صفات المربى الناجح
1- العلم: عُدَّةُ المربي في عملية التربية. فلابد أن يكون لديه قدر من العلم الشرعي، إضافة إلى فقه الواقع المعاصر. والعلم الشرعي: هو علم الكتاب والسنّة، ولا يطلب من المربي سوى القدر الواجب على كل مكلف أن يتعلمه، وقد حدده العلماء بأنه "القدر الذي يتوقف عليه معرفة عبادة يريد فعلها، أو معاملة يريد القيام بها، فإنه في هذا الحال يجب أن يَعرف كيف يتعبد الله بهذه العبادة وكيف يقوم بهذه المعامل" . وإذا كان المربي جاهلاً بالشرع فإن أولاده ينشأون على البدع والخرافات، وقد يصل الأمر إلى الشرك الأكبر - عياذاً بالله -. وعلى المربي أن يعرف ما في عصره من مذاهب هدَّامة وتيارات فكرية منحرفة، فيعرف ما ينتشر بين الشباب والمراهقين من المخالفات الشرعية التي تَفدُ إلينا؛ ليكون أقدر على مواجهتها وتربية الأبناء على الآداب الشَرعية. 2- الأمانة: وتشمل كل الأوامر والنواهي التي تضمنها الشرع في العبادات والمعاملات. ومن مظاهر الأمانة أن يكون المربي حريصاً على أداء العبادات، آمراً بها أولاده، ملتزماً بالشرع في شكله الظاهر وفي الباطن، فيكون قدوة في بيته ومجتمعه، متحلياً بالأمانة، يسلكُ في حياته سلوكاً حسناً وخُلُقاً فاضلاً مع القريب والبعيد في كل حال وفي كل مكان؛ لأن هذا الخُلُق منبعه الحرص على حمل الأمانة بمعناها الشامل. 3- القوة: أمرٌ شامل فهي تفوّقٌ جسديٌّ وعقليٌّ وأخلاقيٌّ، وكثير من الآباء يتيسر لهم تربية أولادهم في السنوات الأولى؛ لأن شخصياتهم أكبر من شخصيات أولادهم، ولكن قليلٌ أولئك الآباء الذين يظلون أكبر وأقوى من أبنائهم ولو كبروا. وهذه الصفة مطلوبة في الوالدين ومن يقوم مقامهما، ولكن لابد أن تكون للأب وهي جزء من القوامة، ولكن ثمة خوارقٌ تكسر قوامة الرجل وتضعف مكانته في الأسرة، منها: * أن تكون المرأة نشأت في بيت تقوده المرأة، والرجل فيه ضعيف منقاد، فتغضب هذه المرأة القوامة من الرجل بالإغراء، أو التسلط وسوء الخُلق، واللسان الحاد . * أن تعلن المرأة أمام أولادها التذمر أو العصيان، أو تتهم الوالد بالتشدد والتعقيد، فيرسخ في أذهان الأولاد ضعف الأب واحتقار عقليته . * أن تَعرض المرأة على زوجها أمراً فإذا أبى الزوج خالفته خفية مع أولادها، فيتعود الأولاد مخالفة الوالد والكذب عليه. ولابد أن تسلم المرأة قيادة الأسرة للرجل، أباً كان أو أخاً كبيراً أو خالاً أو عماً، وعليها أن تنقاد لأمره ليتربى الأولاد على الطاعة، وإن مَنَعَ شيئاً فعليها أن تطيع وإن خالفه بعض أولادها فيجب أن تخبر الأب ولا تتستر عليه لأن كثيراً من الانحرافات تحدث بسبب تستُّر الأم. وفي بعض الأحوال تصبح الأم في حيرة، كأن يطلب الأولاد شيئاً لا يمنعه الشرع ولا الواقع، ولكن الأب يمانع لرأي يراه قد يفصح عنه وقد يكتمه، فيحاول الأولاد إقناع الأب فلا يقتنع، ففي هذه الحال لابد أن تطيع المرأة، وتطيّب نفس أولادها وتبين لهم فضل والدهم ورجاحة عقله، وتعزيهم بما في الحياة من أحداث تشهد أن للوالدين إحساساً لا يخيب، وهذا الإحساس يجعل الوالد أحياناً يرفض سفر ولده مثلاً، ثم يسافر الأصدقاء فيصابون بأذى فيكون رفض الوالد خيراً وذلك بسبب إحساسه. 4- العدل: وقد كان السلف خير أسوة في العدل بين أولادهم، حتى كانوا يستحبون التسوية بينهم في القُبَل ، وعاتب النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – رجلاً أخذ الصبي وقبَّله ووضعه على حجره ولما جاءت بنته أجلسها إلى جانبه، فقال له: "ألا سوَّيت بينهما"، وفي رواية "فما عدلت بينهما" . أخرجه ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال، 4/239، رقم الحديث 1067. والعدل مطلوبٌ في المعاملة والعقوبة والنفقة والهِبَة والملاعبة والقُبَل، ولا يجوز تمييز أحد الأولاد بعطاء لحديث النعَمان المشهور حيث أراد أبوه أ، يهبه دون أخوته، فقال له النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "أشهد غيري فإني لا أشهد على جور" (أخرجه مسلم، كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل الأولاد في الهبة، ص1241؛ والنسائي في سننه، كتاب النحل، باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر النعمان بن بشير في النحل، 6/260؛ وأحمد في مسنده، 4/268.) إلا أن هناك أسباباً تبيح تمييز بعض الأولاد كاستخدام الحرمان من النفقة عقاباً، وإثابة المحسن بزيادة نفقته، أو أن يكون بعضهم محتاجاً لقلة ماله وكثرة عياله . ولا يعني العدل تطابق أساليب المعاملة، بل يتميز الصغير والطفل العاجز أو المريض، وذلك لحاجتهما إلى العناية. وكذلك الولد الذي يغيب عن الوالدين بعض أيام الأسبوع للدراسة أو العمل أو العلاج، ولابد أن يبيّن الوالدان لبقية الأولاد سبب تمييز المعاملة بلطف وإشفاق، وهذا التميز ليس بدرجة الكبيرة ولكن فرق يسير بين معاملة هؤلاء ومعاملة البقية، وهذا الفرق اليسير يتسامح الإخوة به ويتجاوزون عنه. ومما يزرع الكراهية في نفوس الإخوة تلك المقارنات التي تُعقد بينهم، فيُمدح هذا ويُذم هذا، وقد يقال ذلك عند الأصدقاء والأقارب فيحزن الولد المذموم ويكره أخاه. والعدل ليس في الظاهر فقط، فإن بعض الناس يعطي هذا خفية عن إخوته وهذا الاستخفاء يعلِّمُ الطفل الأنانية والتآمر. 5- الحرص: وهو مفهوم تربوي غائبٌ في حياة كثير من الأسر، فيظنون أن الحرص هو الدلال أو الخوف الزائد عن حده والملاحقة الدائمة، ومباشرة جميع حاجات الطفل دون الاعتماد عليه، وتلبية جميع رغائبه. والأم التي تمنع ولدها من اللعب خوفاً عليه، وتطعمه بيدها مع قدرته على الاعتماد على نفسه، والأب الذي لا يكلف ولده بأي عمل بحجة أنه صغير كلاهما يفسده ويجعله اتّكالياً ضعيف الإرادة، عديم التفكير. والدليل المشاهَد هو: الفرق الشاسع بين أبناء القرى والبوادي وبين أبناء المدينة . والحرص الحقيقي المثمر: إحساسٌ متوقدٌ يحمل المربي على تربية ولده وإن تكبَّد المشاق أو تألم لذلك الطفل. وله مظاهر منها: (أ) الدعاء: إذ دعوة الوالد لولده مجابة لأن الرحمة متمكنة من قلبه فيكون أقوى عاطفة وأشد إلحاحاً، ولذا حذر الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – الوالدين من الدعاء على أولادهم فقد توافق ساعة إجابة. (ب) المتابعة والملازمة: لأن العملية التربوية مستمرة طويلة الأمد، لا يكفي فيها التوجيه العابر مهما كان خالصاً صحيحاً، وقد أشار إلى ذلك النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – حيث قال: "الزمُوا أولادكم.. وأحسنوا آدابهم" (أخرجه ابن ماجه في كتاب الأدب، باب بر الوالدين والإحسان إلى البنات، 2/1211 ورقم الحديث )3671 والملازمة وعدم الغياب الطويل عن البيت شرط للتربية الناجحة، وإذا كانت ظروف العمل أو طلب العلم أو الدعوة تقتضي ذلك الغياب فإن مسؤولية الأم تصبح ثقيلة، ومن كان هذا حاله عليه أن يختار زوجة صالحة قوية قادرة على القيام بدور أكبر من دورها المطلوب. 6- الحزم: وبه قوام التربية، والحازم هو الذي يضع الأمور في مواضعها، فلا يتساهل في حال تستوجب الشدة ولا يتشدد في حال تستوجب اللين والرفق. وضابط الحزم: أن يُلزم ولده بما يحفظ دينه وعقله وبدنه وماله، وأن يحول بينه وبين ما يضره في دينه ودنياه، وأن يلزمه التقاليد الاجتماعية المَرعيَّة في بلده ما لم تعارض الشرع. قال ابن الجوزي – رحمه الله -: "فإنك إن رحمت بكاءه لم تقدر على فطامه، ولم يمكنك تأديبه، قيبلغْ جاهلاً فقيراً" . وإذا كان المربي غير حازم فإنه يقع أسير حبه للولد، فيدلّله، وينفذ جميع رغائبه، ويترك معاقبته عند الخطأ، فينشأ ضعيف الإرادة منقاداً للهوى، غير مكترث بالحقوق المفروضة عليه . وليس حازماً من كان يرقب كل حركة وهمسة وكلمة، ويعاقب عند كل هفوة أو زلّة، ولكن ينبغي أن يتسامح أحياناً . ومن مظاهر الجزم كذلك عدم تلبية طلبات الولد؛ فإن بعضها ترف مفسد، كما أنه لا ينبغي أن ينقاد المربي للطفل إذا بكى أو غضب ليدرك الطفل أن الغضب والصياح لا يساعده على تحقيق رغباته وليتعلمَ أن الطلب أقرب إلى الإجابة إذا كان بهدوء وأدب واحترام. ومن أهم ما يجب أن يحزم فيه الوالدان النظام المنزلي، فيحافظ على أوقات النوم والأكل والخروج، وبهذا يسهل ضبط أخلاقيات الأطفال، "وبعض الأولاد يأكل متى شاء وينام متى شاء ويتسبب في السهر ومضيعة الوقت وإدخال الطعام على الطعام، وهذه الفوضوية تتسبب في تفكك الروابط واستهلاك الجهود والأوقاتـ وتنمي عدم الانضباط في النفوس.. وعلى رب الأسرة الحزم في ضبط المواعيد الرجوع إلى المنزل والاستئذان عند الخروج للصغار – صغار السن أو صغار العقل –" 7- الصلاح: فإن لصلاح الآباء والأمهات أثر بالغ في نشأة الأطفال على الخير والهداية – بإذن الله – وقد قال سبحانه: { وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} سورة الكهف، آية رقم (82) ، وفيه دليل على أن الرجال الصالح يُحْفَظ في ذريته، وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة، بشفاعته فيهم، ورفع درجتهم إلى درجته في الجنة لتقر عينه كما جاء في القرآن ووردت به السنة . ومن المُشاهَد أن كثيراً من الأسر تتميز بصلاحها من قديم الزمن وإن ضل ولد أو زلَّ فَاءّ إلى الخير بعد مدة؛ لصلاح والديه وكثيرة طاعتهما لله. وهذه القاعدة ليست عامة ولكن هذا حال غالب الناس. وقد يظن بعض الناس أن هذا لا أثر له، ويذكرون أمثلة مخالفة لذلك، ليبرروا تقصيرهم وضلالهم. 8- الصدق: وهو "التزام الحقيقة قولاً وعملاً"، والصادق بعيد عن الرياء في العبادات، والفسث في المعاملات، وإخلاف الوعد وشهادة الزور، وخيانة الأمانات . وقد حذر النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – المرأة المسلمة التي نادت ولدها لتعطيه، فسألها: "ماذا أردت أن تعطيه؟" قالت: "أردت أن أعطيه تمراً"، فقال: "لو لم تعطيه شيئاً كُتبت عليكِ كذبة" ( أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الأدب، باب التشديد في الكذب، رقم الحديث (4991) 2/716؛ وأخرجه الإمام أحمد في مسنده، 3/447.). ومن مظاهر الصدق ألا يكذب المربي على ولده مهما كان السبب، لأن المربي إذا كان صادقاً اقتدى به أولاده، وإن كان كاذباً ولو مرة واحدة أصبح عمله ونصحه هباء، وعليه الوفاء بالوعد الذي وعده للطفل، فإن لم يستطع فليعتذر إليه . وبعض الأطفال يتعلم الرياء بسبب المربي الذي يتظاهر أمام الناس بحال من الصلاح أو الخلق أو الغنى أو غيرها ثم يكون حاله خلاف ذلك بين أسرته . 9- الحكمة: وهي وضع كل شيء في موضعه، أو بمعنى آخر: تحكيم العقل وضبط الانفعال، ولا يكفي أن يكون قادراً على ضبط الانفعال واتباع الأساليب التربوية الناجحة فحسب، بل لابد من استقرار المنهج التربوي المتبع بين أفراد البيت من أم وأب وجد وجدة وإخوان وبين البيت والمدرسة والشارع والمسجد وغيرها من الأماكن التي يرتادها؛ لأن التناقض سيعرض الطفل لمشكلات نفسية . وعلى هذا ينبغي تعاون الوالدين واتفاقهما على الأسلوب التربوي المناسب، وإذا حدث أن أمر الأب بأمر لا تراه الأم فعليها أن لا تعترض أو تسفِّه الرجل، بل تطيع وتنقاد ويتم الحوار بينهما سراً لتصحيح خطأ أحد الواليدن دون أن يشعر الطفل بذلك. |
||||
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
صفات المربي الناجح
تقليص
X
-
صفات المربي الناجح
الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
-
رد: زاد المربين في تربية البنات والبنين
ما شاء الله
بداية موفقة وكلها فوائد طيبة
جزاكم الله كل خير يا ابنتي
الموضوع يزداد روعة
أسعدكم الله ووفقكم لكل خير
قال الحسن البصري - رحمه الله :
استكثروا في الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعةً يوم القيامة".
[حصري] زاد المربين فى تربية البنات والبنين
-
رد: زاد المربين في تربية البنات والبنين
المشاركة الأصلية بواسطة أبوالمعالـي مشاهدة المشاركةما شاء الله
بداية موفقة وكلها فوائد طيبة
جزاكم الله كل خير يا ابنتي
الموضوع يزداد روعة
أسعدكم الله ووفقكم لكل خير
اللهم آمين واياكم
بارك الله فيكم ونفع بكم
تعليق
-
رد: صفات المربي الناجح
المشاركة الأصلية بواسطة ام حفصه الجندى مشاهدة المشاركةاللهم ارزقنا حسن التطبيقاللهم آمين
نفع الله بكم
تعليق
-
رد: صفات المربي الناجح
المشاركة الأصلية بواسطة رضا الرحمن غايتى مشاهدة المشاركةجزاكم الله خيراًوجزاكم مثله
تعليق
-
رد: صفات المربي الناجح
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
جزاكم الله خير ونفع بكم وغفر لكمواشوقاه لبيتك ياالله
علامات محبة الله لك
"إنا لله إنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها فى ذريتى"
#حمله_هقاطع_اللى_هيشغلنى_عن_ربى_فى_رمضان
تعليق
-
رد: صفات المربي الناجح
المشاركة الأصلية بواسطة fatma22 مشاهدة المشاركةالسلام عليكم ورحمه الله وبركاته
جزاكم الله خير ونفع بكم وغفر لكموعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اللهم آمين واياكم
بارك الله فيكم أختى
تعليق
تعليق