم كذبوا كثيرًا على الأنبياء وذكروا قصصًا لا تصحّ عنهم في كثير من القَصص الذي رَوَوهُ.
    3- القِسم الثالث: ما لا يُخالف ولا يُوافق، وفيه عظة.
    فيجوز حكايته كما قال النبي –صلَّى الله عليه وسلَّم-: " حدِّثوا عن بني إسرائيلَ ولا حرجَ " صححه الألباني.
    الحقيقة قد يكون في بعض مواطن التفسير حاجة إلى ذِكر ما جاء مُفسَّرًا عندهم وليس فيه مُخالَفة، أما ما يكون فيه مُخالَفة فهذا لا يجوز حكايته.
    ونُنبّه على أمرٍ مهمٍ جدًا؛ أنَّ ما أبهَمَه القرآن لا حاجة كبيرة في معرفته، ولا يؤثّر هذا الإبهام في تفسير كلام الله ولا المُراد منه، ولو كان فيه ذلك لبيّنه ربُّنا –جلَّ وعَلا- فلنفهم هذا ابتداءً ثم بعد ذلك نقول أنّ المفسِّرين كانوا في هذا الباب طوائفَ:
    • [*=center]فمنهم مَن رفض هذه الإسرائيليَّات؛ فجعلها جميعها من الدَّخيل في التفسير، ولا يجوز حكايتها.
      [*=center]ومنهم مَن قَبِلها على عِلَّتها، ونقل منها الكثير.
      [*=center]ومنهم مَن توسَّطَ في ذلك –كما ذكرنا من البيان الذي ذَكَره شيخ الإسلام ابن تيمية، وتبعه شيخ الإسلام ابن كثير رحمهما الله-.

    هذا النوع من النقل –لأن هذا منقول- لا يمكن الحكم عليه بالصحة والضعف؛ لانقطاع سنده بين الحاكي له وبين الواقعة.
    الواقعة مثلًا حدثت في زمن داود، حدثت في زمن موسى –عليهما السلام-، والذي حَكَى هذه الواقعة دون إسناد، واحد من الذين أسلموا في أيام النبي –صلَّى الله عليه وسلَّم- أو بعده، فهناك سندٌ مقطوع لا يمكن أن يحكم على هذا بالصحة أو الضعف؛ وخاصَّةً أن كتبهم كانت فيها -كما ذكرنا- من الأكاذيب التي وضعها سابقيهم ومما أضافوا إلى الكتاب ما ليس منه وزعموا أنه من عند الله، وقد جاء تفسير ذلك وتفصيله في كتاب الله –جلَّ وعَلَا-.
    فالاعتماد عليها لا يصِحّ، وإنّما على ذلك التفصيل الذي ذكره شيخ الإسلام "ابن تيمية" و"ابن كثير" فإنه إن شاء الله يكون صحيحًا، وهذه الطريقة هي المُختارة من الطُرُق الثلاثة، فمن أراد أن يقول كل هذا لا ننقل منه شيء، ومن نقل منهم على علّاتهم، يعني هذان طرفان وخير الأمور أوسطها
    حب التَّناهي شَطَط خيرُ الأمورِ الوَسَط
    قد ينقل بعض الصحابة عن هؤلاء: وَهب بن مُنَبِّه وكَعب الأحبار وغيرهم، وقد ينقلوا دون عَزو، يعني ؟ عبد الله بن عباس يقول مثلًا حدَّثني كَعب ويقصد كعب الأحبار، ويذكر فهذه واضحة من رواية كعب إذن هي من الإسرائيليَّات، وقد يرِد عن عبد الله بن عبَّاس القَول هو أخذه من كَعب أو مِن غيرِه ولكنَّه لا يَعزُوهُ إليهما؛ ولذلك المُحققين من أهل التفسير كـ"ابن كثير" كان يذكر هذه الروايات ثم يقول: "وغالبُ هذا منقولٌ عن بني إسرائيل" ، وليس يصحّ أن يكون مرفوعًا أو لا يصحّ أن يكون من قول ابن عبّاس أو ابن مسعود أو نحو ذلك مما يذكره ابن كثير في التعليق على هذه الإسرائيليَّات.
    ننتقل إن شاء الله إلى القول في نقل عن التابعين:
    فإنهم أيضًا أخذوا القرآن وأخذوا التفسير عن الصحابة، وخاصةً كبارهم كـ"مُجاهد" و"عِكرِمَة" و"شقيق أبي وائل" يعني تلامذة ابن عباس وتلامذة ابن مسعود وأيضًا تلامِذة أُبَيّ، فإنَّ هؤلاء قد أخذوا القرآن عن عُلماء الصَّحابة؛ فما صَحَّ عنهم إسنادًا فهو -إن شاء الله- يكون مقبولًا، أمَّا ما اختلفوا فيه فكما اختلف فيه الصحابة؛ يعني أحيانًا يأتي الاختلاف عن الصحابة وأحيانًا يأتي الاختلاف عن التابعين في المعنى، وإذا كان الكل يدخل في عموم اللَّفظَة فهذا تفسيرٌ بالمثال –كما تكلّمنا في "الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ" الفاتحة:6- فأحيانًا يَرِد هذا الخِلاف كُلٌّ يأخذ من العام جزءً من أجزائه ويفسّر به، فَلَيس هذا الاختلاف فيه تضاد؛ وإنَّما يكون أيضًا الجمع فيه واضح، مثال ذلك: ما يكون مثلًا في توضيح هذه المسألة: قول الله –عزَّ وجلَّ-: "ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖفَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ " فاطر:32، قال بعضُهم "ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ" المُقصِّر مثلًا في حُسن التوضُّؤ وفي تعطيل الصلاة عن وقتها أو في تَرك الصلاة هذا ظالمٌ لنفسه حتى يدخل وقت الصلاة الثانية هذا ظالمٌ لنفسِهِ، "المُقتَصِد" الذي اقتَصَدَ أو اقتَصَرَ في فِعله على الفرائض، و"السابَق بالخيرات" هو الذي أدَّى الفَريضَة فنقول هنا الذي قال مثلًا "الظالم لنفسه" هو المُقصِّر في أشياء من الصَّلاة، "المُقتَصِد" هو الذي اقتصر على فريضة الصلاة، "السابقُ بالخيرات" هو الذي أدَّى الفريضة من الصلاة وتطوَّع بالنوافل.

    وهكذا يمكن أن يقول البعضُ هذا في الزكاة؛ فالزكاة المُعطِّلها أو المؤخِّرها عن وقتها عند حَولَان الحَول، أو الناقص منها هذا "ظَالِمٌ لِنَفسِهِ"، والذي يُؤدِّيها فقط فهذا "مُقتَصِدٌ"، والذي يؤدِّي الزكاة ويتصدَّق ويُنفِق في سبيل الله فهذا "سَابِقٌ بِالخَيرَاتِ" كُلُّ هذا لا يختلف أن يكون فعلا المراد من الآية، والأصلُ: أن "الظَّالم لنفسه" المُقصِّر في الفرائض، و"المُقتَصِد" هو الذي اقتَصَر على أداء الفرائض، و"السابق بالخيرات" هو الفاعِل للفرائض وزاد على ذلك من النوافل فجَمَع بين أَوجُه البِرّ فذلك "سَابِقٌ بِالخَيرَاتِ"، وكُل هؤلاء من أُمَّة مُحمَّد –صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم-، جعلنا اللهُ من السابقين للخيرات.
    فقد يأتي التفسير هكذا فلا يكون هناك في جَمع هذه الأقوال أنَّها كلها تدخل في عموم الآية ولا يكون هناك خِلاف، لكن إذا جاء خِلافٌ واضح، مثلًا: في "القُرْء" قول الله –عزَّ وجلَّ-: "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ" البقرة:228، "القُرء" يشترك بين الحَيض والطُّهر؛ فيأتي أقوام ويقولون هو "الطُّهر" ويأتي أقوام ويقولون هو "الحَيض"، وطبعًا لا يجتمعان –لا يجتمع الطُّهر والحيض-؛ إنَّما للمرأة فترة تكون طاهر وفترة تكون حائض، اختلفوا لماذا؟ لأن هذا "القُرْء" يشترك بين اللفظين بين المعنَيَين، ولكن يأتي حديثُ النبي –صلَّى الله عليه وسلَّم- يفصِل في ذلك، عند النسائيّ أنَّه قال لفاطمة بنت أبي حُبَيش في الاستحاضة قال: "إذا جاءَكِ قُرؤُكِ فأمسِكي عن الصلاة" صحيح النَّسائِيّ أو كما قال النبي –صلَّى الله عليه وسلَّم- فبيَّن أن هنا "القُرء" بمعنى الحَيض وهنا يرفع الإشكال بذلك، لكن اختلفوا لماذا؟ لأن القُرْء يحتمل الحَيض ويحتمل الطُّهر.
    وكذلك هناك ألفاظ كثيرة في القرآن قد تحتمل الاشتراك في المعنى فيقول ببعضها أناس وببعضها آخرون
    فإذا حدث الخلاف ماذا على النَّاظِر في التفسير؟

    عليه أن ينظُر نظرةَ المُرَجِّح، إذا لم يكُن جمع فينظر هل هناك مُرجّح بين القولين، أو أن أغلب من قال من أهل العلم أن هذا المعنى هو المراد والمعنى الثاني وإن كان صحيحًا في اللغة لكنه غير مُراد وهكذا، لنفهم أن ألفاظ القرآن لا تُفسَّرُ باللغة العربية المَحضَة؛ لأنّ اللفظة لها ثلاث حقائق:
    الحقيقة الأولى: شرعية
    الحقيقة الثانية : لُغَوِية
    الحقيقة الثالثة: عُرفيّة
    والعُلماء يقولون: "المُراد باللَّفظ شرعًا هذا هو الذي يُقال ابتداءً " فإن غَلَب العُرف على شيء يمكن أن يكون المراد عُرفًا، فإن لم يكن في الشرع معنى ولا في العُرف معنى، ويكون المعنى المُراد هو المعنى اللُّغوِيّ بقَرينة فيُقال المعنى "اللُّغَوِيّ".



    شاهدوا الدرس للنشر على النت في قسم تفريغ الدروس في منتديات الطريق إلى الله وتفضلوا هنا:

    https://forums.way2allah.com/forumdisplay.php?f=36

    تم بحمد الله
    وللمزيد من تفريغات الفريق تفضلوا:
    هنـــا
    ونتشرف بانضمامكم لفريق عمل التفريغ بالموقع
    فرغ درسًا وانشر خيرًا ونل أجرًا
    رزقنا الله وإياكم الإخلاص والقبول.



    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

    تعليق


    • #3
      رد: مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الثاني (مقدمة في أصول التفسير (2) :: دورة بصائر العلمية 2

      جزاكم الله خيرًا وأحسن الله إليكم

      تعليق


      • #4
        رد: مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الثاني (مقدمة في أصول التفسير (2) :: دورة بصائر العلمية 2

        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرًا وتقبل منكم

        "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
        وتولني فيمن توليت"

        "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

        تعليق


        • #5
          رد: مادة التفسير وعلوم القرآن :: الدرس الثاني (مقدمة في أصول التفسير (2) :: دورة بصائر العلمية 2

          المشاركة الأصلية بواسطة *أمة الرحيم* مشاهدة المشاركة
          جزاكم الله خيرًا وأحسن الله إليكم
          المشاركة الأصلية بواسطة بذور الزهور مشاهدة المشاركة
          وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
          جزاكم الله خيرًا وتقبل منكم
          اللهم آمين وإياكم
          اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

          تعليق

          يعمل...
          X