خاتم النبوة بين كتفيه من الجهة اليسرى وهو بروز على جسده الشريف صلى الله عليه وسلم بحجم البيضة الصغيرة قال القرطبي اتفقت الأحاديث الثابتة على أن الخاتم كان شيئاً بارزاً أحمر عند كتفه الأيسر قدره إذا قلل كبيضة الحمامة وإذا كثر كجمع اليد
وخاتم النبوة علامة ظاهرة رآها عدد من الصحابة الكرام رضي الله عنهم
فهذا السائب بن يزيد رضي الله عنه يصف خاتم النبوة بأنه مثل البيضة الصغيرة بين كتفيه صلى الله عليه وسلم، فيقول ( ذهبت بي خالتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت يا رسول الله إن ابن أختي وجع فمسح رأسي ودعا لي بالبركة ثم توضأ فشربت من وضوئه ثم قمت خلف ظهره فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه مثل زرِّ الحَجَلَة - بيض نوع من الطيور-) متفق عليه
وهذا جابر بن سمرة رضي الله عنه يصفه بأنه مثل بيضة الحمامة يشبه جسده صلى الله عليه وسلم فيقول ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شمط مقدم رأسه ولحيته - أي اختلط سواد شعره ببياضه - وكان إذا ادهن لم يتبين وإذا شعث رأسه تبين وكان كثير شعر اللحية، فقال رجل وجهه مثل السيف؟ قال لا بل كان مثل الشمس والقمر وكان مستديراً ورأيت الخاتم عند كتفه مثل بيضة الحمامة يشبه جسده ) رواه مسلم
وهذا عاصم بن سليمان عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه يصفه بأنه مثل قبضة الكف عليه خيلان أعلى كتفه اليسرى صلى الله عليه وسلم فيقول ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأكلت معه خبزاً ولحماً أو قال ثريداً ثم درت خلفه فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه عند ناغض - أعلى - كتفه اليسرى جمعا - مثل قبضة الكف - عليه خيلانٌ - جمع خال وهي الشامة في الجسد - ) رواه مسلم
وهذا سلمان الفارسي رضي الله عنه يذكر قصة إسلامه ورؤيته للخاتم فيقول ( ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد وقد تبع جنازة من أصحابه عليه شملتان له وهو جالس في أصحابه فسلمت عليه ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدرته عرف أني استثبت في شيء وصف لي قال فألقى رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته فانكببت عليه اقبله وأبكى فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم تحول فتحولت فقصصت عليه حديثي ) رواه الإمام أحمد وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط إسناده حسن
وهناك من الصحابيات من رأى خاتم النبوة على كتفه صلى الله عليه وسلم أيضاً
فهذه أم خالد بنت خالد بن سعيد تقول ( أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي وعليّ قميص أصفر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سنه سنه وهي بالحبشية حسنة قالت فذهبت ألعب بخاتم النبوة فزبرني أبي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعها ) رواه البخاري
تلك هي علامة من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم وخاصية من خصوصياته أكرمه الله بها وميزه بها على غيره وهو المبعوث إلى الناس عامة وهو النبي الخاتم فهل يبقى مع كل هذه البراهين مكذب،ومع كل هذه الأدلة متذبذب
2/ الشفاعة رحمة من الله عز وجل لعباده في ذلك اليوم العظيم يوم القيامة يوم الحر الشديد والهول المديد يوم يفر المرء من القريب والبعيد يوم يجتمع الناس جميعهم من لدن آدم عليه السلام حتى آخر إنسان على وجه الأرض يجتمعون في صعيد واحد للفصل بينهم وصدور الحكم لهم أو عليهم لا فرق بين الكبير والصغير ولا بين الأسود والأبيض ولا بين الحاكم والمحكوم الكل سواسية في الموقف الطويل والعباد ينتظرون الحساب والفصل بينهم وقد بلغ بهم الجهد والهم والقلق مبلغاً عظيماً ودنت الشمس من رؤوسهم وتصبب العرق على أبدانهم، في مشهدلم يعهدوه من قبل الكل يريد النجاة والخلاص فيبحثون عمن يشفع لهم عند الملك الجبار للفصل بينهم حين يطول الموقف على الناس ويطلبون من الأنبياء الشفاعة ببدء الحساب وهنا تأتي رحمة العزيز الغفار عندما يأذن لنبيه الخاتم صلى الله عليه وسلم بالشفاعة لأهل الموقف جميعاً مؤمنهم وكافرهم بعد اعتذار الأنبياء حيث يقوم محمد صلى الله عليه وسلم فيقول أنا لها أنا لها فيخرّ تحت العرش ساجدا فيحمد الله ويدعو فيقال له سل تُعط واشفع تُشفّع كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه ( فيأتوني، فيقولون يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجداً لربي عز وجل ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحد قبلي ثم يقال يا محمد ارفع رأسك سل تعطه واشفع تشفع ) متفق عليه
وهذه هي الشفاعة العظمى للنبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وهي أعظم الشفاعات التي تجري في ذلك اليوم وهي خاصة به صلى الله عليه وسلم مكرمة له من الله عز وجل وهي المقام المحمود الذي وعده ربه قال تعالى { ...عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا } (الإسراء 79)
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال ( إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا - جلوسا على الركب - كل أمة تتبع نبيها يقولون يا فلان اشفع يا فلان اشفع حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود ) رواه البخاري
ومما خصه الله به شفاعته صلى الله عليه وسلم في استفتاح باب الجنة قال صلى الله عليه وسلم ( أنا أول شفيع في الجنة ) رواه مسلم وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( آتى باب الجنة يوم القيامة فاستفتح فيقول الخازن من أنت؟ قال فأقول محمد قال يقول بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك ) رواه مسلم
ومما خصه الله به شفاعته صلى الله عليه وسلم في تخفيف العذاب عن عمه أبي طالب فقد قال العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم ما أغنيت عن عمك - يعني أبا طالب - فإنه كان يحوطك - يحميك - ويغضب لك قال ( هو في ضحضاح من نار ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار ) متفق عليه
ومما ينبغي أن يحرص عليه المسلم تعاطي الأسباب الموجبة لشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وأعظم تلك الأسباب توحيد الله سبحانه حقاً فقد قال صلى الله عليه وسلم ( أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه ) رواه البخاري
ومن الأسباب الموجبة لشفاعته صلى الله عليه وسلم الدعاء له بالمقام المحمود ففي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة ) رواه البخاري
ومن أسباب شفاعته صلى الله عليه وسلم الصلاة عليه عشراً في الصباح وعشراً في المساء، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من صلى علي حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة ) رواه الطبراني وحسنه الشيخ لألباني
فجدير بنا أن نلتزم هذه الأوراد عسى أن تدركنا شفاعة المصطفى صلى الله عليه وسلم يوم القيامة
3/ أنه أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ففي الحديث ( فأكون أول من تنشق عنه الأرض ) رواه البخاري
4 / ومن خصائصه - صلى الله عليه وسلم- أنه أكثر الناس تبعاً يوم القيامة فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة ) رواه مسلم
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( أرجو أن يكون من يتبعني من أمتي يوم القيامة ربع أهل الجنة قال فكبرنا قال أرجو أن يكونوا ثلث أهل الجنة قال فكبرنا قال أرجو أن تكونوا الشطر ) رواه الإمام أحمد وصححه شعيب الأرنؤوط
ثم إنّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تحت لوائه -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة وهو سيد ولد آدم وبيده لواء الحمد كما صح في حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وبيدي لواء الحمد ولا فخر وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر )رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وصححه الألباني
5/ ومن خصائصه - صلى الله عليه وسلم- أنه أول من يفتح له باب الجنة فيدخلها كما قال صلى الله عليه وسلم ( وأنا أول من يقرع باب الجنة ) رواه مسلم
وهو صلى الله عليه وسلم أول من يشفع ويشفّع في الجنة فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا أكثر الأنبياء تبعا ) رواه مسلم
تلك هي بعض خصائصه -صلى الله عليه وسلم- التي اختصه الله بها دون غيره من الأنبياء ذكرناها على وجه الإجمال لتكون على بينة من أمرها ونحيل تفصيل القول فيها إلى شراح الحديث وفقنا الله جميعاً لمعرفة قدر هذا النبي ومكانته التي أكرمه الله بها بين خلقه وألهمنا سبحانه الاقتداء بهديه والسير على نهجه ففي ذلك الفلاح والنجاح{ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا } (النور 54) والحمد لله رب العالمين
6/من جملة خصائصه صلى الله عليه وسلم تخصيصه بالصلاة والسلام عليه فلا يجوز أن تُتخذ شعاراً دائماً إلا له صلى الله عليه وسلم
ومعنى صلاة الله تعالى على نبيه ثناؤه عليه في الملأ الأعلى كما ثبت ذلك عن أبي العالية رحمه الله قال 'صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء'
والسلام معناه طلب السلامة من الآفات فهذه الصيغة فيها سؤال الله تعالى أن يحقق الخيرات لنبيه صلى الله عليه وسلم بالثناء عليه في الملأ الأعلى وإزالة الآفات والسلامة منها
تعليق